الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

في ذكرى التأميم.. 9 مراحل توضح التطور التاريخي لقناة السويس

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تظل قناة السويس أحد أهم المشروعات في تاريخ مصر المعاصرة، فقد حققت نقلة وطفرة في مجال التجارة الدولية واختصرت الكثير من الوقت الذي كانت تستغرقه السفن التجارية في رحلتها حول قارة إفريقيا بالكامل عن طريق رأس الرجاء الصالح، وهي مجرى 
مائي اصطناعي يربط البحرين المتوسط بالأحمر بطول 193 كيلومترًا، وعمق 24 مترًا، وعرض 
205 أمتار، وتحل، اليوم، ذكرى تأميم القناة وإعادة ملكيتها لمصر. 



وقد مرت القناة بعدة مراحل في تنفيذها حتى أصبحت ما هي عليه الآن:
1- الحملة الفرنسية والتفكير في إنشائها 
بعدما سيطرت بريطانيا على الهند أصبح طريق رأس الرجاء الصالح حكرًا لبريطانيا، مما أدى إلى تفكير فرنسا في بديل حتى تصل لمستعمراتها وهو ما حدث، ففي عهد نابليون بونابرت وأثناء وجود الحملة الفرنسية بمصر، وتحديدًا في 14 نوفمبر 1799م، كُلف أحد المهندسين الفرنسيين ويدعى "لوبيير" بتشكيل لجنة لدراسة منطقة برزخ السويس؛ لبيان جدوى حفر قناة اتصال بين البحرين، إلا أن التقرير الصادر عن لجنة لوبيير كان خاطئًا وذكر أن منسوب مياه البحر الأحمر أعلى من منسوب مياه البحر المتوسط، بمقدار 30 قدمًا و6 بوصات، بالإضافة لوجود رواسب وطمي النيل، وما يمكن أن يسببه من سد لمدخل القناة، مما أدى لتجاهل تلك الفكرة.

2- عهد محمد سعيد باشا وديلسبس
بعد أن تولى محمد سعيد باشا حكم مصر في 14 يوليو 1854 تمكّن مسيو ديلسبس- والذى كان مقربًا من سعيد باشا- من الحصول على فرمان عقد امتياز قناة السويس الأول، وكان مكونًا من 12 بندًا كان من أهمها حفر قناة تصل بين البحرين، ومدة الامتياز 99 عامًا من تاريخ فتح القناة، واعترضت إنجلترا بشدة على هذا المشروع؛ خوفًا على مصالحها في الهند. 
قام ديلسبس برفقة المهندسين "لينان دي بلفون بك" و"موجل بك" كبيري مهندسي الحكومة المصرية بزيارة منطقة برزخ السويس في 10 يناير 1855؛ لبيان جدوى حفر القناة، وأصدر المهندسان تقريرهما في 20 مارس 1855 والذي أثبت سهولة إنشاء قناة تصل بين البحرين، وقام ديلسبس بتشكيل لجنة هندسية دولية لدراسة تقرير المهندسين، وزاروا منطقة برزخ السويس وبورسعيد، وصدر تقريرهم في ديسمبر 1855 وأكدوا إمكانية شق القناة وأنه لا خوف من منسوب المياه؛ لأن البحرين متساويان في المنسوب وأنه لا خوف من طمي النيل؛ لأن بورسعيد شاطئها رملي.

3- افتتاح القناة
دوّت المدافع متتابعة من كل الجهات؛ إيذانًا ببدء الحفل الديني، ووقف شيخ الإسلام محاطًا بالعلماء وتلا ما تيسّر من القرآن الكريم، ثم دعا الله أن يختص هذا العمل العظيم بعنايته ورعايته، وأن يهيئ له النجاح في كل زمان، ثم تقدم المنسيور كورسيا، يحوطه رجال الإكليروس وتلا صلاة حارة دعا الله فيها أن يكلأ هذا العمل ويباركه بروح من عنده، ثم تقدم المسيو باور، وألقى بصوت جهوري وبعبارة فرنسية بليغة خطابًا وجهه إلى الخديو أولًا خصه فيه بآيات الشكر والثناء على قيامه بهذا العمل العظيم الذي أدى إلى تصافح الشرق والغرب، وعند المساء مدت الموائد متتابعة لستة آلاف مدعو وبها أشهى الأطعمة والأشربة، حتى إذا حلت الساعة الثانية بدت الأنوار والزينات على ضفتي القناة كأنها ضياء الصباح، وظهر يخت الخديوي "المحروسة" في حلة من الأنوار وأخذ يطلق مدفع بين دقيقة وأخرى، والموسيقى تدوي بنغمات الفرح والسرور، وانقضى الليل، واختتمت الحفلة بالألعاب النارية، وعند شروق شمس صباح يوم 17 نوفمبر كانت السفن تمر في قناة السويس وقد استعدت للإبحار.

4- بيع حصة مصر من القناة
في عام 1875 مرت مصر بأزمة مالية طاحنة، اضطر معها الخديو إسماعيل إلى بيع حصة مصر من أسهم القناة لبريطانيا، بمبلغ 100 مليون فرنك في 25 نوفمبر 1875، وبذلك حلت الحكومة البريطانية محل المصرية في ملكية شركة قناة السويس، لكن الأزمة المالية لم تنفرج، وأرسلت الدول الدائنة لجنة لفحص الحالة المالية في مصر لتصفية الديون التي تدين بها مصر لدول نادي باريس، وكان مؤمنًا على هذه الديون بأرباح مصر التي تمثل 15% من شركة قناة السويس، فقررت اللجنة بيع حصة مصر من الأرباح نظير مبلغ 22 مليون فرنك، وبذلك خسرت مصر حصتها من أسهم القناة، وحصتها في الأرباح في ظرف 6 سنوات من افتتاح القناة.

5- محاولة مد امتياز القناة
في عام 1910 تقدمت شركة قناة السويس البحرية بطلب للحكومة المصرية، لمد امتياز شركة قناة السويس، الذي كان سينتهي في 17 نوفمبر 1968 لمدة 40 سنة أخرى، تنتهي عام 2008، وأيدت الحكومة البريطانية الممثلة لسلطة الاحتلال في مصر مد الامتياز، خصوصًا وقد بدأت الحركة الملاحية بالقناة تتضاعف حتى بلغت عام 1889 ضِعف ما كانت عليه عام 1881، وتضاعفت مرة أخرى عام 1911، وكانت البضائع البريطانية تمثل 78،6% من مجموع البضائع المارّة بالقناة.
وإزاء الضغط الشعبي كلفت الجمعية العمومية (مجلس النواب) طلعت حرب باشا وسمير صبري باشا، بكتابة تقرير عن الموضوع، وبالفعل قدما تقريرهما للجمعية ووضحا فيه خسائر مصر المالية المتوقعة في حال تمديد الامتياز الحالي بالشروط السالف ذكرها، وبناءً على هذا التقرير رفضت
الجمعية العمومية عرض تمديد امتياز شركة قناة السويس، وبقي الامتياز قائمًا بشروطه.

6- تأميم القناة
في 26 يوليو 1956 أعلن جمال عبدالناصر، من ميدان المنشية بالإسكندرية، قرار تأميم شركة قناة السويس، بعد أن سحبت الولايات المتحدة عرض تمويل السد العالي بطريقة مهينة لمصر، ثم تبعتها بريطانيا والبنك الدولي، قدمت بريطانيا على إثر القرار احتجاجًا رفضه جمال عبدالناصر على أساس أن التأميم عمل من أعمال السيادة المصرية، فقامت هيئة المنتفعين بقناة السويس بسحب المرشدين الأجانب بالقناة لإثبات أن مصر غير قادرة على إدارة القناة بمفردها، إلا أن مصر أثبتت عكس ذلك، واستطاعت تشغيل القناة بإدارة مصرية كان على رأسها مهندس عملية التأميم محمود يونس، بمرافقة زميليه عبدالحميد أبو بكر ومحمد عزت عادل.

7- القناة بين حربي 67 و73
عقب حرب‏ 1967‏ احتلت القوات الإسرائيلية شبه جزيرة سيناء حتى الضفة الشرقية لقناة السويس‏، وارتكزت استراتيجية القوات الإسرائيلية الدفاعية لحدودهم الجنوبية على مانع مائي ضخم وهو قناة السويس‏، ولمنع القوات المصرية من عبور قناة السويس والاستحواذ على الضفة الشرقية‏ أقاموا خطًّا دفاعيًّا شديد التحصين عُرف بخط بارليف، نسبة إلى الجنرال الإسرائيلي حاييم بارليف، وهو خط دفاعي يهدف إلى إحباط أي محاولة هجومية مصرية عبر القناة‏، فمثل عبور القناة تحديًا ضخمًا أمام القوات المصرية نظرًا للعقبات التي وضعتها القوات المحتلة، والتي تمثلت في المانع المائي الموجود بطبيعة الحال وتياراته المائية الشديدة، وسد ترابي هائل‏ أقامته إسرائيل ملاصقًا للحافة الشرقية للقناة‏، وشيدت داخله تحصينات مزودة بجميع أنواع الأسلحة والنيران، بالإضافة إلى الموانع وحقول الألغام المحيطة، ثم حاجز اللهب.

في يوم 6 أكتوبر 1973 قامت القوات المصرية بشن هجوم مباغت على القوات الإسرائيلية المحتلة بالضفة الشرقية للقناة، وعبَر القناة 8000 من الجنود المصريين، ثم توالت موجتا العبور الثانية والثالثة، ليصل عدد القوات المصرية على الضفة الشرقية بحلول الليل إلى 60000 جندي، في الوقت الذي كان فيه سلاح المهندسين المصري يفتح ثغرات في الساتر الترابي، باستخدام خراطيم مياه شديدة الدفع، وأنجزت القوات المصرية في يوم 7 أكتوبر عبورها لقناة السويس، وانتهت أسطورة خط بارليف الدفاعي. وواصل سلاح المهندسين تدعيم الكباري فوق مجرى القناة لعبور فرق المشاة، فأقام جسرين امتد الأول من القنطرة شمالًا إلى الدفرسوار جنوبًا، وامتد الثاني من البحيرات المرة شمالًا إلى بورتوفيق جنوبًا.

8- تطهير القناة
توقفت الحياة تمامًا بالمجرى الملاحي ومرافق قناة السويس، لثماني سنوات كاملة، وذلك إبان حرب‏ 1967‏ من‏ 5‏ يونيو‏ 1967 وحتى 22‏ أكتوبر‏ 1973، وتحول المجرى الملاحي للقناة ومنشآت الإدارة في الإسماعيلية والإدارات المساعدة في السويس وبورسعيد، إلى سلسلة من الخرائب والأطلال التي لا تصلح لشيء، وأصبح مجرى القناة بحيرة كبيرة من الألغام والقنابل من كل الأنواع والأحجام‏، أما ضفتا القناة فكانتا تحتويان على الأقل مليون لغم، مما جعل تطهير القناة وإصلاح منشآتها وبناء وحداتها من جديد وإعادة حركة الملاحة تحديًا ضخمًا أمام مصر والإدارة المصرية للقناة‏، وبدأت أعمال التطهير بعد عشرة أيام فقط من توقف القتال، حيث جرت أول عملية استطلاع؛ لمعرفة حقيقة ما حدث للقناة، وتحديد حجم الخسائر والبحث عن نقطة لبداية العمل‏.

9- قناة السويس الجديدة
هي تفريعة جديدة لقناة السويس من الكيلومتر 61 إلى الكيلومتر 95 (طبقًا للترقيم الكيلومتري للقناة)، تم افتتاحها في 6 أغسطس 2015 بطول 35 كم، بالإضافة إلى توسيع وتعميق تفريعات البحيرات المرة والبلاح بطول 37 كم، ليصبح الطول الإجمالي للمشروع 72 كم من الكيلومتر 50 إلى الكيلومتر 12. 
يهدف مشروع القناة الجديدة إلى تلافي المشكلات القديمة لقناة السويس من توقف قافلة الشمال لمدة تزيد على 11 ساعة في منطقة البحيرات المرة، ويسمح باستيعاب قناة السويس للسفن العملاقة بغاطس 65 قدمًا بتكلفة بلغت 4 مليارات دولار، مما يسهم في زيادة دخل القناة مستقبلًا بنسبة 259%، وتمت عمليات الحفر من خلال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والتي استعانت بـ17 شركة وطنية مدنية تعمل تحت إشرافها.