الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

«عنف» إسرائيلي في أمريكا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل أسبوع اتهمتنى مجموعة مراقبة وسائل الإعلام المناصرة لإسرائيل بتهمة لا أساس لها، وهى أن مؤيدى إسرائيل مسئولون عن التمييز وجرائم الكراهية والاستبعاد السياسى للأمريكيين العرب. ولأن هذه المسألة مهمة جدًا بالنسبة للأمريكيين العرب، ولأن بعض الجماعات المتشددة المؤيدة لإسرائيل ترفض الاعتراف بدورها فى الإضرار بمجتمعى، فإننى مضطر للرد مع ذكر بعض الأمثلة التى تمثل مجرد غيض من فيض من أعمال التشهير المؤلمة والتمييز والاستبعاد والتهديدات والعنف.
منذ اللحظة التى بدأ فيها الأمريكيون العرب فى التنظيم والدفاع عن القضايا التى عقدناها، واجهنا هجمات، ومقاومة وحملات ضغط من منظمات المجتمع اليهودى الرئيسية لاستبعادنا من الاجتماعات الحكومية، والمشاركة مع الائتلافات والحملات السياسية. كما قاموا بتشويه سمعتنا ووصفونا بمصطلحات عدة، منها: «الدعاة العرب»، و«المجتمع الوهمى»، و«خليقة البترو دولار»، و«ممونو معاداة السامية»، وغيرها من المصطلحات.
وجاء أول لقاء مباشر مع الإقصاء فى عام ١٩٧٨. حينما تمت دعوتى إلى البيت الأبيض من أجل اجتماع المائدة المستديرة للقادة العراقيين مع نائب الرئيس مونديل. وبعد بضعة أيام تلقيت مكالمة من البيت الأبيض لإبلاغى بأنهم تلقوا شكاوى من جماعات يهودية، مفادها بأن عربيًا مؤيدًا للفلسطينيين كان فى الاجتماع، فتم استبعادى.
إن أعمال العنف والتهديدات بالعنف ضد المنظمات العربية الأمريكية ليست سوى جزء من صورة أكبر للتمييز والتحرش والتخويف. يمكننا توثيق العديد من حالات التمييز السياسى النشط ضد الأمريكيين العرب، بما فيها إدراج الناشطين السياسيين الأمريكيين والمتحدثين العرب الأمريكيين فى القائمة السوداء، والجهود الرامية إلى تشويه القادة والمنظمات العربية الأمريكية بوصفهم «أنصار الإرهابيين».
وطوال فترة ثمانينيات القرن الماضي، تمت إعادة تبرعات ومساهمات العرب الأمريكيين. ففى عام ١٩٨٤ تمت إعادة المساهمات التى تبرع بها أعضاء مجلس إدارة مستشفى «سانت جود البحثى للأطفال» لمصلحة حملة مونديل. وعام ١٩٨٨ رفض المرشح الرئاسى للحزب الديمقراطى مايكل دوكاكيس تأييدنا.
وطلب منى اثنان من القادة السياسيين الوطنيين، وهما: ديفيد دينكينز، الذى تولى منصب عمدة مدينة نيويورك، وإد زى شاو الذى شغل مقعدا فى مجلس الشيوخ فى كاليفورنيا، بأن أثنى العرب الأمريكيين عن الإسهام فى حملاتهم، معللين ذلك بخوفهم من رد الفعل العنيف من قبل المجتمع اليهودى.
على الرغم من هذه العقبات، فإننا واصلنا بمساعدة مجموعة من القادة الشجعان مثل: جيسى جاكسون، ورون براون، وبيل كلينتون، فى طريقنا إلى التيار الرئيسي. فقد رحب بِنَا جاكسون فى حملتيه الرئاسيتين. كما رحب رئيس الحزب الديمقراطى رون براون بالعرب الأمريكيين، رغم تحذيرات بعض المانحين اليهود بأنهم سيسحبون الدعم للحزب.
لكن لا تزال هناك مشكلات عالقة. ففى عام ١٩٩٢ رفضت حملة كلينتون مشاركة الأمريكيين العرب. وفى ذلك العام اجتمعت مع المدير القانونى للجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية «أيباك»، الذى عمل أيضا مستشارًا قانونيا لحملة كلينتون، وقال لى: «نعلم أنك تحاول الدخول فى الحملة، لماذا يجب أن نسمح لك بذلك.. اتركنا وشأننا». وقد هزنى هذا العداء الواضح والمكشوف ما دفعنى إلى التوجه إلى براون؛ حيث وضعنا معا استراتيجية قادتنى فى نهاية المطاف إلى الالتقاء بالسيناتور جو ليبرمان، الذى رغم خلافنا معه، كان عادلًا ونزيها وأعرب عن غضبه إزاء هذا التصرف. وفى اليوم التالى، تمت دعوتنا للانضمام إلى الحملة.
فى حين أن سنوات كلينتون التى شكلتها اتفاقات أوسلو، والتزام الرئيس الشخصى بالعدالة، غيرت الديناميكية السياسية للأمريكيين العرب، استمرت المشكلات مع بعض الجماعات اليهودية التى لا تزال تحاول استبعاد العرب الأمريكيين، وتشويه سمعة أولئك الذين كانوا فى مناصب حكومية. ومع ذلك لم ترد التهديدات الرئيسية من المجموعات الرئيسية، لكن من الأطراف ومن مجموعة من الكيانات الممولة من أمثال: شيلدون أديلسون، وروبرت شيلمان، اللذين قاما بتلطيخ الأمريكيين العرب، والآن، المسلمين الأمريكيين.
وبعد أحداث ١١ سبتمبر ألقى القبض على ثلاثة رجال، وتمت محاكمتهم وإدانتهم بتهمة التهديد بقتلى وأسرتى وتدمير مكتبى.
وخلاصة القول، إن الاتهام الذى يفيد بأن مؤيدى إسرائيل مسئولون جزئيا عن حالات التمييز، وجرائم الكراهية، والاستبعاد السياسى للأمريكيين العرب، لا يمكن نكرانه. فالتاريخ حقيقى جدا والألم عميق جدا. والعار على أولئك الذين لا يستطيعون الاعتراف بالتاريخ والألم.
نقلا عن «القبس» الكويتى