الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مغاربة في تنظيمات إرهابية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لماذا ترتفع نسبة المغاربة والتوانسة والجزائريين بين الجماعات الجهادية وتنظيمات العنف التكفيرية، رغم أنهم ليسوا أسوأ المسلمين حالًا فى بلاد الغرب؟!
يلاحظ أستاذ التاريخ السياسى فى الجامعة التونسية الدكتور عبداللطيف الحناشى، أنه رغم ما يتمتع به المهاجرون من بلدان المغرب الكبير فى أوروبا من وضع معيشى مُرضٍ ولائق فى كثير من الأحيان، مقارنة بمواطنيهم المستقرين فى بلدانهم الأصلية، فإنهم «لا يترددون فى الانتقال للقتال فى بؤر التطرف». كما يسجل أن أغلب أنصار التيار السلفى الجهادى التكفيرى فى العالم يتوق إلى حمل لقب «مهاجر»، نظرًا إلى وقع الهجرة فى المخيال الإسلامي، وهو ما يعنى أنه بات من المجاهدين! وقد ينطبق الأمر أكثر على الذين يعيشون خارج «أرض الإسلام»، ومنهم المهاجرون من دول المغرب العربى إلى أوروبا. ومعلوم أن مفهوم «الجهاد الإسلامي» قد تبلور ببعده الكونى بعد احتلال السوفييت لأفغانستان، بدعم من الولايات المتحدة وبعض الدول العربية التى «سهّلت» للشباب التوجه إلى أفغانستان لمؤازرة قتال السوفييت. وكان من هؤلاء مئات المسلمين العرب الحاملين لجنسيات أوروبية. القيادى الإخوانى الأردنى عبدالله عزام، يقول: د. الحناشى، «الأب المؤسس للحركة الجهادية الحديثة»، قبل أن يلقى حتفه عام ١٩٨٨، وبذلك انتقلت إدارة «مكتب الخدمات» الذى كان يشرف عليه إلى «أسامة بن لادن». وكان عزام يصدر مجلة «الجهاد»، وبعد وفاته قامت الشبكة الإلكترونية المسماة باسمه بتطوير أفكار جهادية أكثر تطرفًا!
ما حجم المقاتلين الأجانب فى صفوف المنظمات المقاتلة فى العراق وسوريا؟ المعطيات متضاربة ومتناقضة، تقول بعضها إن العدد ١٢ ألف مقاتل من ٨١ دولة، وتؤكد تقارير أخرى أن العدد يصل إلى ١٥ ألفًا، فيما يؤكد تقرير أمريكى أن عدد المقاتلين الأجانب الذين قاتلوا فى سوريا ضد الجيش اقترب من ربع المليون، قتل منهم ٥٨ ألفًا وغادر منهم ٨٢ ألفًا.
وتعود علاقة المغاربيين المهاجرين بالمنظمات السلفية التكفيرية، كـ«القاعدة»، إلى سنة ١٩٩٦، كما يؤكد الحناشي، وفق رسالة تأييد لـ«ابن لادن» وتنظيم «القاعدة»، مُرسلة من بلجيكا.
ويعد التونسيان «عبدالستار دحمان» و«بوراوى رشيد العوير» من أوائل المهاجرين المغاربة المقيمين فى أوروبا، وقد قاما باغتيال القائد العسكرى الأفغانى «أحمد شاه مسعود» بكاميرا مفخخة، لمصلحة «القاعدة»، قبل يومين من أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١.
ويقدر معظم مراكز الأبحاث عدد المغاربة فى جبهات القتال فى سوريا بنحو أربعة آلاف من داخل المغرب العربى وخارجه، التحقوا بجبهة «النصرة» التى يقودها الجولانى، ثم بعد الإعلان عن تأسيس «دولة الإسلام فى العراق والشام»، انضموا إلى «داعش» بداية من إبريل ٢٠١٣.
ويمكن التمييز بين ثلاثة أصناف من المقاتلين المغاربة فى سوريا؛ الصنف الأول هم الشباب المتحمسون من غير الجهاديين ممن لا يحملون بالضرورة الإيديولوجيا الجهادية. والصنف الثانى بعض المعتقلين السابقين الذين لم يمارسوا العنف لكن تجذّر الفكر الجهادى لدى العديد منهم أثناء فترة السجن. أما الصنف الثالث فأفراد مؤمنون بالعنف المسلح ليس فى بؤر التوتر فحسب، بل فى مجتمعاتهم كذلك.
واجتذبت هذه التنظيمات المرأة إلى صفوفها، ويُقال إن السلطات الفرنسية كشفت عن وجود مئة فتاة وامرأة يحملن الجنسية الفرنسية ويقاتلن فى صفوف «داعش» ربعهن من أصول مغاربية.
ويلاحظ الباحث ظاهرة «الإخوة الإرهابيين»، أى أن يكون المهاجمون أشقاء أو إخوة، أو أن يظهر أحدهما ثم يظهر الثانى لاحقًا.
ومن أهم ملاحظات الدارسين للمغاربيين أن «المتطرفين الشباب لا يتحدثون بتاتًا حول الحرب الجزائرية، حتى وإن كان جدهم أصله من الجزائر، وفى العادة لا يعرفون أى شىء قط حول ذلك». ويعتقد هؤلاء الباحثون أن «لا علاقة للسياسة الخارجية الأوروبية الراهنة، ولا للجرائم الاستعمارية، بالتطرف الإسلامى». وهذا ينفى مزاعم القائلين بأن الرغبة فى الانتقام من الدور الاستعمارى للغرب فى شمال إفريقيا دافع أساسى للمغاربيين الملتحقين بالتنظيمات الإرهابية. فالشباب الشمال إفريقيين الجهاديون لا يكترثون بالأوطان ومفاهيم الولاء والانتماء السياسى. ويلاحظ باحثون «أن الجيل الثانى من المهاجرين المغاربة لا يشعر بالانتماء إلى الوطن الأم، بخلاف الجيل الأول؛ حيث يستبدلونه بالهوية الدينية، أى الانتماء إلى (الدولة الإسلامية)! وهم يتبنون نشاطًا دينيًا ملحوظًا يتفوق على الجيل القديم. فالشباب يعتزون بالانتماء للإسلام والمجتمع الإسلامى العالمى». وبهذا يتصورون أن «الوحدة الإسلامية» أو «دولة الخلافة» هى وطنهم الحقيقى، وأنها أولى بالاهتمام والتضحية!
نقلا عن الاتحاد الإماراتى