الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القس لوقا راضي يكتب: طريقة تعبيرنا وليدة البيئة المحيطة

القس لوقا راضي
القس لوقا راضي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تختلف ثقافة التعبير عن الآراء والمشاعر بين الناس على حسب نوع المجتمع الذي يتواجدون فيه، ما بين المجتمع الزراعي والأنهار، والمجتمع الذي يعتمد على الأمطار، والمجتمع الذي يعتمد على الآبار في الصحراء، كل إنسان يتأثر على حسب المجتمع الذي يحيا فيه، وأغلب الظن أن الأغلبية من أبناء المجتمع يتأثرون بالحالة المجتمعية التي يكونون فيها.
ونأتي إلى مجتمعنا الذي نعيش فيه، والذي يتميز بأنه مجتمع زراعي قبلى، يستمد التأثير المباشر من تأثير النيل، الذي أعطى استقرارا لكل من يعيش على ضفافه، ولأن المصريين مرتبطون بالأرض التي يعيشون عليها يسمون الأرض "طين" ونلاحظ أن منازل المصريون ملتصقة ببعضها ولا يوجد أي مسافة بين أغلب منازل المصريين، لأن الأرض غالية عليهم، ولأن أغلبهم كان يعمل بالزراعة، وبالتالي كان يتاح لهم مساحة من الوقت يستغل في اللقاءت والتسامر، وتأتي طريقة التعبير عن المشاعر بالسجع كالتالي:  
نعلم أن أغلب سكان المجتمع الزراعي حينما يعبرون عن مشاعرهم وآرائهم تكون فيها مغالاة غير مقصودة لكن هي نوع من التعبير، مثلا في حالات الحب لشخص ما يقولون (أنا بموت فيه - أنا بحبه خالص - ده حياتي - ياه مفيش أحسن منه - ده أحسن الكل - ده غالي على قلبي - هو اللي فيهم - احنا من غيره ولا حاجة... الخ). 
وفي حالات الكراهية (أنا مش طايقه - أنا بكرهه عمى - أشوف العمى وما أشوفوش - ده أسوء إنسان في العالم - زي الزفت ... إلخ) إنها مشاعر قلبية لا تعبر عن العقل، لكنها مشاعر تتبدل باستمرار على حسب الحالة المشاعرية فقط، من علاقات اجتماعية ومصالح حينما تتبدل الأوضاع من مشاعر إيجابية إلى مشاعر سلبية. 
المجتمع الزراعي يبحث عن المنقذ الذي يحرره ويقوده، لا ينقص المجتمع الزراعي من يعمل، بل ينقصه من يقود العمل، من أجل هذا نجد الأغاني الممجدة والمبجلة للفرد، والتي ترتقي إلى تمجيد ومديح تتواصل فيه كلمات المدح والسجع والأشعار، والذي قد يراه البعض مغالاة، ولكنها نتاج طبيعي لتأثير ثقافة ونهج، ولأنه ليس كل المجتمع ينهج نفس النهج ولا يكون في نفس الحب لنفس الشخص، نجد أن هناك احتكاك لفظي بين أولئك وهؤلاء، ما الحل إذن ؟ احرص على أن لا تهاجم هؤلاء، لأنها ثقافة مجتمع، وبإهانتك لهم أو استخدام عنف لفظي سيكون مردوده سيء، أنا أرى أن الحل يكمن في التفنيد والشرح والتوعية وطرح البدائل أمام الناس مع إعطائهم الحق كل الحق في اختيار آليات التعبير المناسبة لهم، أما الحالة الآن في بلادنا ما هي إلا جموع تجمعت على تعبير ثقافي ومجموعة تنتقد هذا التعبير، وبالتالي لن نصل إلى نقطة التقاء، لأن الاختلاف ليس على أفراد بل على كينونة ثقافية، والحل أننا نتفهم الثقافة ونتفهم كيف نتعامل معها ونديرها إلى الإفادة، مثال كنسي، "حينما ألف أريوس أغانى ليشرح هرطقته قامت الكنيسة بتأليف المدائح والابصاليات لشرح العقيدة السليمة يا أحبائي امحو الذنب بالتعليم وإلى مزيد من النقاش".