الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

هل غياب سماع الشهود يؤثر على شروط المحاكمة العادلة؟.. قانونيون: تعديلات "قانون الإجراءات الجنائية" مخالفة للدستور.. وتغول صريح فى ضمانات الشروط للمتهم البريء حتى تثبت إدانته

محكمة -صورة ارشيفية
محكمة -صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وافقت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، برئاسة المستشار بهاء أبوشقة، على مشروع تعديل بعض أحكام قوانين الإجراءات الجنائية وحالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، ورقم 8 لسنة 2015 بشأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين ومكافحة الإرهاب الصادر بالقانون 94 لسنة 2015 وتحديداَ فى 27 نوفمبر العام الماضى.


وفى تصريحات سابقة، قال المستشار بهاء أبوشقة، رئيس لجنة الشئون التشريعية بمجلس النواب، إن البرلمان واللجنة التشريعية لم يقصرا في أداء مهامهما تجاه تعجيل قانون الإجراءات الجنائية، مؤكدًا أن اللجنة ليس لها أي مصلحة في تعطيل تعديلات الإجراءات الجنائية، مشيرًا إلى أن الجميع يعلم بأن اللجنة كانت بصدد مشروع قانون في هذا الأمر، وتضمن تعديلات جوهرية.
"البوابة"، تكشف كواليس إصدار المشرع لمثل هذه التعديلات بقانون الإجراءات الجنائية، وهل ثمة طرق أخرى يمكن لها تُعجل المحاكمة العادلة دون المساس بأىٍ من شروطها.


فى البداية قال الخبير القانوني عصام الإسلامبولى، إن فلسفة المشرع فى هذه النقطة، أن هناك بعض المتهمين يريدون أن يتعمدوا إطالة مدة التقاضي عن طريق طلب محامى الدفاع سماع أقوال شهود بأعداد كبيره قد لا يكون سماعهم دون جدوى، فجاءت التعديلات تهدف إلى إحالة سلطة سماع الشهود للمحكمة، الأمر الذى يتيح لها فرضية عدم سماع الشهود من الأساس.
هذه الخطوة وصفها "الإسلامبولى"، بأنها فى غاية الخطورة، كما أن ما يجرى من تعمد إطالة فترة سماع الشهود ليس مبررا أن يتم التعميم وقفل الباب أما من يستعين بالشهود ليحصل على براءته من أى تهمة طاردته أو لاحقته.


وتابع المحامى على طه، بشأن التعديلات التى أُقرت: "أنها تمثل غيابا لضمانات المحاكمة العادلة للمتهم، وخاصة أن شهود الإثبات هما "عين القاضي التى يرى بها الجريمة لأنهم هم شهود الرؤية"، والشهادة تعد من الأدلة المعنوية التى يتلقى القاضي بها نبأ الجريمة عبر الآخر وتختلف فى دليلها عن الدليل المادي الذى لا يفصل بينه وبين القاضي فاصل كالبصمة وتحليل الـDNA، وغيرها من الأدلة المباشرة فى حق المتهم.
ويضيف "طه": أنه بالعودة إلى شهادة الشهود فهى تكون دائمًا ما بين "الكيدية أو المحاباة" أى ما "فى صف المتهم أو ضده"، ولما كانت شهادة الشهود والتعويذ عليها الأساس فيها سماعها أمام مجلس القضاء داخل محاضر الجلسات وأن القاضي يأخذ بشهادة الشهود التى يجٌريها بنفسه دون التعويل على أقوالهم التى تدون فى محاضر التحقيقات ومحاضر جمع البيانات تخوفًا من حدوث أي تأثيرات أو ضغوط يمكن لها أن تؤثر وتضلل العدالة المنشودة فى المحاكمة، ويواصل "طه": أنه لما كان شرطًا أساسيًا لتوجيه تهمة الشهادة الزور فى حق الشاهد أن يدلى بشهادة على غير الحقيقة أمام القضاء وبعد حلف اليمين فإننا بترك الأمر جوازيًا لاختيار ورغبة القاضى فإننا نكون بصدد إنكار للعدالة وحرمان للمتهم من مواجهة شهود الإثبات فى حقه وبذلك نؤكد أن هذا القانون إنما هو مخالف للدستور ومخالف لضمانات المحاكمة العادلة والمواثيق الدولية التى تعتبر جزءًا مكملًا للقانون المصرى.
ويواصل" طه": وفيما يخص أن مثل هذه القوانين سيُساء استخدامها فى القضايا السياسية وقد تستخدم كأداة للقمع والترهيب وهنا شدد "طه" على أن هذا المشروع الذى صُدق عليه بالتزامن مع قانون تعين رؤساء الهيئات القضائية الذى انتفض القضاة اعتراضًا عليه، السؤال الذى يطرح نفسه هل يقبل القضاة وهم ضمير الوطن وخط الدفاع الأول عن المتهم البرىء حتى تثبت إدانته، فهل سينتفضون بنفس القدر ضد هذا التغول فى حق المتهم، أم سيعتبرونه مكسبًا يجاملون به السلطة فى الأحكام السياسية لنيل الرضا بغية الحصول على مزايا معينة، فالعدالة لا تتجزأ وضمير القاضى يجب ألا يُميز، ويجب أن يتناولوا فى اعتراضهم على القانون المعتدى عليهم فيه وهو "قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية" وماتم أيضًا من اعتداء على حق المواطن المتهم البرىء حتى تثبت إدانته بمحاكمة عادلة فى قانون الإجراءات الجنائية.


وبالرجوع للفقية الدستورى عصام الإسلامبولى بصدد هذا القانون، ما تم من إحالة سماع الشهود لسلطة القضاة، خاصة أن هذه الجزئية تحديدًا عُرضت على مجلس التشريع بمجلس الدولة وأبدى رأيه فيها صراحةً بأنها تتعارض وتتناقض مع ضمانات الدفاع الممنوحة للمتهم، الذى يحق له الاستعانة بالشهود التى يطلبها حتى تبرئه وهى أصل الدستور بأن الإنسان بريء حتى تثبت إدانته، مضيفًا: أن ما يرجع لسلطة المحكمة هو تقديرها لأقوال الشاهد وليس الاستجابة لشاهد وترفض سماع أقواله وبالتالى، هذة النقطة معيبة ومخالفة للدستور وتعصف بضمانة أساسية من ضمانات الدفاع عن المتهم.
ويواصل "الإسلامبولى": لابد على المحكمة أولًا أن تسمع الشاهد، ثم تأتى بعد ذلك مرحلة تقديرها لما قال من عدمه، كما أشار إلى أن إذا كانت المعاناة فى فترة التقاضي وطول أمدها، فالمحكمة أمامها طريقة لا تمس المحاكمة العادلة بضمانتها الأساسية وهى التحرر من فكرة دور الانعقاد التى تكبل وتطيل فترة التقاضي دون مبرر أو على الأقل تزيد فترة الانعقاد بدلا من أسبوع أن تكون أسبوعين.
وفى السياق ذاته، بشأن إلقاء المشرع الكرة لدى القضاة بأنهم هل سيعملون به أم لا؟ قال "الإسلامبولى": إنها مسألة تقديرية تعود لسلطة القضاة، كما حذر من تغول مثل هذه القوانين فى انتهاك الدستور عبر مجلس النواب خلال بعض من ممن يُسخرون من قبل جهات معينة لتنفيذ هذه التغييرات، الأمر الذى يُحدث وقيعة بين الشعب ونوابه، وبين النواب أنفسهم والسلطة القضائية، فى حين يتابع هذا الطرف الخفى وينظر إلى المشهد من خلف الستار وكأنها طريقة زكية لإدارة الأمور دون أن يعرف أن ما يجرى هو نفس تكرار ما فعله الحزب الوطنى قبل ثورة 25 يناير وجماعة الإخوان المسلمين أثناء توليه حكم البلاد وتصدى البرلمان للقضاء.