الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

ارتفاع تكاليف الفدان تهدد عرش الذهب الأبيض

الفلاحون يناشدون الرئيس التدخل لإعادة الدعم

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المزارعون يرفضون تسعيرة الحكومة.. ومطالب بسياسة تسويقية واضحة لضمان المنافسة
مزارعو المنوفية: الوزارة السبب فى إهدار قيمته

رفض مزارعو القطن الأسعار التى حددتها الحكومة لشراء القطن من الفلاحين هذا العام، وأكدوا أن الأسعار المعلنة لا تتناسب مع الارتفاع المستمر فى أسعار مستلزمات الإنتاج، مشيرين إلى أن تكلفة الفدان الواحد تصل إلى 14 ألف جنيه، وناشدوا الرئيس عبدالفتاح السيسى، التدخل لإعادة دعم زراعة القطن، وتسويقه، والتوسع فى المساحات المنزرعة، خاصةً أن القطن المصرى له سمعة عالمية... «البوابة» رصدت زراعة القطن فى المحافظات ومشاكل الفلاحين.
وفى البحيرة، أعرب مزارعو القطن عن استيائهم للأسعار الجديدة المحددة من جانب المجموعة الاقتصادية لأسعار شراء القطن من المزارعين هذا العام، مؤكدين أنها لا تغطى تكاليف الإنتاج التى تصل إلى ١٤ ألف جنيه للفدان الواحد فى العام، بالتزامن مع ضعف الإنتاج بسبب التقاوي.
وقال جمال زيدان، من قرية كفر كشاش التابعة لمركز شبراخيت، إن سعر القطن المحدد هذا العام غير مناسب فى ظل ارتفاع تكلفة الإنتاج للفدان سواء من تقاوى وأسمدة ومبيدات وأيدٍ عاملة، مشيرا أن تكلفة حصاد الفدان الواحد لمحصول القطن تصل إلى ٣٠٠٠ جنيه أجور عمالة زراعية فقط.
وأشار إلى أن الفدان يجنى من ٥ إلى٧ قناطير، وذلك بسبب التقاوى المستوردة من الخارج التى حلت مكان التقاوى المصرية التى قضى عليها فى عهد الدكتور يوسف والى وزير الزراعة الأسبق، مطالبا بالنظر إلى الفلاح وتسويق منتجاته، كما نص الدستور المصرى المعدل بعد ثورة ٣٠ يونيو.
أكد الدكتور محمد عبادي، أمين عام نقابة الفلاحين الزراعيين، أن سعر القطن الذى حددته المجموعة الاقتصادية للوجه البحرى بسعر ٢٣٠٠ جنيه لقنطار القطن لا يتناسب مع ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وأجور الأيدى العاملة، مشيرا أن هذا السعر سوف يجعل الفلاح فريسة للتجار، وشدد على ضرورة وجود سياسة تسويقية واضحة لضمان المنافسة والتسعير، حتى لا يترك الفلاح لجشع التجار، وربط الإنتاج بالسوق ومتطلباتها.
وفى الشرقية سادت حالة من الاستياء والغضب بين الآلاف من مزارعى المحافظة، بسبب تضاؤل سعر القطن الذى حددته الحكومة، والذى يتراوح ما بين ٢٩٠٠ إلى ٣٠٠٠ جنيه، للقنطار الواحد.
وأكد الفلاحون أن قرار الحكومة إلغاء الدعم على محصول القطن، وعدم مسئوليتها عن تسويقه، كان قرارًا جائرًا، وقد يقضى تدريجيًا على «الذهب الأبيض»، الذى كانت تتميز به مصر. وناشدوا الرئيس عبدالفتاح السيسي، التدخل لإعادة دعم زراعة القطن، وتسويقه، والتوسع فى المساحات المنزرعة، خاصةً أن القطن المصرى له سمعة عالمية.
تعد منطقة شمال الدقهلية إحدى أهم المناطق التى تشتهر بزراعة القطن منذ عشرات السنين، وخاصة بمنطقة حفير شهاب الدين، المستصلحة حديثا بمركز بلقاس، والتى تتميز بتربتها الطينية الوتدية التى تتناسب مع جذور القطن الوتدية التى تمتد لحوالى متر بطبقات الأرض، ويزرع صنف جيزة ٩٤ فى بلقاس أكبر تجمع للقطن بشمال الدلتا.
«البوابة» انتقلت إلى المنطقة للوقوف على المشكلات والمعوقات التى تقف حائلا أمام المزارعين بالمنطقة، فيقول المهندس محمد المنسي، وكيل وزارة الزراعة بالدقهلية، إن المحافظة تزرع ٢٨ ألف فدان من القطن، هذا العام، وترتكز الزراعة بمنطقة حفير، والتى يوجد بها ١٦ ألف فدان منزرعة بصنف «جيزة»، ويعطى إنتاجية ٤٠ قنطارا كمتوسط الفدان الواحد.
أما رفعت بدير، مدير الإدارة الزراعية ببلقاس، فأكد أنه لأول مرة يتم التعامل مع القطن من قبل فريق متخصص لإرشاد المزارعين لكيفية الزراعة واختيار الأصناف ومواعيد الري. وأضاف أنه من المستهدف استعادة محصول القطن المصرى ريادته من جديد، ليعود بعائد كبير على الفلاحين والدولة ويكون عائدا ماديا لتشجيع المزارع.
وخلال جولة «البوابة» التقينا المهندس حسن الشرقاوي، إخصائى القطن بمركز بلقاس، ليكشف عن مشكلات عديدة تواجه المزارعين، منها مشكلة الذبابة البيضاء التى تهب على الأراضى من منطقة الاستصلاح بعد الانتهاء من محصول البطيخ، وبداية عقد اللوز بشهر أغسطس. وأضاف أن فريقا من المهندسين الزراعيين يشرفون بصفة أسبوعية على الأراضى المزروعة بالقطن لتحديد المشكلات وعلاجها.
وأوضح أنه حدث هذا العام تعاون مشترك بين الزراعة والرى لتوفير المياه بنهايات الترع، حتى تتفادى تعطيش النباتات، حيث ثبت علميا أن انتظام فترات الرى وتقاربها وعدم تعطيش النبات فى الجو الحار يزيد من إنتاجية الفدان لتصل إلى ٢٥٪.
أما قطب سعفان، نقيب الفلاحين ببلقاس، فقد أوصى بتوفير مستلزمات الزراعة عن طريق الجمعيات الزراعية والتعاونيات لتفادى غش الأسمدة، وتدريب المهندسين والخبراء على أحدث طرق الزراعة، ومقاومة الآفات التى تصيب نوارة القطن، والاهتمام بالبحث العلمي، وتفعيل دور محطات الإرشاد، وتطوير صناعة القطن، واستنباط أفضل السلالات، وعدم السماح بتصدير القطن المصرى بعد تطوير الأصناف، حتى لا تتم زراعتها والمنافسة بها بدول أخري.
من جهته، قال المهندس إبراهيم زكريا،المراقب العام للتعاونيات بالدقهلية، إن محصول القطن هذا العام سيكون مصدر دخل أساسيا للمزارعين، بعد الدراسات التى تجريها وزارة الزراعة والرى والمراقبة العامة لزراعة محصول القطن بطريقة علمية تزيد من إنتاجية الفدان إلى ١٣ قنطارا بمتوسط ليصبح دخل المزارع من الفدان ٣٠ ألف جنيه كمتوسط فى ستة أشهر، وهناك توجهات للارتقاء بالزراعة واستعادة عرش القطن المصرى.
من ناحية أخرى سادت حالة من الغضب، بين المزارعين بمحافظة المنوفية، عقب إعلان وزارة الزراعة عن أسعار القطن هذا العام، مقابل ٢٣٠٠ جنيه للقنطار، وهو ما اعترض عليه المزارعون، باعتبار أن هذا المبلغ لا يغطى تكلفة الزراعة.
وقال عبداللطيف طولان، عمدة قرية شمياطس، بمركز الشهداء، إن انخفاض أسعار القطن، أدى إلى عزوف المزارعين عن زراعته، خاصة أن الفدان ينتج ٦ قناطير قطن، فى حين أن إيجار الفدان بلغ ١٠ آلاف جنيه، إضافة إلى مصروفات زراعة وجمع ورى، تصل إلى ٨ آلاف جنيه للفدان، فبهذا تصل تكلفة الفدان ١٨ ألف جنيه؛ متسائلًا: «المزارع هيكسب كام، علشان يصرف ١٨ ألف جنيه على فدان قطن؟».
ويرى سعيد عبدالله، أن انخفاض أسعار القطن دمارٌ للمزارع، ووزارة الزراعة هى التى تسببت فى إهدار قيمة القطن المصري، بسبب عدم وجود آليات لزيادة الإنتاجية، وقلة إنتاج القطن جعل مصر بلا هوية إنتاجية؛ معتبرًا أن البداية كانت عندما بدأ تشغيل مصانع الغزل على القطن قصير التيلة، والذى يتم استيراده، وإهمال القطن طويل التيلة، ومصنع واحد هو من كان يعمل به وهو غزل ونسيج شبين الكوم، والذى تم بيعه فى الآونة الأخيرة إلى مستثمر هندي.
وفى الغربية؛ أكد المهندس عادل العتال، وكيل وزارة الزراعة، أن المديرية ستقوم بشراء القطن من المزارعين هذا العام بـ٢٣٠٠ جنيه للقنطار، كحد أدني، مع قابلية زيادة الأسعار، حسب العرض والطلب فى الأسواق.
ويقول محروس أبوخطيطة، مزارع من مركز قطور، إن أسعار استلام القطن هذا العام لا ترضى غالبية المزارعين، حيث إن قرار استلام القطن من المزارع بـ٢٣٠٠ جنيه للقنطار، غيرُ مجدٍ، مقارنةً بما يتم إنفاقه على محصول القطن، من عمالة كبيرة لتنقية «الدودة»، حيث إن يومية العامل من ٦٠ إلى ٨٠ جنيهًا، بالإضافة إلى المبالغ التى يتم إنفاقها على «اللفحة».
وأضاف «أبوخطيطة»، أن هذا السعر غيرُ مرضٍ، لأغلب المزارعين، ونطالب الحكومة برفع سعر القنطار عن هذا المبلغ، حتى لا نتعرض لخسائر كبيرة، ونريد أن تشعر الحكومة بمعاناة الفلاح طوال العام.
من جانبه؛ أكد حسن الحصري، نقيب الفلاحين بالغربية، أنه فى عام ٢٠١٣ كانت المساحة المنزرعة من القطن حوالى ٢٨ ألف فدان، وفى عام ٢٠١٦ انخفضت المساحة إلى ١٧٥٠٠ فدان، أى أنها تراجعت بنسبة الثلث، وذلك بسبب الخسائر التى يتكبدها المزارعون، ولا نستطيع تعويضها، فضلًا عن تدنى سعر استلام المحصول.
وطالب «الحصري»، الحكومةَ بتوفير «تقاوي» جيدة للمزارعين، تكون ذات جودة عالية، وشراء المحصول بمبلغ مرضٍ، لا يسبب الخسارة للمزارعين، حتى نعود إلى الصدارة فى إنتاج الأقطان المصرية طويلة التيلة، كما كنا من قبل.
وفى كفر الشيخ؛ عبر مزارعو المحافظة، التى تعتبر من أكبر المحافظات المزروعة بمحصول القطن هذا العام، حيث تبلغ ٨٠ ألف فدان، عن غضبهم، بسبب قرار وزير الزراعة، الدكتور عادل البنا، بتسعير القطن فى الوجه البحري، هذا العام بسعر ٢٣٠٠ جنيه للقنطار، حيث وصفوه بـ«السعر المجحف»، الذى لا يناسب المصروفات والتعب، الذى يبذلونه فى زراعة القطن.
وقال عبدالرازق أبو سمرة، من قرية الرغامة، مركز الرياض، إن الوزير افترض أن هذا السعر سيحقق منه الفلاح مكاسب جمة، متناسيًا حجم المصروفات التى يتكبدها لزراعة القطن، والذى أصبح يعزف الكثيرون عن زراعته، بسبب الخسائر الناجمة عن مستلزمات زراعته.
ويضيف «أبوسمرة»، أن الدولة تخصص شيكارتى أسمدة فقط للفدان، بسعر ١٥٠ جنيها للشيكارة الواحدة، وهو سعر دعم جزئي، فى حين أن الفدان يحتاج لخمس شكائر على الأقل، أى أننا نشترى ٣ شكائر أخرى، من السوق الحرة، بسعر ٢٣٠ جنيها للشيكارة، فضلًا عن أن الفدان يحتاج لرش بـ١٨٠٠ جنيه، و٥٠٠ جنيه حرث، و٣٠٠٠ جنيه أجرة أنفار للجمع، و٥٠٠ جنيه للري، فماذا يتبقى للفلاح؟ خاصة إذا كان مستأجرًا للأرض أو مشاركًا عليها مع المالك.
كما يؤكد المهندس عبدالرافع عبدالعظيم، أن محافظة كفر الشيخ، هى المحافظة الأولى، فى زراعة القطن، هذا العام، بمساحة ٨٠ ألف فدان، وأن القطن المصرى حدثت به طفرة خلال السنوات الأخيرة فى التسويق، بسبب زيادة الطلب عليه، وأن الوزارة لا تألوا جهدًا فى دعم المزارعين على قدر إمكانات الدولة.