السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

الجولة الثانية من مفاوضات "البريكست" تنطلق اليوم ببروكسل

الوزير البريطاني
الوزير البريطاني المكلف بشئون بريكست ديفيد ديفيس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تنطلق اليوم الجولة الثانية من مفاوضات البريكست ببروكسل (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) والتي تستمر حتى 20 يوليو الجاري، حيث من المنتظر أن يلتقي الوزير البريطاني المكلف بشئون بريكست ديفيد ديفيس بكبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه، يليه اجتماع للمنسقين ومجموعات العمل وذلك لمناقشة كافة القضايا العالقة بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وكانت الجولة الأولى من المفاوضات قد بدأت في 19 يونيو الماضي، وتم خلالها الاتفاق على الشروط المرجعية والجدول الزمني للمفاوضات الذي من المقرر أن يختتم في أكتوبر 2018 حتى تتمكن كافة الأطراف المعنية من المصادقة على الاتفاق النهائي بحلول مارس 2019.
وخلال الجولة الأخيرة من المفاوضات تم الاتفاق على ضرورة حسم القضايا العالقة الكبرى بين الجانبين تمهيدا لمناقشة أطر التعاون البديلة والمستقبلية. وتتمثل القضايا الخلافية في ثلاثة نقاط رئيسية، الأولى متعلقة بدفع فاتورة الخروج البريطانى من الاتحاد والتى تقدر بنحو مائة مليار يورو أو 112 مليار دولار أمريكي، وتشمل هذه الفاتورة المساهمات التي تعهدت بها بريطانيا في ميزانية الاتحاد وكافة المؤسسات أو الكيانات القائمة بموجب المعاهدات الأوروبية إضافة إلي مساهمة لندن في الصناديق الخاصة مثل الصندوق الأوروبي للتنمية. ودفع هذه الفاتورة ليس بالأمر الهين على بريطانيا لذلك يتوقع المراقبون أن يشكل هذا الأمر حجر عثرة في طريق المفاوضات الصعب.
ثاني القضايا العالقة في مفاوضات البريكست مرتبط بالوضع القانوني والحقوق الخاصة بمواطنى الاتحاد الأوروبى المقيمين فى المملكة المتحدة والمقدر عددهم بنحو 3,2 مليون نسمة، ومعهم البريطانيون المقيمون في دول الاتحاد والبالغ إجمالى عددهم مليون نسمة، وهي مسألة شديدة الأهمية حيث يجب وضع أطر قانونية تنظم هذا التواجد وتضمن حقوق هؤلاء المواطنين لدى الجانبين وهي مهمة ليست بالسهلة. 
أما ثالث هذه القضايا فهي مسألة الحدود بين أيرلندا الشمالية وأيرلندا التي تعد عضوا في الاتحاد الأوروبي، ويرتبط ذلك بكيفية ضمان حرية الحركة للأفراد ما بين الإقليم الواقع ضمن المملكة المتحدة والجمهورية الأيرلندية، بما قد يضمن استمرار بريطانيا في السوق الأوروبية المشتركة والاتحاد الجمركى الأوروبي.
وأعلن كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه أن هذه الموضوعات الثلاث ذات الأولوية للمرحلة الأولى من المفاوضات لا يمكن فصلها، بعبارة أخرى فإن التقدم في واحد أو اثنين من هذه الموضوعات لن يكون كافيا للانتقال إلى المناقشات حول العلاقات المستقبلية مع المملكة المتحدة.
ومن المفترض أن يتمكن فريق المفاوضين من إيجاد حلول لهذه المسائل الخلافية قبل نهاية 2017 حتى يتم الانتقال إلى مناقشة العلاقات المستقبلية بما فيها اتفاق التجارة الحرة، بحيث يتم الانتهاء من النسخة النهائية من الاتفاق بحلول أكتوبر 2018، وهو ما يتيح الفرصة لعرض الاتفاق رسميا أمام البرلمان الأوروبي والبريطاني ويتم خروج بريطانيا نهائيا ورسميا فى نهاية فترة التفاوض القانونية والمحددة بعامين تنتهي في مارس 2019.
وكان وزير المالية البريطاني، فيليب هاموند، قد صرح مؤخرا بأن عددا كبيرا من الوزراء بحكومة تيريزا ماي مقتنع بضرورة وجود فترة انتقالية، خاصة مع بدء جولات التفاوض حيث أن هذه الفترة قد تعزز من القدرة التفاوضية للجانب البريطاني وتساعد في الوصول إلى أفضل اتفاق ممكن لبريطانيا. وأضاف هاموند أن طول أي فترة انتقالية سيعتمد على المدة اللازمة لوضع أنظمة جديدة للتعامل مع أمور مثل الجمارك والهجرة، ولكن يجب أن تكون هذه الفترة محددة، ومن المرجح أن تكون عامين على الأقل.
في هذا السياق قدمت الحكومة البريطانية مسودة قانون جديد يسمى "قانون إلغاء التشريعات الأوروبية" يهدف إلى إلغاء تشريع الاتحاد الأوروبي لعام 1972 الذي أصبحت بموجبه قوانين الاتحاد الأوروبي معمولاً بها في بريطانيا وتسرى فوق القوانين البريطانية.
وبموجب هذا القانون الجديد، تتحرر بريطانيا من تبعيتها لقوانين الاتحاد، ويختار المشرعون البريطانيون ما يريدونه من القوانين الأوروبية ويحذفون ويعدلون فيها بما يتناسب مع رؤيتهم. ومن المقرر أن تناقش هذه المسودة نهاية العام الجاري وتعد هذه الخطوة من أهم المحطات في مشوار البريكست وأكثرها صعوبة بالنظر إلى الكم الكبير من القوانين الأوروبية. 
ويتوقع المراقبون أن تواجه مفاوضات البريكست تحديات صعبة. فمن ناحية تواجه رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي تحديات داخلية تضعف من موقفها في التفاوض خاصة بعد ما بعد فشل حزبها "المحافظين" في الحصول على الغالبية المطلقة في البرلمان، عقب الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في الثامن من يونيو الماضي، والتي كانت قد دعت إليها أملا في الحصول على غالبية مريحة في البرلمان تكون بمثابة تفويض شعبي يمكنها من السيطرة على زمام الأمور في إدارة مفاوضات "البريكست" والوقوف أمام المعارضة داخل حزبها وخارجه لتنفيذ مشاريعها السياسية.
غير أن الظروف التي استهلت من خلالها تيريزا ماي هذه المفاوضات تختلف تماما عن تلك التي كانت تتوقعها وهي تعلن قرار تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة، حيث أنها في وضع ضعيف غير مستقر وهو ما يضاعف من صعوبة البريكست ويهدد نجاحه.
من ناحية أخرى يلتزم الاتحاد الأوروبى من جانبه منذ إعلان نتائج الاستفتاء البريطانى في يونيو 2016، بموقف ثابت ومشترك مفاده أن التكتل سيظل قويا متماسكا بعد "البريكست"، وأن بريطانيا لن تنال خروجا "يسيرا" يحقق لها الحسنيين من فوائد الشراكة مع الاتحاد بدون ضريبة "حرية انتقال الأفراد" وغير ذلك من النقاط الاعتراضية لدى بريطانيا، وهو ما ينبئ بصعوبة العملية التفاوضية وينذر بمستقبل غامض للبريكست.