الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

المسجد الأقصى .. سيناريوهات المحو والتهويد

المسجد الأقصى
المسجد الأقصى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المسجد الأقصى أكثر المقدسات الدينية على مستوى العالم عرضة للهجمات الإرهابية والممارسات الهمجية القمعية، والوحشية، بدءا من الاحتلال الصليبي، وصولًا إلى تدنيسه وحرقه وانتهاك حرمته بالحفريات على يد الكيان الصهيوني، المسمى "إسرائيل"، وهذه الممارسات القذرة جعلته مهددًا بالهدم بين الحين والآخر، وما زاد الأمر سوءًا غلقه اليوم الجمعة أمام المصلين، في واحدة من الأمور التي تنذر بكارثة غلقه ومنع الصلاة فيه نهائيًا، إذا ما استمر التطاول الصهيوني بنفس الوتيرة والخنوع والخذلان العربي في ازدياد.
فلأول مرة منذ العام 1969، قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق المسجد الأقصى، ومنع أداء صلاة الجمعة فيه اليوم، كرد فعل إسرائيلية على "عملية الأقصى"، والتي دعت لإغلاق الأقصى بشكل كامل والسيطرة عليه، وهو ما يُعد تصعيدًا من جانب الكيان الصهيوني في حق المسجد الأقصى لتمرير خططه التهويديّة والعدوانية الخطيرة.

اقتحام الأقصى وقت الصلاة
لم يكن ما حدث اليوم هو الأول من نوعه فقد تعرض المسجد الأقصى فجر الأحد 13 سبتمبر 2015، إلى اقتحام قوات الشرطة الإسرائيلية، حيث اقتحمت باحة المسجد بعد انتهاء صلاة الفجر بدقائق بأعداد كبيرة لإخلائه من المعتكفين فيه لتأمين دخول المستوطنين قبل ساعات من بدء الاحتفال بمناسبة ما يسمى بـ "عيد رأس السنة العبرية"، ما أدى إلى اندلاع مواجهات داخل باحات المسجد وصلت حتى المصلى القبلي الذي أمطرته القوات الإسرائيلية بقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى في صفوف المصلين، كما أغلقت قوات الاحتلال أبواب المسجد الأقصى بالسلاسل والأعمدة الحديدية، واعتلت سطح المسجد القبلي، وقامت برش غاز الفلفل السام من خلال نوافذ المسجد بعد تحطيمها، وفرضت حصارًا كاملًا على المسجد. 

تهديد بحرق الحرم
واقعة غلق المسجد الأقصى اليوم الجمعة لم تكن الاعتداء الأول في حق الأقصى، فقد نشب حريق بالمسجد مساء الأربعاء 1 يوليو 2015، والذي أخمدته أطقم الإطفاء التابعة للمسجد، حيث نشب الحريق في بقايا أعشاب جافة عند القصور الأموية جنوب المسجد الأقصى المبارك، ولم يتسبب الحريق بأضرار سوى وصول أعمدة الدخان إلى محيط المسجد والمصلى المرواني وتمت السيطرة على الحادثة وتجاوزها، إلا أنه لم يحدد سبب الحريق حتى الآن، وإن كان سبب الحادث معروفًا ضمنًا ولا يحتاج إلى توضيح، فقبل شهر من هذا اليوم هدد ناشط في حركة "الهيكل" التابعة للكيان الصهيوني بأنه سيصعد إلى الهيكل "الحرم القدسي" ويشعل حريقًا يؤدى إلى إشعال الشرق الأوسط.

حريق الأقصى الشهير
ووقعت حادثة حريق المسجد الأقصى الشهيرة في 21 أغسطس عام 1969 إذ شب في الجناح الشرقي للجامع القبْلي الموجود في الجهة الجنوبية له حريق ضخم والتهمت النيران كامل محتويات الجناح بما في ذلك منبره التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين، كما هدد الحريق قبة الجامع الأثرية المصنوعة من الفضة الخالصة اللامعة.
حيث أتت النيران يومها على آثار عمرانية تاريخية دينية في أولى القبلتين، وثالث الحرمين، واعترى جدران المسجد الأقصى المبارك مزيد من الشحوب والسواد؛ فقد احترق السقف الجنوبي الشرقي للمسجد بكامله، وكان بناؤه من الخشب، كما احترق منبر نور الدين زنكي الذي أحضره صلاح الدين الأيوبي إلى المكان بعد تطهير المسجد وبيت المقدس من دنس الصليبيين، كما تأثرت بعض الأعمدة والأقواس المحمولة عليها بنسب متفاوتة.
ولا ننسى هبة الشعب الفلسطيني على أثر هذا الاعتداء الغاشم؛ حيث انتفض الجميع بلا استثناء في كل المدن والقرى والمخيمات، وحدثت مواجهات عنيفة استشهد خلالها العشرات وجرح المئات بل الألوف فداء للأقصى.
والمسجد الأقصى له تاريخ طويل من النزاع حوله، تقاتلت لأجله جيوش، وفنيت في سبيله أمم، إلى يومنا هذا، فقد فتحت مدينة القدس في عهد عمر رضي الله عنه ولكن انتزعه الصليبيون في القرن الخامس الهجري حتى أعيد مرة أخرى على يد صلاح الدين رحمه الله تعالى بعد ما يقارب تسعين سنة من احتلاله.

محاولات تهويد مستمرة
منذ اليوم الأول الذي وطأت فيه أقدام "الصهاينة" مدينة القدس بدأوا في بث أحقادهم وضغائنهم تجاه كل مقدس بالمدينة، وقاموا مباشرة بإخلاء حي المغاربة المجاور للمسجد الأقصى من سكانه المسلمين، وقاموا بهدمه لإنشاء معبدهم عند حائط البراق، والذي أطلقوا عليه "حائط المبكى".
وتتابعت بعد ذلك الاعتداءات الحاقدة على المسجد الأقصى المبارك وعلى أهله من أبناء فلسطين المرابطين الذين أبو التخلي عنه، وآثروا الحياة في كنفه بالرغم من كل مخاطر الموت والفناء، ومحاولات الإبادة، وإجراءات التضييق والتعذيب والاضطهاد الهمجي والوحشي.
تعرض المسجد الأقصى لأكثر من خمسة وثلاثين اعتداءً صهيونيًا منذ احتلاله عام 1967م، غير الحفريات المستمرة التي شملت مساحة واسعة تحت أرضيته، والتي كان أكبرها النفق الذي افتتح سنة 1996م.
كان الدافع وراء كل هذه الاعتداءات التي شهدها المسجد الأقصى المبارك على أيدي اليهود الاعتقاد بأن أرض المسجد هي التي أقام عليها نبي الله سليمان عليه السلام هيكلهم المزعوم. 
نظرة تاريخية
المسجد الأقصى أحد أكبر مساجد العالم ومن أكثرها قدسيةً للمسلمين، وأول القبلتين في الإسلام. يقع داخل البلدة القديمة بالقدس في فلسطين. وهو كامل المنطقة المحاطة بالسور واسم لكل ما هو داخل سور المسجد الأقصى الواقع في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة المسورة وتبلغ مساحته قرابة 144،000 متر مربع، ويشمل قبة الصخرة والمسجد القِبْلي والمصلى المرواني وعدة معالم أخرى يصل عددها إلى 200 معلم. ويقع المسجد الأقصى فوق هضبة صغيرة تُسمى "هضبة موريا"، وتعد الصخرة أعلى نقطة فيه، وتقع في قلبه.
ويُقدّس اليهود أيضًا المكان نفسه، ويطلقون على ساحات المسجد الأقصى اسمَ "جبل الهيكل" نسبة إلى هيكل النبي سليمان، وتُحاول العديد من المنظمات اليهودية المتطرفة التذرع بهذه الحجة لبناء الهيكل حسب مُعتقدها.
ويعتقد الكثيرون أن المسجد الأقصى هو فقط الجامع المبني جنوبي قبة الصخرة "المصلى القبلي"، وهو الذي تقام فيه الصلوات الخمس الآن للرجال، والصحيح أن المسجد الأقصى هو اسم لجميع المسجد ويشمل كل ما هو داخل سور المسجد ويشمل الساحات الواسعة، والجامع القبلي وقبة الصخرة والمصلى المرواني والأروقة والقباب والمصاطب وأسبلة الماء والحدائق وتحت ارض المسجد وفوقه وغيرها من المعالم، وعلى أسواره المآذن، والمسجد كله غير مسقّف سوى بناء قبة الصخرة والمصلى القبلي الجامع، وهذا ما اتفق عليه العلماء والمؤرخون، وعليه تكون مضاعفة ثواب الصلاة في أي جزء مما دار عليه السور، وتبلغ مساحته تقريبًا 144000 متر مربع.
تاريخ من الانتهاكات 
الصليبيين
في عام 1099م، سيطر الصليبيون على القدس، أثناء الحملة الصليبية الأولى، وبدلا من تدمير المسجد أطلقوا عليه اسم معبد سليمان، واستخدموه أولا كقصر ملكي وإسطبل للخيول، وفي عام 1119م، تم تحويله إلى مقر لفرسان الهيكل، وخلال هذه الفترة، خضع المسجد لبعض التغييرات الهيكلية، بما في ذلك توسيع الشرفة الشمالية، وإضافة محراب الكنيسة، وجدار فاصل، وقد شيد فرسان المعبد أقباء ومرفقاتها في الجهة الغربية والشرقية للمبنى، ويستعمل القبو الغربي حاليا كمسجد للنساء أما الشرقي فيستخدم كمتحف إسلامي.

حريق 1969
تعرض المسجد الأقصى صبيحة الخميس 22 أغسطس 1969م لحريق على يد يهودي أسترالي متطرف اسمه مايكل دينس روهن، حيث تم حرق الجامع القبلي الذي سقط سقف قسمه الشرقي بالكامل، كما احترق منبر صلاح الدين.
تفجير الثمانينيات
في ثمانينيات القرن الماضي، تآمر بن شوشان ويهودا اتزيون وكلاهما عضو في منظمة غوش امونيم السرية، لتفجير المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وكان اتزيون يعتقد أن تفجير اثنين من المساجد سوف يتسبب بصحوة روحية في الكيان الصهيوني، وسوف يحل جميع مشاكل اليهود. 
إطلاق الرصاص على المصلين
في 15 يناير 1988، خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، أطلقت القوات الصهيونية الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع على المتظاهرين خارج المسجد، ما أدى إلى إصابة 40 من المصلين.
محاولات وضع أساس الهيكل المزعوم
في 8 أكتوبر 1990، قُتل 22 فلسطينيًا وأصيب أكثر من 100 آخرين من "شرطة الحدود الصهيونية" خلال الاحتجاجات التي اندلعت بسبب الإعلان عن "جبل الهيكل"، على يد مجموعة من اليهود المتدينين، الذين كانوا في طريقهم لوضع حجر الأساس للهيكل الثالث المزعوم.

فرض القيود على المصلين
عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثالثة شدد الاحتلال الإسرائيلي القيود على دخول المسجد الأقصى من تحديد أعمار المصلين، فلا يسمح لمن هم دون الـ45 سنة من سكان الضفة الغربية بدخول المسجد بدون تصاريح، حتى في أهم وأقدس المناسبات الإسلامية مثل شهر رمضان المبارك، أما بالنسبة لسكان قطاع غزة فلا يسمح إلا لأعداد قليلة من كبار السن ممن تتجاوز أعمارهم 50 سنة بدخول المسجد الأقصى وبتصاريح خاصة.
اليونيسكو ينتصر للقدس
في يوم 14 أكتوبر 2016، اتخذت لجنة البرامج والعلاقات الخارجية في المجلس التنفيذي لمنظمة اليونيسكو قرارًا جاء فيه أن المنظمة تعتبر المسجد الأقصى أحد المقدسات الإسلامية، بدون ذكر وجود أي علاقة تاريخية بين اليهود والمسجد، واستنكرت اقتحامه المتكرر من قبل بعض المتطرفين الإسرائيليين ومن قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وجاء هذا القرار استجابةً لمشروع تم تقديمه من قبل الجزائر ومصر ولبنان والمغرب وعمان وقطر والسودان. ورحبت عدة منظمات وهيئات إسلامية بالقرار وفي مقدمتها منظمة التعاون الإسلامي ومرصد الجامع الأزهر، وهيئة علماء المسلمين في العراق، إلى جانب الحكومة والفصائل الفلسطينية. 

الانتفاضة الفلسطينية
في 28 سبتمبر 2000، زار أرئيل شارون وأعضاء من حزب الليكود، مع 1000 حارس مسلح المسجد الأقصى، ما تسبب بمظاهرة كبيرة من الفلسطينيين احتجاجًا على هذه الزيارة، وبدأ الفلسطينيون من الحرم القدسي برمي الحجارة على شرطة الكيان الصهيوني، التي قامت بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على الحشد ما أسفر عن مقتل أربعة وإصابة حوالي 200 شخص، وأثارت هذه الزيارة انتفاضة لمدة خمس سنوات من جانب الفلسطينيين.