الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

قبلات الظلام بين "القاعدة" و"آل ثاني"

يفضحها الكاتب الأمريكى رون ساسكيند

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حمد الأب يساوم يسري فودة على تسجيلات «شيخ محمد» بمطعم لندني متواضع
لماذا حاول الأمير السابق الاستحواذ على اعترافات منفذي هجمات 11 سبتمبر؟
هل تمول الدوحة الإرهاب؟ الإجابة: نعم.. والجزيرة حلقة الوصل مع خفافيش الظلام 

«كان لدى صحفى فى قناة الجزيرة القطرية، معلومات أثمن مما كان لدى أعظم دولة في العالم، بكل قواها مجتمعة، وبكل حلفائها».. هكذا بدأ الكاتب الأمريكي رون ساسكيند، المقرب من الدوائر السياسية والأمنية في واشنطن، حديثَه في كتابه «مبدأ الواحد في المائة»، الذي تتبع فيه ما أنجزه يسري فودة، صحفي التحقيقات الاستقصائية، الذي تربى في مؤسسة أريج للإعلام في الأردن من مقابلات مع المدبرين والمخططين لهجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية في ٢٠٠١، فى إطار برنامجه «سري للغاية» الذي كانت تنتجه وتبثه قناة «الجزيرة».


شرائط القاعدة في قبضة من؟
كان «فودة»، أجرى حوارات مسجلة مع قادة التنظيم الإرهابي في باكستان، صيف عام ٢٠٠٢، خاصة مع اثنين من أخطرهم، وهما خالد شيخ محمد، ورمزي بن الشيبة، وقد اعترفا بأنهما نفذا هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وشرحا طريقة العملية وكيفيتها، وقدما بعض الوصايا للمنفذين، وكيفية حماية حياتهم الخاصة قبل عمليات التنفيذ.
لكن المفاجأة التى كشف عنها «فودة» فى كتابه «فى طريق الأذى.. من معاقل القاعدة إلى حواضن داعش»، هى أجواء تلك العلاقة، التى جمعت أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى، ومدير وكالة الاستخبارات الأمريكية «سى آى إيه» الأسبق، جورج تينيت، وأيضًا كيف كان حاكم قطر حريصًا على الحصول على هذه الحوارات المسجلة، قبل حصول فودة عليها.
يقول «فودة»، إنه «بينما كنت أقضى عطلتى الصيفية المعتادة فى لندن، اتصل به رئيس مجلس إدارة قناة الجزيرة، الشيخ حمد بن ثامر آل ثانى، كى يدعونى إلى عشاء، فى وسط العاصمة البريطانية، ولم يكن ذلك خارج المألوف، فقد جمعتنا علاقة مهنية إنسانية وديَّة، لكن الذى كان خارج المألوف أن فودة، لدى وصوله إلى ذلك المطعم الإيطالى المتواضع المتخصص فى وجبات البيتزا، فى شارع جيمس (قرب شارع أوكسفورد)، لمح قبل نزوله من السيارة، الشيخ حمد بن ثامر آل ثانى، واقفًا بنفسه فى انتظاره، على باب المطعم.


أمير قطر يساوم فودة
ويقول فودة: «اصطحبنى الشيخ حمد بن ثامر آل ثانى، مرحِبًا، إلى ركن عميق من المطعم، كى أُفاجأ بطاولة يجلس إليها رجلٌ ممتلئ البدن، كثيف الشعر، أملسه، أسوده إلى حد النصوع، يرتدى بدلة «سبور»، من الجينز الأزرق، وينهمك فى تناول حساء المينيسترونى الإيطالى المعروف، استغرقنى الأمر ثوانٍ عدة، وسط ابتساماتهما، قبل أن أدرك أننى أمام أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى، وبعد ترحيب حار دعانى إلى الجلوس: وقال إنه اضطر لقطع إجازته كى يرانى، ويشد على يدى بعد السبق الصحفى».
لم يضع أمير قطر وقتًا كثيرًا قبل الدخول إلى صلب الموضوع، «وين الشرايط يا ريّال؟»، شرحت له ملابسات ما حدث، وأن وسطاء دخلوا على الخط، ويحاولون الآن أن يساومونا للحصول على تبرع قبل توصيلها، قال «زين.. أديش يعني؟»، قلت: «عايزين مليون دولار»، قال: «وأنت أيش رأيك؟»، قلت: «طبعًا لأ، قولًا واحدًا، نظر الأمير إليّ فى تلك اللحظة كأنه ينظر إلى ساذج غر، وقال: «مش أفضل ندفع لهم ونأخذ شرائطنا؟».
والسؤال الذى يطرح نفسه: من الذى وصل أولًا لشرائط وحوارات القاعدة، يسرى فودة عن طريق الوسيط؟ أم قطر وأجهزتها الأمنية؟»، ولماذا أصرت قطر السياسية، والحكم على الحصول على الأشرطة الخاصة بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، في أمريكا، قبل يسري فودة، ومساومته عليها بأي ثمن، وبأي تبرع مالي ممكن».


خالد شيخ محمد في قطر
هذا ما كشفه ريتشارد أي كلارك، المنسق الوطني للأمن ومكافحة الإرهاب، في إدارتي الرئيسين الأمريكيين، بيل كلينتون، وجورج بوش، في مقال عن دور الدوحة في إيواء الإرهابيين، أمس، في موقع «ديلي نيوز»، والمفاجأة الجديدة هي تأكيد كاتب المقال، على إيواء قطر لخالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر.
وأكد الكاتب والمسئول الأمريكي، أنه بعد تصنيف شيخ محمد كأخطر إرهابي في العالم، علمت أجهزة الاستخبارات، أنه ذهب إلى الدوحة «حيث مُنح وظيفة بسيطة في وزارة المياه القطرية، وكان قرار اتخاذ الخطوة التالية، يقع على اللجنة المشتركة التي ترأستُها المجموعة الأمنية لمكافحة «الإرهاب»، المعروفة اختصارًا (CSG).


لا يمكن الوثوق في الحكومة القطرية
ويروي الكاتب الأمريكي، أن الأجهزة الأمنية قررت اعتقال شيخ محمد، في قطر وناقشوا: هل نطلب من حكومة الدوحة تسليمه، أم نقوم نحن بالعملية، ونقبض عليه؟
«كان هناك إجماع بين المجموعة على أنه لا يُمكننا أن نثق فى الحكومة القطرية، بشكلٍ كاف، حتى نقوم بخلاف ما هو واضح، وهو الطلب من الأجهزة الأمنية المحلية أن تعتقله ومن ثم تسلمه».
«إن القطريين يملكون تاريخًا فى التعاطف مع الإرهابيين، فأحد أعضاء مجلس الوزراء على وجه الخصوص، وهو من الأسرة الحاكمة، يبدو أنه على صلة بجماعات كتنظيم القاعدة، وأنه كان يرعى خالد شيخ محمد».
وأوضح الكاتب أنه «لذلك قررنا أن نجرى عودة استثنائية، لأي عملية اعتقال خاطفة، من قبل فريق أمريكي، يليها مباشرةً الذهاب إلى الولايات المتحدة. فى تلك الأيام كانت المشكلة هى أنه ليس هناك وكالة أمريكية واحدة، تعتقد بأنها تستطيع تنفيذ عملية الاعتقال الخاطفة هذه بنجاح».
وأضاف: «حينها كانت السفارة الأمريكية فى قطر جزءًا من كيان يُدعى (برنامج السفارة الخاص)، وهذا يعنى أنها أكثر من مكتب صغير لوزارة الخارجية.
 لم يكن هناك مكتب اتصال لمكتب التحقيقات الفيدرالى فى السفارة، ولم يكن هناك ملحق دفاع، ولا توجد محطة لوكالة المخابرات المركزية، كما أن مكتب التحقيقات الفيدرالى ووكالة المخابرات المركزية، لم يكن باعتقادهما أنه يمكنهما تهريب فريق بهدوء دون إثارة شكوك أجهزة الأمن القطرية».
وعلى الرغم من أنه تم إنشاء (قوة دلتا) للقيام بعمليات إنقاذ الرهائن، والقتال فى البيئات غير الودية، فإن الخبراء فى مثل هذه الأمور، فى قيادة العمليات الخاصة المشتركة، ليسوا مُكلفين من قبل البنتاجون».
تعقد الأمر، بحسب كلام ريتشارد كلارك، وقام موظفو الأركان المشتركة بإعداد عملية عسكرية، لها أوجه تشابه مع غزو قوات التحالف لنورماندي، يشارك فيها آلاف الأفراد العسكريين الأمريكيين، من خارج البلاد، فى الجو وعلى الأرض فى قطر.
لقد كانت تلك هى الطريقة العسكرية، التى تُلمح بأن (القيادة العسكرية) لا تريد أن تكون متورطة فى انتهاك سيادة أراضى إحدى الدول فقط، لاستهداف رجل واحد، أعتقد أولئك الذين معنا فى المجموعة الأمنية لمكافحة الإرهاب بأنه مصدر تهديد». وصل النقاش بين الأجهزة فى حينها، أن هناك توقعات من مكتب التحقيقات الفيدرالي، ووكالة التحقيقات المركزية، ووزارة الدفاع، بعدم القدرة على اعتقال خالد شيخ محمد، أو أن تلك المهمة قد تبدو ظاهريًا بأنها عملية غزو، تُرك أمام إدارة الرئيس بيل كلينتون الرئاسية، خيار واحد فقط: التواصل مع القطريين، وفق ما ذكر المسئول.
ولتخفيف المخاطر المرتبطة بتلك الخطوة؛ أوضح «كلارك»، أنه «طُلب من سفير الولايات المتحدة التحدث مع أمير البلاد وحده.
 لكن طلب من الأمير أن يتحدث مع رئيس جهاز الأمن القطرى فقط. وكان الطلب هو أن يقوم القطريون بالقبض على خالد شيخ محمد، واحتجازه لبضع ساعات إلى حين إمكاننا إرسال فريق اعتقال إلى قطر، حتى ينقلوه إلى الولايات المتحدة».


اختفاء شيخ محمد من قطر
وفى غضون ساعات من اجتماع سفير الولايات المتحدة مع أمير قطر؛ اختفى خالد شيخ محمد عن الأنظار تمامًا، وفى مدينة الدوحة الصغيرة، لم يستطع أى شخص إيجاده. فى وقت لاحق، على ما ذكر كلارك «أخبرنا القطريون بأنهم يعتقدون أنه غادر البلاد، ولم يبلغونا إطلاقًا كيف حدث ذلك».
وختم كلارك مقاله بالقول: «لو سلم القطريون خالد شيخ محمد (المعتقل حاليًا فى جوانتانامو)، استجابةً لطلبنا فى عام ١٩٩٦، لكان العالم اليوم مختلفًا».
ومن هنا يتضح وبشكل جلي، كيف حصلت الحكومة القطرية وأجهزة استخباراتها على أشرطة القاعدة، وهو ما تؤكده إشارات يسرى فودة، وبعدها الاتصالات التى كانت بين الحكومة القطرية، وخالد شيخ محمد، الذى عمل على الوفاء للدوحة بإخفائه عددًا من السنوات، بتسليم الشرائط لها، وربما فى نفس التوقيت الذى تسلم فيه فودة الشرائط عبر وسطاء.


فضح المؤامرة
فى السياق نفسه؛ فضح مركز الحرب الفكرية، التابع لوزارة الدفاع السعودية، الاستراتيجيات والتكتيكات، التى تقوم بها منصات الإعلام الإرهابية فى قطر، مركز الآلة الإعلامية، التى تتبعها التنظيمات الإرهابية؛ موضحًا بـ«جرافيكس» فى صفحته على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، أنه «تم القبض على عناصر إعلامية للدولة الحاضنة، بتهمة دعم الإرهاب، وصدرت على بعضهم أحكام فى عدد من الدول، منها دول غربية، فيما تتباكى قناة الجزيرة القطرية على ذكراهم كل عام».
وعن العلاقة بين القياديين فى تنظيم القاعدة الإرهابي، ومن وصفهم بـ«إعلاميى قناة الجزيرة»؛ قال المركز: «كان تنظيم القاعدة، بواسطة إعلاميى قناة الجزيرة (ذوى العلاقة الوطيدة مع قادة التنظيم)، هم حصريًا من ينقلون بيانات وخطب ونداءات التنظيم، ويجرى المقابلات معهم».
وأضاف التقرير: «تشير الاستطلاعات إلى أن لهذا النقل الحصري، على رغم حميميته الخاصة، شروطًا، منها: الحصول على بعض التمويل»، موضحًا أن «فقه الإرهاب يُفرِّق بين التعايش (الحُكمي) والتعايش (الحقيقي)؛ فالأول ضرورةٌ تَحكُم حال غياب الدولة المنتظرة، والثانى عند قيامها».
وأكد التقرير، أن «الحال الحُكمية تمثل فى هذا الفقه سياق الضرورة؛ ولذا تجده يلتفت إليها متى رأى أن حالها ارتفعت؛ وهو ما يُبرر وقائع غدره وإرهابه واستحلاله أموال هذه القنوات والعمل على اختراقها».