الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"غاندي" يظهر من جديد في تركيا

بعد الحكم على أحد قيادات المعارضة بالسجن المؤبد

غاندي يظهر من جديد
غاندي يظهر من جديد في تركيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«أوغلو» يقود مسيرة البحث عن العدالة المفقودة عبر 450 كيلومترًا
حزب الشعب الجمهورى يدشن أسلوبًا جديدًا للتعامل مع استبداد السلطان

فى عام 1930 قاد المهاتما غاندي آلاف الهنود فى مسيرة طويلة بلغت 400 كيلومتر مشيا على الأقدام، احتجاجا على استبداد الاستعمار البريطانى بطريقة سلمية غير مسبوقة، تعتمد على فلسفة مقاومة جديدة سماها غاندى بقوة الحقيقة فى مواجهة قوة الاستبداد البريطانى.. هذه الحركة التى عرفت بعد ذلك بمسيرة الملح، ألهمت حركات التحرر فى العالم بعد ذلك.
فى يوم 9 يوليو الجارى، أنهى كمال كليشتيدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري، مسيرة مشابهة قطع خلالها مسافة 450 كيلومترا مشيا على الأقدام فى مسيرة سميت بالطريق إلى العدالة، ستظل محفورة فى ذاكرة الأتراك سنوات طويلة قادمة.
فما ملامح المشهد السياسى التركى على المستويين الداخلي والخارجي..؟ وهل تمثل هذه المسيرة بداية مرحلة جديدة فى الحياة السياسية التركية؟ 


مخاطرة أردوغان فى الأزمة القطرية
لا خلاف على أن قطر الدولة، تحولت خلال العقدين الماضيين إلى وكالة بالمعنى التام للكلمة، تقدم خدماتها لأطراف عديدة متناقضة المصالح، لكن لم يتوقع أحد أن يفيض الكيل الخليجي، ويتوحد مع الموقف المصرى تجاه قطر، بسبب خصوصية العلاقة التى تربط دول الخليج ببعضها البعض، باختصار الموقف الخليجى المصرى حيال قطر جاء مفاجئا إلى حد كبير.
لكن الأكثر غرابة هو رد الفعل التركى المندفع فى التعامل مع أزمة لم تكن تركيا طرفا فيها، وفيما يشبه المخاطرة، اتخذ أردوغان موقفا مؤيدًا لقطر نافيا عنها كل التهم المنسوبة إليها، وبالغ بتحريك مظاهرات ساذجة مؤيدة لقطر من كوادر العدالة والتنمية والإخوان المقيمين فى قطر، ثم دفع البرلمان نحو التصديق على الاتفاقية العسكرية بين تركيا وقطر.
ويفسر البعض الموقف التركى المندفع فى تأييد الموقف القطرى المتعنت، بأن تركيا الرابح الوحيد من الأزمة، لأنها حصلت على ميزة عسكرية إقليمية بتواجد قواتها على ساحل الخليج العربى، وأنها المستفيد الأكبر اقتصاديا من قطر بعد مقاطعة السعودية والإمارات لها. 
تركيا الخاسر الأكبر
وحقيقة الأمر أن تركيا هى أكبر الخاسرين بكل المقاييس.. لماذا؟ 
أولا: لأن أردوغان كشف بهذه المخاطرة أوراقه بشكل سريع، باعتباره أحد أضلاع مربع الأزمات التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط.
ثانيا: بحساب المصالح الاقتصادية البحتة، فإن الموقف الأردوغانى يعرض تركيا لخسارة الاستثمارات السعودية والإماراتية فى تركيا، ولا يمكن مقارنتها بالاستثمارات القطرية، كما أن الموقف التركى يمكن أن يؤثر مستقبلا على التبادل التجارى خاصة مع السعودية، فضلا عن أن هذا الموقف سيكون له تأثير سلبى للغاية على تدفق السياحة الخليجية إلى تركيا، والتى تقدر بنصف مليون سائح سنويا، يقضون ما يقرب من ٣،٥ مليون ليلة سياحية، وهذه المصالح الاقتصادية وغيرها سوف تصبح مهددة فى حال إصرار تركيا على موقفها من الأزمة.
ثالثا: من المؤكد أن أردوغان تخندق مع قطر بسرعة ملفتة بهدف تشجيعها على عدم الإذعان للمطالب، حتى لا يدور الدور عليه، بحسب تعبير زعيم حزب الشعب الجمهورى، لأن الدول المقاطعة لقطر، استندت على أساس شبه وحيد بدعم قطر للإرهاب فى المنطقة، وطالبت قطر بالوقف الفورى لهذا الدعم، وتسليم من تؤويهم من القيادات الإخوانية، إلى آخر المطالب. 
من هذه الزاوية يصبح إذعان قطر لمطالب الدول المقاطعة انكشافًا لظهر تركيا، التى تمارس هى الأخرى دورا مشبوها فى سوريا والعراق وبلدان الربيع العربى، وتؤوى هى الأخرى قيادات الإخوان، وتتيح لهم منصات إعلامية، فى الوقت الذى تقوم فيه الحكومة التركية بإغلاق الصحف والقنوات التركية المعارضة لأردوغان. بالجملة، فإن أردوغان أقدم على المخاطرة بالتأييد المطلق للموقف القطرى حتى لا ينفرط العقد، وتنكشف الحقائق المخفية.
رابعا: ليس من الذكاء السياسى أن يضحى أردوغان بعلاقاته مع السعودية والإمارات، لكن يبدو أن وجود مصر ضمن الدول المقاطعة، قد أسهم بشكل كبير فى رعونة الموقف التركى، فقد شعر أن السعودية والإمارات لن يعودا حليفين له على المدى المتوسط وربما البعيد، وعمليا لم يتبق لتركيا بعد هذا الموقف أي من الدول العربية الكبيرة فى المشرق العربى، وهو الذى ظل يحلم بدور إقليمى مهيمن على الشرق الأوسط، ودور معنوى ورمزى، بتسويق نفسه باعتباره حامى حمى الإسلام. 
الاتحاد الأوروبى يجمد مفاوضات انضمام تركيا 
فى تزامن مع الأزمة القطرية، دعا البرلمانيون الأوروبيون إلى وقف المفاوضات بشأن انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبى، لأن نظام رجب طيب أردوغان من وجهة نظرهم لا يلبى المعايير التى وضعت عام ١٩٩٥ فى كوبنهاجن للحصول على عضوية الاتحاد. 
ومن المعلوم، أن تركيا بدأت مفاوضات الانضمام للاتحاد الأوروبى منذ ١٢ عاما، ولم تستكمل معايير الانضمام للاتحاد منذ ذلك الحين. 
وجاء القرار بتجميد المحادثات بأغلبية ساحقة من أعضاء البرلمان الأوروبى، حيث صوّت ٤٧٧ نائبا تأييدًا لمشروع القرار الذى تقدمت به هولندا، ورفضه ٦٤ نائبا، وامتنع عن التصويت ٩٧ نائبا، وأعرب بيان البرلمان عن شعور أوروبا بالقلق حيال الحملة التى شنتها الحكومة التركية على معارضيها، التى تسببت فى فصل نحو ١٢٠ ألف تركى من وظائفهم فى القطاع الحكومى، واعتقال حوالى ٥٠ ألف شخص، وإلقاء القبض على عشرات الصحفيين وبعض النوّاب الأكراد. 
ومن المعلوم أن تركيا تملك أوراقها الخاصة للضغط على أوروبا، وخاصة ورقة الهجرة غير الشرعية، لذلك فقد جاء فى نص قرار البرلمان الأوروبى أن على تركيا أن تبقى ملتزمة بتوجهات الاتحاد الأوروبى، وتعهد النواب بإعادة النظر فى موقفهم حين توقف تركيا التدابير القمعية التى اتخذتها.
تركيا.. علاقات متأزمة
يضاف إلى الموقف الأوروبى، تأزم العلاقات التركية الألمانية، وانسحاب ألمانيا من قاعدة إنجيرليك التركية، واحتقان فى العلاقات التركية الأمريكية بسبب موقف أمريكا الداعم للقوات الكردية فى سوريا، والتوتر الدائم فى العلاقات الروسية التركية، واتهام روسيا لتركيا بأنها من أسباب عرقلة مفاوضات آستانة بين أطراف الصراع فى سوريا. 
هذا هو المشهد السياسى المعقد الذى تمر به تركيا فى جانبه الخارجى، والأمر أكثر تعقيدًا على المستوى الداخلى. 


حزب الشعب الجمهورى عودة اللاعب القديم
تأسس حزب الشعب فى عام ١٩٢٣ تحت اسم «الفرقة الشعبية»، وتحول اسمه إلى "الفرقة الشعبية الجمهورية" ثم إلى حزب الشعب الجمهورى فى عام ١٩٣٥. ولد هذا الحزب من رحم الحركة الوطنية، التى تأسست فى أنقرة أعقاب هزيمة الدولة العثمانية فى الحرب العالمية الأولى، واحتلال أجزاء كبيرة من الإمبراطورية، وقد نجح جيش الحركة بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، فى تخليص تركيا من الاحتلال، ثم انتزاع الاعتراف بالجمهورية التركية فى عام ١٩٢٣، وإنهاء السلطنة، ثم إنهاء نظام الخلافة، ومنذ ذلك الحين صارت تركيا دولة جمهورية علمانية، وظل حزب الشعب الجمهورى الحزب الأوحد فى تركيا حتى ١٩٤٥. 
تكريس القومية التركية
وعلى الرغم من إنجازات الحزب ودوره التاريخى فى تأسيس الجمهورية التركية، إلا أن توجهاته العلمانية الصريحة، وسياسات طمس الهوية الدينية الإسلامية، صنعت بينه وبين قطاع كبير من المسلمين الأتراك (٩٨٪ من الأتراك مسلمين)، عداوة تاريخية، بقيت آثارها باقية حتى الوقت الراهن، وبالمثل سعى الحزب لتكريس القومية التركية، ما أدى إلى صناعة عداوة تاريخية بينه وبين قطاع كبير من الأكراد (فى شرق تركيا)، لكن سياسات الحزب فى الربع قرن الأخير اتجهت نحو الانفتاح على كل الأتراك، وظل حزب الحركة القومية هو الخصم اللدود للعرق الكردى فى تركيا. 
وقد حدث تحول لافت فى موقف الحزب من ثنائية الدين والعلمانية، عد ترشيحه لـ«أكمل الدين إحسان أوغلو» فى الانتخابات الرئاسية الماضية، وهو الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى لمدة عشر سنوات. 
جاء ترشيح الحزب للدكتور إحسان أوغلو إقرارًا من الحزب العلمانى الكبير بأن السياقين الاجتماعى والثقافى التركيين، يحولان دون وصول أحزاب علمانية صرفة إلى سدة الحكم فى تركيا، وأنه قد آن الأوان لكى تنهج الأحزاب العلمانية التركية طريقا ثالثا، يحقق طموحات المواطن التركى الذى يحترم العلمانية كوسيلة للتقدم، والعامل الدينى كوسيلة للمحافظة على خصوصية المجتمع التركى، وبصفة عامة فإن الحزب يحتل المرتبة الثانية بعد حزب العدالة والتنمية، ومع كل استحقاق انتخابى يتقدم خطوة صغيرة للأمام. 
ومن المعلوم أنه تبنى موقفا مساندا لأردوغان عشية الانقلاب فى العام الماضى.
رفض الدستور
وخلال الاستفتاء على الدستور قاد حزب الشعب حملة رفض الدستور منفردًا، بعد تحالف حزب الحركة القومية مع العدالة والتنمية، واستهداف كوادر حزب الشعوب الديمقراطية وحركة الخدمة من قبل النظام التركى، وخاض الحزب حملة صعبة للغاية لم تكن متكافئة منذ البداية بحسب التقارير الدولية، فقد جرى التضييق على فعاليات الحزب المناهضة للتعديلات الدستورية بطرق غير قانونية.
ويبدو من تحليل نتائج الاستفتاء أن جهود الحزب فى تلك الظروف الصعبة لم تذهب سدى، فقد صوت ٤٨،٢٪ من الأتراك ضد التعديلات، واستطاعت الحملة حسم معركة المدن الكبرى (أنقرة، إسطنبول، إزمير، أنطاكيا، أضنة) بنسبة ٥١،٨٪، وهو ما انعكس بصورة إيجابية على صورة الحزب وزعيمه كمال كليشتيدار أوغلو، والتف حول الحزب قطاعات كبيرة من الأتراك بعضها كان يناصبه العداء فيما مضى. 


غاندى التركى فى «البحث عن العدالة»
يبدو أن زعيم حزب الشعب الجمهورى أراد أن يعيد غاندى لصدارة المشهد التركى، عبر مسيرة احتجاج سلمية للبحث عن العدالة المفقودة، على خلفية الحكم على أحد قيادات حزبه بالسجن المؤبد جراء اتهامه بتسريب مقاطع فيديو تثبت تورط الاستخبارات التركية فى دعم الجماعات الإرهابية المتطرفة فى سوريا. انطلقت المسيرة من العاصمة أنقرة حتى البر الآسيوى من مدينة إسطنبول، استمرت المسيرة أربعة وعشرين يوما حتى وصولها يوم التاسع من يوليو الجارى إلى إسطنبول.
ومن زاوية علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، فإن فكرة المسيرة جاءت عبقرية فى زمانها ومكانها لعدة أسباب:
(١) اعتماد المسيرة على فلسفة قوة الحقيقة مقابل قوة الاستبداد الأردوغانى، واللاعنف التام مقابل العنف المفرط الذى تمارسه السلطات التركية ضد المعارضين.
(٢) اتخذت المسيرة نقطة بداية تمثل عاصمة البلاد، ونقطة نهاية تمثل المدينة التاريخية فى تركيا، قطع كمال أوغلو مسافة أكبر بمقدار ٥٠ كيلومترًا عن تلك التى قطعها غاندى فى ثلاثينيات القرن الماضى، حيث بلغت المسافة أكثر من ٤٥٠ كيلومترًا.
(٣) حجم الجهد الذى بذله كمال أوغلو (وهو فى سن متقدمة ٦٨ عاما)، أكبر من الجهد الذى بذله غاندى، وهو آنذاك فى عمر الثانية والستين.
(٤) من المصادفات أن التركيب الجسمانى وملامح الوجه ونحافة الرجلين تكاد تتقارب إلى حد كبير.
(٥) إن الفكرة وتنفيذها وختامها الذى شهده مئات الآلاف من الأتراك يؤكد أنها حركت الغضب المكبوت فى صدور الأتراك، وأرشدتهم إلى طريقة ناجزة لطلب الحرية من جديد، الحدث بكل المقاييس من الأحداث التى لن تنسى فى تاريخ تركيا.
يبدو الآن أن حزب الشعب الجمهورى يدشن أسلوبا جديدا للتعامل مع الاستبداد التركى، يقوم على معادلة بسيطة نجحت فى الهند وفى بقاع أخرى من العالم، وهو الحل المناسب لتركيا فى هذه اللحظة التاريخية، فليس فى مقدور الشعب التركى مواجهة التعسف الذى يحكم به أردوغان البلاد، بعد أن دمر منظومة القضاء وأمسك بكل الخيوط فى قبضته.
ثلاثة سيناريوهات 
سيناريوهات المستقبل بعد مسيرة البحث عن العدالة التركية: أن يحتشد مئات الألوف من الأتراك فى إسطنبول لاستقبال زعيم حزب الشعب الجمهورى لحظة انتهاء المسيرة، رافعين جميعا شعار العدالة، هو أمر يثير قلق أردوغان وحزبه أشد القلق، فالمسيرة التزمت منذ انطلاقها ولمدة ٢٤ يوما بالقانون التركى، ولم يصدر عن المشاركين فيها أية خروقات، ما يعنى أن الحكومة لم تتمكن بأى حال من إفساد المسيرة، ولم تجرؤ على ذلك، ومن جملة المشهد السياسى الخارجى والداخلى.
يمكن استنتاج ثلاثة من السيناريوهات على النحو التالى:
السيناريو الأول: لم تعد فى يد أردوغان أوراق استبدادية أخرى للعب بها فى مواجهة الأسلوب الجديد الذى فرضه حزب الشعب الجمهورى على الساحة السياسية، ولا يملك أردوغان القدرة على ملاحقة قيادات وكوادر حزب الشعب الجمهورى، مثلما فعل مع جماعة الخدمة، فقد استند فى قمع جماعة الخدمة وإقصائها من أجهزة الدولة بأكملها على الشرعية الديمقراطية، أو مثلما فعل مع حزب الشعوب الديمقراطية، حين استند إلى مزاعم يروجها بصلة حزب الشعوب بحزب العمال الكردستانى المصنف فى تركيا كحركة إرهابية. 
خلاصة القول إنه من الصعب تكرار ما حدث لجماعة الخدمة أو حزب الشعوب، ولا يملك تبرير أى نوع من الاستبداد إن حدث فعلا، ويبدو أن زعيم الشعب الجمهورى كان موفقا للغاية فى التعامل مع الحالة التركية باستلهام الفكرة العبقرية التى نفذها غاندى فى الهند، والتى كسرت حاجز الخوف الذى عاشه الأتراك فى السنوات الماضية، خاصة بعد التنكيل بكل الخصوم بعد الانقلاب، وتوسيع دائرة الاشتباه على نحو غير مشهود فى أى دولة فى التاريخ الحديث، وفى حال تمسك الأتراك بالأمل الذى انبثق بعد مسيرة البحث عند العدالة المفقودة، فإن تواتر هذا النوع من الاحتجاجات يمكن أن يؤدى للإطاحة السلمية بأردوغان قبل انتخابات ٢٠١٩.
السيناريو الثانى: أن يستمر أردوغان بدوافع من تركيبته الشخصية المعقدة، على نهجه فى قمع القوى المعارضة، ويُقْدِم على عمليات اعتقال وتوقيف كالتى طالت حزب الشعوب الكردى، أو حركة الخدمة، ولو حدث هذا السيناريو، فمن المرجح أن ينفض التحالف بين حزب الحركة القومية وحزب العدالة والتنمية، وهو التحالف الذى تأسس لخوض معركة الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وهو ما يعنى أن يبقى أردوغان وحزبه فى مواجهة كل القوى السياسية والمدنية، ويصبح الجميع فى كفة المقاومة الحتمية التى يمكن أن تخرج من نطاق السلمية إلى الفوضى التى لا نريدها ولا نتمناها لتركيا.
السيناريو الأخير: أن تخف قبضة أردوغان وتحكمه فى مقاليد الأمور، بضغط من قيادات حزب العدالة والتنمية، فى محاولة لعبور الأزمة الداخلية بأى ثمن، مع الحفاظ على حليفهم حزب الحركة القومية، استعدادا لانتخابات ٢٠١٩، ووفقا لهذا السيناريو يمكن أن يتعاطى أردوغان بإيجابية محدودة مع لائحة المطالب التى حملها المشاركون فى حفل اختتام المسيرة.
لكن فى كل الأحوال لا يمكن التكهن بمسار مؤكد من هذه المسارات الثلاثة، بسبب تشابك الوضع الداخلى فى تركيا مع المستجدات المتلاحقة التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط، والتحولات الدرامية فى العلاقات التركية الأوروبية، فضلا عن توتر علاقات تركيا مع الولايات المتحدة وروسيا.