الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ليلة زفاف الشهداء إلى عرش القلوب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعجز قواميس اللغة عن إيجاد مفردات تصف بها الشهيد، فهو يسمو على أى وصف، ويعلو فوق أى تكريم، مهما كان التكريم، وإذا تجرأت بعض الكلمات وحاولت وصف الشهداء، فهى لا تليق بهم، ولا ترقى لوصف شأنهم ومكانتهم عند خالقهم وذويهم، أما نحن فلا نستحق الشهداء، إذا نسينا أنهم أعظم وأروع وأنبل ما فينا.
قيل أيام سالت دماء بعض من خيرة شبابنا على رمال منطقة «البرث» جنوب رفح، بشمال سيناء، قدم الأبطال أرواحهم طواعية، دفاعا عن الوطن، دفعوها ثمنا غاليا فى مواجهة دامية مع إرهابيين مجرمين، مأجورين بالمال ومدعومين بالسلاح من قوى إقليمية ودولية، تتربص بمصر وشعبها.
كان مشهد خروج الأهالى لاستقبال جثامين الشهداء، يحمل دلالات لا تخطئها العيون الراصدة لكل ما يجرى على الساحة، وما بها من تعقيدات على المستويات السياسية والأمنية، منها الإصرار على الثأر للأبطال واجتثاث الإرهاب من جذوره، مرورا بتأديب المارقين «حكام قطر»، ومطاردة تجار الفتاوى والهاربين للهجوم بالأجر على مصر من قطر وإسطنبول.
وبرغم امتزاج مشاعر الحزن المغموس بالدموع على الفراق، والفرح المشحون بالأمنيات المصحوبة بالابتسامات الصامتة لنيل المكانة، كان المودعون لا يشيعون الجثامين الطاهرة كموتى إلى قبورهم، إنما يزفونهم فى ليلة عرسهم، ملوكا إلى عروشهم فى قلوب الملايين من أبناء هذا البلد، تاركين لنا أمنيات لا تتحقق، المقصود، أمنيات نيل مكانتهم فى النفوس والقلوب، المكانة التى تجتر أفواهنا كلماتها ليل نهار، دون أن نفعل لأجلها شيئا، فمهما كان ضجرنا بالحياة، غالبيتنا لا يتمنى الموت، ولو تمنيناه بألسنتنا، وعباراتنا الجوفاء، قطعا ستكذبنا جوارحنا، وإن كانت خفية، لكن سوف تفضحنا عيوننا المطمئنة على حياتنا، مادام رجالنا وأبطالنا على العهد سائرين، أما نحن فسنظل نمارس طقوس اللهو وحياة الزيف، تارة نعيش فى دائرة الوهم والانشغال فى التوافه. 
البطولات التى قدمها شهداء الوطن لن تكون الأخيرة، فهى مشهد مكرر، يكتسب صفة الديمومة أما شهادة أبطالنا، تاج رؤوسنا فهى فريضة أزلية لأجيال كتب عليها مواجهة التربص بأمن واستقرار هذا البلد، تارة لمواجهة مطامع دولية، وتارة أخرى لمواجهة الإرهاب الذى صنع فى كواليس أجهزة الاستخبارات وقصور حكام الدويلة المارقة عن الصف العربى «قطر»، فالجريمة الإرهابية التى حدثت لم تبتعد بحال من الأحوال عن الأزمات الإقليمية أو التشابكات الدولية المعقدة وفق مصالح كل طرف من الأطراف المتصارعة. ما جرى يلفت الانتباه إلى أمر يبدو من قراءته الدقيقة فى غاية الأهمية، ومفاده أن دويلة قطر وتابعيها من التنظيمات الإرهابية وعصاباتها المدعومة من تركيا، أصبحت مثل القط الذى سقط فى مصيدة مظلمة، هو يحاول النجاة والإفلات بأى طريقة، فيتصرف بحماقة تؤدى به إلى الهلاك، هكذا تفعل قطر وأذرعها الإعلامية الآن، كل الطرق صارت مسدودة أمامها ولم تعد لديها وسيلة للإفلات من الاتهامات التى تحاصرها من كل اتجاه، أو النجاة من المصير الذى بات واضحا ولا مفر منه، المقصود، مصير الأسرة الحاكمة التى ورطت شعبها فيما لا يحتمل من مصائب وكوارث، منها استجلاب جنود أتراك وقاعدة عسكرية، جاء بهم تميم على طريقة كيد النسا، لتهديد جيرانها فى دول الخليج، هو يتصرف مثل خنزير مترهل، لا يقوى على المواجهة، متبلد لا يستطيع الهرب من الحظيرة، هو لا يعرف معنى كلمة جيوش، أو يدرك معنى كلمة وطن، لو كان يدرك هذه أو تلك، ما جرؤ أن يوافق بسفه على إقامة قواعد عسكرية أجنبية على أراضى دولته.
عدم درايته بفلسفة وجود جيوش وطنية احترافية فى البلدان ذات الحضارة والتاريخ العريق، جعله مطية لمرجعياته الدينية من الإخوان وآيات الله والخليفة العثمانى الموهوم، يحركونه كقطعة شطرنج، اعتمادا على ثروات طائلة، راح يبددها فى مغامراته لإسقاط الدول عبر تفكيك جيوشها، فعلها فى اليمن وليبيا والعراق وسوريا، ولما كان جيش مصر عصيا على المحاولات الخسيسة، راح ينفق المليارات على تسليح المارقين والحمقى، لمواجهة الجيش والتحريض على إثارة الفتنة، بدون أن يعى وهو فى غيه حجمه الحقيقى.
أنتج على حساب ثروات الشعب القطرى المغلوب على أمره، فيلما هزليا، زعمت قناته «الجزيرة» أنه وثائقى، للنيل من الجيش المصرى والإساءة لسمعته، ورغم أن الفيلم لا يرقى لمستوى الأفلام التسجيلية أو الوثائقية من الناحية المهنية، إلا أنه ترك فى النفوس غضبا غير مسبوق تجاوز كل الخطوط الحمراء، فالجيش المصرى، إن كان عبيط قرية قطر لا يعلم، تاج عزة المصريين وشرفهم الذى يتفاخرون به جيلا وراء جيل، كما أن هناك حقيقة راسخة تشكلت عبر قرون طويلة، تؤكد أن الجيش المصرى يمتلك فى نفوس المصريين سلطة عاطفية، اكتسبها بفعل التضحيات ودماء الشهداء، التى سالت فى الدفاع عن الوطن وحماية الشعب، لعل آخرهم شهداء أمس الأول، وعلى رأسهم قائد الكتيبة البطل، نحن إن كنت لا تعرف أيها المعتوه، جيش وطنى خالص، يضم فى صفوفه شبابًا ارتوى من مياه النيل.
أفعال الأمير المعتوه ليست لها ترجمة سوى، أن فاقد الشىء لا يعطيه، فحكام الدويلة الصغيرة لا يعرفون معنى الجندية والوطنية، لأنهم يعيشون تحت حماية ورحمة القواعد الأمريكية، والتركية التى أتى بها إلى بلاده فى أعقاب الأزمة مع مصر والسعودية والإمارات والبحرين، لذا لا يعرف السفيه معنى الفريضة الوطنية ولا يعرف، تحضر ورقى الدولة المصرية الضاربة بجذورها فى عمق التاريخ الإنسانى، كما لا يعرف أن محاولاته ضد الجيش سترد إليه مهما طال الزمن، كما أن الجيش لن يتأثر بهذه العمليات، فهو قادر على المواجهة، خاصة إذا علم أمير قطر وأخوانه وأردوغان، أن الجيش المصرى يضم كل أبناء الوطن وجميعهم يعلم أن الاستشهاد فى سبيل الوطم فريضة، لا فرق بين غنى وفقير، إنسان بسيط أو منتمٍ لطبقة الأثرياء، متعلم أو أمى، مشهور أو مغمور، يعيش فى القبور أو فى القصور، فالتجنيد يعنى لدى المصريين ضريبة الدم يدفعونها التزاما وطنيا، لأن جينات المصريين تفرز النخوة لصون الشرف الأرض والعرض، تحية إلى شهدائنا أعظم من فى هذه الأمة.