الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"البوابة نيوز" تحقق في "بيزنس" الجامعات

بعد احتلال مصر المركز قبل الأخير فى مستوى جودة التعليم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إعداد: محمد حميد وإيمان عبد القادر وحسن عصام الدين وهند خليفة 

تحتل مصر المركز 139 من أصل 140 دولة فى مستوى جودة التعليم.. رقم صادم يكشف عن واقع وأزمة التعليم الجامعى فى مصر، خاصة بعد أن قررت المؤسسات العالمية عدم اعتماد شهادات بعض الكليات المصرية بداية من العام المقبل.
ليس هذا فقط، ولكن كانت المفاجأة هو عدم تقدم أى جامعة خاصة أو أهلية للحصول على شهادة الجودة، فمن بين 7 جامعات خاصة تقدمت فقط 10 كليات للحصول على شهادة الجودة، إضافة إلى مشاكل تكدس أعداد الطلاب بين أروقة الجامعات وتدنى المستوى التعليمى وضعف المناهج.
وفى حين تواجه الحكومة ذلك بإصدار قرارات تُمكّن من خلالها الجامعات من إنشاء جامعات أهلية لتقليص نسبة العجز فى أعداد الجامعات المصرية، التى بدت متواضعة أمام أعداد خريجى الثانوية العامة سنويًا، والذين يصلون إلى نحو نصف مليون كل عام.. كل ذلك يطرح تساؤلات مهمة حول مستقبل التعليم الجامعى.. «البوابة» تحاول الإجابة عنها من خلال هذه المتابعة..

كواليس خطة إنشاء 50 جامعة أهلية.. وتقليص ميزانية التعليم العالى
٥٥ ألف جنيه متوسط المصروفات فى «الأهلية» سنويًا
«حاتم»: نستهدف إنشاء 100 جامعة حتى 2030
«شيحة»: القانون الجديد سيُغير شكل التعليم فى مصر
«نوار»: الهدف استغلال ممتلكات الجامعات الحكومية
رغم أهمية قرارى وزارة التعليم العالي، بتمكين الجامعات الحكومية من إنشاء جامعات أهلية، وإدخال نظام الـ«PPP» فى المؤسسات الجامعية (المشاركة مع القطاع الخاص)، إلا أنهم لم يحظيا بمتابعة جيدة من قبِل المتخصصين، وقد أثار القراران تخوّف بعض المتخصصين من تغول الجامعات الخاصة والأهلية على الحكومية.
نظام الـ«P.P.P» أو نظام الشراكة بين القطاعين الحكومى والخاص، هو نظام يقوم على التمويل المشترك بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي، لتنفيذ مشروعات البنية التحتية، ويصبح للقطاع الخاص حق إدارة المشروع بعد الانتهاء منه لفترة زمنية طويلة، وطبقًا لاستراتيجية الحكومة لتطوير التعليم العالي، فمن المخطط أن يتم إنشاء ٢٠ جامعة جديدة بتخصصات غير تقليدية تخدم الاقتصاد المصري. 
الجامعات الأهلية
أما الجامعة الأهلية، فهى جامعة غير هادفة للربح وتنشأ بناء على تضامن مجموعة من الأشخاص والمؤسسات والجمعيات الأهلية والشركات. وللجامعات الأهلية لوائحها وقواعدها وتنظيمها بعيدا عن تبعية الدولة أو ملكية شخص بعينه، ويجوز للحكومة أن تعطى للجامعة أراضى وتبرعات للانتفاع بها، وطبقًا لرؤية التعليم فى مصر لعام ٢٠٣٠، والتى نشرتها وزارة التعليم العالى على موقعها على الإنترنت، فمن المُستهدف الوصول لنسبة قيد جامعى تعادل ٤٠٪ فى الفئة العمرية بين «١٨-٢٢» عامًا وذلك حتى العام ٢٠٣٠، وتعتمد استراتيجية الحكومة على التوسع فى إنشاء الجامعات الخاصة والأهلية لاستيعاب هذه الأعداد من الطلاب. 
خطة الوزارة
ويقول الدكتور أشرف حاتم، الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات السابق، إن خطة تطوير التعليم تستهدف إنشاء ١٠٠ جامعة حتى عام ٢٠٣٠، نصفها على الأقل جامعات أهلية والباقى حكومي، مشيرًا إلى بدء الوزارة فى تنفيذ ذلك، كما أن هناك ٥ جامعات أهلية تحت الإنشاء هى «الإسكندرية وبنها وقناة السويس وأسيوط وعين شمس،» تنتظر فقط موافقة مجلس الوزراء بعد حصولها على موافقة المجلس الأعلى للجامعات ووزارة التعليم العالى على إنشائها، ومن ثم إصدار القرار من رئيس الجمهورية.
الفرنسية.. والنيل
وحاليًا توجد جامعتان أهليتان فى مصر هما «الجامعة الفرنسية بالقاهرة وجامعة النيل الأهلية»، وأُنشئت جامعة النيل كأول جامعة أهلية فى مصر غير هادفة للربح مختصة فى البحث العلمى فى مجالات التكنولوجيا والأعمال، بدعم من وزارة الاتصالات وبشراكة مع القطاع الخاص وتمثلها المؤسسة المصرية للتعليم التكنولوجي، فى ٢٠٠٦، ووافق المجلس الأعلى للجامعات على تحويلها إلى جامعة أهلية فى ٢٠١١، ويبلغ عدد طلاب جامعة النيل ٨٥٠ طالبا، ويحصل عدد كبير منهم على منح تعليمية فى صورة تخفيضات على المصروفات تصل إلى ٥٠٪، وتتراوح قيمة المصروفات الدراسية بين ٥٠ ألف جنيه لكلية الإدارة و٦٠ ألف جنيه لكلية الهندسة.
وقد أُنشئت الجامعة الفرنسية فى القاهرة، بمبادرة من الرئيسين شيراك ومبارك فى أكتوبر ٢٠٠٢ وافتتحت رسميًا عام ٢٠٠٦، كجامعة خاصة غير هادفة للربح مدعمة من قبل رعاة للآداب والعلوم من القطاع الخاص وكذلك من الدولة الفرنسية.

قانون للجامعات الحكومية والخاصة
ويقول الدكتور جمال شيحة، رئيس لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب، إنه تم عمل جلستى استماع لرئيس المجلس الأعلى للجامعات ووزير التعليم العالى وبعض الخبراء، مشيرًا إلى إصدار قانون للجامعات الحكومية والخاصة، سيُغير من شكل التعليم الجامعى والبحث العلمى فى مصر. 
ويوضح شيحة، أن هناك ضرورة حتمية لتعديل قانون الجامعات الخاصة، لتمكين الجامعات الحكومية من المشاركة فى إنشاء جامعات أهلية، مشيرًا إلى أنه من المقرر أن يتضمن التعديل مواد تشجع الجامعات الحكومية على إنشاء الجامعات الأهلية تشمل الإعفاءات الضريبية والجمركية.
مجرد اقتراحات
وعن تنفيذ نظام الـ P.P.P، يوضح شيحة، أنه حاليًا ينفذه بعض الجامعات، ولكنه لم يُطرح على طاولة مجلس النواب حتى الآن، لافتًا إلى كونه لا يعدو مجرد اقتراحات أو أطروحات لا تزال فى طور الدراسة، ويرى رئيس لجنة التعليم، أن قرار تمكين الجامعات الحكومية من إنشاء جامعات أهلية «مهم جدًا» وسوف يحل الكثير من مشاكل التعليم فى مصر، موضحًا أن القانون يضبط عملية إنشاء الجامعات الأهلية والخاصة، لمنع تحويل الجامعات الأهلية إلى خاصة والعكس. 
ويشير شيحة إلى أن اللجنة طلبت تعديل موازنة التعليم العالى والبحث العلمى خلال مشروع الموازنة الجديد، مشيرًا إلى استجابة جزئية من الحكومة، وإن كانت دون حدوث تعديل فى الرقم المالى المخصص للعام الجارى أو المقبل. 
٣١ مليارًا
وتصل ميزانية التعليم العالى خلال العام المالى الجارى لـ٣١ مليار جنيه، ومن المتوقع أن تبلغ الميزانية خلال العام المالى المقبل إلى ٣٥ مليار جنيه فقط، على الرغم من التزام الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم الجامعى لا تقل عن ٢٪ من الناتج القومى الإجمالي، تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
من جانبه، يقول الدكتور جمال نوار أمين المجلس الأعلى للجامعات الخاصة والأهلية السابق، إن قرار تمكين الجامعات الحكومية من إنشاء جامعات أهلية جاء بعد دراسات مطولة، مشيرًا إلى امتلاك الجامعات الحكومية مساحات واسعة وبنى تحتية يجب عليها استغلالها.
ويضيف، أن قرار السماح من أجل زيادة ميزانية الجامعات والتى بدت متواضعة، ما كان سببًا فى عدم قدرة الجامعات على استيعاب الأعداد المتقدمة لها، لافتًا إلى أن وجود قانون يحدد العلاقة بين الجامعات الحكومية والأهلية ويفصل بينها. 
تشجيع المجتمع المدنى
وحول تخوفات البعض من تغول الجامعات الأهلية على الحكومية، وتحول التعليم إلى سلعة، يوضح نوار أن الدولة تضع فى خطتها خفّض الميزانية المقدمة للتعليم خلال السنوات المقبلة وعدم إثقال كاهلها بذلك، ناهيك عن تردى الأوضاع الاقتصادية، ما قلص دور الدولة فى زيادة الميزانية. 
كما أنه سيتم تشجيع منظمات المجتمع المدنى على المشاركة فى إنشاء جامعات أهلية من خلال تقديم بعض الحوافز مثل الجامعات الحكومية، ويجب عدم الخلط بين الجامعات الأهلية التى تعد منظومة مستقلة وبين الجامعات الخاصة والتى لها محدداتها الخاصة، والجامعات الحكومية، بحسب أمين المجلس السابق.

10 كليات خاصة فى 7 جامعات فقط تقدمت لاعتماد الجودة
مصر تحتاج إلى 46 جامعة جديدة 
«مغيث»: نظام الدراسة فى الجامعات أشبه بالمدارس 
«حمزة»: تكدس الطلاب يؤثر على مستوي التعليم
يعانى أغلب جامعات الجمهورية من ظاهرة تكدس الطلاب فى ظل انخفاض أعداد الجامعات، ما يؤثر على العملية التعليمية، فبلغ أعداد الجامعات بمصر طبقًا لآخر إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ٢٣ جامعة حكومية، بالإضافة إلى جامعة الأزهر، أما الجامعات الخاصة فتضم ٢١ جامعة.
ويقل معدل الجامعات المصرية عن المعدل العالمي، الذى يقر بأن تكون هناك جامعة لكل مليون مواطن، ما يعنى أن مصر فى حاجة إلى أكثر من ٤٦ جامعة جديدة، بعد تخطى عدد السكان ٩٠ مليون نسمة.
حشو وحفظ
وصف الدكتور كمال مغيث، الخبير فى المركز القومى للبحوث التربوية، نظام الدراسة فى الجامعات المصرية بـ«المدارس الثانوية»، التى يمارس الطلاب فيها التعليم عن طريق حشو المقررات والحفظ.
ويضيف «مغيث»، أن عدد الجامعات المصرية لا يزيد على ٢٤ جامعة حكومية، ومثلها خاصة، مرجعًا انخفاض أعداد الطلاب فى الأخيرة، الذى يتراوح بين ٥ و١٥ ألف طالب، إلى ارتفاع أسعار مصروفات القبول بها، بينما ترتفع الأعداد فى الجامعات الحكومية لتصل إلى ٤٠٠ ألف طالب فى جامعة القاهرة.
ويعبر «مغيث» عن استيائه الشديد مما وصفه بـ«عجز» الحكومة عن توفير الاستحقاق الدستورى وتخصيص ميزانية كافية للتعليم، حيث تخصص ٧٪ من إجمالى الناتج القومى للتعليم قبل الجامعي، و٢٪ فقط للتعليم العالى وهى نسبة قليلة لما يحتاجه التعليم فى مصر.
نقص الميزانية
ويرى الدكتور خالد حمزة، رئيس جامعة الفيوم، أن الظروف الاقتصادية للدولة وراء نقص الميزانية الخاصة بالجامعات لدعمها، وذلك فى الوقت الذى تحتاج فيه مصر إلى إنشاء ٤٦ جامعة جديدة كى تتناسب مع أعداد المواطنين، وما قد يسببه هذا النقص من تكدس فى الجامعات يؤثر على مستوى التعليم والخدمة المقدمة للدارسين.

«البيزنس» قبل «الجودة» أحيانًا فى الجامعات الخاصة والأهلية
«القومى للجودة» يسعى لاعتماده لدى المنظمة العالمية للتعليم الطبي
لم يعد اعتماد جودة التعليم داخل الجامعات والمؤسسات التعليمية فى العالم مجرد إجراء ترفيهى أو شهادة تتزين بها، لقد بات اعتماد الجودة من المتطلبات الضرورية لرفع مستوى الجامعات، سواء كانت خاصة أو أهلية أو حكومية، ويمكن لأى مؤسسة من مؤسسات التعليم العالى فى مصر التقدم بطلب الحصول على الاعتماد من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم المنوطة بذلك، بشرط أن يتوفر لديها الأهلية الكافية واستيفاء الشروط.
شروط الجودة
وتتلخص شروط هيئة الجودة فى أن تكون المؤسسة حاصلة على الترخيص من وزارة التعليم العالى للعمل كمؤسسة للتعليم العالي، وأن تكون قد منحت شهادة دراسية فى أحد برامجها التعليمية مرة واحدة على الأقل أى أتمت دورة دراسية كاملة، وأن تكون للمؤسسة رسالة محددة ومعتمدة ومعلنة وخطة استراتيجية ونظم ضمان جودة داخلية ونظم تقارير سنوية، بالإضافة إلى استيفاء بعض الأوراق الإدارية الأخرى.
٣ مراحل
وتختلف سبل معايير اعتماد الكليات داخل الجامعة الواحدة على حسب نوع الكلية، وتنقسم إلى ثلاث مراحل لاعتماد الجودة، هى زيارة اعتماد أو زيارة استكمال أو زيارة استطلاعية، ويتجدد اختبار الجودة للكليات بعد مدة زمنية محددة لضمان استمرار عملية الجودة وتطور الكليات بما يتناسب مع تطور سبل ومعايير الجودة بالعالم.
فى هذا السياق، أكدت الدكتورة يوهانسن عيد، رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لضمان الجودة والاعتماد، أن معايير اعتماد مؤسسات التعليم العالى فى مصر تم تطويرها لتستهدف الجودة المطبقة فعليا على أرض الواقع وليس فقط فى أوراق الجامعة، وبذلك يمكن الوصول إلى جودة المنتج النهائى للعملية التعليمية، وتحرص الهيئة على مواكبة معايير الجودة للمعايير الدولية للتعليم، لذلك يتم تطويرها كل خمس سنوات للوصول إلى المستوى العالمي.

«سبوبة» التعليم المفتوح.. «ادفع علشان تاخد شهادة»
٥٦٧ ألف طالب التحقوا بالمنظومة.. و«المالية» استولت على 20% من ميزانية «التعليم» 
طلاب: النظام فاشل يعتمد على الحشو فقط والجامعة «تقلب رزقها» 
«الغبارى»: مجرد شهادة «تأهيل وظيفي».. ولا يوجد تعليم بالعالم تكلفته ٥٠٠ جنيه فقط فى الترم
تحقيقًا لآمال الكثيرين ممن لم يحالفهم الحظ بالالتحاق بالتعليم الجامعي، أقرت الدولة تطبيق نظام التعليم المفتوح عام ٢٠٠٩، هذه النية الصادقة التى أرادت بها الدولة أن تحقق من خلالها طموحات الكثيرين، والتى أصابها خلل بات واضحًا، أقرت بعده وزارة التعليم العالى إلغاء ذلك النظام، بعد أن وصل عدد الطلاب الملتحقين به إلى ٥٦٧٢٩٠ طالبا وطالبة وفقًا لأحدث إحصائيات المجلس الأعلى للجامعات.
ولعل قبول أعداد كبيرة من المتقدمين كان سببًا فى تدهور هذا النظام، بالإضافة إلى أن بعض الطلاب اتخذوه هدفًا للوجاهة الاجتماعية، يستطيع الطالب من خلال شهادته أن يحصل على ترقية فى وظيفته، وبناء عليه تم إلغاؤه لتصبح شهادته مهنية، أى غير معترف بها كمسوغ للتعيين، على الرغم من أن ٢٠٪ من إجمالى دخله يذهب إلى خزينة الدولة.

سياسة «تقليب العيش»
تقول هند أحمد، طالبة بالتعليم المفتوح جامعة القاهرة، إن عدد المحاضرات الدراسية غير كافٍ لشرح المادة العلمية، حيث توجد محاضرة مدتها ساعة ونصف الساعة كل أسبوعين لكل مادة، مضيفة أن أساتذة الجامعة يقومون بضخ أكبر كم من المعلومات خلال وقت المحاضرة، أو حذف جزء من المادة العلمية لتفادى أزمة ضيق الوقت، وأن بعضهم يقوم بحذف وحدتين كاملتين من المادة.
وتضيف، أن عدم وجود تسجيل لحضور أو غياب الطلاب جعلهم يتكاسلون عن حضور المحاضرات، ويكتفون فقط بحضور الامتحانات نهاية كل فصل دراسي، منوهة إلى أن ذلك يدل على أن أغلب الطلاب يعتمدون على حشو المادة العلمية فى رؤوسهم خلال ساعات قليلة قبل الامتحان، ليخرجوا البعض غير متذكرين محتوى المادة التى اختبروا فيها.
أما بالنسبة للمصروفات الدراسية، فأكدت أن الجامعة «تقلب رزقها» من خلال الطلاب، موضحة أن كل خدمة تقدمها الجامعة لتحصل على مقابل أمامها، مشيرة إلى أن الكتاب الدراسى بعد أن كان يتم تسليمه مجانا، أصبح مخصصًا له مصروفات ليبلغ سعر الواحد عشرين جنيهًا، بالإضافة إلى أنها حتى تقوم بختم ورقة رسمية طلب منها موظف رسوما للختم قيمتها ٢٥ جنيهًا.
منظومة فاشلة
أسماء الصاوي، تخرجت فى كلية الإعلام جامعة القاهرة بنظام التعليم المفتوح، أوضحت أنها كانت ضمن أول دفعة التحقت بنظام التعليم المفتوح فى عام ٢٠٠٩-٢٠١٠، مؤكدة أن هذه الدُفعة لم تستفد من الدراسة فى الجامعة، وتصف منظومة التعليم المفتوح بـ«الفاشلة»، فلم تلتحق بأى تدريب عملى فى كليتها، بالإضافة إلى عدم الحضور سوى يوم واحد فقط أسبوعيًا، مضيفة أن غالبية أساتذة الجامعة لم يهتموا بالطلاب الذين اعتادوا على عدم وجود صلة بينهم وبين الجامعة سوى يوم الامتحان فقط.
ويشير إلى أن الطلاب قاموا بعمل وقفات احتجاجية بسبب نقص عدد أيام المحاضرات، وحصلوا على وعود من الجامعة بزيادتها، ولكن ذلك لم يحدث، قائلة: «التعليم المفتوح عبارة عن استلام كتب.. ثم حفظ كلمتين ونروح نكتبهم فى الامتحان»، وتابعت: «التعليم المفتوح سبوبة لم فلوس.. وهى عبارة عن شهادة بالبكالوريوس أو الليسانس بدون أى خبرة علمية».

دراسة وهمية
وعبر عمرو محمد، طالب بنظام التعليم المفتوح، عن استيائه لما وصل إليه حال التعليم المفتوح، من حيث عدم الاهتمام بالطلبة ومتابعتهم، وإلغائه بعد ٢٥ عاما دون وجود رؤية واضحة، ويضيف، أن الجامعات تهتم بالناحية المادية فقط دون النظر إلى الأعداد الكبيرة للطلاب، وإفادتها، وهو ما يظهر فى عدد الخريجين الذى وصل إلى ما يقرب من نصف مليون طالب وطالبة، مؤكدًا أن هؤلاء الطلاب لم يحصلوا على كم معرفى يتناسب مع ما دفعوه فى الجامعات أو سوق العمل.
تحسين الوضع الوظيفي
من جانبه، يرجع الدكتور عوض الغباري، أستاذ الأدب العربى بكلية الآداب جامعة عين شمس، السبب وراء سوء حالة التعليم المفتوح بالجامعات، إلى أن الطلاب يضعون هدف الحصول على الشهادة الجامعية للتأهل للوظيفة بدلًا من التثقيف، موضحًا أن معظم الدارسين قدراتهم محدودة وليس لديهم وقت للدراسة.
ويضيف أن الطالب منذ بدء دراسته يدخل فى رحلة صراع من أجل تحسين وضعه الوظيفى ليحصل على مكان لم يستحقه، مشيرًا إلى أن الطلاب يلتحقون بكلية الإعلام نظام التعليم المفتوح، فى حين أن الطالب العادى يلتحق بالكلية نفسها بعد حصوله على مجموع ٩٩٪ بالثانوية العامة، ليتخرج من التعليم المفتوح ويعمل إعلاميًا دون أى كفاءة.
كما يشير إلى من يلتحقون بكلية الحقوق بهدف التخرج والحصول على «كارنيه النقابة»، مؤكدًا على أنه لا بد أن يحصل كل شخص على فرصته، موضحًا أن وزارة التعليم العالى رأت أن هناك ضرورة لإيجاد طريقة جديدة ليكون الهدف منها اجتذاب من هم يرغبون فى الدراسة وليس لديهم أهداف غيرها.
ويؤكد أن النظام الجديد سيقر عدم منح شهادة تؤهل الطالب إلى التوظيف ولكنها تسمى بـ«البرامج المهنية»، والذى يمنح شهادات مهنية لا تعد مسوغًا للتعيين، وبرامج للتعليم عن بعد، وبرامج للتعليم الإلكتروني، وبذلك القانون لن يسمح لخريج التعليم المفتوح بالعمل بشهادته، ما سيؤدى إلى نقص أعداد الطلاب المتقدمين لعدم إقبالهم على الالتحاق بالنظام.
ويوضح أن نظام التعليم المفتوح لم تخصص له الدولة جزءا من ميزانية الدولة، ولكنه مصدر دخل لها، لافتًا إلى أن تمويله «ذاتي»، وحول اتهام طلاب التعليم المفتوح للجامعات باستغلالهم، رد بـ«مفيش تعليم فى العالم، تكلفة الترم به ٥٠٠ جنيه»، مؤكدًا أن ما يقومون بدفعه «وهم».

الجامعات تواجه كارثة «عدم الاعتماد» فى المؤسسات العالمية
«الأطباء» خاطبت الجامعات والمجلس الأعلى لاعتماد كليات الطب 
لم يكن التكدس أو تدنى مستوى الخدمات التعليمية داخل الجامعات المصرية، أبرز مشكلات التعليم الجامعى فقط، ولكن الكارثة الأكبر كانت فى تحذير الهيئة العالمية للطب من عدم اعتماد شهادات الخريجين من كليات الطب بالجامعات المصرية، واشترطت تطوير المقررات التعليمية، محددة العام ٢٠٢٣ بسنة الفصل والحكم على الجامعات المصرية. 
الجامعات المصرية للأسف «نايمة فى العسل».. هكذا استهل الدكتور رشوان شعبان، الأمين العام المساعد بنقابة الأطباء، حديثه لـ«البوابة»، مشيرا إلى أنه من المفترض أن هناك هيئة خاصة باعتماد كليات الطب على مستوى العالم، ومقر هذه الهيئة فى أمريكا، حيث تقوم بالاعتماد للكليات بناء على العديد من المعايير التربوية التى تطبقها تلك الكليات.

الجامعات لا ترد
ويلفت إلى أن نقابة الأطباء خاطبت الجامعات المصرية والمجلس الأعلى للجامعات بصورة رسمية لأكثر من مرة لإرسال خطاب اعتماد كليات الطب المصرية، وكان هذا منذ أكثر من عام، إلا أنه للأسف لم تجب الجامعات المصرية حتى تلك اللحظة، ولم ترسل الخطاب للهيئة وهو ما يعرضها لخطر عدم اعتماد الشهادات الخاصة بها دوليًا، مؤكدًا أنه إذا حدث ذلك ستصبح الشهادة من كليات الطب المصرية غير معترف بها، ولن يستطيع أى طبيب مصرى العمل بالخارج فى تلك الحالة، حتى إن أجرى معادلة باللغة الإنجليزية، لأن الجامعة خارج التصنيف الدولى الذى يقسم الجامعات.
ويشير إلى أن هناك العديد من الشروط للاعتماد، منها توفيق الأوضاع حسب المناهج وعدد المعامل والطلاب، وغيرها من الأمور التى تعتد بها الهيئة فى تقييم جودة التعليم داخل كليات الطب، ومن ثم اعتبار الكلية جيدة أو غير جيدة.
ويلفت «شعبان» إلى أن التدريس داخل كليات الطب جيد، ولكن يشوبه العديد من المشاكل، من بينها على سبيل المثال لا الحصر، العدد القليل لكليات الطب، والذى يصل عددها إلى ١٧ كلية بالقطاع الحكومى و٣ كليات قطاع خاص، وهو عدد قليل فى كلية عريقة، مؤكدا أن الإنفاق الحكومى على البحث العلمى والتعليم العالى دائما ما يكون ضعيفا، وهو ما جاء خلال اعتماد الموازنة للعام المالى الحالي، أيضًا حيث لم تتجاوز ميزانية التعليم العالى والبحث العلمى عن النسبة الدستورية التى كان يجب أن تكون عليها وهى ٣٥.٨ مليار جنيه.
نظام قديم
ويضيف، أن المناهج جيدة ومواكبة للتطور الحديث، ولكن ما زالت الكليات المصرية تعمل بنظام قديم يقوم على تدريس العلوم الطبية الأساسية لمدة عامين، ثم سنة وسيطة ما بين العلوم الأساسية والإكلينيكية، ثم يأتى بعد ذلك ٣ أعوام للدراسة الإكلينيكية بتخصصاتها المختلفة سواء جراحة أو باطنة أو غيرهما، مؤكدًا أن هذا النظام الدراسى عفا عليه الزمن، حيث إن المعمول به حاليًا هو نظام لا يوجد به عامان لدراسة العلوم الأساسية فى الطب، وإنما يتم وضع العلوم الأساسية فى قلب المناهج الإكلينيكية، وهو منهج علمى للتدريس ثبت أنه يعطى مجالًا أكثر للتطبيق العملى فى مهنة الطب.

إرادة سياسية
ولفت إلى أنه لن ينهض مستوى التعليم فى مصر، ما لم تكن هناك إرادة سياسية تحقق تلك النهضة، التى تحتاج إلى دعم داخلى من الدولة، كى تحسن جودة التعليم كأن تعمل على زيادة ميزانية وزارة التعليم والبحث العلمي، وتطويع تلك الميزانية لخدمة الطلاب، علاوة على تطوير أساليب الدراسة، وزيادة عدد الجامعات لمواجهة نقص عدد الجامعات وللقضاء على تشتت ذهن الطلاب بسبب العدد الكبير فى الطلاب.
جولة «البوابة»
فى الوقت الذى تعد فيه كلية الطب محطة جذب لدى الطلبة الخارجين حديثًا من نظام الثانوية العامة بالنظام العلمي، إلا أنه رغم ذلك يعانى الطلاب داخل كليات الطب من العديد من المشاكل التى قررنا أن نخوض فيها من خلال التوجه إلى عدد منهم لمعرفة مشاكلهم وأسباب معاناتهم وروشتاتهم العلاجية الخاصة بالتطوير.
دروس خصوصية
يقول محمد عبدالله، طالب بكلية الطب جامعة القاهرة، إنه مثله مثل الكثير من الطلاب داخل كلية الطب البشرى يضطر لأخذ دروس إضافية، لأن المحاضرات لا تكون كافية للطالب من أجل الحصول على المعرفة والمعلومة بصورة كاملة، نظرًا لضيق الوقت المتاح فى المحاضرات، لافتا إلى وجود مشكلة أخرى تتعلق بعدم التطبيق العملى بصورة كبيرة، فطالب الكلية يخرج منها ويكون لديه معلومات جيدة بناء على الحفظ الذى قام به، ولكن يحتاج إلى وقت مناسب لكى يكون مؤهلًا للتعامل بصورة عملية ليستطيع العمل فى الحياة العملية.
نظام الامتحانات
ومن جانبه، أضاف خالد محمد، طالب بكلية الطب جامعة القاهرة، أنه رغم الدعوات المستمرة لتحويل نظام الامتحان، بحيث يكون بنظام عملى بصورة أكبر، إلا أن الامتحانات تأتى فى المعتاد بصورة تقيس الحفظ وليس الفهم، وهى طريقة تقليدية وقديمة لا تصلح مع طالب كلية الطب الذى يجب أن تعتد الامتحانات على تحديد مدى قدرته على التعامل، ولا يصح أن يكون هناك درجات علمية كبيرة تمنح لذلك النوع من الامتحانات بجانب الامتحان الشفوى الذى لا جدوى حقيقية منه سوى بالتطبيق.
الحشو الزائد
نورا سالم، طالبة بكلية الطب جامعة المنوفية، قالت: إن مشكلة كلية الطب مثلها مثل باقى المشاكل التى يعانى منها التعليم، وهى الحشو الزائد فى المناهج.

المنظمة العالمية للتعليم الطبي
وتقول الدكتورة عزة منير أغا، نائب مجلس إدارة الهيئة القومية لضمان جودة التعليم، إن الهيئة تسعى حاليًا لاعتمادها دوليا من المنظمة العالمية للتعليم الطبى WFME، بما يؤدى ذلك إلى الاعتراف بخريجى كليات الطب المصرية فى الدول الأوروبية والأمريكية ممن تم اعتمادهم لدى الهيئة سواء من الجامعات الخاصة أو الحكومية.
وتابعت: «للأسف لا يوجد أى جامعة خاصة تقدمت لاعتماد الجودة لدى الهيئة، وهناك فقط عدد من الكليات منفردة داخل تلك الجامعات تقدمت بطلبات للحصول على الجودة، وتم إدراج بعضها بالفعل، وهى موجودة فى سجل الموقع الرسمى لهيئة الجودة على الإنترنت». 
سجلات الهيئة
المفاجأة أن ١٠ كليات فقط فى ٧ جامعات خاصة تقدمت للحصول على شهادات اعتماد الجودة على حسب سجلات الهيئة على الإنترنت، «البوابة» راجعت سجلات الكليات الخاصة المعتمدة لدى هيئة الجودة عبر موقعها على الإنترنت، واتضح أنها انحصرت فى بعض الكليات العملية مثل كلية الصيدلة بجامعة ٦ أكتوبر، وكليتى التمريض والعلوم التطبيقية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، كلية علوم الإدارة والصيدلة بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب، كليتى العلوم والصيدلة والصناعات الدوائية بجامعة المستقبل، وكليتى طب الفم والأسنان والصيدلة بجامعة مصر الدولية، وكلية الصيدلة والتصنيع الدوائى بجامعة فاروس، بالإضافة إلى إدارة الأعمال فى الجامعة الأمريكية، وتتراوح مدد انتهاء اعتماد الجودة لهذه الكليات بدءا من أغسطس ٢٠١٨ حتى مايو ٢٠٢٢ المقبل.
وحول إمكانية إلزام الجامعات الخاصة أو الحكومية بالاتجاه نحو التسجيل لدى هيئة الجودة، أردفت نائب القومى لضمان جودة التعليم: «لا يمكن إجبار أى مؤسسة تعليمية لاعتماد الجودة من قبلنا، إنما يمكن للمجلس الأعلى للجامعات وضع شروط ومعايير حول ذلك الأمر».
الارتقاء بالتعليم
فى نفس السياق يقول د. نبيل دعبس، رئيس مودرن أكاديمي، إن توحيد معايير وضوابط الجودة على الجامعات الخاصة والحكومية، أحد سبل الارتقاء بمستوى التعليم فى مصر، ونحن حريصون كشركاء فى عملية التعليم بالمجتمع على استيفاء الإجراءات المطلوبة لاعتماد جودة التعليم فى مودرن أكاديمى وتقديم الخدمات للطلاب بشكل عالمي، خاصة أن الأكاديمية تتعاون بالفعل مع عدد من الجامعات العالمية لإفادة الطلاب تعليميا ومهنيا.
وحول تحويل الجامعات الخاصة لـ «بيزنس تجاري» وإهدار عامل الجودة، يقول «دعبس»: الجامعات الخاصة موجودة فى جميع أنحاء العالم، ولا تعتبر بيزنس تجاريا، خاصة أن التعليم الأفضل يفرض نفسه فى مصر حتى بين الجامعات الخاصة وبعضها البعض، وإتاحة الدولة لإنشاء جامعات خاصة جديدة يمنح الطلاب فرصا أكبر للاختيار وفرصا أكثر للتنافس بين إدارات الجامعات الخاصة.