الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

كواليس الصراع بين وزارتي الزراعة والتجارة على "الحجر الزراعي".. مجلس الوزراء يطعن على بطلان النقل لـ"الصادرات والواردات".. ونقيب الفلاحين: "سنقاضي الحكومة.. وهنحبس المسئولين المتخاذلين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إصرار حكومي على نزع اختصاصات الحجر الزراعي من وزارة الزراعة إلى الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات التابعة لوزارة الصناعة؛ الأمر الذي يعد مخالفة صريحة للقانون 53 لسنة 1966 الذي يحظر على أي وزارة أخرى غير وزارة الزراعة القيام بفحص أي محاصيل المستوردة، إضافة إلى أن قانون الزراعة المصرية في مادته رقم 88 نص على أن وزارة الزراعة هي المسئولة وحدها فقط عن فحص المحاصيل المستوردة، وهو القرار الحكومي الذى أثار جدلا كبيرا
فضلًا عن، أن توقيت القرار أيضا أثار جدلًا، حيث جاء بعدما رفضت هيئة الحجر الزراعي أكثر من ثلاث شحنات قمح وفول صويا تحتوي على "الأفلاتوكسينات" وهي نواتج الفطريات التى تسبِّب السرطان، وذلك وفقا للاختصاصات التي تجعل من هيئة الحجر الزراعي أكبر صمام أمان لحماية ومنع دخول أي مواد وسلع مسرطنة حيث كانت تفرض قيودًا مشددة على واردات الحبوب وعلى رأسها القمح
وقد أصدرت الإدارة المركزية للحجر الزراعي قرارًا بعدم السماح بتفريغ حمولات الحبوب إلا بعد ظهور نتائج الفحص المعملي والتأكُّد من مطابقتها لتشريعات الحجر وخلوها من الآفات الممنوعة، وهو ما مثّل ضربة موجعة لمستوردي الأقماح وشركات الشحن والتفريغ، على عكس ما كان متبّعًا سابقًا من قيام السفن بتفريغ شحناتها ووضعها في المخازن قبل وصول الموافقة النهائية للإفراج عنها، من مسئولي الحجر الزراعي.

السرطان يداهم المصريين
"الارجوت" كان كلمة السر في الأزمة، وهو فطر طفيلي ينمو مع النباتات والمحاصيل، وتحظر القوانين المصرية دخوله كما أنه من الأمراض المدرجة بجدول 1 طبقًا لتشريعات الحجر الزراعي رقم 3007 لسنة 2001، والذى يمنع دخولها إلى البلاد نظرًا لخطورة الفطر على الثروة الزراعية، وهو ما أكده الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في حيثيات حكمها الصادر مطلع يونيو الماضي حيث قضت ببطلان قرار الحكومة بنقل اختصاصات من الإدارة المركزية للحجر الزراعي بوزارة الزراعة، في الرقابة على السلع الاستراتيجية المستوردة إلى الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات.
وقالت المحكمة إن القرار التنظيمي تضمن تعديلا لحكم القانون بغير الأداة المقررة دستوريا، وبالمخالفة لحكم المادة 170 من الدستور بألا يتضمن القرار ما ينطوي على تعديل أو تعطيل أو استثناء من حكم القانون
ولفتت المحكمة إلى أن سريان ذلك القرار من شأنه الإخلال بالشروط التى تتطلبها إدارة الحجر الزراعي والتي تحظر دخول الأقماح المصابة بآفات ممنوع دخولها للبلد ومنها فطر الأرجوت، وهو ما ينجم عنه السماح بدخول أقماح مصابة بآفات محظور دخولها للبلاد مما يهدد الصحة العامة، والتي يقع على الدولة الالتزام بتوفير المناخ المناسب لها ورقابة جميع السلع والمواد التى تؤثر عليها.
وأوضحت المحكمة أن المادة الأولى من القرار المطعون فيه تضمنت تحديد السلع الزراعية الاستراتيجية وهى القمح والذرة المستخدمة في صناعة الأعلاف وبذور فول الصويا، دون أن يكون ذلك في إطار التفويض التشريعي، بما ينطوي على تعديل لحكم القانون. كما تضمنت المادة الثانية من القرار اختصاص الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات دون غيرها بفحص السلع الزراعية المستوردة طبقا للمواصفات القياسية والمواصفات والشروط الخاصة بالحجر الزراعي، وذلك في تجاهل تام لما نصت عليه المادة 155 لسنة 2002 بشأن تنمية التصدير، من أن تستعين الهيئة لدى فحصها لتلك السلع بالجهة المعتمدة وفقا لقانون الزراعة وهى الحجر الزراعي.
ولفتت إلى مخالفة القرار لأحكام قانون الزراعة وقانون تنمية التصدير، وعدم التزامه بالحدود المقررة بالدستور لدى إصدار اللوائح التنفيذية وذلك لتضمنه أحكاما تنطوي على تعديل لأحكام القانون، أن القرار صدر دون العرض على قسم التشريع بمجلس الدولة بالمخالفة لحكم المادة 190 من الدستور باعتباره من القرارات التنفيذية التى يتعين عرضها على القسم ليمارس اختصاصه بمراجعة مدى اتفاقها مع أحكام الدستور والقانون، الأمر الذى يصبح معه القرار المطعون فيه عديم الأثر القانوني لمخالفته للدستور والقانون.
وقد قررت الحكومة الإصرار على قرارها، وقدمت أمس الأحد، طعنا على حكم القضاء الإداري، الأمر الذي اعتبره مراقبون خوفًا من عودة سياسية إدارة الحجر الزراعي بمنع دخول اي شحنات قمح محملة بالأرجوت وقبول شحنات القمح التي لا تتعدى نسبة الطفيل بها 0.05%.

من جانبه، علق فريد واصل، نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين، أن تقديم الطعن حق قانوني للحكومة، ولكن يجب على الحكومة أولا احترام تنفيذ واحترام الأحكام القضائية، لان عدم تنفيذ الدولة للأحكام من شأنه أن يترك انطباع سيئ لدى المواطن ويدخل في إطار المصالح الشخصية، ولكي تكون الحكومة قدوة للمواطن.
وأضاف واصل: "نحن في انتظار الصياغة النهائية لحكم القضاء الإداري من أجل المطالبة بتنفيذ الحكم فورا، وإذ لم تلتزم الحكومة بتنفيذ الحكم سنقاضي كل المسؤولين الذين لهم علاقة بالقرار وعلى رأسهم رئيس الوزراء، متابعا: "هنعمل جنحة لرئيس الوزراء وكل المسئولين والوزراء الذين تخاذلوا في تنفيذ الحكم، والجنحة تعني الحبس وهذه هي دولة القانون". 
وأوضح نقيب الزراعيين أن مصر "لديها أزمة وعجز في الحبوب ولكن هذا لا يعني السماح بدخول حبوب مصابة أو مسرطنة"، وقال إن المخاوف التي لدينا من دخول حبوب مسرطنة "واقعية"، وقدمنا لذلك كل الوثائق ضمن الدعوى المرفوعة والتي قضت ببطلان قرار نقل الحجر الزراعي.
وتابع: من المفارقات أن الدكتور عبد المنعم البنا، وزير الزراعة الحالي، والذي كان يشغل منصب رئيس مركز البحوث الزراعية، في عهد وزير الزراعة السابق عصام فايد، كان أول الرافضين للقرار، وترأس بنفسه لجنة خبراء أصدرت تقريرًا برفض دخول القمح وفول الصويا بنسب الإصابة بالأرجوت المشمولة في قرار الحكومة والتي تتراوح من 5 إلى 9 %. 
وأضاف واصل: الوزير نفسه الذي رفض بشدة في السابق قرار نقل الحجر الزراعي، قال بعد صدور حكم البطلان عن الحكومة ستطعن على الحكم، الأمر الذي يطرح تساؤل "هل هي لعبة الكراسي؟!، وهل تتغير الثوابت لدى العلميين بعد الحصول على منصب مسؤول - في إشارة إلى وزير الزراعة.
واختتم النقيب تصريحاته قائلا: "مما لا شك فيه أن قرار الحكومة بشأن نقل الحجر جاء بعد ضغوط سياسية من قبل الدول المصدرة للحبوب المصابة، ويدخل في إطار المصالح الشخصية ويتجاهل الهوية المصرية".