الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الأجور تتآكل.. وأصحاب الياقات الزرقاء على باب الله!

بعد أن اقترب التضخم من 40%

رئيس الوزراء المهندس
رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تواصل حكومة المهندس شريف إسماعيل، سياسات الحكومات المتعاقبة فى الانحياز للأغنياء، على حساب الشغيلة، أصحاب الياقات الزرقاء، لكن بصورة أكثر ضراوة بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولى، حيث تطبق الحكومة سياسات الصندوق التى تزيد من معاناة أصحاب الدخول الثابتة، بدءا من إلغاء الدعم إلى وضع سقف لزيادة الأجور فى الموازنة العامة للدولة، فى الوقت الذى ترتفع فيه معدلات التضخم لتتجاوز ٣٥ بالمائة. 
وأشار رئيس الوزراء إلى أن القرارات الأخيرة برفع أسعار الوقود ستزيد من معدلات التضخم بنسبة تتراوج ما بين ٣.٥ بالمائة إلى ٥ بالمائة، ليصل إجمالى التضخم إلى ٤٠ بالمائة، وهو ما يمثل ضريبة على الأجور، بحسب تعبير الاقتصاديين. 
وتكشف الموازنة العامة للدولة للعام المالى ٢٠١٧-٢٠١٨، عن زيادة حجم ميزانية الأجور وتعويضات العاملين لتبلغ نحو ٢٣٩.٥ مليار جنيه، مقابل نحو ٢٢٨.٧ مليار جنيه خلال موازنة العام المالى ٢٠١٦-٢٠١٧، أى بزيادة بلغت نحو ١٠.٨ مليار جنيه، وهى أقل زيادة للأجور منذ ثورة ٢٥ يناير، حيث وصلت الزيادة فى الأجور خلال تلك الفترة إلى نحو ٢٠ بالمائة، فنسبة الأجور من الناتج المحلى فى عام ٢٠٠٠ بلغت ٢٨٪، بينما هبط فى عام ٢٠١٠ إلى ٢٥٪، ووصلت إلى ١٩.٥ بالمائة فى الموازنة الجديدة، فى حين أن نسبة الأجور فى الناتج بالولايات المتحدة الأمريكية ٥٠٪، الأمر الذى يعكس انحياز الحكومة للأغنياء على حساب محدودى الدخل والفقراء.
شروط الصندوق
وجاء الانكماش فى معدلات زيادة الأجور فى أعقاب اتجاه الحكومة للاتفاق مع صندوق النقد الدولى، وبدء تنفيذ أوامر الصندوق، باحتواء نمو الأجور والمرتبات، ووضع سقف لزيادة الأجور، وإصدار قانون الخدمة العامة، الذى ثبت المكافآت والبدلات لجميع العاملين بالدولـة، واقتصرت الزيادة على علاوة سنوية ٧ بالمائة للمخاطبين بالقانون.
المعروف أن القانون لا يطبق على ستة ملايين موظف، وهو عدد العاملين بالدولة، ولكن يطبق فقط على نصف هذا العدد، أما الباقى فيحصلون على ١٠ بالمائة علاوة سنوية، وهي قطاعات البترول والبنوك والكهرباء والجيش والشرطة والتعليم، مما يعكس خللًا فى الأجور بين العاملين فى الدولة.
ويتزامن الانخفاض فى نسبة الأجور مع الارتفاع الحاد فى معدلات التضخم، والذى تجاوز ٣٥ بالمائة، وهو ما يعنى فرض ضريبة على الفقراء بمقدار معدل التضخم، حيث يعمل التضخم على تآكل القوى الشرائية للأجور.
الخلل فى الأجور
يشير هيكل الأجور فى الموازنة العامة للدولة إلى خلل واضح، ورغم أن الحكومة طبقت الحد الأدنى للأجور (١٢٠٠ جنيه) فى أعقاب صدور حكم لمحكمة القضاء الإداري، غير أن الحد الأقصى للأجور غير مطبق على العديد من القطاعات التى تحصل على رواتب تجاوزت ٤٢ ألف جنيه شهريًا.
وحتى عند تطبيق الحد الأدنى للأجور، فإن الحكومة لم تراع اختلاف الوظائف والمناطق الجغرافية عند وضع هذا الحد، بل طبقت الحد الأدنى كرقم موحد للجميع.
معايير عالمية
ففى أغلب دول العالم يتحدد الحد الأدنى للأجور فى الساعة، ويختلف الحد الأدنى للأجور من منطقة إلى أخري، ومن صناعة إلى أخري، بحسب طبيعة النشاط. ففى أستراليا تصل هذه القيمة إلى ١٦ دولارًا أستراليًا، وهى أعلى قيمة للأجور فى العالم، أما ألمانيا فلم تعتمد نظام الدفع حسب عدد الساعات إلا سنة ٢٠١٤، وحددت القيمة الدنيا لساعة العمل على أراضيها بـ٨.٥ يورو، وفى فرنسا تقدر القيمة الدنيا لساعة العمل بـ٩.٦١ يورو. وفى بريطانيا ستبلغ هذه القيمة ٧.٢ جنيه إسترليني. وفى الولايات المتحدة، اعتمدت نظام دفع الأجور بالساعة سنة ١٩٣٨، فيما تبلغ القيمة الدنيا للساعة فى الولايات المتحدة ٧ دولارات و٢٥ سنتا. وفى اليابان حددت السلطات القيمة الدنيا لساعة العمل فى البلاد بـ٧٨٠ ين، أى ما يعادل الـ٧ دولارات، فيما تتراوح من منطقة وأخرى بين ٧٠٠ و٩٠٠ ين،. أما إسرائيل، فيتقاضى العاملون فيها ٦.٦ دولار كحد أدنى لقاء ساعة العمل الواحدة.
وفى كوريا الجنوبية تساوى هذه القيمة ٥.٤ دولار لساعة العمل الواحدة. وفى تايوان تدفع للعامل أو الموظف ٣.٥ دولار كقيمة دنيا لساعة العمل الواحدة ضمن حدودها الإدارية، وبولندا لا تدفع أكثر من دولارين لقاء العمل على أراضيها لساعة واحدة، وفى الصين، يختلف الحد الأدنى لأجور الساعة بين مقاطعة وأخرى، حيث تتراوح بين ٨، و١٨ يوانا. وفى البرازيل اعتمدت هذا النظام فى دفع الأجور منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ويتقاضى العاملون فيها دولارا واحدا للساعة كحد أدنى.
مصر فى الذيل
يبلغ الحد الأدنى للأجر فى مصر ٠.٩٦ دولار مقابل الساعة الواحدة، ويبلغ متوسط الأجر الشهرى ١٢٠٠ جنيه مصري مقابل ٤٢ ساعة عمل فى الأسبوع، وتعد مصر الدولة صاحبة حد أدنى متوسط فى الشرق الأوسط، فى حين تعد إسرائيل الدولة صاحبة أعلى حد أدنى بمبلغ ١.١٤٠ دولار شهريًا، وتمثل اليمن الدولة صاحبة أقل حد أدنى بمبلغ ٧٥ دولارًا شهريًا بوصفها إحدي الدول ذات الدخل المنخفض.
ويكشف مؤشر Numbeo لمتوسط الراتب الشهرى فى العالم لسنة ٢٠١٧، عن أن متوسط الرواتب فى الدول الخليجية يفوق ١٧٠٠ دولار، فى حين ينخفض إلى مقابل مائة دولار أو أقل فى بعض الدول العربية. ففى الإمارات ٣٢٥٣ دولارا، والكويت ١٩٠٠ دولار، والبحرين ١٧٤٨ دولارا، والسعودية ١٧٢٥ دولارا، وليبيا ١٧٠٠ دولار، وعمان ١٦٠٠ دولار، ولبنان ١٠٠٠ دولار، وفلسطين ٦٩٠ دولارا، والمغرب ٤٠٠ دولار والجزائر ٢٩٠ دولارا، وتونس ٢٨٥ دولارا، وسوريا ١٠٠ دولار.
رواندا تكسب
أما فى مصر فمتوسط الدخل الشهرى لا يتجاوز الــ١٦٤ دولارًا، أى أن المواطن الرواندى الذى يجنى فى المتوسط ٢٦٥ دولارًا شهريًا فى وضع أفضل بكثير من نظيره المصري. وتأتى مصر فى ذيل القائمة العربية والإفريقية. فمتوسط الرواتب فى ناميبيا وزيمبابوى وكينيا وإثيوبيا وأوغندا وتنزانيا وموريشيوس أفضل من مصر بأضعاف، وهى دول كانت إلى وقت قريب تمزقها الحروب والمجاعات. إذ يقدر متوسط الدخل فى ناميبيا لوحدها بست مرات مما هو عليه فى مصر.
مطالب عاجلة
ارتفاع معدلات التضخم بعد قرار تعويم الجنيه فى أعقاب الاتفاق مع صندوق النقد الدولى، جعل الحد الأدنى للأجور فى مصر منخفضًا، مما دعا منظمات العمال وبعض منظمات رجال الإعمال إلى المطالبة برفع الحد الأدنى للأجور إلى ٢٥٠٠ جنيه، مع تطبيق الحد الأقصى للأجور على الجميع دون استثناءات، فأزمة الطبقة العاملة فى مصر تتمثل فى غياب حد أدنى للأجر يعبّر بشكل حقيقى عن احتياجاتهم ومطالبهم، ويتماشى مع الغلاء المضطرد فى الأسعار.
فالحدان الأدنى والأقصى للأجور، أحد المطالب الملحة، ويطالب العمال بربط هذا الحد الأدنى بسلة السلع، لتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية والقضاء على التفاوتات الرهيبة فى الأجور. 
أصحاب المعاشات
يظل أصحاب المعاشات من الفئات الأكثر تضررا من رفع الدعم، خاصة أن الحد الأدنى للمعاشات، والذى تم إقراره هذا العام، لا يزيد علي ٥٠٠ جنيه، خاصة أن قانون التأمينات الذى ما زال يطبق حتى الآن، يضع حدًا للاشتراك فى التأمينات الاجتماعية، مما يحد من قيمة المعاش الذى يحصل عليه المواطن عند بلوغه سن التقاعد، ورغم زيادة هذا الحد، إلا أكثر من ٩٠ بالمائة من أصحاب المعاشات تحت خطر الفقر، ورغم مطالب أصحاب المعاشات بزيادة الحد الأدنى للمعاشات، إلا أن الحكومة لا تستجيب.