الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

يكرهون مصر.. ويحاربون المسلمين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعتمد مستقبل مصر بدرجة كبيرة على كيفية تعامل الحكومة وأغلبية المصريين للأقلية المسيحية. فهل ستكون مصر مجتمعًا منفتحًا ومتسامحًا وخلاقًا؟ أم تكون غير متسامحة وتنظر إلى الوراء؟ الخيار يعود إلى المصريين أنفسهم.
قبل عدة أشهر تلقيت دعوة لإلقاء محاضرة أمام مؤتمر عُقد فى منتصف شهر يونيو الجارى تحت إشراف منظمة «التضامن القبطي» الأمريكية، قبلت الدعوة لأننى كنت أتوق للحديث عن التحديات التى تواجه مصر عمومًا والأقلية القبطية خصوصًا.
وبعد أيام من انعقاد المؤتمر، تلقيت القائمة النهائية للمتحدثين أمام المؤتمر والموضوعات التى ستتم مناقشتها، وبعد مراجعة القائمة شعرت أننى مضطر للانسحاب.
وفى حين أننى لست باحثًا متخصصًا فى الشئون المصرية، إلا أننى زرت مصر عشرات المرات، وأجريت فيها الكثير من الاستطلاعات، كما تسنى لى مرات عديدة إلقاء المحاضرات فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وأنا أحب مصر، والمصريين وأقدر إسهاماتهم العظيمة للثقافة العربية وللحضارة العالمية، ولن أنسى أبدًا وصف القس جيسى جاكسون لمصر بأنها «المفصل الأساسى الذى يعتمد عليه مستقبل الاستقرار لثلاث قارات هى أوروبا وإفريقيا وآسيا».
وما يقلقنى اليوم أننى أجد أن هذا المفصل صدئ وعرضة للتآكل، إذ إن ست سنوات من الاضطرابات التى أعقبت الربيع العربى فعلت فعلها فى المجتمع المصري، فقد أسفر فساد نظام مبارك عن انتخاب رئيس من جماعة الإخوان المسلمين الذين أدت سياساتهم إلى خلق أزمة وجود للكثير من المصريين.
فحين رأى المصريون أن رؤيتهم لمصر المنفتحة والتعددية والخلاقة تختفى لمصلحة نظام غلق وأقل تسامحًا، ثاروا على حكم الإخوان المسلمين، فكانت النتيجة الإطاحة بالحكومة، مما أدى إلى تعميق الانقسامات المجتمعية.
وكان كل ذلك واضحًا من استطلاعات الرأى التى أجريناها، فقبل ست سنوات، قال المصريون إن همهم الأكبر كان يدور حول فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية والقضاء على الفساد والمحسوبية، وخلال فترة الحكم القصيرة للإخوان المسلمين، أظهر استطلاع أجرى فى مصر أن الغالبية ترفض محاولاتهم «أسلمة» الدولة، فالمصريون يريدون التغيير ويفضلون الحوار الوطنى والمصالحة سبيلًا للتقدم إلى الأمام.
واليوم، يقول ثلاثة أرباع المصريين إن لديهم القليل من الثقة فى المستقبل. والأسوأ من ذلك أن استطلاعاتنا أظهرت وجود تسامح أقل وقبولًا أقل للناس من أديان أخرى.
وكان لهذه الحالة من عدم الاطمئنان وعدم الاستقرار وعدم الرضا، انعكاساتها على المجتمع المصري. فقد صب بعض أنصار الإخوان المسلمين جام غضبهم على الأقباط، متهمين إياهم بالتواطؤ مع الجيش.
ومن الصعب توجيه اللوم إلى قيادات الأقباط الذين وجدوا أنفسهم فى مأزق، فمن جهة، هناك السياسات التى تتسم بالتعصب للإخوان المسلمين والتى تشكل خطرًا حقيقيًا على الأقباط. ومن جهة أخرى، فإن الحكومة الجديدة التى أوحت باحترام المسيحيين ووعدت بتأمين الحماية لهم، فشلت فى تحسين نوعية الحياة للمصريين، مما أدى إلى تغذية المزيد من السخط والتوتر الطائفي.
ولزيادة الأمور سوءًا، قامت بعض المجموعات المتطرفة بارتكاب الأعمال الإرهابية الفظيعة ضد المسيحيين فى محاولة لإشعال المزيد من التوتر. وهكذا، نجد البلاد اليوم تدور فى دائرة شريرة من القمع والعنف.
ويجد أصدقاء مصر كذلك أنفسهم فى مأزق. فأولئك الذين يفهمون الدور المهم لمصر، حاولوا تعزيز قوتها من خلال تقديم استثمارات كبيرة من أجل تعزيز اقتصادها، لكن لا يمكنهم إجبار الحكومة المصرية على اتخاذ الخطوات الصحيحة وتغيير المسار.
هذا هو المأزق الذى كنت آمل مناقشته فى مؤتمر التضامن القبطي، ومن ثم وقبل أيام على انعقاد المؤتمر، تلقيت البرنامج والقائمة النهائية للمتحدثين. وقد أقلقنى أن وجدت أن الجلسة التى سوف أتحدث فيها تغيرت، فقد كنت مستعدًا للحديث عن القضايا التى تواجه المجتمع القبطى فى مصر، وكيف ندعم السياسات التى تحميهم، وفى الوقت ذاته تساعد فى جعل مصر أكثر انفتاحًا وأكثر تسامحًا. لكنى اكتشفت أن عنوان الجلسة قد تغير إلى «الثقافة الأهلية للعنف والحصانة»، الأمر الذى يشى بوجود شيء ما خطأ متأصل فى ثقافة المصريين أو المسلمين.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك أسماء أحترمها من المشاركين، لكن هناك أسماء مدرجة ضمن قائمة مجموعات الكراهية ضد العرب والمسلمين، ومثل هؤلاء لا يعملون من أجل التغيير الإيجابى فى مصر أو بناء مجتمع منفتح يحمى حقوق الجميع، بل هم من دعاة شن الحروب على المسلمين والإسلام.
إن العمل مع مجموعات وأفراد يحرضون على الكراهية والفرقة، لا يساعد فى حماية الأقليات المسيحية فى الشرق الأوسط، بل على العكس من ذلك، فإنه قد يعرضهم للخطر، ولذلك، قررت الانسحاب من المشاركة فى المؤتمر.
نقلًا عن القبس «الكويتى»