الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

خمسون عامًا على نكسة 67

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حلت منذ أسابيع الذكرى نصف القرنية أو الذكرى الخمسون للخامس من حزيران، و«نكسة يونيو» ١٩٦٧ على العالم العربي، وهو فى إحدى أشد مراحل التفكك والخلاف والصراعات الداخلية، وانقسام ما هو منقسم! بل فى ظل تراجع واضح فى الاهتمام بالقضية الفلسطينية، نفسها التى كانت القضية الأولى عام النكسة، وحلت محلها اليوم تحديات الإرهاب وذيول الربيع العربى الزاوي، ومحاولات الحفاظ على «الدول الوطنية» التى صارت تهددها مشاريع التوسع الإرهابية والشعارات السياسية الدينية، والفشل الصارخ تنمويًا فى أكثر من دولة.
ولم يسعفنا فى قليل أو كثير، أن الإعلام والثقافة والجدل فى بلداننا ومنتدياتنا ظلت تردد على مدى نصف قرن تحليل أسباب النكسة وجذور الهزيمة وسبل إنقاذ العالم العربي.. ودروس «النكسة» والعبر منها، وقد لاحظ الكثيرون أنه رغم ظهور الكثير من المقالات الرائعة والكتب القيمة والقصائد المؤثرة ومذكرات القادة والساسة وزعماء الأحزاب، فإننا للأسف، لم نشهد ظهور دراسة موضوعية لوثائق النكسة وأسبابها الحقيقية وجوانب الفشل والتقصير.
وينتقد الكاتب المصرى فى صحيفة الحياة، «محمد شومان» محمد حسنين هيكل الذى أطلق على الهزيمة «نكسة حزيران»، وتزعّم التفسير التآمرى للحوادث. والأهم، يضيف شومان، إلقاء اللوم والمسئولية على الآخر الأجنبي، و«من هنا لم تظهر حتى اليوم دراسة شاملة وموثقة عن أسباب الهزيمة، حيث امتنعت الدولة فى مصر وسوريا عن تقديم الوثائق والأوراق الرسمية للباحثين لتقديم سردية علمية وغير رسمية عما حدث فى حزيران ١٩٦٧». والمفارقة، يكمل شومان، «أن آلية التفكير بالمؤامرات لاقت انتشارًا واسعًا وتأثيرًا كبيرًا بين الناس فى الستينيات، ربما لأنها جزء من الثقافة العربية، استُخدم عبر التاريخ الحديث لتبرير الاستعمار وحالة الضعف التى يعانيها العرب المسلمون».
والواقع أن أول وأبرز تبريرات هزيمة ٥ يونيو فى الأوساط الشعبية التفسير الديني، ويقول شومان، إن الإسلاميين يتفقون فيما بينهم على ترويج هذا النمط من التفكير، الذى يفترض أن الناصرية فى مصر والبعث فى سوريا ابتعدا عن الإسلام، وطبقا مناهج اشتراكية ملحدة، كما حاربا الإسلام والمسلمين، وبالتالى كانت الهزيمة نوعا من الانتقام الإلهى وعبرة وعظة للناس». (الحياة، ١٤/ ٦/٢٠١٧).
ومثل هذه الحجة غير متماسكة وغير مقنعة، فنحن نرى اليوم، وعبر التاريخ، الهزائم المنكرة تحل بالأحزاب الإسلامية كالقاعدة وطالبان والإخوان المسلمين وغيرهم، كما تعرضت الدولة العثمانية للعديد من الهزائم البرية والبحرية، رغم أنها كانت أكثر تطبيقًا للشريعة الإسلامية من أعدائها الأوروبيين.
كانت هزيمة يونيو ١٩٦٧ المدخل الواسع للتيار الدينى والجماعات الإسلامية فى الحياة السياسية العربية، مهما كانت قوة الحجج ضد التفسير الدينى للهزيمة.
تقول الكاتبة «بسمة قضماني» فى مقال لها فى «اللوموند» نشر بترجمة «القبس» فى الذكرى الأربعين للنكسة فى ٢٠٠٧: «شهدنا منعطفا فى العلاقة بين السياسة والدين، واستمالة مشايخ الإسلام والكبار لشرائح كبيرة من الرأى العام، فقد التمس جمال عبدالناصر دعم المؤسسة الدينية، منذ اليوم التالى على الهزيمة ومطالبته العودة إلى الحكم بعد التظاهرات الكبيرة التى أعقبت استقالته، فغداة الهزيمة، قال الشيخ محمد متولى الشعراوي، أشكُر الله على هزيمة مؤلمة ساعدت على توعية الأمة وجعلتها تدرك أنها ضلت الطريق بإقصائها الدين عن القضايا العامة».
لقد تحول تسييس الدين فى المجتمعات العربية وإسرائيل على حد سواء، إلى عامل معرقل لحل القضية.
ختامًا: أتساءل أحيانًا، وبخاصة فى هذه الذكرى الخمسينية لنكسة يونيو ١٩٦٧، ما أبرز جوانب فشلنا فى الاستفادة منها على امتداد نصف قرن استفادة عميقة؟ إنه فى اعتقادى إهمالنا دراسة جوانب النجاح والتقدم فى المجتمع الإسرائيلي، المحاصر بكل أنواع الصعوبات والتحديات منذ عام ١٩٤٨، والمركب من عناصر بشرية من المشرق والمغرب، غير أنه قادر رغم كل مشاكله ونواقصه وكثرة أحزابه وانتشار الفساد والصراعات، على أن يواصل مسيرته فى صف البلدان المتقدمة.
نقلًا عن القبس «الكويتية»