الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

آسيا جبار.. صرخات التمرد في وجه الذكورية والاستعمار

آسيا جبار
آسيا جبار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قادتني الكتابة إلى صرخات التمرد المكتومة التي كنت أسمعها أثناء طفولتي، قادتني إلى جذوري، الكتابة لا تخمد الصوت بل توقظه وتحفزه بالخصوص على تذكر العديد من الأخوات اللواتي اختفين"، تلك الكلمات كافية بأن تعبر عن صاحبها، أن تتحدث عنه وتسرد تاريخه النضالى الحافل بالنجاحات والثورات، فليس بحاجه إلى أن يعرف نفسه، فقد سبقته الكلمات، وتحدثت عنه المعاني لتضعه في مكانته التي أوجدها بكل عزم لنفسه ولبلده.. إنها محامية النساء "آسيا جبار".

آسيا جبار، تلك الفتاة الجزائرية المناضلة الناطقة باسم الضعيف، الشرسة في وجه الظلم، الحنونة أمام اللغة، الرشيقة في العبارات، بروفسيرة الأدب الفرنكفوني في جامعة نيويورك، رشحت لنيل جائزة نوبل في الآداب عام 2009.

فما بين "العطش ونافذو الصبر، الحب والفانتازيا، بعيد عن المدينة، ظل السلطانة ونساء الجزائر"، قادت هذه المرأة الجزائرية أقوى الحروب الكتابية ضد النسيان وضد الموت، أقسمت على نفسها أن تحيا بروحها وأدبها حتى وإن رحلت بجسدها عن هذا العالم.

إن كانت "جميلة بوحيرد" رمزا للثورة التحريرية، فإن "آسيا جبار" آيقونة النضال النسائي، ثائرة على القيد الذكوري عبر كتابات الحرية والنضال، فلم تتوقف ابدا عن الجمع بين الكتابة والتحرير حتى بعد استقلال الجزائر.

آسيا أول كاتبة عربية تحصل على جائزة السلام الألمانية، كما تم انتخابها لعضوية أكاديمية اللغة الفرنسية، لتكون أول امرأة عربية وأفريقية وخامس أمراة تتبوأ هذا المنصب.

أكاديمية، كاتبة، روائية، ومخرجة جزائرية، ستون عاما تكتب، فأنتجت أكثر من 20 عملا ما بين الرواية والمسرحية والديوان والشعر ترجمت لأكثر من 12 لغة.

أخرجت عددا من الأفلام التسجيلية منها "الزردة وأغاني النسيان" عام 1978، وفيلم روائي طويل للتليفزيون الجزائري بعنوان "نوبة نساء جبل شنوة" عام 1977، ومن أعمالها الروائية "ظل السلطانة"، "لا مكان في بيت أبي"، "نساء الجزائر"، "ليالي ستراسبورغ"، "الجزائر البيضاء".

ثارت آسيا على كل شيء، أرادت أن تخبر العالم أن المرأة لها الحق أن تحيا كما أرادت، فتقول عبر أعمالها "بداخلي فجرت الفضاء إلى أجزاء، فضاء مملوء بصيحات يائسة مكتومة، متجمدة منذ فترة طويلة مضت من مرحلة ما قبل الحب، فبمجرد أن اكتشفت معني الكلمات، نفس تلك الكلمات التي تجلت للجسد بلا حجاب، جرحت نفسي بلا سبب، وانطلقت فجرًا، ويد الفتاة الصغيرة بيدي".

لم ترد أن يقتصر النجاح فقط لنفسها بل تمنته لغيرها، تمنت أن تخرج أصوات النساء من صدورهن، أن ينزعن عنهن نقاب الخوف والسجن، قائلة "ماذا لو قامت هذه الصبية الصغيرة بالكتابة؟ سوف ينتشر صوتها ولو تم حجبه، عبر قصاصة ورقية، قطعة قماش مجعدة، يد خادمة في الظلام، طفل يطلع على السر، وهكذا يصبح على السجان أن يستمر في المراقبة ليل نهار، فالكلمة المكتوبة ستطير عبر الفناء، سيتم قذفها من سطح البيت، وفجأة تصبح زرقة السماء لا نهائية، فكل الاحتياطات لا قيمة لها".

تلك المرأة التي أحيت الأمل في الصدور مرددة شعارها الذي استعارته من الشاعرة البريطانية "كاثلين رن" "جئت من بعيد ويجب أن أذهب بعيدا"، رحلت في فبراير عام 2015 عن عمر يناهز 79 عاما في أحد مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس، حيث كانت محل اقامتها، لكنها دفنت في مدينة شرشال مسقط رأسها.