الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

فورين بوليسي: قطر تتجرع "المُر".. "خيارات" مصر ودول الخليج جعلت هيبتها على المحك.. الدوحة مجبرة على العزلة.. وطرد الإخوان وتحجيم علاقاتها مع طهران وأنقرة طوق النجاة

أمير قطر الشيخ تميم
أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في الأسبوع الماضي حدّدت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها قائمة المطالب التي يتعين على قطر الوفاء بها من أجل إنهاء أسوأ أزمة في مجلس التعاون الخليجي منذ إنشائه عام 1981، حسبما وصفت المجلة الأمريكية.
وأضافت "فورين بوليسي" أن جذور هذا الخلاف تعود إلى الانقلاب الذي وقع في الدوحة عام 1995، والذي شهد صعود حمد بن خليفة آل ثاني، الذي أطاح بوالده، الذي اعتبره دُمية للسعوديين، واتبع سياسة مستقلة انفصلت عن السعودية، حيث بدأت قطر استخدام وفرة الغاز لتحديث البلاد وتوسيع نفوذها إقليميًّا ودوليًّا.
ودعّمت المملكة العربية السعودية، دون جدوى، محاولة عودة الأمير المخلوع في العام التالي، ومنذ هذا الوقت انخفضت العلاقات.
أما من المنظور القطري فتسعى الدوحة إلى الاحتفاظ بسياسة مستقلة لا تؤثر بالضرورة على مصالح جيرانها، وتقول قطر إنها على خلاف الرياض وأبو ظبي، ولا سيما فيما يتعلق بجماعة الإخوان المسلمين.
وتُعارض السعودية والإمارات العربية المتحدة دعم قطر عمدًا للأفراد والجماعات ووسائل الإعلام التي تهدد بشكل مباشر أمن واستقرار مجتمعاتهم.

العامل المصري
تفاقمت الأزمة الحالية مع الانتفاضات العربية في عام 2011، عندما رأت الدوحة في الإسلاميين والناشطين السياسيين في جميع أنحاء المنطقة وسيلة من أجل فرض سياستها.
وأدّت مساعدة قطر لهؤلاء الأفراد إلى اندلاع احتجاجات في مصر تطالب بالإطاحة بحكم الرئيس المخلوع محمد مرسي. 
ومع ذلك فقد تم احتواء التوترات مع قطر إلى حد كبير بسبب التصور في ذلك الوقت أن الأمير القطري الجديد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مدعم للسعودية والإمارات وسياستها، لكن اتضح بعد ذلك أنه ضد سياستهم بل يعمل على تهديد استقرارهم، وكان ردّ فعل تلك البلدان أن أعلنت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين سحب سفرائها في خطوة عامة نادرة تهدف إلى الضغط على الدوحة، في مارس 2014.
في مقال خاص نُشر بعد انسحاب المبعوثين، كانت السياسة الخارجية أول مَن قدَّم تقريرًا عن مضمون الاتفاق الموقَّع في الرياض عام 2014 لنزع فتيل الصراع. وشملت هذه الشروط مطالبة قطر بمنع وسائل الإعلام المُعادية "داخل وخارج الدوحة". طرد أعضاء الإخوان المسلمين، ولا سيما من دول الخليج، وقف تجنيس نشطاء الخليج، ووقف أي دعم لمجموعات مثل جماعة الإخوان المسلمين والحوثيين اليمنيين. نفت الدوحة تمويل الحوثيين. 
وقالت مصادر قريبة من الحكومة في الدوحة: إن قطر لم تقبل أبدًا بأداء الأشياء التي اتهمها بها جيرانها الخليجيون، لكنها وافقت على اتخاذ خطوات لطمأنتهم وإنهاء الصراع.
وكررت القائمة المنشورة يوم الخميس مطالب عام 2014، مع إضافات جديدة. وتشمل القائمة الجديدة، على عكس القائمة القديمة، إغلاق قناة الجزيرة، وليس فقط وسائل الإعلام التابعة لها التي تستهدف تحديدًا دول الخليج. كما حدَّدت المطالب ست وسائل إعلامية أخرى، بعضها متصل بجماعة الإخوان المسلمين المصرية، مثل تليفزيون مكملين، يجب إغلاقها.

مطالب مستحيلة
وقد وصفت "فورين بوليسي" المطالب التي أعلنتها دول الخليج، بالمستحيلة، فقد شملت المطالب ضرورة قيام قطر بتخفيض علاقتها مع إيران بشكل كبير، وتدعو السعودية وحلفاؤها الدوحة إلى خفض تمثيلها الدبلوماسي في طهران وطرد أعضاء من الحرس الثوري الإيراني ووقف أي تعاون عسكري واستخباراتي.
وبدلًا من ذلك يجب أن تقتصر العلاقة القطرية الإيرانية على العلاقات التجارية التي تتفق أيضًا مع العقوبات الدولية والخليجية المفروضة على إيران.
كما يتعين على قطر وقف التعاون العسكري مع تركيا، بما في ذلك إنشاء قاعدة عسكرية تركية على الأراضي القطرية.
وبعد يومين من إعلان السعودية الحصار المفروض على قطر، وافق البرلمان التركي على نشر خمسة آلاف جندي في قطر، ورغم أن هذه الخطوة تمت مناقشتها قبل الأزمة، فإن الرياض وأبو ظبي رأتا أن هذه الخطوة تمثل تحديًا لموقف اللجنة الرباعية.
وقال مسئول خليجي للمجلة الأمريكية: إنه يتوقع أن يزيد توريط تركيا من حدة الاحتكاك بين أنقرة والرياض.
وتنص اللائحة أيضًا على أنه يجب على الدوحة التخلي عن أي علاقة مع الجماعات المتطرفة، وتحديدًا جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم داعش الإرهابي، وتنظيم القاعدة وحركة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا، وامتياز تنظيم القاعدة في سوريا) وحزب الله، كما يجب على قطر أن تعين هذه الجماعات كمنظمات إرهابية، وفقًا للقوائم القائمة والمستقبلية التي تصدرها البلدان الأربعة.
كما تقضي الوثيقة بأن تدفع الدوحة تعويضًا عن أي خسائر مالية تكبدتها نتيجة السياسة القطرية في السنوات الأخيرة وتسليم قواعد بيانات للمعارضة التي كانت تدعمها البلاد سابقًا.
وأكدت "فورين بوليسي" أن استسلام قطر يعني ضياعًا كاملًا لمكانتها وهيبتها الإقليمية، فضلًا عن الإذلال في الداخل.
ووفقًا للمحادثات مع المسئولين السعوديين والإماراتيين، فضلًا عن غيرهم من المقرّبين من عملية صنع القرار، فإن البلدين يعتقدان أن الصدع لا يمكن إصلاحه في هذه المرحلة، وينعكس هذا أيضًا في الهجمات اللفظية التي لم يسبق لها مثيل على الأسرة المالكة القطرية من قِبل وسائل الإعلام القريبة من الرياض وأبو ظبي، وهو أمر لم يكن ليحدث لو توقعوا تسوية للأزمة على أساس التفاوض والضغط.
وقال مسئول خليجي كبير، رفض الإفصاح عن اسمه لـ"فورين بوليسي": إن هذه الخطوة تأخرت بسبب الاعتقاد بأن إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما كانت ستعارض تصعيدًا ضد قطر، وأنه لم يكن من المناسب إجراء مثل هذه الخطوة قبل القمة الأمريكية الإسلامية والتي حضر فيها الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، في الرياض.
ومن المتوقع أن تزداد الحالة بين قطر ودول الخليج سوءًا قبل أن تتحسن، ومن غير المرجح أن تستسلم قطر، وأن منتقصيها غير راغبين في التوصل إلى حل توفيقي.
في السياق نفسه تحاول قطر اتخاذ بعض القرارات من أجل الحفاظ على حقوقها كاملة، وهذا ما صرح به وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، حيث قال إن بلاده ستبذل جهودًا من أجل اتخاذ إجراءات قانونية كطريق للخروج من المأزق الدبلوماسي.
وأضاف، في تصريحات، لـ"فورين بوليسي"، أن "قطر ليست معزولة"، وأنها جزء من المجتمع الدولي، مؤكدًا أنه يريد "تطبيق القانون" على الدول التي تقوم بتلك المقاطعة. 
ولم يحدد آل ثاني نوع الإجراءات القانونية التي ستتبعها قطر على وجه الخصوص، فيما أوضحت السفارة القطرية في واشنطن أنها لا تزال تناقش مع المحامين حول السبيل الذي يجب عليهم اتباعه. 
وقبل ساعات قالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر: إنها ستستعين بمكتب محاماة سويسري لطلب تعويضات عن المتضررين بقطع العلاقات الدبلوماسية، قائلة: إن المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ستكون مسئولة عن تقديم التعويضات.