الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

كُتاب خلّدوا اعتصام المثقفين ضد الإخوان

اعتصام المثقفين ضد
اعتصام المثقفين ضد الإخوان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما تحلُّ ذكرى الثلاثين من يونيو، من الصعب تجاهل اعتصام المثقفين أمام وزارة الثقافة، قبل انطلاق الثورة بعدة أيام فى عام 2013، ويعتبر هذا الحدث من الأحداث البارزة فى تاريخ الثقافة المصرية، فجميع المثقفين كبارًا وشبابًا على مختلف التوجهات تجمعوا فى منطقة واحدة تحت شعار واحد هو «لا لأخونة وزارة الثقافة» بعد تولي علاء عبدالعزيز المنصب وتجريفه معظم القيادات.


سيد حجاب.. شاعر رأى أن مصر تُدار بـ«زمبلك» من مكتب الإرشاد فقرر الاعتصام، قائلًا: «هذا الوزير هو مجرد أداة فى يد حكومة تُدار بزمبلك من مكتب الإرشاد»، كان ذلك رأيه الذى قرر من أجله الذهاب إلى احتشاد المثقفين أمام مقر وزارة الثقافة بحى الزمالك؛ للمطالبة بإقالة علاء عبدالعزيز وزير الثقافة المحسوب على الإخوان المسلمين، وذلك قبل انطلاق ثورة الثلاثين من يونيو فى 2013 بأيام قليلة.
كان الشاعر الكبير الراحل سيد حجاب أحد الرموز الثقافية التى شاركت فى الاعتصام الذى حقق أهم أهدافه وهو التخلص من الحكم الفاشى للإخوان المسلمين، فالمثقفون يعتبرون ثورة 30 يونيو جاءت نتاج رؤية مستقبلية لهم، وكان اعتصامهم بمثابة حركة مقاومة للهجمة الشرسة التى تعرضت لها مؤسسات ومعالم الدولة المصرية من هذه الجماعة المارقة التى عادت كل المؤسسات المصرية مثل القضاء والشرطة والصحافة، وعندما جاء الدور على الثقافة كان لا بد أن ينتفض المثقفون جميعهم؛ للذود عنها.
كان سيد حجاب من أبرز الوجوه الذين أكدوا دور المثقف العضو، حيث شارك فى خارطة الطريق التى أعقبت ثورة الثلاثين من يونيو، فكان يعتقد أن التعثر فى عدم تفعيل الدور المطلوب للمثقف المصرى فى المجتمع، نابع فى الأساس من أن الفكر القديم ما زال فى موقع السلطة، وإلى تلك اللحظة لم تُحكم الوزارة بفكر ثورتى يناير ويونيو، فكان له دور فى ثورة الثلاثين من يونيو وكتابته ديباجة الدستور لا ينكره أحد.
وكأغلب مبدعى الستينيات والسبعينيات عانى حجاب تجربة الاعتقال عام 1966 ووُجهت إليه نفس التهَمة التى طالت الآخرين، وهى الانضمام لتنظيمات شيوعية مُعادية لدولة جمال عبدالناصر، فيما كانت مطالب هؤلاء الشباب أن يبنى ناصر دولة ديمقراطية حقيقية، لا أن يحتكر العمل السياسى فيها وتكمَّم بقية الأفواه، فيما كان اعتقاله فى زنزانة واحدة مع صديقه عبدالرحمن الأبنودي.
ويمتاز شِعر حجاب ببساطة مدهشة وكلمات شديدة الصلة بلغة الأحاديث اليومية، مع نهايات مفاجئة تحمل دفقة المعنى والإحساس دفعة واحدة، كما تتميز جمله الشعرية بموسيقى داخلية شديدة الوضوح.
وُلد سيد حجاب فى أسرة متوسطة بقرية المطرية، بمحافظة الدقهلية على شواطئ بحيرة المنزلة فى مطلع أربعينيات القرن الماضى، حصل على شهادة الثانوية، ورحل إلى مدينة الإسكندرية للالتحاق بكلية الهندسة، وقد شغفته الإسكندرية حبًّا بعالمها الثرى والمتنوع، الذى يعجُّ بمختلف ألوان النشاط الأدبى والفنى لمختلف جنسيات العالم آنذاك.
كتب العديد من الأغانى التى ارتبطت بها الأعمال الدرامية، مثل «ليالى الحلمية»، «الأيام»، «الوسية»، «الشهد والدموع»، «المال والبنون»، «أرابيسك»، وغيرها الكثير من المسلسلات، كما كتب عددًا من الأغنيات التى تغنت بها مجموعة من المطربين، أشهرهم المطرب على الحجار، كما فى أغنيتى «هنا القاهرة» و«يا مصرى».
حصل على العديد من الجوائز، أهمها جائزة كفافيس الدولية لعام 2005 فى الشعر عن مجمل أعماله، كما كرّمه معرِض تونس الدولى للكتاب فى دورته السادسة والعشرين، باعتباره أحد رموز الشعر، كما فاز حجاب بجائزة الدولة التقديرية للآداب.

فتحية العسال.. رحلة نضال توّجتها "30 يونيو"
كان وجود كاتبة بقامة فتحية العسال فى اعتصام وزارة الثقافة قبيل أيام من ثورة 30 يونيو فى عام 2013 دافعًا قويًّا للشباب المتواجدين للاستمرار فى مطالبهم بإقالة وزير الثقافة المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، بل تصاعدت المطالب حتى شملت إقالة النظام كله؛ سيدة قاربت على الثمانين من عمرها تتجسد فيها مسيرة نضال طويلة تعبر عن جسارة المرأة المصرية.
كانت ثورة 30 يونيو هى المحطة الأخيرة فى حياة فتحية العسال النضالية التى بدأتها مطلع الستينيات من القرن الماضي.
كان حضورها فى ميدان الاعتصام طاغيًا، حيث صعدت على المنصة تحمل «الميكروفون» وتوجه نصائح للشباب كأن تقول لهم مثلًا لا داعى لاستخدام مصطلحات مبتذلة ومهينة فى الهتاف؛ فنحن المثقفين يجب أن نظل محافظين على رُقيّنا حتى النفَس الأخير.
حرَمها والدها من التعليم وجاء زواجها وهى فى الرابعة عشرة من عمرها من الكاتب الراحل عبدالله الطوخى نقطة تحول فى حياتها، إذ نجحت فى أن تعلِّم نفسها القراءة والكتابة، لتخوض تجربتها الأدبية الممتدة منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي؛ تأثرت بالكثير من الأحداث فى نشأتها، كختانها ورؤيتها خيانة أبيها لأمها وحرمانها من التعليم، وربما دفعها ذلك إلى الاهتمام بالقضايا الاجتماعية وقضايا المرأة، وتم اعتقالها ثلاث مرات بسبب كتاباتها؛ فتعتبر فتحية العسال أول أديبة عربية يتم عرض عمل أدبى لها على خشبة المسرح، وهى مسرحية «المرجيحة»، وقدمت للمسرح بعدها تسع مسرحيات ناجحة، مثل «لام ألف همزة لا»، و«البين بين»، و«بلا أقنعة» التى تم اعتقالها بسببها؛ لأنها تتحدث عن رفضها اتفاقية كامب ديفيد، ومسرحية «سجن النساء» التى كتبتها بين جدران السجن.
وعن تجربة زواجها تقول العسال فى مذكراتها: إن زوجها كان مثقفًا وواعيًا وجريئًا مثلها، ودخلا السجن معًا، إلا أنها طلبت الطلاق حين شعرت أنه يحاول أن يتملكها ويستحوذ عليها، ولكن ما حدث بعد ذلك- كما تقول العسال- كان أشبه بفيلم سينمائى مصري، إذ إنهما التقيا بعد ثلاث سنوات مصادفة، وخلال ساعتين من الحديث اكتشفا أن الحب لا يزال يجمع بينهما، وتزوجا مرّة ثانية فى مساء اليوم نفسه.
صدرت للعسال التى اشتهرت بنضالها انتصارًا لقضايا المرأة، خمس روايات، منها «نساء بلا أقنعة»، «سجن النساء»، و«ليلة الحنة»، وتحول بعض أعمالها إلى عروض مسرحية ناجحة، ومنها «المرجيحة» و«من غير كلام»، وكتبت 57 مسلسلًا تليفزيونيًّا من أبرزها «رمانة الميزان»، «شمس منتصف الليل»، «حبال من حرير»، «بدر البدور»، «هى والمستحيل»، و«حتى لا يختنق الحب»، ونشرت مذكراتها الجريئة فى عنوان «حضن العمر»، وحازت جائزة الدولة للتفوق فى الآداب عام 2004.
حصل مسلسلها «لحظة صدق» على جائزة أفضل مسلسل لعام 1975، وتم تكريمها فى مهرجان المخرجة المسرحية عام 2009.
وسبق للعسال أن خاضت تجربة الانتخابات النيابية غير مرة، دون أن يحالفها الحظ وتقلدت عدة مناصب، من بينها عضو مجلس إدارة اتحاد الكتاب المصريين ورئيسة جمعية الكاتبات المصريات والأمينة العامة لـ«اتحاد النساء التقدمي».

بهاء طاهر.. شعلة الحماس فى اعتصام المثقفين
عادةً ما يفتخر الكاتب الكبير بهاء طاهر عندما يتذكر تلك اللحظات التى شارك فيها بكل قوة وحسم؛ لحظات اعتصام المثقفين فى عام 2013 ضد أخْوَنة وزارة الثقافة قبيل انطلاق ثورة 30 يونيو بأيام قليلة؛ كان يومًا عظيمًا بمعنى الكلمة، حيث توحَّد الجميع صفًّا واحدًا وتحت كلمة وهدف واحد، وهو التخلص من حكم الإخوان، وكان اعتصام المثقفين نواة ثورة 30 يونيو، كان دورًا مشرِّفًا يليق بالثقافة، وأثبت للعالم أن المثقفين أصحاب القوى الناعمة يصححون الأوضاع إذا كانت خاطئة. وبهاء طاهر كان هو الرمز الأكبر لمبدعى ومثقفى مصر، فى مواجهة الرِّدّة الإخوانية التى هدّدت البلاد فى أعظم ما تملك، أى قوتها الثقافية الناعمة، وطوال الفترة من منتصف 2012 إلى منتصف 2013 تَواصل نضالُ المثقفين المصريين على نحو مجيد، جدير بالتسجيل والاحتفاء به، إنه النضال الذى تَصاعد ليصل إلى ذروته العظيمة فى 30 يونيو 2013. 
وُلد بهاء طاهر فى محافظة الجيزة 13 يناير سنة 1935، وعمل مترجمًا فى الهيئة العامة للاستعلامات ومخرجًا للدراما ومذيعًا فى إذاعة البرنامج الثانى التى كان أحد مؤسسيها حتى عام 1975 حيث مُنع من الكتابة، وبعد منعه ترك مصر وسافر إلى أفريقيا وآسيا، حيث عمل مترجمًا كما عاش فى جنيف، وعاد بعدها إلى مصر حيث يعيش إلى الآن.
حاز عدة جوائز، منها جائزة الدولة التقديرية فى الآداب، وجائزة جوزيبى أكيربى الإيطالية عن عمله «خالتى صفية والدير»، كما حصل على الجائزة العالمية للرواية العربية عن روايته واحة الغروب، كما ردَّ جائزة مبارك للآداب التى حصل عليها عام 2009 فى عام 2011 أثناء اندلاع ثورة يناير، وقال إنه لا يستطيع أن يحملها وقد أراق نظام مبارك دماء المصريين الشرفاء، كما تم تكريمه بوضع اسمه على أحد قصور الثقافة بمدينة الأقصر، والذى تم افتتاحه عقب ثورة يناير.
ومن أبرز أعماله «الخطوبة»، «بالأمس حلمت بك»، «أنا الملك جئت»، «شرق النخيل»، «قالت ضحى»، «ذهبت إلى شلال»، «خالتى صفية والدير»، «الحب فى المنفى»، وله 10 مسرحيات، كما ترجم رواية الخيميائى لباولو كويلهو، حيث أحدثت ترجمته شهرة لهذه الرواية على مستوى الوطن العربى.