السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

على «تميم» رفع الراية البيضاء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى وجه مقاطعة الدول الغاضبة، قطر مثل القط المحاصر الذى يبحث عن منفذ للتملص، وبدلًا من أن يتعامل مع أزمته بواقعية ويعترف بأنه صار يمثل مشكلة خطيرة وكبيرة على الجميع فى المنطقة، فإنه يعاود القفز البهلواني، مستعيدًا حيله القديمة. للقط القطرى نقول: دع عنك محاولات القفز من النوافذ، فللأزمة باب واحد عليك أن تخرج منه ومنها بالتفاهم مع جيرانك. لن ينقذك مرشد إيران، ولا جند الأتراك، ولا الدوائر الأمريكية التى توحى لك بنصف حل، ولا تصريحات الألمان، ولا غيرهم ممن لجأت إليهم.
مطالب الدول الأربع ثلاثة عشر، لكنها فى الحقيقة لها هدف واحد؛ أن يكف نظام قطر أذاه وشروره عن دول المنطقة التى ستضيق عليه الخناق إن عاندها؛ حيث يبدو أن دول المنطقة حسمت أمرها بألا تسكت عن تهديد قطر لأمنها ووجودها، وستضيق عليها حتى تشعر بالأذى نفسه.
أما لماذا هذا الإصرار، فإن مصر لأكثر من عامين وهى تدعو نظام قطر إلى أن يتوقف نهائيًا عن دعم معارضيها؛ مسلحين أو مدنيين، فالشأن المصرى يخص المصريين. وكذلك كانت تريد منه السعودية والإمارات؛ أن ينتهى من عمليات التمويل للمعارضة المتطرفة فى الداخل والخارج، ويتوقف عن دعم الجماعات المسلحة ضدها فى اليمن وغيره. أما البحرين، فقد عانت كثيرًا وطويلًا من تمويل القطريين للمعارضة المدنية والمسلحة.
أما لماذا تصر هذه الدول على إملاء شروطها الثلاثة عشر، فلأنها جربت التفاهم مع نظام قطر واكتشفت أكاذيبه. ففى اتفاق الرياض عام ٢٠١٣ تعهد النظام القطرى ووقع على وثيقة بألا يكون طرفًا فى أى عمل ضد جارته السعودية. وبعد أن احتجوا عليه لأنه لم ينفذ ما وقع عليه، تذرع بأنه لم يف بشيء لأنه لم يتعهد بأى شيء. وأمام الإنكار الذى فاجأها، اقترحت الدول الوسيطة وضع آلية للتحقق من التزامات قطر، ولم يمض عام حتى عثروا على بصماته على كل أزمة واجهتهم، وتأكد لهم أنه يهيئ إلى ما هو أعظم ضدهم. وفوق الضرر كان يكذب؛ فقد ادعى أنه التزم. نعم حرفيًا التزم ضمن الاحتيال على وثيقة الرياض، أنهى استضافة عدد من المعارضين المتطرفين فى الدوحة، ونقلهم على حسابه للعمل ضد بلدانهم فى تركيا وبريطانيا والولايات المتحدة وغيرها وتولى تمويلهم. وبعضهم منحهم الجنسية القطرية حتى يزعم بأنه لم يعد يمول متطرفين سعوديين أو مصريين! أيضا ألزم قناته «الجزيرة» بعدم التعرض للسعودية، وأوقف التحريض وأشرطة الإرهابيين على شاشتها، لكنه عمد إلى إطلاق شبكات إعلامية متعددة تقوم بالدور نفسه، بينها محطات تليفزيونية بديلة، يقوم بتمويلها فى بريطانيا وتركيا!
الآن يظن أنه يستطيع أن يكرر عمليات الاحتيال عليهم بصيغ مختلفة، لكن الأزمة كبرت. بالنسبة لمصر صارت أفعال قطر تمس أمنها، عندما تقوم بتمويل الجماعات الإرهابية المسلحة فى ليبيا التى تهاجم الداخل المصرى وسط احتفاء «الجزيرة» والتحريض الصريح ضدها. وكذلك السعودية التى ما عادت تسكت عن الحوثيين الذين يرمون مدنها بالصواريخ بدعم من الإيرانيين والقطريين. ولا يمكن أن تبقى صابرة على دفعها أموالًا طائلة لتمويل سعوديين مغرر بهم يحاربون فى صفوف تنظيمات «داعش» و«جبهة النصرة» فى سوريا والعراق، ونحن ندرك أن هدف نظام قطر ومشروعه الحقيقى ليس إلا عودة هؤلاء السعوديين لاحقًا إلى السعودية للقتال هناك، مكررة قطر ما فعلته بتحريض السعوديين المتمردين على دولتهم، من المنضوين تحت لواء «القاعدة» فى أفغانستان فى العقدين الماضيين.
المعركة واضحة؛ فقطر تستهدف الأنظمة، بإضعافها أو إسقاطها، ومن الحتمى أن يقابل فعلها بالمثل، لهذا خير للقط سيئ الفعل والسمعة أن يرفع الراية البيضاء، بدلًا من أن ينجرف وراء دعايته فيصدقها هو هذه المرة... يهدد ويتوعد بأنها ستكون «خيمة صفوان» ونحن نخشى عليه من أن يكون «ميدان رابعة»!
* نقلًا عن «الشرق الأوسط»