الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

مجدي الداغر أستاذ الصحافة بجامعة المنصورة يتحدث لـ"البوابة نيوز": الإعلام ساهم في نشر الفكر المتطرف بطرق غير مباشرة.. وهناك 20 ألف موقع لتنظيمات وجماعات إرهابية.. والعرب غائبون عن المشهد تمامًا

مجدى الداغر أستاذ
مجدى الداغر أستاذ الإعلام بجامعة المنصورة يتحدث لـالبوابة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
داعش" يمتلك وزارة للإعلام على الإنترنت
التنظيم الإرهابى لديه 20 إدارة فرعية.. وهيئة تأسيسية ومجلس إدارة يعملان ليل نهار
20 ألف موقع لتنظيمات وجماعات متطرفة.. وعلى المستوى العربى 720 موقعًا

كشف الدكتور مجدى الداغر، أستاذ الإعلام بجامعة المنصورة، وأحد المتخصصين فى دراسات التنظيمات الإرهابية، عن امتلاك تنظيم داعش نحو 45 حسابا على شبكة الإنترنت تم تدشينها على موقع التواصل الاجتماعى الروسى، ويتميز الموقع بطرق حماية فائقة الجودة يصعب اختراقها؛ حيث يضم الموقع أكثر من 150 مليون عضو ناشط ومتابع لعمليات التنظيمات الإرهابية، مشيرا إلى قدرة داعش على استخدام وسائل التواصل الاجتماعى فى تجنيد الشباب، فى الوقت الذى لا ترغب فيه الشركات الأمريكية فى تعقب وإغلاق حسابات التنظيمات الإرهابية.

■ ما الجديد فى الإرهاب الذى تمارسه التنظيمات الإرهابية؟
شكل الإرهاب اختلف عن القرن الماضى إلى حد كبير؛ حيث تغيرت العوامل المساعدة على انتشاره وتمدده، وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعى أقوى من السلاح التقليدى ووسائل الإعلام، ورغم إيجابيات شبكة الإنترنت فى مختلف مجالات الحياة، إلا أن تأثيرها السلبى بات واضحًا على أمن واستقرار الشعوب جميعها؛ حيث يستخدمها البعض لإثارة الفوضى ونشر الفتن والمؤامرات وبث العنف، وكانت سببًا فى ظهور ما يعرف بالإرهاب الإلكترونى. لكن هذا لا يعنى أن الظاهرة الإرهابية التقليدية اختلفت كثيرًا عن الإرهاب فى عصر تكنولوجيا الإعلام ومنصات الإنترنت.
■ وما الهدف من كل هذا الإرهاب الذى تشهده المنطقة بعد الربيع العربى؟
الإرهاب فى الأصل حرب نفسية، وقد يكون الهدف من العمليات الإرهابية الوصول إلى الناس من خلال وسائل الإعلام المتاحة لديهم، وبخاصة فئة الشباب والأطفال اللاجئين من ضحايا ثورات الربيع العربى، وهو ما يفرض على الإعلاميين والصحفيين عند تغطية العمليات الإرهابية أن يفكروا مثلما يفكر الإرهابيون، بمعنى أن يركزوا انتباههم على الغاية وليس الوسيلة، وهذه مهمة قد تكون صعبة إلى حد كبير نظرًا لأن أهداف الإرهابيين من عملياتهم قد تكون غير واضحة تمامًا، ولذلك يجب أن يكون الإعلام قادرًا على رؤية الهدف غير الظاهر وراء العمليات الإرهابية، وهو ما يعنى ضرورة وجود إعلام قوى ومضاد لإعلام التنظيمات الإرهابية.

■ ما الخطورة فى امتلاك التنظيمات الإرهابية لمواقع على شبكة الإنترنت؟
الخطورة تكمن فى تزايد استخدام التنظيمات الإرهابية لشبكة الإنترنت بعد عزوف عشرات القنوات الفضائية عن متابعة أعمالها الإرهابية، وتزايد معها عدد الصفحات التى تروج للفكر المتطرف؛ حيث كان عددها لا يزيد على أصابع اليد عام ٢٠٠٠، ارتفع عام ٢٠١٦ إلى نحو ٢٠ ألف موقع لتنظيمات وجماعات إرهابية، بحسب تقديرات الاتحاد الأوروبى. وعلى المستوى العربى فقد بلغ عدد هذه المواقع نحو ٧٢٠ موقعًا.
وحسب تقرير الأمم المتحدة لعام ٢٠١٦؛ فإن هذه التنظيمات الإرهابية تقوم على إنشاء المزيد من المواقع والصفحات الدعائية لها ولعملياتها بصفة شبه مستمرة نظرًا لقيام معظم الدول العربية بحجب مواقع الإنترنت التى تروج للإرهاب، لكن سرعان ما تعود تلك المواقع الإرهابية مرة أخرى.
■ من أين تأتى الخطورة من إعلام تنظيم داعش؟
معظم مقاتلى تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة وداعش من الشباب الذين ولدوا فى عصر الكمبيوتر والإنترنت والهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعى وغيرها، ويجيدون التعامل مع هذه الأدوات بصورة احترافية، وبخاصةً أن بعض هؤلاء المجندين من أقليات مسلمى أوروبا وأمريكا وبعض دول إفريقيا، وتلقوا تعليمهم فى كبريات الجامعات والمعاهد الأمريكية.
■ متى اعتمدت التنظيمات الإرهابية على شبكة الإنترنت فى ترويج فكرها المتطرف؟
بداية.. إعلام الدولة أو الحكومة غائب عن كل الأحداث التى تجرى فى مصر، بينما يعتمد داعش كثيرًا على الإعلام الجديد والقديم، ويعتبره نوعا من الجهاد فى الدين، ويخطط لحملاته الإعلامية التى فاقت التنظيمات التى سبقته مثل الجهاد والقاعدة وغيرها، ويزعم أعضاء التنظيم أنهم يعملون على إقامة دولة الخلافة الإسلامية فى العراق والشام ومنها للعالم كله، وذلك من خلال "وكالة أعماق والبركة وشبكة شموخ الإسلام ومنتدى الاعتصام" بجانب مئات الصفحات على شبكات التواصل الاجتماعى التى يملكها التنظيم.

■ ما أهداف تنظيم داعش من عملياته الإرهابية؟
تنظيم داعش الإرهابى يسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، بعضها ما يتمثل فى أحداث المزيد من الدمار والتخريب والقتل بين المخالفين لفكره وعقيدته، ومعنويًا من خلال بث الخوف والذعر بين المواطنين فى مختلف دول العالم، مثل فيديو حرق الطيار الأردنى معاذ الكساسبة من قبل خاطفيه، وذبح أكثر من عشرين قبطيًا على سواحل ليبيا، وقتل عدد من الصحفيين الأجانب، بالإضافة إلى تفجير الكنائس ودور العبادة فى كل من القاهرة وبغداد وسوريا وليبيا وغيرها.
■ وما أهم أشكال إرهاب داعش؟
تتنوع أشكال الإرهاب الذى يمارسه داعش، منها أعمال القرصنة الإلكترونية وتخريب أجهزة الكمبيوتر وتدريب الشباب على صنع القنابل والمتفجرات عن بعد، وكذلك الأعمال التقليدية، مثل: الخطف والاغتيال واحتجاز الرهائن وأعمال السلب والنهب وتدمير المنشآت وتفجير الطائرات والسيارات المفخخة وقتل الأبرياء عن طريق الأحزمة الناسفة غيرها.
■ من أين جاء داعش بهذه القدرات الإقناعية عند تجنيد عناصره؟
داعش يمتلك الإمكانات المالية الضخمة باعتباره واحدًا من أغنى التنظيمات الإرهابية فى العالم، ويمتلك خبرات وقدرات فنية عملت على انتشاره، وهو ما ساعد على انضمام أعداد من المقاتلين الأجانب له من المرتزقة وبعضهم لا علاقة له بالدين الإسلامى.
■ وأين الإعلام القومى المضاد لإعلام داعش؟
الإعلام الوطنى مشغول بقضايا اجتماعية تعتمد على إلهاء المشاهدين فى قضايا هامشية غير مفيدة، بجانب عدم وجود ضوابط وتشريعات ومؤسسات مسئولة عن ضبط الأداء الإعلامى والقضايا التى يتم تناولها، وعدم وجود وزارة للإعلام فى عدد من البلدان العربية، ومنها مصر، فيما يمتلك تنظيم داعش وزارة للإعلام تضم أكثر من عشرين إدارة فرعية، وهى وزارة افتراضية على شبكة الإنترنت، ورغم أن لها هيئة تأسيسية ومجلس إدارة وتفتقد إلى مقر على الأرض إلا أنها تعمل ليل نهار ودون توقف، فإعلام داعش غالبيته على مواقع الإنترنت، بجانب أن وسائل الإعلام والقنوات الفضائية العربية تسهم فى تغذية العنف وظهور ونشر الإرهاب والفكر المتطرف بطرق غير مباشرة من خلال استغلال الإرهابيين لها فى تسويق أغراضهم وتوظيفها فى تضليل الرأى العام.

■ لماذا لا يتم إغلاق الصفحات والحسابات التى يمتلكها عناصر داعش على الإنترنت؟
ممكن طبعًا.. لكن يبدو التنفيذ صعبًا؛ حيث يمتلك تنظيم داعش نحو ٤٥ حسابا على شبكة الإنترنت تم تدشينها على موقع التواصل الاجتماعى الروسى، وهو موقع لا يختلف كثيرًا عن موقع الفيس بوك العادى من حيث الشكل والتدوين، باستثناء أنه يتميز بطرق حماية فائقة الجودة يصعب إختراقها؛ حيث يضم الموقع أكثر من ١٥٠ مليون عضو ناشط ومتابع لعمليات التنظيمات الإرهابية ومنها داعش، وقد تم اختيار داعش لهذا الموقع الروسى حتى يسهل لهم عملية المراوغة والتخفى على شبكة الإنترنت.
أما الشركات الكبرى التى تعمل فى مجال الكمبيوتر والبرمجيات وخدمات الإنترنت، وهى فى الأصل شركات أمريكية خاصة لا ترغب فى تعقب وإغلاق حسابات تنظيمات الإرهابية، وترى هذه الشركات أن على كل دولة أن تمنع من عندها الخطر الذى يهدد أمنها القومى.
■ هل يمتلك تنظيم داعش إعلاما غير إعلام الإنترنت؟
بالطبع هناك إعلام تقليدى آخر، منها صحيفة "دابق"، ولها نسخة إلكترونية ومطبوعة وتصدر باللغتين العربية والإنجليزية، أما قناة "الخلافة"؛ فهى تقوم على نشر فكر التنظيم، وهى موجهة للشباب الأوروبى فقط وتحديدًا أبناء الأقليات المسلمة هناك، فيما يتم توزيع النسخ الورقية على سكان المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم فى سوريا والعراق وليبيا، وإرسال نسخ إلكترونية عبر البريد الإلكترونى للكثير من مستخدمى الإنترنت ودعوتهم الانضمام للتنظيم، بالإضافة إلى محطة إذاعة "البيان" التى تقوم على إصدار الفتاوى الشرعية لأعضاء التنظيم.
■ وما حجم امتلاك تنظيم داعش لصفحات "تويتر" وغيرها؟
يعتبر "تويتر" أحد أهم وسائل التواصل الاجتماعى التى يستخدمها داعش للتفاعل والتنسيق أثناء العمليات الإرهابية، وتكمن الميزة الأساسية فى "تويتر" أنه يوفر مجتمعات افتراضية متغيرة تتكون بصورة تلقائية خلال الأحداث الكبرى، وهو ما تستفيد منه التنظيمات الإرهابية من خلال متابعة أحدث المعلومات عن أى قضية تظهر فى المجال العام، ويمتلك تنظيم داعش حسابات مركزية على "تويتر"، إضافة إلى حسابات محلية فى كل منطقة يوجد فيها، وقيامه بنشر الصور والفيديوهات عبر "تويتر" لسهولة استخدام "تويتر" عبر هواتف المحمول؛ حيث يمتلك التنظيم ما يقارب من ٥٠ حسابًا على "تويتر"، بجانب حسابات غير رسمية تابعة لأنصاره والمتعاطفين معه.

■ كيف يتعامل داعش مع "الفيسبوك" فى تجنيد عناصره؟
يعتبر "الفيسبوك" من أكثر وسائل التواصل الاجتماعى استخدامًا فى تجنيد المتطرفين سواء لداعش أو غيره؛ حيث غالبًا ما تقوم الجماعات الإرهابية بإنشاء مجموعات على "الفيسبوك" لاجتذاب المتوافقين فكريًا معها؛ حيث تركز المجموعات على فكرة إنسانية بالأساس، مثل دعم المحاصرين فى غزة أو مناصرة مسلمى بورما وتايلاند والصومال أو الإسلام المضطهد فى أوروبا بصفة عامة، ومع زيادة عدد الأعضاء المنتمين لهذه المجموعات فإن الموضوعات الجهادية يتم وضعها تدريجيًا بطريقة لا تستهجن الأفعال الجهادية أو تدينها فى الوقت نفسه، وبهذه الطريقة يمكن تجنيد الأعضاء دون أن يمثل ذلك تهديدًا أو انتهاكًا لسياسة استخدام موقع "الفيسبوك".
■ ألا توجد قوانين وتشريعات تحد من تنامى إعلام داعش فى المنطقة العربية؟
للأسف لا توجد قوانين عربية واضحة حتى الآن؛ حيث يعتمد تنظيم داعش فى رسائله الإعلامية على التخفى وبث العنف ونشر الفكر المنحرف بكل سهولة، يقابل ذلك ترسانة من القوانين ومواثيق الشرف الصحفى تدعو إلى الحد من تجاوزات مواقع الإنترنت دون فعالية حقيقية.
■ وما أسباب فشل تعقب ورصد جرائم داعش على الإنترنت؟
الحقيقة أن الكثير من الدول العربية تبذل جهودا كبيرة للحد من سوء استغلال شبكة الإنترنت فى نشر التطرف والإرهاب، ولكن يبدو واضحًا أن هذه الجهود تواجه العديد من العوائق، منها صعوبة الرصد الفنى وتحديات التحقيق الجنائى وعدم الطمأنينة للأدلة الرقمية، وهو ما يتطلب ضرورة تفعيل الاتفاقية الأوروبية لمكافحة الجرائم المعلوماتية، والاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، واستحداث مواد قانونية فى القوانين الداخلية لتجريم بث الأفكار التى تحث على الإرهاب، أو المواد التى تساعد الإرهابيين والتنظيمات المتطرفة على إعداد الأدوات المتفجرة التى يستخدمونها فى عملياتهم.