السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مخططات الدم "2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نواصل تناول أخطر أجزاء جاءت فى كتاب حلف المصالح المشتركة «التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة» للكاتب تريتا بارسي، أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة «جون هوبكينز».
ويعتبر كتابه قنبلة الموسم بالمقارنة لأى كتاب صدر فى ذلك الإطار لما تضمنه من معلومات وأرقام ووقائع وأسرار منتهى الدقة والخطورة والعلاقة السرية فى الغرف المغلقة والكواليس وطرق الاتصال بين إسرائيل وإيران وأمريكا والمصالح المشتركة السرية المتبادلة بينها.
يقول المؤلف، إن الطرفين -إيران وإسرائيل- يعتقدان أنهما منفصلان عن المنطقة سياسيا وثقافيا، فالإسرائيليون محاطون ببحر من العرب، ودينيا محاطون بالمسلمين السُنَّة، أما بالنسبة لإيران، فالأمر متشابه نوعا ما، عرقيا هم محاطون بمجموعة من الأعراق أغلبها عربى خاصة فى الجنوب والغرب، وطائفيا محاطون ببحر من المسلمين السنة، ويضيف «بارسي»، أنه وحتى ضمن الدائرة الإسلامية فإن إيران اختارت أن تميز نفسها عن كل محيطها عبر اتباع التشيع بدلا من المذهب السنى السائد والغالب، وأن إيران وإسرائيل فى حقيقة الأمر تتنافسان داخل دائرة نفوذهما فى العالم العربى، وهذا التنافس طبيعى وليس نتيجة الثورة الإسلامية فى إيران، بل كان موجودا حتى قبل حقبة الشاه حليف إسرائيل، فالرعب والخوف لدى إيران يتمثل فى أنها تخشى أن يؤدى السلام بين إسرائيل والعرب إلى تهميشها إقليميا، وتصبح معزولة تماما عن المشهد، وفى الجهة الأخرى فإن إسرائيل تخشى من كارت الورقة الإسلامية التى تلعب بها إيران على الساحة العربية ضد إسرائيل. وأكد «بارسى» أن السلام بين إسرائيل والعرب يضرب مصالح إيران الاستراتيجية فى المنطقة فى العمق، ويبعد الأطراف العربية عنها خاصة سوريا، مما يؤدى إلى عزلها استراتيجيا، ليس ذلك فقط بل إن مجرد التوصل إلى تسوية سياسية فى المنطقة سيؤدى إلى زيادة النفوذ الأمريكى والقوات العسكرية، وهو أمر لا تريده إيران ولا يستهويها. ويضيف «بارسي» أن أحد أسباب انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام ٢٠٠٠ هو أن إسرائيل أرادت منع التأثير الإيرانى فى عملية السلام من خلال تجريد «حزب الله» من شرعيته كمنظمة مقاومة بعد أن يكون الانسحاب الإسرائيلى من لبنان قد تم، وفضح الكتاب أن هناك اجتماعات سرّية كثيرة عقدت بين إسرائيل وإيران فى عواصم أوروبية، وقام الإيرانيون باقتراح تحقيق المصالح المشتركة للبلدين من خلال مجموعة متكاملة تشكل صفقة كبيرة، وتمت مواصلة ومتابعة الطرفين الاجتماعات فيما بعد، ومنها اجتماع مؤتمر أثينا فى عام ٢٠٠٣، وكانت البداية أكاديميا وتحول إلى منبرللتفاوض بين الطرفين تحت غطاء كونه مؤتمرا أكاديميا، ونشر الكتاب وثائق ومعلومات سرية جدا وموثقة عن أن المسئولين الإيرانيين قد وجدوا أن الفرصة الوحيدة لكسب الإدارة الأمريكية هى فى تقديم مساعدة أكبر لها فى غزو العراق ٢٠٠٣، وإعطائها كل ما يلزمها وتحتاجه مقابل ما ستطلبه إيران لاحقا، منها على أمل أن يؤدى ذلك إلى عقد صفقة متكاملة يعود بها الماء لمجاريه والعلاقة الطبيعية بين البلدين وانتهاء المخاوف بين الطرفين، وفى الوقت الذى كان الأمريكيون فيه يقومون بغزو العراق إبريل ٢٠٠٣ كانت إيران تعمل على تجهيز اقتراح جرىء ومتكامل يتضمن جميع الموضوعات المهمة ليكون أساسا لعقد صفقة كبيرة مع الأمريكيين عند التفاوض عليه فى حل النزاع الإيرانى الأمريكى، وتم إرسال الوثيقة السرَّية إلى واشنطن، ولقد عرض الاقتراح الإيرانى السرى مجموعة خطيرة وكبيرة من التنازلات السياسية التى ستقوم بها إيران فى حالة ما إذا وافقت أمريكا على الصفقة الكبرى، وتناول الكتاب بعضا منها: «برنامجها النووى- محاربة تنظيم القاعدة- سياستها تجاه إسرائيل»، وعرضت الوثيقة السرَّية إنشاء ثلاث مجموعات عمل مشتركة أمريكية إيرانية بالتوازى للتفاوض على خارطة الطريق بخصوص ثلاث موضوعات «الإرهاب والأمن الإقليميين- أسلحة الدمار الشامل- التعاون الاقتصادى». وأضاف «بارسى» أن هذه الورقة مجرد ملخص لعرض التفاوض الإيرانى الذى يوجد به الأكثر توسعا من ذلك، وأنه قد علم به فى ٢٠٠٣ عن طريق وسيط سويسرى تيم غولدمان الذى نقله إلى وزارة الخارجية الأمريكية بعد تلقيه من السفارة السويسرية فى أواخر إبريل ٢٠٠٣، وقد تضمنت الوثيقة ٥ نقاط خطيرة تعتبر أساس المخططات والمؤامرات التى تمت فى السنوات الماضية.