الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

محافظات

أسيوط.. "عرب العطيات والنواميس والمراونة" سقطت من الحسابات

قالوا: المحافظ عمره ما فكر يزورنا

أهالى القرى يعانون
أهالى القرى يعانون عدم وجود خدمات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بقرب جبل أبنوب، بأسيوط، يعيش ما يقرب من ٣ آلاف نسمة من الأهالي الذين سقطوا من ذاكرة المسئولين، في بيوت بدون سقف مكتفين بـ«البوص» الذي يحميهم من أشعة الشمس، لكن لا يستطيع أن يحميهم من مياه الأمطار في الشتاء، منهم من هو ليس مدرج في السجلات المدنية، لا توجد مياه تصل إلى هذا المكان ولا توجد كهرباء، لا يعرفون الخدمات التي يبحث عنها البشر من تعليم وصحة، إنهم أهالي قرية «عرب العطيات» بمحافظة أسيوط، من أكثر الأماكن فقرًا ونسيانا، فهم ينتظرون أهل الخير الذين يأتون على فترات متباعدة لتوزيع المساعدات، فيتصارعون للحصول على رغيف خبز وكيس سكر أو جلباب يحميهم من البرد القارص.
«البوابة» تجولت داخل القرية الصغيرة، وفي مدخل البلدة ترى الجبل الذي يطل عليها من جميع النواحي، ثم المنازل المسقوفة جميعها بالبوص، تجد أطفالًا يلعبون بالطين اقتصرت أحلامهم على الحصول على المياه الملوثة لشربها وتشكيل الطين بها، لا يلبسون حذاءً يحميهم من حرارة الشمس، ثم تأتي الصدمة الكبرى وهي منازلهم من الداخل التي تحتوي على غرفة فارغة، لا يوجد بها سوى حصيرة أو حصيرتين بدون أي غطاء، وكذلك مخدة صغيرة عبارة عن حشو من زعف النخيل يضعون رءوسهم عليها ليناموا جميعا، مهما كان عدد الأشخاص، فتباينت أعداهم ما بين ٧ و٨ و٩ و١١ شخصًا فى هذه الغرف، لا يعرفون تلفازًا أو ثلاجة أو صنبورا للمياه، ولم يختلف الأمر كثيرًا عن قريتي «النواميس والمراونة» ويبلغ تعداد سكانهما قرابة ٢١ ألف نسمة، يبحثون عن رغيف الخبز ويحلمون بشرب مياه صالحة، فلا يوجد سوى مخبزين فقط مما يجعل نصيب الشخص فقط رغيف واحد لعدم وجود مخابز، دون أن يسمع مسئول في المحافظة التي تعلن ليلًا ونهارًا عن فتح مخابز جديدة.
وقالت أم بلال، سيدة من أهالي قرية «عرب العطيات» عمري ٦٠ عامًا ولدى ٧ من الفتيات، وزوجي متوفى ونعاني من نقص فى الخدمات، لا توجد مياه ولا مخبز ولا كهرباء ولا مدارس، فنحن منسيون من حسابات المسئولين، مضيفة أن القرية لم يأتيها مسئول من قبل، فهي لا تعرف المكان الذي تتبع له أو اسم المحافظ أو أي شخص مسئول، وتكمل نعيش في غرفة واحدة مبنية من الطوب الأبيض، ولا يوجد بها سقف سوى البوص الذي لا يحمينا في الشتاء من المطر، ونعيش على الجنيهات التى نحصل عليها من بيع الخيش الذى يستخدموه فى تكوين مخدات، وأن جيرانهم يعطفون عليهم بعد مساعدة بناتهم لمن يحتاج شيئًا وبسؤالها عن هل إحدى بناتها مخطوبة أو أنها ستتزوج؟ قالت زواج ايه؟ «إحنا بنام من غير ما ناكل وأبسط حقوق معندناش حمام غير الجراكن».
وقالت ابتسام عطاالله. التي لا تعرف كم عمرها، إن زوجها يعمل أجرى بقرية مجاورة على باب الله هو وحظه، ولديها من الأبناء ٥ فتيات وجميعهن صم وبكم، وأنها تعمل فى بيع الطماطم للمحيطين والجيران، فغالبية المواطنين يعيشون عليها لأنها لا تحتاج أي شيء سوى الخبز، خاصة أن أهالى المنطقة هنا ليس لديهم بوتاجاز أو أي شيء يقوم بتسوية طعامهم سوى «الباجور» الذى يوجد فى منزلين ثلاثة، وأضافت أن اللحمة دى مبنعرفهاش، وخلال السنين الماضية كنا نتجول فى القرى المجاورة لنبحث عن شيء نأكله، وكان الأهالى يعطفون علينا، ولكن هذا العام محدش بيدينا حاجة خالص، وبسؤالها عن ماذا تريدين؟ قالت «أى حاجة لأن معندناش حاجة وهدومنا حتى اتقطعت ومعندناش شبشب».
وقال محمود جاد الحق، لديه ٤ أولاد وبنتين، إن أبناءه غير مسجلين جميعهم فى السجلات، لأنها بعيدة تماما عليه «والله بعيدة ومفيش مواصلات إحنا تحت الجبل، وكل واحد ليه اسم عند ربنا» وأنه كان يعمل عاملا فى أحد المحاجر، وبعد أن اشتد عليه المرض فهو يعانى من انعدام الرؤية فى عينيه حاليا، وانحناء فى ظهره، وأنهم يعيشون على ما يحصل عليه أبناءه الصغار من الشحاتة من البيوت بقرى أبنوب، وأضاف «إحنا عايزين ميه بس نشربها، لإننا معندناش ميه بنجيب من بير بعيد ومش بتكفينا». 
وقال محمد كمال أبوحطب، منسق عام تحالف شباب ٣٠ يونيو، إنه لا بد من إعادة النظر من المسئولين للقرى المهمشة، خاصة أن معظم مساكن العشوائيات المقامة بمنطقة أسفل الجبل أكثرها مبنى بالطوب الطين، دور أول ومسقوف بالغاب والبوص، الذى يعرض حياة من يعيشون بداخله للخطر والحرائق المفاجئة.