الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

لعنة الاستشراق تصيب بهاء طاهر

الأديب بهاء طاهر
الأديب بهاء طاهر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من قاموا بنظرة عامة على أعمال الأديب بهاء طاهر، اكتشفوا شيئا غريبا يتمثل فى تلك الرؤية الاستشراقية التى يتبناها فى مجمل أعماله؛ رغم أنه مصرى المولد والجنسية، إلا أنه ينظر إلى قطعة الحياة المصرية، التى يعبر عنها فى أعماله نظرة المستشرق الغربي، الذى يدرس كل البنى الثّقافيّة للشّرق من وجهة نظره الغربية، لتصوير جانب نمطى من الحضارات الشرقية لدى الرواة والفنانين فى الغرب.
واحة الغروب
ففى روايته التى تعرض فى الوقت الحالى على شاشات الفضائيات «واحة الغروب»، يعود فيها إلى القرن التاسع عشر، حيث نهاية الثورة العرابية وبداية الاحتلال البريطاني، فاتخذ من واحة سيوة فى الصحراء الغربية، مسرحًا للأحداث، حيث رسم صورة للواحة وطبيعتها وأهلها وعاداتهم وتقاليدهم ولغتهم، وأسلوب حياتهم وطبيعة الصراعات الداخلية بين سكانها فى تلك الفترة الزمنية.
استمد القصة من واقعة حقيقية لأحد الضباط، ويدعى محمود عبدالظاهر، والذى كان يعيش حياة لاهية بين الحانات وبنات الليل بالقاهرة، ويتتبع انتقاله وزوجته إلى واحة سيوة لشك السلطات فى تعاطفه مع الأفكار الثورية لجمال الدين الأفغاني وأحمد عرابي؛ يصطحب عبدالظاهر زوجته الأيرلندية كاثرين الشغوفة بالآثار، والتي تبحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر، ويبدآن رحلة تجبرهم وأهل الواحة على المواجهة، فيتضح التناقض والاختلاف بين الشرق والغرب على المستويين الإنسانى والحضارى، بما فيها من صراع وتوافق؛ كما عكست الكثير من الأمور حول طبيعة الشعب فى تلك الفترة ومنها إيمانهم بالخرافات والتفكير، الذى يتنافى والتفكير العلمى والمنطق.
كما كشف أيضًا عن المبادئ العنصرية، وفى المقابل تظهر شخصية «كاترين» المرأة الأوروبية الشّقراء، التى تختلف عن المصريين، فهى لا تلغى عقلها وترفض إهانة المرأة التى يصرح بها المجتمع، وربما يرى البعض أن شخصية «محمود» المضطربة وغير السوية تحمل رمزية فى الشخصية المصرية، التى فشلت فى طرد المستعمر من البلاد تلهث وراء المرأة لتقهرها، وتثبت أنها تستطيع أن تقهر هذا المستعمر فى صورة المرأة وإن فشل فى هزيمة الرجل فى ميدان الحرب.
خالتى صفية والدير
فيما دارت أحداث روايته «خالتى صفية والدير» فى قرية صغيرة بالصعيد أجواؤها مكبلة بقضايا الثأر والمطاريد على العكس تماما فى الدير الذى ينتمى لها إلا أن هذا التناقض لم يمنع أحد المطلوبين فى قضية ثأر أن يلجأ له ليلتقى المسلم والنصرانى فى أجواء مليئة بالتسامح الدينى والمودة بين الطرفين.. تناولت الرواية المشاعر الإنسانية وكيف تتحول إلى النقيض؛ قضية الثأر، غيرة المرأة المصرية وكيف ممكن أن تغير حياتها وشخصيتها وكيف تظهر نوازع الشر الكامنة بها حين يتجاهلها رجل.
رؤية غربية
«الثأر»، و«الخرافات» و«العنصرية» و«اضطهاد المرأة»؛ نظرات نمطية أعاد بهاء طاهر طرحها بنفس الرؤية الغربية الاستشراقية؛ ما يشير إلى أنه تخلى عن عنصر الأصالة كأديب مصري، واتكأ على الرؤية الغربية تجاه الثقافة المصرية؛ بهاء طاهر كشخص فى أحاديثه دائما يتحدث عن الأحداث والوقائع التى تحدث فى مصر من وجهة نظر الغرب، يتضح ذلك خلال بعض لقاءاته عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير.
ينتمى بهاء طاهر إلى جيل أدبى أتيحت له الهجرة خارج البلاد فى فترة السبعينيات؛ من بينهم الطيب صالح؛ عبدالحكيم قاسم؛ كل أدباء هذا الجيل تناولوا قضايا استشراقية فى أعمالهم مثل الهجرة إلى غير المألوف لعبدالحكيم قاسم، وموسم الهجرة للشمال للطيب صالح وغيرها؛ إلا أن «بهاء» قد أخفى تماما تلك النظرة الأصيلة المغايرة للأمور التى اتسم بها زملاء جيله؛ وطرح القضايا بنمطيتها الغربية.
وقد ذكر إدوارد سعيد فى كتابه الاستشراق الصادر عام ١٩٧٨ أن الاستخدام الأغلب لمصطلح الاستشراق يقتصر على دراسة الشرق فى العصر الاستعمارى ما بين القرن الثامن عشر والتاسع عشر، لذلك صارت كلمة الاستشراق تدل على المفهوم السلبى وتنطوى على التفاسير المضرّة والقديمة للحضارات الشرقية والناس الشرقيين.