الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"الجوهري": "تأملات في المسألة اليهودية" وثيقة للدفاع عن فلسطين

الكتاب غاب عن الساحة العربية رغم أهميته

 الدكتور حاتم الجوهرى
الدكتور حاتم الجوهرى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الدكتور حاتم الجوهرى، الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية فى العلوم الاجتماعية عن ترجمة كتاب «تأملات فى المسألة اليهودية» لسارتر: إن كتابه لم يقتصر على الترجمة، بل إنه مصحوب بدراسة نقدية فى المصادر العبرية والإنجليزية والعربية: «سارتر بين الصهيونية وسلب الحق الوجودى للفلسطينيين».
وأضاف، خلال تصريحات خاصة، لـ«البوابة نيوز»: «أن أهمية العمل تكمن فى غيابه عن الساحة العربية دون ترجمة لمدة ناهزت السبعين عامًا لواحد من أهم فلاسفة القرن العشرين، ولأن الكتاب يكشف عن أحد أهم جذور التعاطف الأوروبى مع احتلال فلسطين، وهى ادعاء أن دعم الصهيونية يعد دعمًا ليهود أوروبا المضطهدين هناك منذ العصور الوسطى، بسبب ما قدمه سارتر على أنه صورة نمطية تقليدية موروثة لليهودى عند الأوروبى المسيحى، وادعاء أيضًا أن رفض الصهيونية ومعارضتها يعد فعلا نازيا ومعاداة للسامية! لذا وضعت كل اهتمامى فى دراستى النقدية لأطروحة سارتر على نقد منهجه «الظاهرى» فى الكتاب، فهو اعتمد فى بناء طرحه على استطلاع مجموعة من الآراء الانطباعية للأوروبيين من اليهود وغيرهم، وعلى تحليله الذاتى لهذه الانطباعات، وكأنه يدرس «صورة نمطية» ومسبباتها كدراسة حالة تطبيقية فى مجتمع ما! لكنه لم يقارب الموضوع من مدخل جوهرى كأن يدرس تاريخ التاريخ اليهودى ويقدم تصورًا تاريخيًّا مثلًا! ولم يقدم كذلك تفسيرًا فلسفيًّا قويًّا.
ويضيف الجوهرى أن سارتر فى نظرته الفلسفية للمسألة اليهودية اعتبر أن المسألة أزمة رد فعل وصورة ذهنية نمطية مسبقة لليهود عند شعوب أوروبا والعالم، بمعنى أن اليهودى برىء وشخصية سلبية الوجود، والعالم هو الذى يعامله كيهودى ويدفعه دفعا لسمات تلك الصورة النمطية السيئة! هنا قمت بالرد على هذا الطرح الفلسفى بطرح فلسفى مضاد أكثر «جوهرية» من أطروحة سارتر «الظاهرية»، حين قلت إن المسألة اليهودية تكمن فى فكرة «الشعب الترانسندنتالى» أو «الشعب المتعالى»، الذى يرث فى تقاليده الدينية فكرة التفوق والاصطفاء وتجعله وفق موروثه الذاتى (وليس فى علاقته مع الآخر) يختار التعالى على المجتمعات التى يعيش داخلها، بمعنى أن اليهودى يختار المهن النوعية التى تبثت وجوده المتفوق دائما ولا يختار المهن العامة التى يمكن للجميع أداؤها.
وأشارت إلى أن التعالى اليهودى واختيار المهن النوعية قد يدفع سكان تلك المجتمعات الأوروبية، لفكرة التعالى المضاد والكراهية، التى قد تغلف هناك باسم الكراهية المسيحية كمصدر للصورة النمطية التى رصدها سارتر لكنها ليست الأصل، لكننى كشفت أن نقطة بناء المسألة اليهودية كنموذج معرفى، ترجع لاختيار اليهود الذاتى لفكرة التفرد والتعالى على الآخرين تبعًا للموروث الدينى والشعبى لهم، وذلك كعرق وليس كدين فقط وهذا هو الفرق بين المركزية الدينية لليهودية عن الإسلام والمسيحية، كما أن العرق عند اليهود- الحديث ما زال للجوهري- ليس مجرد صفاء جنسى وعرقى إنما هو فى الأساس تقاليد موروثة ومختارة، القومية اليهودية هى اختيار متخيل وحقيقى وروحى، وإن لم يكن بالشكل المعتاد للقوميات بمقوماتها المادية. وعلى أي حال كان يجب على أوروبا أن تحلَّ مشكلتها مع يهودها على أرضها وليس على حساب الفلسطينيين، وسلب حريتهم الوجودية.
وقام الجوهري، خلال نقده بالرد على أطروحة سارتر حين نقل مصطلح «معاداة السامية» ذا السياق الأوروبى إلى دائرة الصراع العربى الصهيوني، وكذلك رصد مواقفه السياسية الداعمة لإسرائيل على طول الخط، وفشل إدوارد سعيد فى انتزاع اعتراف معنوى منه بالحق الفلسطينى. 
ويختتم الجوهرى قائلًا: «أعتقد أننى قدمت بالإضافة إلى الترجمة التى صحبتها بالتحقيق والتعليق، دراسة جادة ومركزية تستحق أن تترجم للغات العالم كوثيقة للدفاع عن فلسطين، وعرض وجهة النظر العربية فى الصراع.
وحول حالة الجدل التى شهدها الوسط الثقافى فى أعقاب إعلان أسماء الفائزين قال إن الحوار المجتمعى الفعال وعرض كل وجهات النظر وأخذها فى الاعتبار كفيل بأن يصل بمصر إلى الآلية التى يتفق عليها الجميع، وتؤكد مكانة «جوائز الدولة» كأرفع جائزة وتكريم تقدمه الدولة المصرية لعقولها المبدعة.