الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

تكريم "إرهابي" بقصور الثقافة يثير الجدل.. كتّاب وروائيون: كارثة تستحق المساءلة.. عاطف عبدالرحمن: معايير مختلة تتحكم في منح الجوائز لمن لا يستحق.. ورئيس إقليم الصعيد: تحقيقات موسعة حول الواقعة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فجر تكريم إقليم جنوب الصعيد لـ"عادل أبو صبيرة" أحد أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، المعتقل منذ عدة أشهر، على اعتباره أحد أهم الأدباء بمركز إسنا بالأقصر، حالة واسعة من الجدل في الوسط الثقافي، بعد أن تنصل جميع المسئولين من المسئولية، بدعوى أنهم ليسوا جهة للتحري.

الواقعة بدأت أولى فصولها عندما اجتمع نادى الأدب المركزى بالأقصر، لاختيار أديب واحد من كل مركز تابع للمحافظة، لتكريمه خلال فعاليات شهر رمضان الثقافية، فوقع اختيارهم على عادل صبيرة عن مركز إسنا، وفى ليلة التكريم حضر طفله الصغير ووالدته، وكانت منتقبة، وعندما تساءل محمد العدوى، مدير عام ثقافة الأقصر والمنوط به تسليم درع تكريم هيئة قصور الثقافة إلى المكرمين، قالت زوجته، إن زوجها مسافر وأنابها عنه لتسلم درع التكريم. "البوابة نيوز" استطلعت آراء العديد من المثقفين والمسئولين عن الواقعة، فكانت آراؤهم كالتالي:
الكاتب الروائي عاطف عبدالرحمن انتقد ظاهرة تكريم الأدباء التي انتهجتها هيئة قصور الثقافة طوال شهر رمضان، قائلًا: للعام الثاني تواصل الإدارة العامة للشئون الثقافية بهيئة قصور الثقافة ظاهرة تكريم الأدباء في محافظاتهم خلال شهر رمضان، وتلك الظاهرة التي بدأت العام الماضي وكانت معاييرها مختلة فتم فيها تكريم من لا يستحق تكريمهم، دون وجود دراسة جادة ومعمقة للتعريف بالمكرم".
وأضاف عبدالرحمن: لقد شهدت هذه القضية هذا العام ظاهرتين جديدتين على التكريم، الأولى هي امتناع أحد الفروع عن المشاركة في ذلك وهو قصر ثقافة بورسعيد، وذلك لما لمسه المسئولون من أن التكريم سيكون مجرد تستيف للأوراق ومجرد صور تنشر على الفيس بوك، الظاهرة الثانية وهي الأخطر كانت تكريم أحد أعضاء الجماعة الإرهابية في ظاهرة تستوجب المساءلة والتحقيق لما لهذه الواقعة من دلالات.
وتابع عبدالرحمن: أعتقد أنه آن الأوان أن ينتبه المسئول عن هذه التكريمات إلى أنه بوضع أسماء متحققة وتستحق التكريم في وسط هذه الفوضى فهو يضر بهذه الأسماء، وأرجو أن يكون تكريم هذه الأسماء في العام المقبل بشكل يليق بالمكرمين وبتاريخهم، حتى يكون حافزا لشباب الكتاب للوصول للحظة التكريم.
وختم عبدالرحمن بقوله: هناك في المحافظات قامات ثقافية تستحق التقدير والتكريم بشكل يليق بعطائها ومنجزها الإبداعي وليس مجرد شهادة تكريم ودرع زجاجي.. بل يكون التكريم بدراسة توضح المنجز الإبداعي للمكرم وأحقيته في التكريم.

هوجة
بينما هاجم الشاعر جواد البابلي، هيئة قصور الثقافة، قائلًا: "لقد بدأت هوجة التكريمات العام الماضي ولاقت انتقادات كبيرة، إلا أن ما حدث هذا العام يفوق ما تم من قبل، نظرا لاختيار أشخاص لا تستحق التكريم وبلا منجز حقيقي في إطار المجاملات التي تحدث، وبها تم حشر أسماء لا تستحق التكريم".
وأضاف البابلي: "لقد ظهرت هذه السلبيات هذا العام بفجاجة وقد وجدنا الشاعر أشرف البولاقي يرفض التكريم، وفي القليوبية تم حشر أسماء لمجرد صلة قرابة بينهم وبين بعض المسئولين في إدارة الثقافة العامة، مثل محمد الصادق جودة الذي تم تكريمه مرتين ولأنه نسيب طارق عمران الموظف بالثقافة العامة، نجد أشرف أبو جليل مدى الإدارة يوافق على تكريمه رغم أن الأسس التي وضعها لا تنطبق عليه كما أن نادي الأدب لم يرشحه بل تم فرضه من الثقافة العامة، ولا أعلم على أي أساس يتم تكريمه".
وتابع: "كانت التكريمات لها هيبة في السابق وكان المكرمون في مؤتمر أدباء مصر يحتفظون بالدرع ويضعونه فوق رءوسهم ويفخرون به نظرا لأهميته، أما الآن فالمكرم لا يشعر بهيبة التكريم لأنه يرى الآلاف يتم تكريمهم في شهر رمضان، ولذا أرى أن توخي الدقة ووضع المعايير الفنية وتكريم 10 أدباء فقط، أفضل من تكريم المئات وكأنه مولد".

مولد
في حين وصف الكاتب عمرو الشيخ، ظاهرة تكريم الأدباء بهيئة قصور الثقافة في شهر رمضان بـ"الكارثة"، قائلًا: "هذا الموضوع كارثة، وتهريج ولا يخدم إلا موظفي الهيئة حتى يقال في عهد فلان تم تكريم مئات الأدباء، وهو يتم بشكل مهين حتى أنهم لا يعرفون أسماء الأدباء الذين اختاروهم ليكرموهم".
وأضاف الشيخ، في تصريحات خاصة: "كان يجب أن يتم التكريم بشكل لائق كأن يكون الدرع أنيق ومحفور عليه اسم المكرم، ولكن ما يحدث هو أنهم يستغلون الأدباء الغلابة، لتحقيق أهدافهم الشخصية".
وتابع: "لقد حضرت بنفسي مؤتمر لتجديد الخطاب الثقافي ورأيت إمكانيات الوزارة التي تنفق على مثل هذا المؤتمر مئات الآلاف، ما يدل على أنها تستطيع تكريم الأدباء بشكل محترم وليس أقل من درع ومقابل مادي للتكريم، ولكنهم فضلو أن يكون التكريم بهذا الشكل المهين للأدباء كما علمت أن الهيئة خاطبت فروع الثقافة بأن تتحمل تكلفة الدرع بحجة عدم وجود ميزانية، ومن أبرز الأخطاء التي رصدتها بنفسي تجلى في كتابة اسم الشاعر جميل عبدالرحمن على الدرع بطريقة خاطئة، وهو ما يعني أن الأمر مش في دماغهم".

رفض
أما الشاعر أشرف البولاقي والذي رفض تكريم قصور الثقافة فقال: إن الذين قالوا إنني أحمق أو غبي تعليقًا منهم  على رفضي طرح اسمي للتكريم في مؤتمر أدباء مصر، كثيرون ومنهم أصدقاء مقرّبون، قبِلتُ ذلك منهم باعتباره خلافًا في الرأي وأنهم يحملون مَحبة لي، لكن واحدًا ناقَشَني –وهو يعيِّرُني- بأنني سأموت دون أن أنالها، ثم سألَني: هل لو جاءتك جائزة الدولة سترفضها وهي تكريم لك؟ قلتُ له لا.. لن أرفضها، لكنني لن أحصل عليها أبدًا، فقال لماذا؟ قلتُ له ليس عندي كتابٌ ولا منجز يستحق تلك الجائزة، ورغم أن ذلك ليس مهمًا في جائزة الدولة أريدك أن تعلم أن أهم شرطٍ من شروطها أن يتقدّم إليها مَن يريدها بنفسه، بل أن يملأ استمارة تفيد برغبته تلك !! أو أن ترشحه جهة أو هيئة ما.
 وأضاف البولاقي: مستحيلٌ أن أتقدّم أنا، لأن القيمة الحقيقية للجائزة هنا أن تمنحك الدولةُ إياها دون أن تعلن أنت أنك تستحقها، كما أنه مستحيل لأي جهة أو هيئة ألا تجامل ابنًا من أبنائها، أو تتجاهل أستاذًا جامعيًا أو اسمًا ذائع الصيت – بغض النظر عن قيمته - لترشح مغمورًا مثلي، ولو قدِّر لك أن تعرف كيف يتم التصويت داخل لجان مَنْح جوائز الدولة لأدركتَ حجم المأساة التي تُرتَكب في حق الثقافة المصرية، ويكفي أن أقول لك إن اللجنة التي نظرت يومًا ما في ترشيح (إدريس علي) - بين عدد من المرشحين الآخرين - تساءل بعض أعضائها مَن إدريس علي هذا؟ فقال بعضهم ده راجل نوبي اشتغل مكوجي وكَتَب روايات !! فقال مَن قال منهم بأي عقل وبأي منطق نعطيها لمكوجي ونترك أساتذة جامعات؟! ولا يوجد فائز واحد ممن فازوا بجائزة الدولة – تقديرية أو تشجيعية أو تفوق - إلا وكان له عضو أو أكثر داخل اللجنة يعرفه على الأقل معرفة شخصية، وهو ما يتطلب منك هنا كطامعٍ أو طامحٍ أو مشتاق أن تتحرك!
وختم البولاقي بقوله: لا قيمة لأي تكريم أو جائزة إلا إذا كنتَ جالسًا في بيتك معززًا مكرّمًا أولا، ثم تأتيك وأنتَ واثق أن هناك مَن هو أفضل منك وأكثر استحقاقًا.

تحقيقات
وفي نفس السياق أكد سعد فاروق رئيس إقليم جنوب الصعيد الثقافي، أنه لا يريد أن يستبق التحقيقات الجارية مشيرًا إلى التحقيقات وحدها هي من ستحدد المسئول عن هذه الواقعة، مشيرًا إلى أن تكريم "أبو صبيرة" تم بناءً على اختيار نادي الأدب المركزي، وفق محضر من مجلس الإدارة، وأنه لم يكن ليتدخل في عمل نوادي الأدب منذ بداية توليه المسئولية حتى يحترم حرية نوادي الأدب في اختياراتها.
وقال فاروق: إن الإسهاب في مسألة التكريمات خلال الفترة الماضية كان خللًا كبيرًا، وليس من المنطقي أن يتم اختيار 25 مثقفًا من محافظة واحدة للتكريم، وكان من الأفضل أن يتم تكريم من يستحق فقط.
وواصل فاروق: إن تكريم أكبر عدد من المثقفين لم يكن أمر طبيعي وكان أكرم لنا أن يتم تكريم اثنين فقط من كل محافظة بشكل لائق، وتقام على هامشه ندوة تناقش أعماله، وأرى أن المحافظة التي تعطي الفرصة لتأهيل مثقف واحد أو كاتب واحد في العام، تكون قد قامت بدورها، بشرط أن يكون موهوبا بشكل حقيقي لا أن نكتفي بالبروباجندا التي تتم حول مئات المثقفين الذين لا يوجد تأثير حقيقي لأغلبهم على الساحة الثقافية، ولذا كان يجب أن توضع ضوابط صارمة للتكريمات التي تتم بالمحافظات.
جدير بالذكر أن إقليم جنوب الصعيد الثقافي التابع لهيئة قصور الثقافة، قد كرم أسرة شخص ينتمي إلى الجماعة الإرهابية ومحبوس منذ عدة أشهر، وهو ما طالب معه الكثير من المثقفين بضرورة محاسبة المتسبب في الواقعة.

قصور اللوائح 
ومن جانبه قال الشاعر أشرف أبو جليل، مدير عام الثقافة العامة بالهيئة العامة لقصور الثقافة في تصريحات خاصة: إن المنشور المرسل من الهيئة لجميع الأقاليم وهو معتمد من حسين صبرة رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية يحدد المسئولية على مدير الفرع فقط إذ ينص على ( يرشح نادي الأدب المركزي اسم المكرم ولا يعتمد ولا يعلن عن تكريمه إلا بموافقة مدير عام الفرع فإن اعترض مدير عام الفرع على اسم المكرم يرشح نادي الأدب المركزي بديلا عنه لمدير عام الفرع ).
وتابع: "في إطار اللامركزية ومن خلال النص السابق أعطيت صلاحيات لمدير عام الفرع وبحكم هذا المنشور فإن مدير عام الفرع هو الذي يوافق وهو الذي يرفض التكريم مستعينا بالفنيين لديه في الفرع وأقصد بهم مسئول الشئون الثقافية بالفرع والثقافة العامة بالفرع ومشرف نادي الأدب المركزي بالفرع، ولو تم تطبيق ذلك ما وقعت المشكلة".
وأضاف أن الإدارة العامة للثقافة العامة بالهيئة اقتصر دورها على وضع شروط اختيار المكرم وهو الأكبر سنًا لأنه شرط يمكن الاتفاق عليه، عكس الإبداع الذي لا يمكن الاتفاق التام عليه فكل يرى نفسه الأحق، كما أنه لمسة وفاء للكبار سنا قبل رحيلهم وهذا مطلب الأدباء أنفسهم في كل احتفاليات التأبين للراحلين، والشرط الثاني هو التواجد في أماكن نائية ومحرومة ثقافية للإعلاء من شأن الثقافة والإبداع والمثقفين في بيئات محرومة ثقافية، حتى تكون قوانا الناعمة منارات للمحيطين بهم لو تم تطبيق كتاب الهيئة بدقة.
وأشار أبو جليل إلى أن اللوائح المعتمدة من مجلس الدولة وتعمل بها الهيئة من عشرة سنوات أعطت صلاحيات مطلقة لمجالس إدارات أندية الأدب وامتلأت بالحقوق للأدباء ولم تنص على الواجبات وهذا عوار بهذه اللوائح لا بد من تصحيحه إذ لا يوجد حق إلا ويقابله واجب ولكن من يملك التصحيح بحكم اللائحة هم الأدباء أنفسهم ومن المستحيل أن يقيدوا أنفسهم بواجبات، ومن هنا لا تتم الموافقة على أي تعديل، ونصت اللائحة على دور أندية الأدب كالتالي: "اختيار الأعضاء الممثلين للفرع فى مؤتمر الإقليم والمؤتمر العام وفى اللقاءات الأدبية خارج المحافظة والمشاركة فى تخطيط وتنظيم المهرجانات والاحتفالات والمؤتمرات الأدبية على مستوى الفرع، بالإضافة إلى العديد من المهام منها ترشيح المحاضرين المركزيين تمهيدا لاعتمادهم من اللجنة الفنية بالإقليم ووضع خطة النشر الإقليمى بالفرع وفحص الطلبات المقدمة لاكتساب العضوية العاملة والتنسيق بين برامج أندية الأدب بالفرع الثقافى ووضع الأطر العامة لبرامج وأنشطة أندية الأدب الفرعية بالتنسبق بين رؤساء أندية الأدب وفض المنازعات بين أندية الأدب الفرعية".
وأكمل: "من هنا أقول أن المسئولية الأدبية في اختيار المكرم تقع على نادي الأدب المركزي والمسئولية القانونية تقع على مدير عام الفرع بحكم ما أرسل إليه -في كتاب الهيئة- من اختصاصات وصلاحيات لم ينفذها عبر مرؤسيه وهم مسئول الشئون الثقافية بالفرع ومسئول الثقافة العامة بالفرع ومشرف نادي الأدب المركزي بالفرع، كما أن قبول هذا الشخص كعضو أساسا في أندية الأدب تم عن طريق هذه اللائحة المعتمدة والتي أعطت قبول العضوية حق مطلق لنادي الأدب المركزي واللجنة الفنية بالإقليم وغلت يد الهيئة عن التدخل بالرفض أو القبول".
واختتم أبو جليل: "رغم ماقامت به اللائحة من غل يد الهيئة عن أنشطة أندية الادب فقد حرصت الإدارة العامة للثقافة العامة – في ظل الظروف التي تمر بها البلاد – على إرسال نشرات معتمدة من رئيس الهيئة أو من الشئون الثقافية بإعطاء صلاحيات لمديري عموم الفروع بالتدخل للصالح العام وخاصة في حالات منع الفكر المتطرف والإرهابي فقد نصت التوجيهات المرسلة من الإدارة العامة للثقافة العامة ومعتمدة من رئيس الهيئة على أن لمدير الفرع الحق المطلق في رفض أي كتاب في النشر الإقليمي يدعو للتطرف أو العنف أو المساس بثوابت الدولة المصرية، كما أرسلنا أنه "لا يعتمد مدير عام الفرع قرارات نادي الأدب إذا لم يكن مشرف النادي " الموظف " حاضرا وموقعا على المحضر كما لا يعتمد أي قرارات صدرت في اجتماع جرى خارج الموقع الثقافي الرسمي" كل هذا نحاول به سد فتوق اللوائح الموجودة والتي تحتاج الى قرار جرئ يقضي بتغييرها".