لم تجد قصور الثقافة طريقة لمواجهة الأفكار المتطرفة والداعشية، التى تجتاح المنطقة العربية، أفضل من إعادة نشر المواجهة الفكرية، التى اندلعت قبل حوالى ٩٥٠ عاما، بين الإمام أبو حامد الغزالى، والفيلسوف الشهير ابن رشد، ونتج عنها كتابان من أهم الكتب التى تتميز بها الحضارة العربية والإسلامية وهما «تهافت الفلاسفة» للإمام الغزالى، و«تهافت التهافت» لابن رشد.
الكاتب عبدالحافظ بخير، مدير إدارة النشر بالهيئة، قال فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»: إننا قررنا نشر الكتابين دفعة واحدة نظرا لارتباطهما ببعضهما، خاصة مع الأهمية التى يحتلها الكتابان والقضايا الفكرية التى يتناولها الإصداران ويعتبران نموذجا للصراع الفكرى الراقى ومواجهة الحجة بالحجة والرأى بالمنطق، وهو ما ينقصنا فى هذه الفترة التاريخية للعالم العربى، ومن المقرر أن يصدر الكتابان عن سلسلة الذخائر، تحقيق د. سليمان دنيا، ويرأس تحرير السلسلة د. محمود إسماعيل.
وفى تهافت الفلاسفة تناول
الغزالى الفلسفة بالتحليل التفصيلى، وذكر أصنافهم وأقسامهم، وما يستحقون به من
التكفير بحسب رأيه، وما ليس من الدين، وكان أكثر انتقاد الغزالى وهجومه على
الفلاسفة ما يتعلق بالإلهيات، إذ كان فيها أكثر أغاليطهم بحسب رأيه، وقد كفر
الغزالى فلاسفة الإسلام المتأثرين بالفلسفة اليونانية فى 3 مسائل، وبدعهم فى 17
عشر مسألة، ويقال إنه قضى على الفلسفة العقلانية فى العالم العربى، منذ صدور
الكتاب إلى أن جاء ابن رشد فرد على الغزالى، بكتابه العمدة «تهافت التهافت»، وفيه
رد بعنف وبدقة على المسائل العشرين التى طرحها الغزالى، وأكد أن دين الفلاسفة إنما
يقوم أصلا على الإيمان بوجود الله وعبادته وأن مذهب السببية الذى ينقضه أبو حامد
وينفيه.
