السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بالفيديو والصور.. "البوابة نيوز" تقتحم عالم أصحاب الكرامات على باب السيدة.. "الشيخة صالحة" تشفي المريض وترقي "الملبوس".. والنتيجة "سبحة هدية من سيدي أحمد الرفاعي"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"شيخة صالحة.. أنتي فين يا ستنا.. أنا بدور عليكي من شهور عشان أشكرك.. يا اللي بشرتينى أنى هخلف ولد وهيبقى سبب رزق ليه وفعلا بشرتك حصلت يا ستنا بركاتك يا ستنا"، هكذا شق صراخه الضجيج الذي يعم مسجد السيدة زينب.
وبروايته لتلك القصة، لفت انتباه المارة إليّ، والذين ظلوا ينظرون إليه، ويستمعون لحديثنا جيدًا، وكانت هذه انطلاقة مغامرة محررة "البوابة نيوز"، أو "الشيخة صالحة" في عالم استقطاب البسطاء، للنصب عليهم، بادعائها أنها إحدى أصحاب الكرامات.




محررة "البوابة نيوز" تحولت إلى "صاحبة كرامات"، في مغامرة صحفية، لاختراق هذا العالم السري، لكشف نصب بعض الأناس الذين يستخدمون الجذب، وعتبات مساجد الأولياء، في استغلال البسطاء، والنصب عليهم.
كانت البداية قبل رمضان بأسابيع، بعد أن شاهدت العديد من المجاذيب متواجدين بمساجد آل البيت، مثل الحسين، والسيدة زينب، والسيدة نفيسة، حينها تساءلت ماذا يفعل هؤلاء الأشخاص خلال شهر رمضان، خاصةً في العشر الأواخر من الشهر الكريم، والذي يُعتبر وقت الزكاة، لذلك قررت اختراق هذا العالم بالتحول إلى "مجذوبة" أمام عتبات مساجد آل البيت.
ساعد الجهل في انتشار هذا العالم أمام ساحات المساجد، خاصةً مساجد أولياء الله الصالحين، يوهمون الناس بأنهم يستطيعون علاج أي شخص من الأمراض سواء سحر أو مس، وأن لديهم القدرة على تزويج العانس وجلب الذرية التي تريد الإنجاب.


عالم الشعوذة، وعالم التسول يتشابهان كثيرًا في وجود من يتزعمهم، ويقودهم، ويوزعهم على المناطق، وفي نهاية اليوم، يتقاسمون الأموال التي جمعوها من جيوب البسطاء.
"ارتديت ملابسي البيضاء، وذهبت إلى مسجد السيدة زينب، وجلست على عتبة المسجد، ومعي سبحة، وسبحت بها، ولمظهري الغريب، كوني أرتدي ملابس بيضاء، ظن الجميع أنني من الزاهدين، لأنهم الأناس المعروفين بارتداء الملابس البيضاء".
الدخول إلى عالم "أصحاب الكرامات" لم يكن سهلًا، وكان لا بد من التحضير الدقيق له، فقبل رمضان بأسابيع، والتقيت الشيخ «فراج» الذي يعمل بساحة الشيخ الطيب بمحافظه الأقصر، ويصفه الناس أنه "صاحب كرامات"، وخلال حديثنا سويًا، فاجئني بأشياء كثيرة يعلمها عني، وعندما تجادلنا بأنه يتعامل مع الجن، فرد عليّ قائلَا: "ربنا يعطيني نور بداخلي، أعرف به كل شيء عن أي شيء"، وحينها سألته: "هل كل من يتواجد على أعتاب المساجد أصحاب كرامات؟"، أجابني: "لا فيوجد منهم الكثير من النصابين ويخدعون الناس".

بعد ذلك، ترددت على عدد من المساجد، وشاهدت العديد يجلسون بساحات المساجد الداخلية، أو أمام الأبواب، خاصةً مساجد آل البيت مثل الحسين، والسيدة نفيسة، وزين عابدين. 
تملكتني الحيرة في اختيار المنطقة، ولذلك سألت عن أكثر المناطق التي يتجمع بها أكبر عدد من أصحاب الكرامات وأشهرهم، وكانت الإجابة "مسجد السيدة زينب" لتواجد أكبر عدد من المجاذيب أمامه، وقتها قررت أن أمارس عملي أمام مسجد السيدة زينب لمدة 3 أيام، وتحولت بعدها إلى "الشيخة صالحة صاحبة الكرامات".
ولكى يصدق الناس أنني "صاحبة كرامات"، كان يجب اختلاق عائلة لها كرامات، أو بها أحد من المجاذيب، وتحدثت مع أحد أصدقائي له خلفية كبيرة عن الأضرحة وأصحابها، وطلبت منه أن يختار لي صاحب مقام معروف لكي أنتحل صفة حفيدته، وبالفعل اختار لي شخصية الشيخ عبدالحميد الحميلي، والمقيم بمركز هارون، في فرشوط بمحافظة قنا.


جد "صالحة" المزيف
عبدالحميد الحميلي، تربى في عزبة هارون بمركز فرشوط محافظة قنا، ولقي ربه، ودُفن بمقابر فرشوط، واعتبره الناس من رجال الله الذين يطلق عليهم صفة المجاذيب، وذلك كراماته، كما يدعي سكان قريته.
عندما كان يسير في الطريق إلى ما أمره الله، خرج عليه قطاع الطرق، فقال أحدهم: "إلى أين أنت ذاهب؟"، فقال الشيخ: "إلى أن أمرني الله"، فقال له: "أعطني ما معك"، فقال له الشيخ: "هذا ليس لي، إنها لأحباب الله"، فرفع السلاح في وجه الشيخ، وقال له: "اضرب إن شئت وضغط على السلاح فلم تخرج منه الطلقة وكانت هذه أول كرامة من الحميلي".


عقوق الوالدين
على أعتاب ساحة الرجال بالمسجد، كانت توجد سيدة، تُدعى "أم محمد"، سيدة تجاوزت الخمسين، شاهدتني، وجاءت لتجلس بجواري، نظرت إليها، فوجدتها تتنهد بصورة غير طبيعية، فتحدثت إليها وسألتها "ماذا بكى يا أمي"؟، فأجابتني: "هم الدنيا يا بنتي.. فابني سبب كل أوجاعي.. لا يرحم كبر سنى، فيؤذيني دائمًا ولا ينفق عليّ، ما جعلني أمد إيدي للناس عشان أعيش".
واستكملت باكية: "ابني تخطى 26 عامًا، غير متعلم، ولا يعمل، فكل ما يفعله في الحياة هو السهر مع أصدقاء السوء، وعندما أطلب منه الابتعاد عنهم، يهينني، ويضربني، ثم يطردني من المنزل، حينها نظرت إليها، وعيناها ممتلئتان بالدموع والحسرة، وطلبت مني الدعاء له بالهداية، وقالت: "أنتِ مبروكة، ادعي له بالهداية".
وخلال حديثي مع أم محمد، شاركتنا سيدة تدعى "أم بدير"، واشتكت هي الأخرى من قسوة ابنها عليها، قائلةً: "ابني طردني من المنزل، ولم يراع أنني أمه المريضة، والتي سهرت كثيرًا عليه وهو مريض، ولولا ابنتي أخذتني للإقامة معها وزوجها، لاتخذت الأرصفة مسكن لي".
وطلبت منى الدعاء لابنها قائلة: "والنبي أدعى لابني بدير ابن بدرية إن ربنا يهديه هو وإخواته يا ستنا".

تائهة على أعتاب أولياء الله
خلال تواجدي على سلالم المسجد، وجدت "أم محمود"، اتخذت عاتبات مساجد الأولياء مسكنًا لها، ظنًا أنها ستجلب الراحة النفسية لها، كانت تجلس بجواري تائهةً، لا تحدث أحد، فنظرت إليها وتحدثت معها لمعرفة عن ما يحزنها، سألتها ما الذي يجعلك تجلسين هنا.
وأجابتني: "أنا سيدة مريضة.. ابني الصغير وحفيدي، تُوفيا منذ أشهر، ومن بعدها أسودت الدنيا في عيني، فالحياة ليس لها معنى بدونهما، وأشعر بالاختناق بداخلي"، فسألتها: "هل تصلين؟"، أجابتني: "لا يا ابنتي.. فأنا مريضة.. وأتبول على نفسي دائمًا، ولا أستطيع حبس المياه، ولذلك لا أستطيع الصلاة".
وقلت لها: "لا يا أمي يجب عليكِ الصلاة فهي التي ستساعدك على الخروج من حالتك، وستساعدك على الراحة والفرج، فتوجهي يا أمي إلى الله فهو ملاذك الوحيد"، ولكنها أصرت على الهروب من الصلاة، وكل ما كان يهمها هو أن أدعي لها فقط لا غير، فهي متأكدة أن دعائي هو من سيفك كربها ويصلح حالها.


عاوزة أرجع بيتي.. وحماتي منعاني 
أثناء وقوفي أمام بوابة ضريح السيدة زينب، وجدت سيدتان تقربا مني، وتوجهتا بسؤال لي، وهو: "هل يجب على الحائض زيارة الضريح؟"، فأجبتها: "لا".
وبعدها وقفت بجواري تبكي، وتقربت مني لمساعدتها في محنتها، فحماتها تظلمها وتفرق بينها وبين زوجها، وتسببت في طردها من منزلها منذ عام، وهي تريد العودة لزوجها ولا تعرف ماذا تفعل، وقالت لي: "شكلك بتاعت ربنا.. ساعديني أعمل إيه"، فسألتها أيضًا حول الصلاة، وكانت إجابتها بالسلب، فطلبت منها الصلاة، والدعاء الله كثيرًا، وسيصلح الله الأحوال بينها وبين زوجها، ونصحتها أيضًا بقراءة سورة البقرة على مياه، تغتسل بها لمدة شهر، وتكثر من الاستغفار، وبإذن الله ستعود لزوجها، وبعدها أخرجت مبلغًا ماليًا، وأعطتني إياه، فرفضت، وطلبت منها أن تتصدق به ليتيم بنية فك الكرب.


عيالي شياطين
بعد السيدتين، وجدت العديد من الأسر تحضر أطفالها لرقيتهم والدعاء لهم، فاقتربت أسرة لديها طفلة صغيرة، لا تتجاوز 4 سنوات تقريبًا، مني، تريد أن أرقيها، سألت أمها: "ماذا بها؟"، أجابتني: "تبكي كثيرًا، وتظل تائهة عن العالم، ولا تحدث أحدًا".
فقلت لها: "ما تنتظرين من ضربك لابنتك، هل تريدها أن تكون سعيدة؟"، فبعد الضرب يجب أن تبكى، وأن تمرض "نفسيًا"، وأخذت منها الفتاة، ورقيتها، ثم قلت لأبيها: "ابنتك هذه بركة وستأخذك إلى الجنة، وهي مصدر رزقك في الدنيا، فيجب عليك احتضانها وحبها وليس ضربها وأذيتها".
واستمع إليّ الأب، ثم احتضن ابنته، وقبّلها، لأنه توهم أنها ستكون مثلي، "صاحبة كرامات".
سيدة أخرى، جاءت إليّ بابنها، وقالت إنه "شيطان"، لا يسمع كلامها، ويصرخ كثيرًا، وطلبت مني أن أرقيه، لأنها تظن أن عليه "جن"، هو من يتسبب في "شقاوة ابنها" الغريبة، فرقيته، وبعدها قلت لها: "ابنك لا يوجد به شيء، فهو سليم ولكن هو كأي طفل يحب اللعب ليس إلا".


مس الجان والعفاريت
خلال تواجدي في ساحة المسجد، وجدت العديد من السيدات اللاتي تعتقدن في مس الجن، فالنساء أكثر من يقتنع بالجان والعفاريت، فإذا شعرت بالاختناق تجدها تقول "دا ملبوس وعاوز شيخ".
"سماح"، فتاة لا تتخطى الـ25 عامًا، تزوجت منذ شهرين، وتُوفيت والدتها منذ 8 أشهر، قبل زواجها، جاءت مسرعة إليّ عندما شاهدتني، وتحدثت عن شعورها الدائم بالاختناق وبالبكاء، قائلةً إنها «ملبوسة»، وإن الجن يخنقها، ويمنعها من تلاوة القرآن.
سألتها عن حياتها، أجابتني بأن والدتها توفت منذ 8 أشهر، وأنها كانت متعلقة بها للغاية، ومنذ وفاتها وهي تشعر بهذه "الخنقة"، وعندما سألتها عن علاقتها بوالدها، أجابت: "عادية وليست مثل علاقتي بأمي".
طلبت منى رقيتها، وبعد ذلك، قلت لها إنها ليست "ملبوسة"، وإن كل ما تشعر به هو حزن على فراق الأم، ومع الأيام ستداوي هذا الحزن.
وأثناء جلوسي بالساحة، حضرت أيضًا إحدى السيدات، التي قصت لي قصة "قريبتها الملبوسة"، التي تركت بيت زوجها بسبب "الجن"، الذين يسكنون البيت، وقالت إنها تتحدث مع الجن طول اليوم، وطلبت مني وصفة لمساعدة تلك السيدة، فقلت لها أن تسمع سورة البقرة دائمًا في المنزل، وتقرأ سورة البقرة على مياه، وترشها لمدة 40 يومًا بداخل شقتها، وسينصرف عنها الجان بعون الله.
سيدة أخرى قالت إنها بعد دخول زوجها السجن، أصبحت حالتها غريبة، فهي تصرخ في كل الأوقات، خاصةً في "دورة المياه"، وتشعر أنها أصبحت "ملبوسة"، وطلبت مني مساعدتها، فقرأت عليها قرآن، وبعدها طلبت منها بالاتجاه إلى الله، والابتعاد عن الصراخ "بالحمام"، لأنه سيتسبب بأذيتها كثيرًا، وقلت لها: "إذا شعرتِ بالاختناق، قومي إلى الصلاة، وقراءة القرآن، فحينها ستحل كل مشاكلك التي تعانين منها.


"عاوزة أخلف"
خلال جلوسي في الساحة، كان هناك سيدتان تنظران إليّ من بعيد، اقتربت مني إحداهما على استحياء، وقالت لي إن الحيض لم يأت إليها منذ ثلاثة أشهر، وإنها ذهبت للأطباء، ولكن لم يبشرها أحدًا بالإنجاب، وهي تريد الإنجاب، ولكن لا تعرف ماذا تفعل.
رقيتها، وقرأت لها بعض من آيات القرآن على رأسها، وقلت لها إنها ستستطيع الإنجاب وسترزق بمولود في القريب العاجل، فدعت لي، وقبلت رأسي، وتركتني وهي فرحة.
أما السيدة الثانية، فمتزوجة منذ 12 عامًا، ولديها طفلين ولد وفتاة، وزوجها يريدها أن تنجب له طفلًا آخر، وهي لا تعرف ماذا تفعل، وطلبت مني رقيتها، والدعاء لها حتى تتمكن من الإنجاب، وفعلت معها كالأولى تمامًا، وبشرتها بأنها ستنجب قريبًا.

سبحة هدية من "الرفاعي"
خلال تواجدي في مسجد السيدة زينب، قبيل أذان المغرب، وأثناء مقابلتي لسيدة تريد الإنجاب مرة أخرى، رغم لأن لديها أطفال، جاء أحد المجذوبين المتواجدين في ساحة المسجد، يرتدي ملابس بيضاء، وقال لي: "لدي أمانة أريد إعطائك إياها بعد أذان المغرب"، فتبسمت له، وقلت له: "حاضر"، وبالفعل بعد الأذان حضر، وأعطاني "سبحة"، وقال لي نصًا: "دي أمانة ليكي من عند الشيخ أحمد الرفاعي"، حينها ابتسمت له، ورددت بعدها: "مدد يا أحمد يا رفاعي.. مدد"، وظللت أرددها حتى تركني بعدها، وانصرف مسرعًا.