الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فتاوى إرهابية "5"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نكمل اليوم الفتاوى الإرهابية التى تستند إليها التيارات المتشددة، كما رصدها خالد المشوح فى كتابه «ثلاثون شبهة تعتمد عليها تيارات العنف الإسلامية». 
١٧- يعارض التكفيريون ما يسمونه «وجود الكفار فى جزيرة العرب»، معتمدين على حديث نبوى رواه البيهقى فى سننه، «لا يجتمع فى جزيرة العرب دينان»، ويضيف التكفيريون بأنه قد أفتى بعض الشيوخ بـ«عدم صحة العقود التى تعطى للمشركين من أجل الإقامة داخل الجزيرة العربية، ومن ثم وجب إخراجهم منها، فإن أصروا على البقاء فليس لهم إلا القتل لأنهم فى حكم المحاربين المحتلين لبلاد المسلمين». (ص٤٨).
ويمكن القول هنا فى الرد بأنه ليس من الواضح ما المقصود بالجزيرة العربية: هل هى الحجاز أم كل ما بين البحر الأحمر وبحر العرب والخليج العربى مثلًا؟ وما الحدود الشمالية للجزيرة والعربية، هل تصل إلى تركيا أم تقف عند حدود سوريا والعراق والأردن التى كما يقال، رسمتها اتفاقية سايكس بيكو؟
وإذا كان المراد بجزيرة العرب اليمن كذلك، فقد بقى اليهود فى اليمن حتى أيامنا هذه، حيث هاجر الكثير منهم إلى إسرائيل وكذا العراق، بل البحرين التى أخذ المسلمون من المجوس فيها الجزية، ولم تجر تصفيتهم أو قتلهم أو إخراجهم فورًا من «جزيرة العرب».
جاء فى كتاب «جغرافية شبه جزيرة العرب» للباحث السورى «عمر رضا كحالة»، طباعة مكة المكرمة ١٩٦٤، «اختلف جغرافيو اليونان والرومان فى حدود جزيرة العرب فجعل «إكسنفون» Xenophon حدودها الشمالية تبدأ من الفرات، وأضاف إليها قسمًا كبيرًا من العراق، وقال «بطليموس» و«سترابون» إن حدودها الشمالية تبدأ من مدينة الرقة بدير الزور فى سوريا، واختلف جغرافيو العرب فى تحديدها وضم بعضهم معظم العراق وبادية الشام، وإن اعتبر «كحالة» حدود الجزيرة العربية فى الشمال العراق وشرق الأردن».
وعلى صعيد الواقع الزمنى الحالى نتساءل: هل ظروف المسلمين فى هذا العصر تعطيهم القدرة أو تسمح لهم القوانين بطرد كل مسيحى ويهودى وربما هندوسى وبوذى من دول الخليج والجزيرة بحجة عدم جواز اجتماع دينين فى جزيرة العرب، فى حين يحتاج المسلمون إلى أتباع الأديان الأخرى لأسباب تنموية ودفاعية وبسبب شرعية القوانين الدولية التى تحكم العالم الإسلامى إلى جانب دول العالم والإنسانية جمعاء؟
ثم هل كل ضرورات وظروف بداية الدعوة الإسلامية قبل قرون بعيدة، وكل حسابات حمايتها يومذاك والدعوة فى بدايتها وعدد المسلمين محدود والأوضاع الدولية والجغرافية والعسكرية وغيرها مختلفة تمامًا عنها اليوم، تتطابق مع الواقع الدينى والسكانى للعالم الإسلامى ودول مجلس التعاون اليوم؟
ولعل الجزء الثانى مما يشير إليه كتاب المشوح هنا فيما ينقله عن التكفيريين بخصوص فتوى الشيخ بكر أبوزيد حول «عدم صحة العقود التى تعطى للمشركين من أجل الإقامة داخل الجزيرة العربية» لا تقل خطورة عن القسم الأول، فهو ينسف كل شرعية للسفارات ووزارات الداخلية الخليجية والعربية فيما تمنح للراغبين فى زيارة دول مجلس التعاون أو الإقامة فيها من تأشيرات دخول أو إقامة شرعية فى البلاد، بل يهدد كل الزائرين والمقيمين من غير المسلمين، «ومن ثم وجب إخراجهم منها، فإن أصروا على البقاء فليس لهم إلا القتل، لأنهم فى حكم المحاربين المحتلين لبلاد المسلمين».
وربما لم يسمع أحد فى عصر الانفتاح والتواصل والعولمة بفتوى أشد عزلة ووحشية منها، ولو ترجمت ونشرت فى إنجلترا وفرنسا وألمانيا لتضاعف عناء المسلمين، وتعمقت «الإسلاموفوبيا» التى يتهمون المسيحيين الأوروبيين بإثارتها ضد المسلمين فى الغرب.
نقلًا عن «الجريدة الكويتية»