الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

زينب الغزالي.. سيدة جماعة الإخوان الإرهابية الأولى

ثنائية الدراما والتاريخ.. مغالطات وحيد حامد فى «الجماعة ٢» «4»

مسلسل «الجماعة ٢»
مسلسل «الجماعة ٢»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انشقت عن هدى شعراوي وآمنت بأفكار «البنا» وأسست التنظيم السري للقطبيين
باحث تاريخي: مؤرخو الإخوان يغفلون «أيام من حياتي» ويعتبرونها لم تؤدِ أي دور 
زينب الغزالى تجسدها الفنانة صابرين فى مسلسل «الجماعة ٢»، وهو المسلسل الذى أثار جملة من القضايا التاريخية التى اعتبر البعض أن بها كثيرًا من المغالطات التاريخية، ونال دورها فى المسلسل الكثير من الإشادات النقدية والجماهيرية مع عرض حلقاته الأولى. 
حتى إن مشهدها مع إياد نصار «حسن البنا» فى الحلقة الرابعة، وهو من أكثر المشاهد الذى علق عليه الجمهور واستحسنه من الناحية الدرامية. 
زينب الغزالى الجبيلي كاريزما لم تر جماعة الإخوان مثلها، لأنها ببساطة لم تستطع شخصية مثلها أن تحل مكانها فى الجماعة لأسباب كثيرة منها مقوماتها الشخصية وثقافتها، بجانب الصوت الجهوري والغليظ والحاد فى بعض الأحيان من الناحية الدعوية، بالإضافة إلى التربية القومية القديمة مع هدى شعراوي والاتحادات النسائية التحررية في الثلاثينيات والأربعينيات التى انبثقت منها حركة السيدات المسلمات وانشقت عنها.
قدرات زينب الدعوية في التعامل مع مقدرات الأمور داخل الجماعة وخارجها خاصة مع الإعلام وأثناء التحقيق معها من قبل الأجهزة الأمنية، ربما لن تأتي شخصية مثلها طوال تاريخ جماعة الإخوان المسلمين حتى الآن. 

ولدت زينب محمد الغزالي الجبيلي في ٢ يناير ١٩١٩ في قرية ميت يعيش مركز ميت غمر محافظة الدقهلية، وكان والدها من علماء الأزهر، تعرفت الغزالي على الاتحاد النسائي الذي كانت ترأسه هدى شعراوي وتوثقت العلاقة بينهما، وأصبحت من أعضاء الاتحاد البارزات. 
دافعت زينب الغزالى عن مشروع هدى شعراوى فى البداية لتنمية المرأة والنهوض بها، وخاضت مناظرات مع بعض شيوخ الأزهر وطالب بعضهم بإيقافها عن الخطابة؛ مثل الشيخ محمد النجار، وكانت قد كلفت من قبل هدى شعراوي بحضور حلقات في الأزهر عن دور المرأة في الإسلام. 
لم تجد نفسها كقيادة تابعة لهدى شعراوي فانفصلت عنها وأسست مركز السيدات المسلمات فى عام ١٣٥٧هـ - ١٩٣٧م، وبعد تأسيسها بـ ٦ أشهر اقترح عليها البنا بعد زيارة لها في مركزها، رئاسة قسم الأخوات المسلمات عند الإخوان ورفضت في البداية بناءً على رفض بعض العضوات المؤسسات للمركز، لكنهن أبدين بعد ذلك التعاون والتنسيق مع الجماعة.
لكن بعد أحداث ١٩٤٨ وصدور قرار حل جماعة «الإخوان المسلمين» أرسلت برقية تأييد للبنا تبايعه فيها على العمل للإسلام وتعبيد نفسها لله في سبيل خدمة الجماعة، وحينئذ أصبحت عضوة في جماعة الإخوان المسلمين تلعب دورًا رئيسيًا فيها.

«زينب الغزالي» وثورة يوليو 
جسد المسلسل عبر حلقاته الأولى، كيف تعاطفت زينب الغزالي مع ثورة يوليو من بدايتها، وقت أن كانت القيادة بيد اللواء محمد نجيب كما أيدتها السيدات المسلمات وكان ذلك لفترة قصيرة تغيرت رؤيتها بعد ذلك بسبب إحساس الغزالي أن الأمور لا تسير على ما يرام، وأنها ليست الثورة المنتظرة التي تقيم حكم الله، ومرت الأيام وبدأ الصدام مع عبدالناصر وظهر عداؤه الشديد مع الإخوان في شخوص رجاله وصدور الأحكام بالإعدام على قيادات الإخوان. 
ومن هنا تطورت وتحولت شخصية الغزالي الداعية في جميع السيدات المسلمات إلى شخصية مساندة ثم قيادية وخاصة بعد القبض على مرشدها حسن الهضيبي ووضعه تحت الإقامة الجبرية. 
يروج الإخوان دائمًا أنها رفضت مقابلة عبدالناصر قائلة: «أنا لا أصافح يدًا تلوثت بدماء عبدالقادر عودة» فكانت بداية العداوة من التعذيب والسجن، لكن الحلقات تذكر أنها بقيادتها لقسم الأخوات المسلمات فى الجماعة وتدبير شأن المعتقلين فيما يعرف بكفالة أسر المعتقلين والمسجونين في قضايا الإخوان، بالإضافة إلى قيامها بعمل صندوق دعم الجماعة الاجتماعي والتنظيمي، وكونها حلقة الوصل بين القيادات المسجونين في قضية اغتيال عبدالناصر ومجموعة تنظيم ٦٥ بقيادة سيد قطب ومقابلتها لقيادات في السفارة الأمريكية، كل ذلك أثار غضب عبدالناصر عليها في حلقات مسلسل الجماعة. 
وعن حقيقة هذه الأمور يقول بدر محمد بدر الذي كان يعد بمثابة سكرتير لها قبل وفاتها عن هذه المرحلة «لاقت الغزالي تضييقًا عليها، ثم دبروا لاغتيالها في حادث سيارة أسفر عن كسر فخذها، ثم حاولوا تجنيدها في الاتحاد الاشتراكي وإغرائها بالمناصب، وعرضوا عليها أن تصبح مجلة «السيدات المسلمات» تحت إشراف وتوجيه الاتحاد الاشتراكي، وكانت الغزالي صاحبة الامتياز ورئيسة التحرير آنذاك، وقدروا مقابل ذلك ثلاثمائة جنيه راتبًا شهريًا لها مع تدعيم المركز والمجلة بعشرين ألف جنيه سنويًا، إلا أنها رفضت كل هذا، ثم صدر قرار الحكومة رقم ١٣٢ بتاريخ ٦/٩/١٩٦٤م بحل المركز، وإيقاف إصدار مجلة «السيدات المسلمات» ولكنها رفضت كل هذه التهديدات». 

نجل عبدالفتاح إسماعيل يروي شهادته 
وحول علاقتها بتنظيم ٦٥ يقول نجل عبدالفتاح إسماعيل «إن زينب الغزالي هي التي عرفت والدي عبدالفتاح إسماعيل بآل الهضيبي، فقد كانت ترى فى والدي أنه يحمل هم الدين والعقيدة، ويبحث عن بديل لمواجهة نظام عبدالناصر ـ الطاغوت ـ وخاصة بعد القبض على جميع المجموعات العاملة للإخوان فى هذه الفترة، وكان والدى قد حكم عليه بخمس سنوات فى قضية اغتيال عبدالناصر، وأفرج عنه فى أوائل عام ١٩٦٠». 
وعن كيف نشأ التنظيم يقول نجيب عبدالفتاح إسماعيل إن ملازم كتاب «المعالم» طلب سيد قطب من شقيقته حميدة نقلها لوالدى، وقام والدى بإطلاع المرشد حسن الهضيبي عليها. 
واطلع والدي عبدالفتاح إسماعيل بعد صدور العفو على الهضيبى عام ١٩٥٩ لظروفه الصحية على الكتاب، حيث باركه الهضيبي ليقوم والدي بتدريسه وتعميمه على شباب الجماعة آنذاك. 
بعد عدة أعوام أفرج عبدالناصر عن الشيخ سيد قطب بوساطة عبدالسلام عارف رئيس العراق كعفو صحي، وذهب سيد قطب إلى مصيف رأس البر وكانت أمى ـ والكلام على لسان نجيب ـ تعد لهم الطعام حيث كانوا يتدارسون المعالم وكتب سيد قطب المختلفة فى فيللا رأس البر التي كانت تطل على البحر مباشرة، وكان يجلس معه فى الفيللا أولاد شقيقته الكبيرة نفيسة، فتحية وفوزية. 
وعن اختفاء شخصية شقيقه محمد قطب من المشهد قال الشيخ نجيب «محمد قطب لم يكن له دور ظاهر فعلًا فى قضية ٦٥ وربما لم ألمس أنا هذا الدور بعد». 
أيام من حياة التنظيم 
وحول حياتها ومذكراتها يقول نجيب عبدالفتاح «بعد خروجها من السجن عرض عليها محمد المعلم صاحب امتياز دار الشروق، فكرة كتابة مذكراتها وكنت معها في هذه الأثناء وكانت تملي علىّ بعض الفقرات أكتبها لها». 
وكنت ألاحظ أنها عندما كانت تكتب معلومة تنتظر صاحبها حيث تتأكد منه بدقة بعض الأحداث، وكان يتردد عليها وكنت أقيم معها في الفيللا إسماعيل الهضيبي، وصالح سرية، ومعروف الحضري، وعبدالمتعال الجابري وجابر رزق، وكمال سلام، د. محمد المأمون. 
ويستكمل نجيب «كان معروف الحضري أحد الضابط الذين شاركوا مع عبدالناصر في حصار الفلوجة وكان على صدام مع عبدالناصر وكانت تستوثق منه في بعض ما تكتب عن فترة البنا وعلاقتها بعبدالناصر». 
وبخصوص مراجعتها عن دور والده فى تنظيم ٦٥ قال «إنه كان يكتب في هذه الفترة كآلة لها فقط، لكنه استفاد فيما بعد من بعض ملاحظاتها وكنت أتذكر بعض ما كتبت وخاصة دور والدي في التنظيم». 

أوراق الإخوان تغفل زينب الغزالى 
من الغريب أن أشهر كتابين أرّخا للإخوان من داخل الإخوان هما «أوراق من تاريخ الإخوان» لجمعة أمين، وكتاب «الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ»، لمحمود عبدالحليم لم يتطرقا لتاريخ زينب الغزالى بشيء من التفصيل سوى إشارات لرحلات الحج ولقاء «البنا» ولقاءات مع القادة المعروفين فى الجماعة. 
ومن أهم المؤلفات التى أخرجتها كتاب «نحو بعث جديد»، «نظرات فى كتاب الله»، «مشكلات الشباب والفتيات»، «إلى ابنتى»، «أسماء الله الحسنى» ولها العديد من المقالات فى الصحف والمجلات العربية والإسلامية، وقد طافت الكثير من البلدان الإسلامية، وشاركت ومثلت المرأة المسلمة فى كثير من المؤتمرات والمنتديات.
ولم تشر مصادر الجماعة سوي للكتاب الذى نشرته زينب الغزالى «أيام من حياتي» عن نفسها فى سبعينيات القرن الماضى اعتمادًا على شقيقها يوسف والذى يقال إنه وضع فيه كثيرًا من المحفزات للقارئ حتى يكون شيقًا، أو بعض مؤلفاتها بعد ذلك.
والغريب ـ بحسب ما أكده الباحث التاريخى سيد حامد ـ أن هناك مجموعة من الكوادر الإخوانية الذين لم تطلهم حملة الاعتقالات الخاصة بتنظيم ٦٥، من أجل إعادة تنظيم صفوف الجماعة من جديد، أبرزهم عبدالفتاح إسماعيل، وعلى عشماوي، وأحمد عبدالمجيد، ومحمد فتحى رفاعي، وعوض عبدالعال وآخرون، ضمن ما عرف بتنظيم «سيد قطب»، أو «تنظيم ١٩٦٥».
وأشار حامد «إلي أن أول لقاء بين زينب الغزالى وعبدالفتاح إسماعيل، كان فى رحلة حج عام ١٩٥٧، الذى يوصف بأنه «دينامو تنظيم ١٩٦٥ وثالث ثلاثة أعدموا عام ١٩٦٦» تروى الغزالى فتقول: «بعد ركعتى الطواف، جلسنا خلف بئر زمزم بالقرب من مقام إبراهيم، وأخذنا نتحدث عن بطلان قرار حل جماعة الإخوان المسلمين ووجوب تنظيم صفوف الجماعة وإعادة نشاطها. واتفقنا على أن نتصل، بعد العودة من الأرض المقدسة، بالإمام حسن الهضيبي، المرشد العام لنستأذنه فى العمل. فلما هممنا بالانصراف، التفت على عبدالفتاح وقال: يجب أن نرتبط هنا ببيعة مع الله على أن نجاهد فى سبيله، لا نتقاعس حتى نجمع صفوف الإخوان، ونفاصل بيننا وبين الذين لا يرغبون فى العمل أيًا كان وضعهم ومقامهم، وبايعنا الله على الجهاد والموت فى سبيل دعوته». 
وقال حامد «إن التحركات للم شتات الإخوان من جديد، على مستوى محافظات مصر كلها، بتوجيهات وتعليمات تصل من داخل السجن، وفى قصاصات يكتبها سيد قطب تحت مسمى «خيوط خطة»، صدرت، فيما بعد، ضمن كتابه الشهير «معالم فى الطريق»، وفقا لما أكده أيضا أحمد عبدالمجيد، فى مذكراته «الإخوان وعبدالناصر.. القصة الكاملة لتنظيم ١٩٦٥».
وتتوالى الأحداث فى المسلسل بعد ذلك، وتتناول تفاصيل هذا المخطط الذى يبدأ من الإعداد والتكوين التربوي، وصولًا إلى إقامة الدولة أو الخلافة الإسلامية المزعومة، بتعليمات من سيد قطب، والطاعة على إقامة الدولة الإسلامية، وكانت هذه المجموعة على قناعة كذلك بأن الأرض اليوم خالية من القاعدة المؤمنة التى تتوافر فيها صفات الأمة الإسلامية الملتزمة التزامًا كاملًا، كما كان الأمر فى عهد النبوة والخلافات الراشدة، ولذلك وجب الجهاد على الجماعة المسلمة واغتيال الطاغوت حتى يعود جميع المسلمين للإسلام، فيقوم الدين القيم، لا شعارات ولكن حقيقة عملية واقعة. 
حكم فى النهاية على زينب الغزالى بالسجن لمدة خمسة عشر عامًا فى هذا التنظيم، وتمت إدانة حميدة قطب فى التنظيم وحكم عليها بالسجن عشر سنوات، كما تمت إدانة إحدى بنات المرشد حسن الهضيبى فى القضية نفسها، وتدعى علية الهضيبى وحكم عليها بالسجن خمس سنوات ليتم إيداعهن جميعًا سجن القناطر للنساء.