صاحب الصوت الأكثر شهرة.. والعقلية الأكثر إبداعًا.. ارتبط الجمهور العادى بصوته المميز والذى أصبح علامة تجارية لا مثيل لها فى سوق الإعلان المصرى.. لا تختلف عن اللوجو الخاص بوكالته الإعلانية، والذى يظهر خلاله بنصف وجه، والذى أصبح محفورا فى ذاكرة المصريين مثله مثل الأغانى الإعلانية التى اشتهر بها، والتى لا نزال نرددها حتى الآن.. إلا أنك عندما تبحث وراءه تجد نفسك أمام إمبراطور حقيقى فى عالم الإعلان والإعلام معا.
اشتهر رجل الأعمال طارق نور بقدرة فائقة على الإبداع فى مجالى الإعلام والإعلان، حيث لقب بوزير الدعاية فى مصر أو «عم الإعلانات» فهو صاحب مدرسة إعلامية وإعلانية مميزة ويعتبر أول من درس علم التصوير الإعلانى فى الولايات المتحدة الأمريكية فى أوائل السبعينيات، قبل أن يعود لمصر ليطبقه عمليا.
أنشأ «نور» عام ١٩٧٩ وكالة أمريكانا للإعلان، كأول وكالة إعلانات خاصة فى مصر ثم وكالة طارق نور للإعلان «تى إن إيه»، ليس ذلك فحسب وإنما يعد طارق نور الصوت الإعلانى الأكثر شهرة وجذبا منذ الثمانينيات حتى الآن، لدرجة جعلت من صوته علامة مميزة ارتبطت فى أذهان الجمهور، وله أرشيف إعلانى حافل ما زال يعرض حتى الآن على قناة القاهرة والناس، كما اشتهر فى الوسط الإعلان بالجرأة فى ابتكار وتنفيذ عدد كبير من البرامج، كما شهد معظم من عملوا معه بأن لديه طاقة إبداعية خاصة تجعل النجاح دائما ثمرة ما ينتجه.
صاحب أول قناة رمضانية
يعتبر طارق نور صاحب فكرة انطلاق قناة رمضانية وهو ما كان ملفتا حيث يعتبر الكثير من رجال الإعلام والإعلان فى مصر أن انطلاق قناة فى الموسم الرمضانى مغامرة، لما يتطلبه هذا الشهر من خريطة برامجية ودرامية مميزة وباهظة التكاليف، إلا أنه أختار السير عكس الجميع، وبالفعل أطلق قناته التليفزيونية «القاهرة والناس» كأول قناة رمضانية تبث مع بداية الشهر وينقطع إرسالها مع نهايته والتى كان افتتاحها رمضان ٢٠١٢ ولكن بعد هذا التاريخ أصبحت القناة تبث طوال أيام السنة، وأنتجت عددا من البرامج المميزة والتى حملت عددًا منها نوعا من المخاطرة منها فكرة برنامجى الراقصة ونفسنة، إلا أن نجاح هذه البرامج أكد على الرؤية والعقلية المختلفة التى يتمتع بها «نور».
أنتجت القناة عدة برامج سياسية لمجموعة من كبار الإعلاميين، أضفت لها شاشة القاهرة والناس طابعًا خاصًا، جعلها أكثر تميزًا منها برنامج «الصندوق الأسود» للإعلامى عبدالرحيم علي، الذى كان سببا فى فضح مخططات أعداء الوطن وألاعيبهم لإسقاط مصر وأيضا برنامج القاهرة ٣٦٠ الذى قدمة الإعلامى أسامة كمال، وأيضا قدم من خلالها الإعلامى طونى خليفة، أقوى برامجه «أجرأ الكلام» والذى حقق طونى من خلاله نجاحا لم يحققه بعد انتقاله لقنوات مصرية أخرى، إلى جانب برنامج إبراهيم عيسى والذى تناول فيه العديد من القضايا الشائكة والجدلية.
بالإضافة أيضا إلى نشرة الأخبار الكوميدية الشهيرة التى تقرأها أشخاص كرتونية لدجاجتين تعرفان بخفة الظل وقلة الحياء، تتحدثان فى قضايا ساخنة بأسلوب ساخر من واقع المجتمع والتى لاقت هى الأخرى نجاحا واستحسانا من الجمهور كفكرة جديدة وجذابة.
خريطة رمضانية خاصة
دائما تطل علينا شاشة «القاهرة والناس» بخريطة رمضانية جديدة ومختلفة، وابتعدت القناة أيضا عما تتبعه القنوات المنافسة فى رمضان من تكديس خريطتها بالدراما والمسلسلات، فخلقت لنفسها خريطة مميزة بها توليفية برامجية ودرامية، ولعل أبرز ما فيها برنامج «رمضان بتاع زمان»، حيث يعرض خلال البرامج مجموعة من البرامج التى لاقت نجاحا كبيرا فى التليفزيون المصري، وما زالت محفورة فى ذاكرة المشاهد، والتى منها برنامج المسابقات «بدون كلام»، وبرنامج المقالب «الكاميرا الخفية» لفؤاد المهندس، والذى كان يذاع بالتليفزيون المصرى فى رمضان عام ١٩٨٥، وأيضا برنامج المقالب الشهير «حسين على الهوا»، كما تعتبر القاهرة والناس أول قناة خاصة تعيد إذاعة برنامج إبراهيم نصر الشهير «الكاميرا الخفية»، وبرنامج المسابقات الشهير «ستار ميكر»، بالإضافة لإذاعتها عددا كبيرا من الإعلانات الأرشيفية، والتى أنتجها طارق نور فى التسعينيات وهى ما جذبت الجمهور ما بها من نوستالجيا وحنين للماضي، وتذيع القناة أيضا البرنامج الحوارى «شيخ الحارة» والذى حاز على إعجاب الكثيرين واعتبروه عودة مميزة للإعلامية بسمة وهبة، بالإضافة إلى برنامج الطبخ «الست غالية» وهو برنامج مختلف فى بساطته وطريقة تقديمه وكذلك برنامج «ليالى رمضان» والذى يعتبر النسخة الرمضانية من برنامج نفسنة، وبالرغم من أن القناة تذيع مسلسلين فقط إلا أنهما من أكثر المسلسلات التى جذبت الجمهور ولاقت نجاحا واسعا وهما مسلسلا «ظل الرئيس» و«كلبش».
حملات إعلانية مميزة
لم تتوقف إبداعات طارق نور المميزة فى الإعلان فعلى الرغم من ازدحام ومنافسة الشركات الجديدة له فى السوق الإعلانية، إلا أنه ما زال يتربع على عرش سوق الإعلانات فى مصر، حيث نفذ أكثر من إعلان أبرزها إعلان «الحق فى المعرفة»، والذى أسندت لشركته مهمة تنفيذه من قبل إحدى الجهات الحكومية، بالإضافة لإنتاجه عددا من الإعلانات الخيرية الأخرى بصوته، ولم تأت ثقة الدولة فى طارق نور من فراغ فيمكن اعتبار هذا الرجل صاحب البصمة الأهم فى تغيير الكثير من طباع الشعب المصرى والقدرة على التأثير فى وجدانه، حيث ساهم بشكل أصيل فى صناعة مشاريع عملاقة، ونجح فى إذابة حائط الجليد وكسر أزمة الثقة بين الشعب والحكومة، بعد تنفيذه لعدة حملات إعلانية رائعة منها حملة إعلانات الضرائب الناجحة، حيث اعتمد عليه وزير المالية الأسبق بطرس غالى للتسويق لقانون الضرائب الجديد، من خلال حملة «الضرائب مصلحتك أولا» وحققت الحملة نتائج مذهلة فاقت التوقعات وقتها، وكذلك فهو صاحب الحملة الدعائية للسياحة فى مصر «نورت مصر» وغيرها من الحملات الناجحة.
حتى الآن تعيش إعلانات طارق نور فى ذاكرة الشعب المصرى فإعلاناته الشهيرة فى الثمانينيات والتسعينيات والتى تعتبر الأكثر إمتاعا وجذبا أصبحت جزءا من التراث الثقافى فى مصر ومنها إعلانات ما زالت عالقة فى أذهاننا ووجداننا حتى الآن، مثل «إعلان «فليت» وإعلان «قبنورى»، وشيكولاته «جيرسى» ومفروم «أمريكانا» وكوتشى «أميجو»، والتى بالرغم من قصر مدتها إلا أنها أصبحت عالقة فى أذهان الصغار والكبار.
