فارس النهار وناسك الليل.. مات شهيدًا في فتوحات الأمويين
نال صلة بن أشيم رحمه الله شرف صحبة أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقد تربى على أيديهم وتعلم منهم، وأخذ عنهم، وقد تعلم على يد حبر الأمة، وابن عم النبى عليه الصلاة والسلام عبدالله بن عباس، وكان طاووس يقول: إن رجلا يقال له: أبوالصهباء كان كثير السؤال لابن عباس، وأخذ أيضًا عن الصحابى الجليل عبدالله بن مسعود رضى الله عنه.
وكان صلة بن أشيم يخرج إلى القبور، فيتعبد فيها فكان يمر على شباب يلهون ويلعبون فيقول لهم: أخبرونى عن قوم أرادوا سفرًا فحادوا النهار عن الطريق وناموا بالليل متى يقطعون سفرهم؟ قال: فكان كذلك يمر بهم ويعظهم فمر بهم ذات يوم فقال لهم هذه المقالة فانتبه شاب منهم فقال: يا قوم، إنه لا يعنى بهذا غيرنا نحن بالنهار نلهو وبالليل ننام ثم اتبع «صلة» فلم يزل يختلف معه إلى الجبانة فيتعبد معه حتى مات.
وكان «صلة» قد أدرك أن هذه الحياة ما هى إلا دار عمل، فعمل على أن يتزود منها للدار الآخرة، فكان يجاهد نهارًا ويتعبد ليلًا، استحق بأن يوصف بفارس بالنهار، راهب بالليل، يقول حماد بن جعفر بن زيد أن أباه قال له: خرجنا فى غزوة إلى كابل وفى الجيش صلة بن أشيم فنزل الناس عند العتمة وصلوا فصلى ثم اضطجع، فقلت: لأرمقن عمله فالتمس غفلة الناس، حتى إذا قلت هدأت العيون وثب فدخل غيضة قريبا منا ودخلت على إثره فتوضأ، ثم قام يصلى وجاء أسد حتى دنا منه قال: قصدت شجرة قال: فتراه التقت أوعد به جزوا حتى سجد فقلت: الآن يفترسه فلا شيء فجلس ثم سلم ثم قال: أيها السبع، اطلب الرزق فى مكان آخر فولى وإن له لزئيرًا أقول تصدع الجبال منه قال: فما زال كذلك يصلى حتى لما كان عند الصبح جلس فحمد الله بمحامد لم أسمع بمثلها إلا ما شاء الله ثم قال: اللهم إنى أسألك أن تجيرنى من النار أو مثلى يجترئ أن يسألك الجنة.
وكان صلة بن أشيم رحمه الله يصلى الليل كله، فإذا كان فى السحر قال إلهى ليس مثلى يطلب الجنة ولكن أجرنى برحمتك من النار.
وورد فى الآثار أن «صلة» مات شهيدا فى إحدى الفتوحات فى عهد الأمويين.
