الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

على باب الله.. الدكتور حاتم بحيري "مصري زي ما الكتاب بيقول"

الدكتور حاتم بحيري
الدكتور حاتم بحيري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يبخل بجهده.. قلبه هنا وعقله هنا.. استشعر حالة الغلاء وأنين الفقراء ولم يقف مكتوف البدين يندد ويشجب ويدين.. اعتبر نفسه مسئولا وعلى الفور طلب من أقرانه تجميع كشوف ٢٠٠ أسرة من قريته متعسرة الحال.. وفكر فى ألا تكون مساعدته لهم وقتية وتنتهي.. فجعل فى بيته مكانا مخصصا واشترى سلعًا غذائية «زيت وسكر وأرز ومكرونة وغيرها»، واستخرج بطاقة لكل الأسرة لتصرف شهريا حصة تموينية تساعدها فى مواجهة موجة الغلاء.. رافد الخير يسير فى صمت وفى خفاء فقط لله المقصد.. لم يتباه.. لم يعلن.. لم يتحدث.. لم يتاجر بما يفعل.. نموذج لو تم حذوه فى كل قرية من قرى مصر لعبرنا الأزمة ونحن مصطفون كالبنيان المرصوص.
حاتم ابن أسرة ريفية كانت تقطن فى بيت من الطوب اللبن.. والده كان بسيطا إلى أبعد حد.. ودودا إلى أبعد حد.. صالحا زاهدا ذا وجه بشوش.. تخرج ابنه بمجموع فى الثانوية العامة لم يستطع به اللحاق بكلية الطب.. فحزن الوالد والولد.. لكنهما امتثلا لأمر الله وتقدم الشاب إلى كلية العلاج الطبيعى، ذاكر وجد واجتهد حتى يكون معيدا فى الجامعة.. لكن الوساطة كان لها السبق وحالت دون ذلك.. ففتح عيادة له فى أقرب مدينة من قريته.. دارت العجلة بطيئة ببركة الله ثم الوالد الطيب وببركة الطعام الحلال والتوكل على الله.. وإذ برب العرش يفتح طاقة من نور لحاتم فيسافر ويعطيه الله فيحمد ويشكر وتزداد صلته بأهله وقريته ويزداد بره ويتمسك بردائه ويزداد تواضعا ولحمة مع من كان منهم.. فيعطيه الله من كرمه.. حتى زهد هذا الشاب الأربعينى من داخله فى الحياة، وعرف أن الربح مع الله فاختار لما يفعله هذا العنوان «مع الله».
لما سألناه عن فكرة منح الأسرة سلعًا تموينية شهرية قال: «لقمة فى بطن جائع خير من بناء ألف جامع.. وخير ممن كسا الكعبة وألبسها البراقع.. وخير ممن قام لله راكع.. وخير ممن جاهد للكفر بسيف مهند قاطع.. وخير ممن صام الدهر والحر واقع.. وإذا نزل الطعام فى بطن جائع له نور كنور الشمس ساطع.. فيا بشرى لمن أطعم جائعا.. لله.. خالص ما أفعله ابتغاء مرضاته».
ولأن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة فعسر مع يسر ثم عسر.. فكرب يقرب إلى الله برجاء يجعل المحنة منحة.. وهذا العطاء المصرى الآن فى منحة وابتلاء.. وناشدنا أحبابه بكتابة حكايته فى حلقات «مع الله» ليستأنس بدعائهم، ويعرف أن قلوبا كثيرة تدعو له ليفرج الله همه وكربه.
وأنا أقول معه بقلبى وقلمي: «إلهى إلى من أشكى وأنت الموجود.. ولمن أدعو وأنت المعبود.. ولمن أرجو ورجائى فيك غير محدود.. يا رب اجعل عفوك عنى دائما ورضاك قائما».
وقبل أن نختم يقول الأستاذ حلمي: أنا من قرية مجاورة لقرية الدكتور حاتم ولدينا أسر ليس لها دخل، وعندما سمعت عن مشروعه، ذهبت إليه ربما أكون سببًا فى تخفيف هموم هذه الأسر ودون استفسار أو سؤال قال لي: هذا أمر بينك وبين الله.. وها أنا منذ عام تقريبًا أصرف لهم حصص تموين شهرية، وهم لا يعرفون حتى الرجل الذى يرسلها.. ربنا يكرمه ويكثر من أمثاله.. يا سلام على شباب مصر لما يبقى مروى من حلال فى صغره.. لما بيكبر بيبقى شجرة عظيمة بتظلل على أهلها.