الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"النفايات الطبية" خطر يحمل "الموت" في الدقهلية.. عمال النظافة أول الضحايا.. 5662 منشأة تلقي بمخلفاتها في القمامة.. 11 محرقة حكومية بالمحافظة.. و"البيئة": تداخل الاختصاصات يفاقم الأزمة

النفايات الطبية
النفايات الطبية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"النفايات الطبية" خطر يهدد حياة المواطنين في العديد من المحافظات، لا سيما في محافظ الدقهلية، التي تنتشر بها مقالب القمامة وعبوات المحاليل والحقن المستعملة وأكياس الدم الملوثة وبقايا الأنسجة، وآثار الزئبق السام.
ويوجد نحو 602 منشأة طبية حكومية تتبع وزارة الصحة، بين مستشفيات عامة ووحدات صحية، إلى جانب 16 منشأة حكومية أخرى تابعة لهيئة التأمين الصحى و10 مراكز طبية ومستشفيات تابعة لجامعة المنصورة، التى تحتوي على 5038 منشأة صحية خاصة، بحسب بيانات مديرية الصحة بالمحافظة، أي بإجمالي 5662 منشأة.
وتشير المعلومات الرسمية إلى أن تلك المنشآت تفرز نحو 19 ألف كيلو جرام يوميًا من مخلفات الرعاية الصحية، وفق تقرير صادر من بيانات جهاز شئون البيئة بالمحافظة. 
وأظهر تقرير لجهاز شئون البيئة، أن المخالفات تركزت في عدم التزام المنشأة الطبية بالحصول على تصريح لتداول النفايات، وعدم فرزها من المنبع وفصلها بغرف وسيطة، وعدم الاحتفاظ بسجلات بيئية وسجلات تسليم وتسلّم النفايات، كما أنه يتم التخلص من النفايات الطبية فى أكياس قمامة عادية ثم إلقائها فى المقالب العمومية.
وقال تقرير صادر عن جهاز شئون البيئة: إن محطة الخلل الأولى فيما يتعلق بالنفايات الطبية يبدأ من الأقسام الطبية، وخاصة غرف المرضى، حيث يشترط الدليل القومى لمكافحة العدوى وضع المخلفات الصلبة العادية كالورق والصناديق وأوانى الطعام، من القمامة داخل أكياس سوداء، وهذا يمثل نحو 80%.
أما النفايات الخطرة والمعدية والملوثة بسوائل الجسم وما ينتج عن غسيل الكلى ومخلفات التشريح والمحاقن والمواد المشعة ومخلفات الزئبق السام، فتلقى داخل أكياس حمراء يكتب عليها اسم المستشفى والقسم ووزن الشحنة، ويضاف لذلك فئة ثالثة من المخلفات الحادة كالمشارط والمحاقن التى يشترط أن توضع داخل عبوات بلاستيكية أو كرتونية منفصلة ومغلقة بإحكام.
وأوضح التقرير أن ما يحدث على أرض الواقع يتنافى مع ذلك، إذ تلقى النفايات مباشرة فى مقالب القمامة العامة لتختلط المخلفات الطبية الخطرة والعادية بشكل عشوائى، وتهدد بذلك صحة عمال جمع القمامة وجميع سكان المناطق المحيطة، فى خرق للدليل القومى الإرشادى.

وأشار جهاز شئون البيئة إلى أن الدليل القومى والإرشادى يُلزم المستشفيات والوحدات الصحية بنقل أكياس وعبوات النفايات الطبية الخطرة والحادة إلى غرفة وسيطة داخل كل منشأة طبية فى مكان مستقل جيد التهوية، ويشترط احتواؤها على مصدر مياه ليتم حصر المخلفات وفرزها قبل إقرار كيفية إعدامها، بوجود سجل تسلم تدوّن فيه النفايات الواردة مع بيان الوزن، بعد ذلك تكلف لجان رقابية من جهاز شؤون البيئة ووزارة الصحة بالتأكد مرة كل شهر من تطابق هذه البيانات مع سجلات المحارق والمفارم للتأكد من عدم حدوث تسرب أو مخالفات.
ولفت التقرير إلى أنه لا توجد بمحافظة الدقهلية سوى 11 محرقة أنشأتها الحكومة بمستشفيات عامة ومحرقة خاصة واحدة أنشأتها جمعية "الشبان المسلمين"، ومن هذه المحارق واحدة لا تعمل؛ بسبب رفض أهالى المنطقة تشغيلها؛ خوفا على السلامة العامة.
أما المنشآت الطبية التى لا تحتوى محارق فيفترض بها إرسال نفاياتها الخطرة إلى مستشفيات بها محارق مرخصة من وزارة البيئة بسيارات تحمل حاويات محكمة لمنع تطاير المخلفات، وبعد الحرق أو الفرم يدفن الناتج فى مدفن صحى، ونتيجة لضعف الرقابة وغياب المساءلة، يتجه وسطاء وعمال مكلفون بالتخلص منها إلى بيعها لجهات تعيد تدويرها مستغلة حالة الفوضى التى كانت تمر بها البلاد، كما أن عمال النظافة الأكثر تعرضًا لمخاطر الإصابة بأمراض خطيرة بسبب النفايات الطبية.
ومن أهم المخاطر والمعوقات، التي تعزز من فوضى النفايات الطيبة، تداخل الصلاحيات بين وزارات الصحة والتعليم العالى والبيئة بتفاقم المشكلة، ويسهم فى ذلك تجاهل المستشفيات لبنود الدليل القومى لمكافحة العدوى، الذى وضعته وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.
ويؤكد التقرير أن القوانين والتعليمات على الورق، لكن تطبيقها شبه معدوم، حيث إن المادة 29 من قانون البيئة تحظر التعامل فى المخلفات الطبية الخطرة دون ترخيص من السلطات الإدارية المسئولة، وهى الإدارة العامة لصحة البيئة بوزارة الصحة والسكان، وتصل عقوبة المخالفين إلى السجن خمس سنوات على الأقل وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 40 ألف جنيه، وفق نص المادة 88 من القانون.
لكن غالبية المحاضر المحررة حيال المخالفين لم تطبق، وإن طبقت فعقوبتها ضعيفة وبالكاد تصل إلى 1000 جنيه، أى الحد الأدنى لعقوبة إلقاء القمامة العادية، وليست الخطرة، فى الشارع، كما أن النفايات الطبية صورة لأوجه الإهمال داخل القطاع الطبى، ومخاطر عدم التخلص الآمن من هذه النفايات لا تقتصر على الإنسان، وإنما تمتد للبيئة، حيث تتسبب فى انتشار الأمراض والأوبئة.