الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

مشاركة نتنياهو في قمة "الإيكواس".. قفزة إسرائيلية نحو اختراق القارة الأفريقية.. تل أبيب تستهدف منطقة غرب أفريقيا تحديدًا نظرًا للمشروعات الزراعية الواعدة بها

 رئيس الوزراء الإسرائيلي
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مثّلت مشاركة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القمة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) يوم الأحد الماضي حدثا غير مسبوقا في تاريخ العلاقات الإسرائيلية الأفريقية لاسيما مع دول غرب أفريقيا التي تسعى إسرائيل لاختراقها منذ زمن بعيد ومحاولة تحسين العلاقات الفاترة معها؛ بهدف الحصول على ميزات اقتصادية وسياسية واستراتيجية للاستفادة مما تحتوي عليه بلدان هذه المنطقة من أفريقيا من مواد خام وفرص استثمار واعدة علاوة على ما تحظى به من ثقل سياسي عالمي أخذ يتزايد في الآونة الأخيرة.

وانعكست أهمية مشاركة نتنياهو في هذه القمة على اهتمامات الصحف الإسرائيلية حتى الآن، فتحت عنوان (قفزة قصيرة إلى أفريقيا.. لكنها قفزة كبيرة لإسرائيل).. ذكرت صحيفة (معاريف) الإسرائيلية بالعبرية على الانترنت اليوم أن مشاركة نتنياهو في هذه القمة انعشت آمال إسرائيل مرة أخرى لاختراق منطقة غرب أفريقيا التي تبدو بعيدة جغرافيا عن إسرائيل لكنها تمثل أهمية اقتصادية واستراتيجية بالغة جدا بالنسبة لها لاسيما وأنها تطمح لضخ استثمارات في مجالات الزراعة تقدر بما يزيد على 40 مليار دولار بهذه الدول علاوة على محاولتها إحداث انطلاقة سياسية مع دول مهمة في هذه المنطقة مثل مالي والنيجر والسنغال. 
أما صحيفة (إسرائيل اليوم) فقد اعتبرت أن مشاركة نتنياهو في قمة الإيكواس تأتي في إطار استكمال مخطط إسرائيلي يهدف إلى تعزيز التواجد الاستراتيجي والأمني في هذه المنطقة، وذلك من خلال تقديم مساعدات وخبرات أمنية إسرائيلية لبعض دول هذه المنطقة في مجال مكافحة الإرهاب والجماعات القتالية المسلحة وعلى رأسها جماعة بوكو حرام.
وربطت الصحيفة بين مشاركة نتنياهو في قمة الإيكواس وبين زيارته التي قام بها لعدد من دول شرق أفريقيا خلال يوليو من العام 2016 والتي شملت أوغندا وكينيا ورواندا وإثيوبيا، واصفة الزيارة بالتاريخية والتي تعزز من الفرص الاقتصادية لإسرائيل في أسواق هذه الدول حيث قفزت بمستوى التبادل التجاري معها إلى 1،2 مليار دولار ونجحت في فتح فروع لحوالي 50 شركة إسرائيلية بهذه الدول.
وقالت (إسرائيل اليوم) إنه من المتوقع أن يزور نتنياهو رواندا وتوجو خلال شهر أكتوبر المقبل، ليدشن بذلك ما سمته الصحيفة بـ(انفتاح إسرائيلي جديد وكبير) على القارة السمراء.
وتنطلق إسرائيل في تحركها نحو اختراق القارة السمراء والتغلغل فيها من منطلق نظرية استراتيجية/سياسية أطلقت عليها مصطلح(نظرية الأطواق) والتي تقول بأن تل أبيب محاطة بعدد من الأطواق الاقتصادية والسياسية والتي يجب أن تخترقها وعلى رأسها قارة أفريقيا التي تتوفر بها موارد اقتصادية كبرى لاسيما في مجالات الزراعة والمياه، علاوة على أهميتها السياسية الدولية المتمثلة في القوة التصويتية للدول الأفريقية داخل المحافل الدولية المختلفة لاسيما بالأمم المتحدة.
وتحتل منطقة غرب أفريقيا تحديدا اهتماما بالغا بالنسبة لإسرائيل، فدول هذه المنطقة لديها مشروعات زراعية واعدة، وإسرائيل تمكنت خلال العقود القليلة الماضية من تطوير تكنولوجيا زراعية متقدمة جدا وتسعى لبيعها لعدد من دول العالم بشكل يدر عليها ربحا اقتصاديا يقدر في العام الواحد بحوالي 15 مليار دولار لذلك فإن إسرائيل منذ العام 2004 دعمت برامج ومشروعات زراعية في دول غرب أفريقيا لاسيما السنغال منها مشروع مزرعة (كير مامورسار) الذي تموله إسرائيل وتدعمه بالميكنة الزراعية بهدف استصلاح وزراعة ما يقارب من 5 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية جنوبي السنغال ؛ وتهدف إسرائيل لاستحداث مشروعات مماثلة له في كل من ليبيريا والنيجر ومالي. 
كما أن إسرائيل استحدثت منذ العام 2005 جهازا داخل وزارة الخارجية أطلقت عليه اسم (ماشاف) وهو المكلف بعمل تواصل اقتصادي مع الهيئات المحلية والخيرية داخل الدول الأفريقية من خلال دعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر المتعلقة بالمجالات التجارية والزراعية بدول أافريقية مختلفة في مقابل أن تحصل إسرائيل على منتجات هذه المشروعات والتي تقوم بدورها بإعادة تصديرها مرة أخرى إلى دول الاتحاد الأوروبي.. وهو الجهاز الذي أسهم في تغلغل إسرائيل اقتصاديا بعدة دول أفريقية مثل غينيا وافريقيا الوسطى ومالي والنيجر وفي نفس الوقت ساهم في تحسين صورتها لدى السكان المحليين من الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي تشتغل بهذه المشروعات. 
أما من الناحية السياسية فإن الأهمية الأكبر لمشاركة نتنياهو في قمة الإيكواس تتمثل في محاولة إسرائيل الحصول على مكانة (عضو مراقب) داخل الاتحاد الأفريقي، وذلك من خلال حوافز اقتصادية تقدمها لعدد من الدول الأفريقية يمكن الضغط من خلالها على هذه الدول للقبول بذلك ومن خلال استثمار علاقات إسرائيل السياسية والاقتصادية الجيدة مع عدد من دول أعضاء مجموعة الإيكواس وعلى رأسها ليبيريا ألتي استضافت قمة هذه المجموعة لهذا العام، وأصرت رئيستها آيلين جونسون سيرليف على توجيه الدعوة لإسرائيل للمشاركة رغم تقليص تمثيل عدد من الدول الأفريقية والعربية بالقمة، وعلى رأسها المملكة المغربية، احتجاجا على مشاركة نتنياهو.
ويحقق قبول إسرائيل كعضو مراقب في الاتحاد الأفريقي عدة مكاسب سياسية كبيرة لعل أهمها وأبرزها يتلخص في ضمان تواصلها المباشر مع دول أفريقيا بما يعزز من إمكانية عرض وجهة النظر الإسرائيلية السياسية في عدة قضايا سياسية لاسيما فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي الذي تتخذ الدول الأفريقية منه موقفا مناصرا للطرف الفلسطيني ؛ إذ إن أفريقيا تمثل (قوة تصويتية) كبرى في المحافل الدولية ولا سيما الأمم المتحدة وهو ما يعني أن بمقدور الأفارقة إحداث تغيير هائل في السياسات الرامية لفرض العزلة الدولية على إسرائيل.
بيد أن ثمة اعتبارات استراتيجية تمثلت في حاجة إسرائيل إلى كسر حاجز العزلة التي فرضتها عليها الدول العربية من خلال إقامة شبكة من التحالفات مع دول الجوار غير العربية ولا سيما في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا، ومثلت مشاركة نتنياهو الأخيرة في قمة الإيكواس محاولة لاختراق غرب أفريقيا أيضا.
وحرصا منه على التصدي للمحاولات الإسرائيلية وبناء على طلب فلسطين، يعقد مجلس جامعة الدول العربية غدا الاثنين اجتماعا غير عادي على مستوى المندوبين الدائمين لبحث سبل مواجهة المحاولات الإسرائيلية لاستمالة الدول الإفريقية إليها والالتفاف على مكانة القضية الفلسطينية في القارة السمراء حيث تسعى تل أبيب لتنظيم قمة "إفريقية - إسرائيلية" في جمهورية توجو في أكتوبر المقبل.