الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

"جمعة" عامل المزلقان: "نفسي عسكري يقف معايا علشان العربيات مجنناني"

«جمعة» عامل المزلقان
«جمعة» عامل المزلقان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
واحد من المنسيين.. الكادحين العاملين فى صمت.. واحد من الذين لا يذكرون حتى فى هوامش دفتر الوطن.. وإذا ما ذكر يكون فى قضية يتحمل هو إهمالها، يقف ١٢ ساعة يجر خلفه سنوات عمره، سلاحه «صافرة» يطلقها كإنذار للتنبيه بأن القطار قادم فانتبه أيها المار، مر عليه أقوام وأقوام، وجهه منحوت فى مرايا السيارات، كساعة مضبوطة الحركة لا يمكنه بأى حال من الأحوال أن يتأخر ثانية وإلا وقعت كارثة.. والسهوة له «بأرواح».
عم محمد جمعة، ٥٣ عاما، عامل مزلقان من زمان.. فهو لا يتذكر تاريخ تعيينه.. لكنه يحفظ أسماء القطارات ومواعيدها بالتمام.. فى منديل محلاوى يربط فطوره ويملأ كوبه من زير بجوار غرفة التحويلة، يخطف لقيمات وكوب ماء ثم يسرع ليغلق المزلقان أو يفتحه، يقول: «أعمل يوميًا ١٢ ساعة، وكل فين وفين على ما آخد أجازة يمكن كل شهرين يوم علشان مفيش عمال، وأهى دايرة ما بتقفش لا عارف بدأت إمتى ولا هتنتهى فين، لكن الحمد لله أنا عندى أربع عيال بنتين وولدين خلصوا تعليمهم، والبنتين اتستروا واتجوزوا، والولدين واحد اشتغل والتانى لسه، وربنا مبارك والمرتب مكفى ورضا.. عيشتنا زى الفل ومبنبصش لعيشة غيرنا، لأن أهل زمان قالوا اللى يبص لعيشة غيره تحرم عليه عيشته».
ويتابع عم محمد جمعة: «أنا كل اللى بتمناه من ربنا حاجة من اتنين يا إما يقلبوا المزلقان أوتوماتيكى ويوسعوه ويحطوا كاميرات.. يا إما لو مكنش فيه فلوس دلوقتى يجيبوا عسكرى يقف معايا لأن السواقين مجنناني.. يسمع الصفارة وبرده يعدي.. والشباب متهور معندوش صبر دقيقة.. يبقى راكب الموتوسيكل وشايف القطار جاى ويدخل بالموتوسيكل من تحت حديدة المزلقان براسه ويعدي.. ومفيش فايدة من الكلام ولا حتى بيتعظ لما بيشوف حادثة.. السنة اللى فاتت يا بيه واحد معاه عربية كحيانة، صفرت علشان القطار جاى وقفلت ناحية وده دخل فى وسط المزلقان، أصفر وكأنه أطرش.. أشاور له وكأنه أعمى ما بيشوفش، جريت فتحت له الناحية اللى قفلتها علشان يعدى، لكن العربية بطلت منه، فى وسط المزلقان وحلفت ما تدور، سواق القطار شافه من بعيد ضرب سرينة، والبعيد دماغه ركبت يدور العربية، وفين وفين على ما نزل منها وجرى، سواق القطار فتح الهوا وخدها فى وشه طارت زى الورقة، فقعد يعيط، طب والنبى بيعيط على إيه؟ على قلة عقله، الدقيقة دى كانت هتفرق فى إيه؟ إحنا شعب عايز يتعلم النظام، تلاقى اللى جاى عكس واللى جاى فى حارة مش بتاعته يوقف الدنيا ويصوت افتح القطار جاى، لكن لو عسكرى واقف بيخافوا من المخالفة أكتر من خوفهم على نفسهم، حاجة ليها العجب والله، لا وبتوع النقل دول بقى حكايتهم حكاية، تحس إنهم فى ملكوت تانى مش شايفين اللى حوالين منهم، من كام شهر عربية محملة داخلة من على الطريق السريع محملة أسمنت، شاطت المزلقان كله، والقطار طير ديلها، وقعد مقفول أسبوع إصلاحات، الصبر حلو يا جدعان والله ماحد عارف الخير فين وكل تأخيرة وفيها خيرة.. الدنيا مش هتطير.. خليك رقيب على نفسك.. وخليك فاكر إن ولادك مستنينك ترجع لهم بالسلامة.. وكله كوم بقى وزحمة قبل الفطار كوم.. الناس تحسسك إن لو المغرب إدن عليها فى الطريق القيامة هتقوم.. يا سيدى إكسر صيامك بشوية مية وبعدين روح إفطر براحتك.. بلدنا كل اللى محتاجاه حبة عقل وهتعدى وتبقى زى الفل.. وكل سنة وأنتم طيبين ورمضان كريم».