صاحب مدرسة متفردة في الكوميديا تخرج فيها الهنيدي والمهندس
هو أحد فناني الكوميديا الكبار في مصر والوطن العربي، وممن ارتبط اسمهم بشهر رمضان الكريم؛ حيث قدم وعلى مدار تاريخه الفني، أعمالا رائعة ارتبطت باسمه في الشهر الكريم منها «بابا عبده، جدو عبده، ساعة لقلبك».
هو الفنان الكوميدي الراحل عبدالمنعم مدبولي، والذى لا يزال رغم رحيله من سنوات طويلة، متربعًا على عرش قلوب المحبين له ولأعماله، التي خلدت في تاريخ الفن المصرى والعربي، مما جعل دائرة المعارف النمساوية تكتب عنه ليكون أول فنان مصري وعربي ينال هذا الشرف، فضلا عما كتبه كثيرون عنه ومنهم الكاتب الساخر الراحل محمود السعدني، الذي وصفه بـ «جالوص الضحك» وأعظم مضحك.
بدأ الفنان القدير الراحل عبدالمنعم مدبولي حياته الفنية ببرنامج «ساعة لقلبك»، وانطلق بعده بسرعة الصاروخ إلى مسرح التليفزيون، لتتوالى أعماله التليفزيونية والسينمائية، ليصبح صاحب مدرسة متفردة في الكوميديا، تخرج فيها بعض من أعظم ممثلي الكوميديا في مصر، ومنهم فؤاد المهندس وأمين الهنيدي وغيرهم الذين عملوا على تأسيس مدرسة كوميدية، استمدت ثراءها من نجوم الكوميديا القدامى، ومنهم نجيب الريحاني، وعلى الكسار، ويوسف وهبي.
اشتهر مدبولي بأنه صاحب مدرسة الالتزام، وتبعه فى ذلك القدير فؤاد المهندس، ورغم النجاح والشهرة التى حققها كلاهما، إلا أنهما ظلا محتفظين بهذا الالتزام، وشكلا معا ثنائيا فنيا رائعا لفترة تربط بينهما علاقات الود، حتى عندما استعان التليفزيون المصرى بعبدالمنعم مدبولي لتقديم فوازير رمضان «جدو عبده» بدلا من المهندس بسبب خلاف الأخير مع المخرج محمد رجائى مخرج فوازير «عمو فؤاد»، ونجحت فوازير «جدو عبده» نجاحا لم يتوقعه المهندس، مما جعل حالته النفسية سيئة، وظل فترة بعيدا عن مدبولي، إلا أن الخلافات سرعان ما انتهت، بل وكان مدبولى حريصا على متابعة كل الأعمال التى يقدمها المهندس، ويبدى رأيه فيها، وفى مقدمتها «عمو فؤاد».
كان مدبولي عاشقا للإذاعة، يوليها اهتماما لا يقل عن اهتمامه بالتليفزيون، فقد قدم أعمالا كثيرة لها، منها مشاركته منى قطان زوجة صلاح جاهين في فوازير «شهريار»، كما ارتبط مدبولي بصداقات وطيدة مع عدد كبير من نجوم الزمن الجميل، خاصة مع «شكوكو، يحيى شاهين، أمين الهنيدي، فؤاد المهندس، محمد عوض، سمير خفاجي».
ولم يبتعد مدبولي عن السياسة، فكانت له من خلال أعماله إسقاطات سياسية على قضايا تشغل بال الناس، وقد واجه حروبا شديدة دخلها للدفاع عن قناعاته، بل إنه أُبعد عن التليفزيون لفترة بسبب ذلك، وعقب مهاجمة الكاتب الكبير أنيس منصور له مما أدخله فى حالة اكتئاب لفترة، وأعلن عزمه ترك الفن.
حصل عبدالمنعم مدبولى على كثير من الجوائز فى حياته، لكن تظل أغلاها الجائزة التى منحها له الرئيس الراحل أنور السادات، تقديرا لأعماله؛ حيث كان السادات مغرما بمتابعة مسلسله «أبنائى الأعزاء شكرا» للدرجة التى تجعله يؤجل عمله حتى يتفرغ لمشاهدته، وعندما التقاه السادات، حكى له ذلك، وكان شيئا مفرحا للفنان القدير أن يهتم رئيس الدولة بمشاهدة عمل فنى له ويشيد به.
ومثلما ظلت أعماله خالدة فى ذاكرة التليفزيون والسينما المصرية، ظل هو خالدا فى وجدان جمهوره فى مصر والوطن العربى.. رحم الله الفنان القدير عبدالمنعم مدبولي، ساحر الارتجال وصانع البهجة.
