الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

الصحافة اللبنانية التزمت الصمت في الأزمة القطرية.. اعتمدت على وسائل الإعلام الخليجية ومواقع التواصل الاجتماعي.. انشغلت بالمشهد الداخلي والصراعات.. ورفضت الدخول في منطقة الاشتباك

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ظلت الصحافة اللبنانية لعقود طويلة أحد الروافد المهمة في تناولها للتحليلات العميقة وتقديم الرؤى الاستراتيجية للأحداث العربية والعالمية، وكذلك ما يرتبط بقضايا الإقليم، نظرا لتمتعها بعدد من كبار الصحفيين والكتاب المتميزين في تناول الشأن الدولي والعلاقات الاستراتيجية، إلا أن الصحافة اللبنانية قد غابت بشكل كبير في تناولها لأزمة قطع العلاقات مع دولة قطر من قبل عدد من الدول العربية بقيادة مصر والسعودية.

وقد لفت انتباه المراقبون ابتعاد الصحف اللبنانية عن أكبر أزمة تواجهها قطر في تاريخها، حيث اختارت أن تكون على الحياد وتعتمد في نقل الحدث على مصادر صحفية خليجية، على غير عادة صحف بيروت التي كانت تدخل منطقة الاشتباك، مقدمة طيفها السياسي في مثل هذه الأزمات.

ولكن في أزمة قطر، التي كانت من الممكن أن تمثل فرصة ذهبية لعودة الصحافة اللبنانية إلى مكانها في الصفوف الأولى في عالم الصحافة العربية، ولكن حرصت الصحافة اللبنانية على انتهاج سياسة الصمت حول الخوض في أزمة قطر مع أشقائها الخليجيين ومصر، ولم تقدم أكثر من مقاربات موضوعية متجنبة الوقوع في فخ الإملاءات السياسية.

وربما يكون لصحافة لبنان أكثر من عذر، حيث انشغالها بمشهدها الداخلي عن صراع الفرقاء السياسيين بقانون الانتخابات الذي لم يتم التوصل إليه، في ظل الحديث عن احتمال تمديد تقني لمجلس النواب، وقد يكون تناول أزمة قطر من قبل الصحافة الرسمية يشكل حرجا بالغا لطبيعة العلاقة الاستراتيجية للبنان مع دول الخليج العربي وبخاصة المملكة السعودية، ليس هذا فحسب، بل لطبيعة خاصة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحزب الله، أحد المنظمات التي بسببها تم قطع العلاقات مع قطر، التي تعتبرها مصر ودول الخليج منظمة إرهابية، بينما تعتبرها لبنان جناح مقاومة في قوات الاحتلال الإسرائيلي التي ما زالت تحتل مزارع شبعا اللبنانية حتى اليوم.

وفي الوقت الذي غابت فيه صحف الموالاة وصحف تيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الوزراء سعد الحريري، فقد سخرت الصحف والمواقع الإخبارية التابعة لحزب الله مساحات كبيرة لتصدير تحليلات وكتابات حول الأزمة خلصت إلى أن السعودية تسعى لفرض نظام جديد على منطقة الخليج تكون هي صاحبة اليد الطولى في هذا النظام.

وقد أبدى المراقبون دهشتهم من متابعة اللبنانيين لأزمة قطر من خلال وسائل إعلام غير لبنانية، واعتماد وسائل الإعلام اللبنانية على توظيف تغريدات والتعليقات على المواقع الاجتماعية، علاوة على نقلهم متابعات الأزمة من الوسائل الخليجية.

وعلى الوجه الآخر، فقد لجأت الوسائل المحسوبة على قطر إلى اللجوء لمنطقة الهدوء، مثل جريدة العربي الجديد والموقع الإلكتروني "المدن" وهو موقف القيادة القطرية، في الوقت الذي أثار فيه صمت جريدتي "النهار" و"المستقبل" اندهاشا تجاوز إلى منطقة الاستهجان.


وفي تصريحات صحفية، رفض نائب رئيس تحرير جريدة النهار نبيل بومنصف الاتهامات بصمت جريدته حيال موضوع أزمة قطر، ويؤكد أن جريدة النهار حرصت على مواكبة الحدث "انطلاقا من رؤية تنظر إليه بصفته حدثا جسيما وغير مسبوق وأنها قد نشرت مجموعة من الأخبار والتحليلات الخاصة حوله".

ويقرأ "بومنصف" تعامل الصحف الأخرى مع الأزمة معتبرا أنه “قد يكون خاضعا للعديد من الاعتبارات، أو متأثرا بشكل كبير بالواقع السياسي اللبناني المرتبط بصلات عميقة مع الوضع الخليجي عموما”. ولفت إلى أن الواقع الإعلامي في لبنان “هو مرآة لانقساماته السياسية التي تتوزع فيها الولاءات بين قطر، والسعودية وإيران".

ويفرق بين تغطية الحدث وبين اتخاذ موقف واضح منه: "التعاطي مع الأمرين مختلف فنحن في النهار لا نجد أنفسنا معنيين باتخاذ موقف، وخصوصا أننا نطالب الجميع بعدم التدخل في شؤوننا، كما أننا نؤمن أن الخليج سيتجه إلى ترتيب شؤونه، ونحن نرتبط بعلاقات مع كل دول الخليج، من هنا لا نعتقد أن هناك أي ضرورة لاتخاذ موقف في هذا الموضوع".

ويعتبر أن واجب الصحافة اللبنانية كان يفرض عليها التعاطي مع هذه الأزمة بشكل آخر لأن تداعياتها تصيب لبنان يشكل كبير فهناك 50 ألف لبناني في قطر وحوالي 350 ألف لبناني في الخليج.

وينبه إلى ما يعكسه هذا الواقع من دلالات على تردي الوضع العام في لبنان، مشددا على أن لبنان لو كان في وضعه الطبيعي لكان دور الوساطة في هذه الأزمة قد أنيط به، ولكان الإعلام اللبناني قادرا على إنتاج مواقف متميزة حول هذا الشأن.

ودعا من ناحية أخرى إلى عدم لوم الإعلام اللبناني على طريقة تعاطيه مع أزمة قطر؛ لأن اللبنانيين يعانون من لامبالاة العالم بالشأن اللبناني، إضافة إلى ما فرضه احتدام الصراعات الداخلية من ميل عام إلى الانزواء.