السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قطر والإخوان.. تاريخ من العلاقات والمؤامرات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نشرت وكالات الأنباء العالمية صورة اللقاء الذى جمع تميم بن حمد حاكم قطر، أمس الأول، بيوسف القرضاوى، حيث قبل الأول رأس الشيخ الإخوانى، فى إشارة ضمنية إلى متانة العلاقات الإخوانية القطرية، وعدم تخلى الإمارة الصغيرة عن سياساتها الرامية إلى دعم الجماعة ماليًا ودعائيًا وسياسيًا.
العلاقة الإخوانية القطرية ممتدة عبر التاريخ، وقد يجوز أن نقول إن الإمارة الصغيرة أصبحت جزءًا حقيقيًا من التنظيم العالمى للجماعة، أو العكس صحيح، وإن الجماعة أضحت أداة وموظفة لدى السياسات الخارجية القطرية.
وصلت موجة الإخوان الأولى إلى قطر من مصر عام ١٩٥٤، وذلك بعد أزمتهم مع الرئيس المصرى الراحل جمال عبدالناصر. الجماعة عقب الموجة الأولى نالت ثقة حاكم قطر آنذاك الشيخ على بن عبد الله آل ثانى، حيث هيأ لهم إنشاء تيار إسلامى داخل قطر، وكان لهم تأثير كبير على المجتمع البدوى المحافظ فى قطر الذى لم يتعدَ أفراده فى سنوات الخمسينات عشرات الآلاف من المواطنين.
هناك «٩» من قيادات الإخوان من رفقاء حسن البنا هربوا إلى قطر منذ الصدام مع جمال عبدالناصر، وهم الذين زرعوا أفكار الإخوان فى قطر وانتشروا فى مؤسسات حيوية مؤثرة، منهم على سبيل المثال يوسف القرضاوى الذى سيطر على جامعة قطر وأنشأ كلية الشريعة، وعبد البديع صقر الذى ارتقى فى المناصب حتى وصل إلى منصب المستشار الثقافى لحاكم قطر، وحسن المعايرجى الذى وصل إلى أرفع المناصب فى وزارة التعليم للدرجة التى جعلته يقوم بالتدريس للشيخ حمد بن خليفة، وأحمد العسال الذى عمل فى قطر طوال فترة الستينيات، وعبدالحليم أبوشقة الذى ألف الكثير من الكتب المتعلقة بالمرأة فى قطر، وسيطر على الجمعيات الخيرية، وكمال ناجى وعز الدين إبراهيم وعبدالمعز عبدالستار من الرعيل الأول للإخوان، وتولى تأليف الكتب المدرسية القطرية، وأيضا سيطر على الجمعيات الشرعية والأوقاف.
ووصلت الموجة الثانية من سوريا فى سنة ١٩٨٢ بعد أن قام حافظ الأسد بأحداث مدينة حماة، وأما المجموعة الثالثة فوصلت فى أعقاب أحداث ١١ سبتمبر قادمة من المملكة العربية السعودية، ووصلت الموجة الرابعة من الجماعة للدوحة بعد طرد قادة حركة حماس وعلى رأسهم خالد مشعل من الأردن، وكانت الموجة الخامسة مصرية أيضا عقب سقوط الجماعة وعزلها.
موجات الإخوان جميعها ركزت على التوغل فى المؤسسات القطرية، والتواصل مع القيادات السياسية، كما ركزت الوفود الشعبوية على العمل فى المؤسسات التعليمية، وهو ما أثر بالفعل فى توغل الجماعة فى كل مؤسسات قطر فيما بعد، ومارست هذه الحركة أدوارها فى التربية والإغاثة والعمل الخيرى، والتى كانت تزاولها عن طريق الجمعيات والأندية والمؤسسات واللجان الخيرية.
فى فترة التسعينيات انقسم جسم الجماعة القطرى، وأصبح هناك قسمان، فبرز تيار ركز على الأمور التربوية والمؤسسات التعليمية، وحلقات حفظ القرآن، والأُسَر، والتعليم الشرعى، والقسم الآخر تعاون مع التنظيم العالمى للجماعة، إلا أنه فيما بعد أعلن عن حل نفسه فى عام ٢٠٠٣، بعد ضغوط، وخوفًا من أن ينال الجماعة أى تفتيت بعد الضغط الخليجى، وحرصًا على أن تمرر الجماعة ذاتها بسهولة فى المجتمع القطرى.
فى عام ١٩٩١ اشتركت قطر فى معركة الخفجى، وفى عام ١٩٩٥ تولى حمد الإمارة، وبعدها أنشأ قناة «الجزيرة»، وبدأت الدوحة تبحث عن دورٍ إقليمى، وربما دولى، فى حدود ما يسمح به الأمريكان.
فى هذه الفترة استغل حمد وجود الإخوان، وأصبح من ساعتها الإخوان موظفين رسميين لدى المخابرات القطرية، فالإمارة الصغيرة لا تملك أدوات صنع الصراع الرئيسية، وهى القوة البشرية والجغرافيا «مساحة وموقع»، ولا تستطيع -كما غيرها من الدول العربية- إنتاج تكنولوجيا، لذا اعتمدت على الإخوان كأداة من أدوات «القوة الناعمة».
مولت قطر الإخوان عن طريق عبدالرحمن النعيمى، الذى أنشأ «منظمة الكرامة لحقوق الإنسان»، ومقرها الرئيسى فى جنيف بسويسرا، ولها فرع بالدوحة، وجميع أعضائها من المنتمين لجماعة الإخوان، ويمثلون الأغلبية فى التنظيم الدولى للإخوان، وهم من المطلوبين أمنيا لدى كثير من أجهزة الأمن العربية، ومنهم رشيد مسلى وعباس العروة وخالد العجيمى وعبداللطيف عربيات، أما النعيمى فهو أيضا موضوع على قوائم الإرهاب كممول رئيسى، للجماعات الإرهابية فى العراق وجبهة النصرة فى سوريا وجماعة الشباب فى الصومال وغيرها.
عقب الثورة اجتمع خيرت الشاطر بحمد بن جاسم، وطلب منه قبل الانتخابات الرئاسية المصرية أن يخبر أمريكا أن الإخوان سيحافظون على كامب ديفيد، وجميع العلاقات الدولية بالدول الغربية، وفى المقابل طلب دعمًا ماديًا، وهو ما وفرته قطر بالفعل للجماعة، عن طريق بنك قطر الإسلامى حيث يتم تحويل الأموال إلى حساب بنكى يخص «أكاديمية التغيير» التى يديرها هشام مرسى زوج ابنه الشيخ يوسف القرضاوى.
الإخوان والجماعة تاريخ من العلاقات والمؤامرات، فلا تستعجبوا مما يحصل، ومن إصرار الأمير الصغير على دعم الجماعة حتى الآن.