الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"واحة الغروب" يضع أعمال بهاء طاهر في "البيست سيلر"

صدرت عام 2007.. وحصدت جائزة البوكر فى دورتها الأولى

الكاتب الكبير بهاء
الكاتب الكبير بهاء طاهر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعاد مسلسل «واحة الغروب» الذى يُعرض حاليًا عبر عدد من القنوات الفضائية، الحديث عن رائعة الكاتب الكبير بهاء طاهر، المأخوذ عنها العمل الدرامى رواية « واحة الغروب» التى تقع فى ٣٤٠ صفحة، والتى صدرت لأول مرة عام ٢٠٠٧، وحصلت على الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» ٢٠٠٨.
غالبًا ما تثير الأعمال الدرامية المأخوذة عن أعمال أدبية حالة من الجدل، وتحقق نسب مشاهدة عالية. ويرجع البعض نجاح هذه الأعمال بسبب افتقار بعض السيناريوهات والأعمال الأخرى المعروضة إلى الحبكة والقصة وفيما يقتبس بعضها من أعمال أجنبية، والأمر الذى يجعل المشاهد ينجذب إليها وفى كثير من الأحوال قراءة النص الأصلى للعمل.
مسئول البيع بدار الشروق بمعرض فيصل للكتاب، بهاء إبراهيم، قال إن الدار أعادت طبع بعض أعمال الروائى بهاء طاهر مؤخرًا، ومنها رواية «قالت ضحى» ورواية «واحة الغروب» مشيرًا إلى أن الدار أصدرت طبعة جديدة من واحة الغروب مطلع العام الجارى بالتزامن مع الدورة الـ٤٨ لمعرض القاهرة الدولى للكتاب الذى أغلق أبوابه فى العاشر من فبراير الماضى، وطبعة أخرى حديثة منذ أيام بالتزامن مع معرض فيصل.
وتابع خلال تصريحات خاصة لـ«البوابة»، أن الدار تحرص على طباعة هذه الرواية بشكل دائم منذ إصدارها لأول مرة عام ٢٠٠٧، وفوزها بالحائزة العالمية للرواية العربية «البوكر»، نظرا لحجم الطلب عليها من قبل القراء.
غالبا ما تحقق الأعمال الفنية انتشارًا ورواجًا للروايات التى تأخذ عنها، إلا أنه فى حالة «واحة الغروب» فالأمر مختلف تماما، حيث حققت الرواية انتشارًا ورواجًا منذ صدورها لأول مرة، لدرجة وصلت لإصدار ثلاث طبعات فى عام واحد.
يعود طاهر فى روايته إلى القرن التاسع عشر حيث نهاية الثورة العرابية وبداية الاحتلال البريطاني، فاتخذ من واحة «سيوة فى الصحراء الغربية، مسرحًا للأحداث، حيث رسم صورة للواحة وطبيعتها وأهلها وعاداتهم وتقاليدهم ولغتهم وأسلوب حياتهم وطبيعة الصراعات الداخلية بين سكانها فى تلك الفترة الزمنية، كما أعطى لمحة تاريخية عن حياة الإسكندر الأكبر وفتوحاته، حيث أقام الإسكندر الأكبر هناك وتلقى الوحى فى معبدها الشهير الذى لا يزال موجودًا حتى اليوم».
استمد طاهر قصته من واقعة حقيقية لأحد الضباط ويدعى محمود عبدالظاهر، والذى كان يعيش حياة لاهية بين الحانات وبنات الليل بالقاهرة، ويتتبع انتقاله وزوجته إلى واحة سيوة لشك السلطات فى تعاطفه مع الأفكار الثورية لجمال الدين الأفغانى وأحمد عرابى.
يصطحب عبدالظاهر زوجته الأيرلندية «كاثرين» الشغوفة بالآثار، والتى تبحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر، ويبدآن رحلة تجبرهم وأهل الواحة على المواجهة، فيتضح التناقض والاختلاف بين الشرق والغرب على المستويين الإنسانى والحضارى بما فيها من صراع وتوافق.
يعتمد طاهر فى سرده على حقائق تاريخية مزجها بين النص الخيالى والعمل الروائي، ولم يكتف بذلك بل بحث على لسان شخصياته أسئلة حول الخيانة، والانتهازية والرغبة بالحب، والبطولة، طارحًا هذه الأسئلة ليس فقط على المستوى العام فقط بل على المستوى الشخصى أيضًا.
ففى أحد الحوارات التى يسأل محمود عبدالظاهر -بطل العمل- نفسه عن سبب تنكره للأفكار الثورية وتحديدًا للثورة العرابية فيقول: «من يخن أقرب الناس له- فى إشارة إلى زوجته كاترين- ودون أن يشعر حتى بتأنيب الضمير ليس من الصعب عليه أن يخون مبادئه خصوصا لو ستسبب له الضرر»، وهكذا نرى أن الكاتب نجح فى خلق حالة من التفاعل الوجدانى والنفسى لكل شخصية، مما يدفع القارئ للتفكير والبحث فى جوانب الشخصيات المظلمة وإبراز صراعاتها الخاصة».
اعتمد طاهر فى روايته على أسلوب وطريقة جديدين فى السرد، حيث لم يتخذ للرواية راويا واحدا بل جعل أهم شخصيات القصة هم الرواة، بحيث تتخذ كل شخصية دورها فى السرد فى فصل مختلف مع الحفاظ على تتابع وتسلسل الأحداث، فحمل كل فصل اسم بطل من أبطال الرواية «محمود، وكاثرين، والشيخ يحيى، والإسكندر الأكبر، والشيخ صابر».
عكست الرواية الكثير من الأمور حول طبيعة الشعب فى تلك الفترة ومنها إيمانهم بالخرافات والتفكير الذى يتنافى والتفكير العلمى والمنطق، كما كشف أيضًا عن المبادئ العنصرية، وفى المقابل تظهر شخصية كاترين المرأة الأوروبية الشّقراء، التى تختلف عن المصريين، فهى لا تلغى عقلها وترفض إهانة المرأة التى يصرح بها المجتمع، وربما يرى البعض أن شخصية محمود المضطربة وغير السوية تحمل رمزية فى الشخصية المصرية التى فشلت فى طرد المستعمر من البلاد تلهث وراء المرأة لتقهرها وتثبت أنها تستطيع أن تقهر هذا المستعمر فى صورة المرأة وإن فشل فى هزيمة الرجل فى ميدان الحرب، ولكن البعض رأى أن حرص الكاتب على أن تكون الشخصية إيرلندية وليست إنجليزية تحميه من شبهة التماهى مع المستعمر.
رغم أن الرواية تخلق عالمًا قادرًا على الإقناع يكون الخيال والتخيل أساسه، إلا أن الكبير بهاء طاهر مزج بين الخيال والحقائق التاريخية، معتمدًا على مراجع تاريخية عدة ومنها كتاب «واحة سيوة» لعالم الآثار الدكتور أحمد فخري، والذى استمد منه أجواء سيوة فى القرن التاسع عشر، ولاسيما فى التعامل مع الحروب الداخلية، كما اعتمد على عدد من المصادر التاريخية فيما يخص الإسكندر الأكبر الفصل الذى يراه البعض الأهم فى الرواية- فمزج التاريخ بالسرد الروائي، من أبرز هذه المصادر كتاب المؤرخ الرومانى كورتيوس بعنوان «حياة الإسكندر» والذى أبرز الجوانب الإنسانية أكثر من الفتوحات والحروب التى خاضها الإسكندر الأكبر.