الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

كاتب بريطاني: الهند مدار حديث العالم على مدى الثلاثين عامًا المقبلة

الهند
الهند
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رصد الكاتب البريطاني جدعون راخمان، إحراز الصين المراتب الأولى عالميا في العديد من الجبهات - كأكبر مُصنّع عالمي، وأكبر مُصدّر عالمي، وأكبر احتياطي أجنبي عالمي، وأكبر سوق عالمية للمركبات؛ وأكبر اقتصاد عالمي بحسب القوة الشرائية طبقًا لإحصائيات صندوق النقد الدولي في 2014.
واستدرك راخمان في -مقاله بـالفاينانشيال تايمز- بأن ثمة جبهةً من الجبهات ربما فقدتها الصين: هي التعداد السكاني؛ ذلك أن بحثا ديموجرافيا جديدا يشير إلى أن الهند، وليس الصين، قد تكون الدولة الأكثر تعدادًا في العالم؛ وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن تعداد السكان في الصين لم يسجل 3ر1 مليار نسمة مقارنة بتعداد الهند والذي سجل 33ر1 مليار نسمة... تلك الأخبار كفيلة بتعزيز الشعور المتنامي بين الهنود بأنه بينما ظل صعود نجم الصين مدار حديث العالم على مدى الثلاثين عاما الأخيرة، فإن الثلاثين عاما المقبلة ستكون زمن إشراق شمس الهند.
ورأى الكاتب أن النمو السكاني يبدو مبشرًا بنمو اقتصادي موازٍ على المدى الطويل في الهند أكثر منه في الصين؛ ذلك أن سكان الهند أكثر شبابا من سكان الصين، ما يعني أن الهند ستضم شريحة سكانية عاملة (في سن العمل) أكبر من الشريحة المناظرة لها في الصين، وشريحة متقاعدة تحتاج إلى الدعم أصغر من نظيرتها في الصين، ويُظهر التاريخ الحديث في اليابان أنه عندما يكون السكان مُسنّين فإن ذلك يؤثر بشكل سلبي جدا على النمو الاقتصادي.
ورصد راخمان انعكاسات فعلية لهذه القوى الديموجرافية على معدلات النمو؛ ذلك أن الهند تشهد نموا متسارع الخطى أكثر من الصين، بمعدلات نمو متوقع أن تتجاوز نسبتها 7 بالمائة للعام الجاري، مقارنة بـ 5ر6 بالمائة للصين.
ونبّه صاحب المقال إلى أهمية تلك المقارنات في ظل دخول قوتَي القرن الحادي والعشرين العُظْمَيَين في صراع جيوسياسي وأيديولوجي؛ فقد ردّتْ الهند بقلق على خطط الصين الطموحة لتدشين أساسات بُنى تحتية عبر آسيا، خشية أن يؤدي ذلك إلى خلق منطقة نفوذ صينية كفيلة بتطويق الهند.
وأوضح راخمان أن آثار تلك التطورات على صعيد البُنى التحتية هي استراتيجية واقتصادية؛ ففي وقت يشهد فيه الأسطول الصيني تناميا سريع الخطى، فإن الموانئ الممولة صينيًا في سريلانكا وباكستان يُنظَر إليها بعين الريبة في نيودلهي، كما أن تنامي العلاقات بين باكستان والصين يخلق جوًا من القلق في الهند التي خاضت أربعة حروب ضد باكستان.
ولفت الكاتب إلى أن بكين ونيودلهي لديهما نزاعًا على الأرض لم يتم تسويته بعد، ويعود تاريخه إلى الحرب التي اشتعلت في 1962، وثمة قلق في الهند من أن الصين ربما تزيد ضغوطها حول مزاعمها الخاصة بإقليم "أروناجل برديش".
ورصد راخمان ارتفاع الميزانية العسكرية في الصين والهند بخطى واسعة؛ فقد دشنت الصين ثاني حاملاتها للطائرات وتعمل على تدشين الثالثة؛ فيما أصبحت الهند أكبر مستورد للأسلحة عالميا بعد السعودية؛ كما عززت الهند من مناوراتها العسكرية مع الولايات المتحدة واليابان - الدولتين اللتين تعتبرهما الصين من الخصوم الاستراتيجية.
واعتبر صاحب المقال أن أحد أكثر ما يثير حفيظة الصين هو أن الزعيم الروحي للتبت، الدالاي لاما، والذي تمقته بكين، لا يزال مقيما في الهند؛ ويشير ذلك إلى العنصر الأيديولوجي في الصراع بين الهند والصين.
ولفت راخمان إلى أن المحللين الصينيين عادة ما يقارنون بين نجاح نموذجهم في التنمية ونموذج الديمقراطية "الفوضوية" في الهند؛ فيما يُفضّل الهنود أن يردّوا على تلك المقارنة بالقول إن نظامهم الديمقراطي سيثمر في النهاية "استقرارًا" أكثر مما سيثمره نظام الحزب الواحد في الصين.
وأشار الكاتب إلى أن ثمة وجهًا معنويا في المقارنة؛ فالهنود يتباهون بحرية التعبير واستقلالية المحاكم، فيما يردّ عليهم الصينيون بأن المواطن العادي في الصين يعيش حياة أكثر راحة وكرامة من نظيره الهندي.
وأكد راخمان أن تلك المقارنات تعكس حقيقة أن الصين والهند لا تمثلان فقط قوتين متنافستين وإنما أيضا نظامين سياسيين متنافسين وكذلك أيديولوجيتين بل وحضاريتين متنافستين.
واختتم الكاتب قائلا إن المحللين السياسيين الغربيين منشغلون بصراع القوى بين الولايات المتحدة والصين، لكن مع تحوّل مؤشرات القوة اقتصاديا وسياسيا صوب آسيا، فإن المنافسة بين الصين والهند قد ترسم ملامح القرن الحادي والعشرين.