السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

معالم تاريخية.. قصر البارون "25"

 قصر البارون
قصر البارون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قصر البارون، تم تشييده على قاعدة خرسانية محمولة على رولمان بيلي تدور على عجلات بحيث يلف القصر بمن فيه كل ساعة ليرى الواقف في شرفته كل ما يدور حوله ويتبع الشمس في دورانها على مدى ساعات النهار.
سمي هذا القصر باسم "قصر البارون" نسبة إلى صاحبه المليونير البلجيكي البارون "إدوارد إمبان" والذي جاء إلى مصر قادمًا من الهند في نهاية القرن التاسع عشر بعد شهور قليلة من افتتاح قناة السويس.
وقام البارون إمبان بتشييد قصره عام 1852 في قلب منطقة مصر الجديدة بالقاهرة، تحديدًا في شارع العروبة على الطريق الرئيسي المؤدي إلى مطار القاهرة الدولي.
وحمل "إدوارد إمبان" لقب "بارون" والذي منحه له ملك فرنسا تقديرا لمجهوداته في إنشاء مترو باريس حيث كان "إمبان" مهندسا متميزا.
تعددت مواهب "إدوارد إمبان" فلم يقتصر نشاطه على الوجهة الاقتصادية والهندسية فقط، فقد كان يعشق السفر والترحال باستمرار، ولذلك انطلق بأمواله التي لا تحصى إلى معظم بلدان العالم، حيث طار إلى المكسيك ومنها إلى البرازيل، ومن أمريكا الجنوبية إلى أفريقيا حيث أقام الكثير من المشروعات في الكونغو وحقق ثروة طائلة، ومن قلب القارة السمراء اتجه شرقا إلى بلاد السحر والجمال"الهند" وسقط المليونير البلجيكي في غرام الشرق.
وقد عشق إمبان مصر كثيرًا واتخذ قرارا مصيريا بالبقاء فيها حتى وفاته، وكتب في وصيته أن يدفن في تراب مصر حتى ولو وافته المنية خارجها، وبدأ يبحث لنفسه عن مكان ليعيش فيه ليكون قصره "قصر البارون" الذي أصبح الأوحد من نوعه في العالم حتى الآن.
لم يكن تصميم القصر وزخارفه فقط هي محل استغراب الأثريين والمؤرخين إلا أن اختيار البارون لمكان القصر وسط الصحراء – في ذلك الوقت – هو الاختيار الغريب واللغز الذي لا يستطيع أن نجد له تفسيرا حتى الآن.
كانت منطقة مصر الجديدة في ذلك الوقت مجرد صحراء جرداء وعرض "إمبان" خلال هذه الفترة على الحكومة المصرية فكرة إنشاء حي في الصحراء شرق القاهرة واختار له اسم "هليوبوليس" أي مدينة الشمس.
كما فكر في إنشاء خط للمترو بها ليعمل على جذب أكبر عدد من المصريين للسكن في هذه الضاحية الجديدة، حيث كلف المهندس البلجيكي "أندريه برشلو" الذي كان يعمل في ذلك الوقت مع شركة مترو باريس بإنشاء خط مترو يربط الحي أو المدينة الجديدة بالقاهرة، كما بدأ في إقامة المنازل بالحي على الطراز البلجيكي الكلاسيكي إضافة إلى مساحات كبيرة تضم الحدائق الرائعة، وبني فندقًا ضخمًا هو فندق هليوبوليس القديم.
لما أراد إمبان العيش في القاهرة فكر في إقامة قصر له، فكان قصرًا أسطوريًا حيث صمم بحيث لا تغيب عنه الشمس فتدخل الشمس جميع حجراته وردهاته، هذا إضافة إلى بناء القصر على قاعدة خرسانية من الرلمان البلي والتي تتيح للقصر التحرك كل ساعة ويعد هذا القصر من أفخم القصور الموجودة في مصر على الإطلاق.
وقد استلهم البارون تصميم القصر من معبد "أنكور وات" في كمبوديا ومعابد "أوريسا" الهندوسية. وقام بتصميم القصر المعماري الفرنسي ألكساندر مارسيل Alexandre Marcel وزخرفه جورج لويس كلود Georges Louis Claude، اكتمل البناء عام 1911.
صمم القصر - الذي يقع على مساحة 12.5 ألف متر - بطريقة تجعل الشمس لا تغيب عن حجراته وردهاته أبدًا، واستخدم في بنائه المرمر والرخام الإيطالي والزجاج البلجيكي البلوري الذي يرى من في الداخل كل من في الخارج وبه برج يدور على قاعدة متحركة دورة كاملة كل ساعة ليتيح لمن يجلس به أن يشاهد ما حوله في جميع الاتجاهات، وكان الطابق الأخير من القصر هو المكان المفضل للبارون إمبان ليتناول الشاي به وقت الغروب وكان حول القصر حديقة فناء بها زهور ونباتات نادرة كما يوجد بالقصر نفق يصل بين القصر والكنيسة العريقة "كنيسة البازيليك" الموجودة حتى الآن.
وتم تصميم شرفات القصر الخارجية بحيث تكون محمولة على تماثيل الفيلة الهندية، والعاج ينتشر في الداخل والخارج، والنوافذ ترتفع وتنخفض مع تماثيل هندية وبوذية، أما داخل القصر فكان عبارة عن متحف يضم تحفا وتماثيل من الذهب والبلاتين.
كما يوجد داخل القصر ساعة أثرية قديمة يقال إنها لا مثيل لها إلا في قصر باكنجهام الملكي بلندن توضح الوقت بالدقائق والساعات والأيام والشهور والسنين مع توضيح تغييرات أوجه القمر ودرجات الحرارة.
ومن الداخل نجد أن القصر حجمه صغير، فهو لا يزيد عن طابقين ويحتوي على 7 حجرات فقط. الطابق الأول عبارة عن صالة كبيرة وثلاث حجرات 2 منهما للضيافة والثالثة استعملها البارون إمبان كصالة للعب البلياردو، أما الطابق العلوي فيتكون من 4 حجرات للنوم ولكل حجرة حمام ملحق بها. وأرضية القصر مغطاة بالرخام وخشب الباركيه، أما البدروم "السرداب" فكان به المطابخ والجراجات وحجرات الخدم.
وقد صنعت أرضيات القصر من الرخام والمرمر الأصلي حيث تم استيرادها من إيطاليا وبلجيكا، وزخارفه تتصدر مدخله تماثيل الفيلة كما تنتشر أيضًا على جدران القصر الخارجية والنوافذ على الطراز العربي وهو يضم تماثيل وتحفًا نادرة مصنوعة بدقة بالغة من الذهب والبلاتين والبرونز، بخلاف تماثيل بوذا والتنين الأسطوري.
يتكون القصر من طابقين وبدروم "السرداب"، وبرج كبير شيد على الجانب الأيسر يتألف من 4 طوابق يربطها سلم حلزوني تتحلى جوانبه الخشبية بالرخام، وعلى درابزين "سور" السلالم نقوش من الصفائح البرونزية مزينة بتماثيل هندية دقيقة النحت.