الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

على باب الله.. خالتك فاطمة "بائعة البطيخ": "اللون عليا.. والطعم على ربنا"

فاطمة بائعة البطيخ
فاطمة بائعة البطيخ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لثلاثة عقود ويزيد كانت تجلس جلستها المعتادة، تحت شجرة «الجميز» أمام دوار العائلة، تنصب شادرا موسميا فى أوان «طرح البطيخ»، تضع ميزانها بكفتيه أمامها، ذلك الذى لا جار ولا ظلم زبونها يوما ما، ضمانتك الأولى لديها أنها تشق جزءا من البطيخة بسكينها على هيئة مثلث وتريك اللون الأحمر ثم تقول لك جملتها الشهيرة: «اللون عليا لكن الطعم على ربنا.. وأهى حلوة ومرملة بالهنا والشفا».
شاخت شجرة «الجميز» وتغيرت ملامحها، ولم يعد يحتمل أهل القرية وجود فروعها المتدلية لأنها كانت تحجب أبنيتهم العالية، لم يعد لها مكان أمام هجمة المدنية على القرية، باتت غريبة بين جدران المسلح، فتآكلت رويدا رويدا ولم يتبق منها سوى جذع يحمل الذكريات، كل شىء تغيرت ملامحه إلا جلسة «خالتك فاطمة» ومعها زوجها الحاج عصمت، موظف النيابة السابق، الذى كان بمثابة «منبه الإيقاظ» لكل تلاميذ «الحتة»، فيوميا فى تمام الساعة السابعة صباحا كان يدير محرك «موتوسيكله القديم» الذى يقرقع لمدة ربع ساعة قبل أن يتحرك، ليخرج التلاميذ إلى المدرسة فيجدوا «خالتك فاطمة» تجلس فى مكانها بوجهها البشوش، ترد على المارة جميعا تحية الصباح.
وكان ومعهم أهل «الحتة» يتفننون فى إيجاد أسباب السعادة، على أقل شىء يقيمون احتفالا ومأدبة طعام، فكل ما كان لهما فى الدنيا ولد وحيد يدعى «رضا»، كبر وتزوج وأنجب وتزوج ابنه، وما انقطعت عادة «خالتك فاطمة»، التى حينما طلبنا منها أن نصورها لتكون ضمن ضيوف «على باب الله»، ضحكت وقالت الصورة بكام؟.. فرددت عليها: «أنتى تؤمرى يا خالتى فاطمة، بس قوليلى الأسعار ولعت كيلو البطيخ السنة دى بكام، قالت: بأربعة جنيه بس، ده البطيخ فاكهة الغلبان، الزباين الحلوة راحت.. زمان كان فيه دفا بين الناس.. كان فيه فقر بس كله كان فقير.. أكلنا زى بعضه وشربنا زى بعضه وبنلبس زى بعض.. وعيالنا بتروح مدرسة واحدة، يدوبك كنت تلاقى فى البلد اتنين تلاتة موظفين والبيه اللى كان بيبقى عنده موتوسيكل مش عربية، دلوقتى عربيات ياما وعمارات لكن مفيش رضا ولا فرحة، ولا طعم لفاكهة، ده زمان العيال كانت بتنعر فى قشر البطيخ لغاية لما ما يبقاش فى حتة حمرة، وكانوا بيلموا اللب ويحمصوه على النار فى «طاسة» ويقزقزوه، حتى القشر مكنش بيترمى كان بيتخرط للطيور.. أيام والله كانت زى العسل وكان فيها صحة وعافية».
وتتابع خالتى فاطمة: «مادمت هتنزل صورتى فى الجرنال، عايز أسأل الريس فين قروض الشباب اللى بيعملوا بيها مشاريع، ابنى عنده محل ملابس والبضاعة فيه على الأد، وقالوا إن فيه قروض للشباب اللى عاملين مشاريع وهو خلص الورق والرخصة، بس مش عارفين نروح فين، وبصراحة إحنا خايفين من الفايدة العالية بتاعت البنوك، ففى واحد ابن حلال زيك قالنا ممكن تصرفوا من الصندوق الاجتماعى بفائدة صغيرة، فالكلام ده صحيح ولا لأ، إحنا عايزين مبلغ صغير يجيب بيه بضاعة ويمشى الحال وربنا يكرمه، كنا متكلين إنه هيتعين فى النيابة مكان أبوه، لكن بقى عنده ٤٥ سنة ومجاش له التعيين، مع إنه جه لكل ولاد العمال اللى كانوا فى النيابة، يالله نصيب وكلها أرزاق بتاعت ربنا، وربنا يعينه ويفتح له باب رزق علشان يجهز بناته ويسترهم ويفرح بيهم فى بيوتهم، والنبى لو حد رد عليكم فى الجرنال فى موضوع القرض ده قولى ولك بطيخة حلاوة أنت وزمايلك.. كل سنة وأنتم طيبين».