الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الحكومة تنحاز للأغنياء على حساب الفقراء.. تعفي المتعاملين من البورصة من الضرائب.. وتفرضها على من يزيد دخله عن 600 جنيه شهريًّا.. خبراء: الطبقات الفقيرة تتحمل فاتورة برامج الإصلاح

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أدى قرار تحرير سعر الصرف النقد الأجنبي أمام الجنيه، إلى تحمل المواطنين أعباء معيشية صعبة، يترتب عليها إجراءات حكومية لمواجهة وتخفيف ذلك العبء، ولكن بدلا أن تعفى الحكومة الموظفين من ضرائب الدخل لمن يقل راتبهم عن 1200 جنيه شهريا على الأقل إلا أنها قامت بإعفاء من يقل راتبه عن 600 جنيه شهريا فقط من دفع الضرائب، وفى نفس الوقت أوقفت العمل بقانون الضريبة على أرباح البورصة لثلاث سنوات قادمة، مما يؤكد انحيازها للأغنياء على حساب الفقراء.
ووافق مجلس النواب على تعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بقانون رقم 91 لسنة 2005، وقد اكتفت فيه الحكومة برفع الحد الأدنى للإعفاء من ضريبة الدخل من 6500 جنيه سنويا إلى 7200 جنيه، ليرتفع حد الإعفاء الضريبى من 541 جنيه شهريا إلى 600 جنيه شهريا، وفى نفس الوقت فقد قرر مجلس النواب وقف العمل بقانون ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة لمدة 3 سنوات أخرى.
تساءل المستشار أحمد خزيم، الخبير الاقتصادى والمصرفى، عن الهدف من أى نظام ضريبى فى المجتمع، مجيبا أن الهدف هو إعادة توزيع العدالة بين أصحاب الدخل بما يضمن أن معدوم الدخل يستفيد ممن دخلهم أفضل، مشيرا إلى أنه لا يجب أن تنظر الحكومة فى كافة برامج الإصلاح فى عدم تحميل الطبقة المتوسطة والفقيرة فى علاج الاقتصاد، موضحا أن هناك بعض أنواع الضرائب من الممكن اللجوء إليها لتؤدى لدخول عالية جدا بدون أن تؤثر على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وهى الضريبة التصاعدية وضريبة الثروة لمرة واحدة فالأرقام الواردة من هذه الضرائب تكفى وتفيض من الأرقام الواردة من الطبقى الوسطى.
أضاف خزيم، أن العبء الذى نتلقاه من فرض ضرائب على الطبقات المتوسطة والفقيرة أنه يحدث فيما بعد ركود على الطلب أو ركود فى السوق أو حالة إفقار، وبالتالى كل دول العالم نتيجة تطور الأحداث الاقتصادية والمعلوماتية فهذه الدول تعيد هيكلة كاملة للنظام الضريبى بشكل عام بكل أنواعه، موضحا أن النظام الضريبى المصرى أغلبه يحصل من الموظفين فى الدولة وهم 6.5 مليون موظف أو من بعض الأنشطة المحمل عليها والتى تؤدى لعجز الموازنة وإفقار بعض شركات القطاع العام وقطاع الأعمال وجزء ضئيل من القطاع الخاص إضافة إلى عدم وجود أى ضرائب من المهن التجارية رغم أنهم مؤهلون أن يرفعوا نسبة المتحصل الضريبى، ويجب أن تخفف الأعباء على القطاع الصناعى بشكل عام.
أوضح خزيم، أنه آن الأوان لمراجعة النظام الضريبى بكامل روافده ولا يجب التعامل معه بالقطعة، موضحا أن موظفى الدولة تطالب بجزء من التعويض عن ارتفاع قيمة التضخم الذى وصل إلى 33% حسب تقديرات الحكومة و45% قيمته الحقيقية، والذى سبب ارتفاع الأسعار وعلاج التضخم هذا لابد أن تتحمله الدولة فى قراراتها التى أديرت بشكل خاطئ.
من جانبه، قال محمد أبو الفتوح نعمة الله، مدير مركز وادى النيل للدراسات الاستراتيجية، إن أهم قواعد فرض الضريبة الملائمة واختيار الوعاء الضريبى المناسب هو تحقيق العدالة الضريبية كجزء من تحقيق العدالة فى المجتمع ككل، مضيفا أن معنى الملائمة أن تكون الضريبة ملائمة للممول وتتناسب مع ظروفه وأحواله بحيث يسهل عليه أداؤها، موضحا أن الهدف المعلن لرفع حد الإعفاء الضريبى هو التخفيف عن محدودى الدخل وخصوصا مع زيادة معدلات التضخم لحدود غير مسبوقة وزيادة دخله الحقيقى بزيادة حجم الإعفاء ليستطيع مواجهة أعباء المعيشة فإذا نظرنا إلى المشروع المعروض من الحكومة فلن نجده يحقق ذلك إلا فى حدود ضئيلة جدا لن تثمن ولن تغنى من جوع، فماذا يعنى رفع حد الإعفاء من 460 جنيه إلى 600 جنيه شهريا وماذا سيوفر للموظف محدود الدخل فى وقت تضاعفت فيه الأعباء حتى بات حد الكفاف للموظف طبقا للمعايير الدولية 5 آلاف جنيه شهريا طبقا لأقل التقديرات.
أضاف نعمة الله، أنه لا يجوز أن تستقطع من الموظف ضرائب فى ظل عدم توفيره باحتياجاته الأساسية، مضيفا أن العائد الأكبر من الضرائب المباشرة أى المتحصلة عن العائد هى ضريبة الأجور والمرتبات، وأغلب حصيلة ضرائب الشركات يدفعها القطاع العام وسنجد أن الشرائح الضريبية ضيقة جدا ولا تراعى الأعباء المعيشية للممول وأسرته بل سنجد أن الجزء الأكبر من الحصيلة يتم تحصيله من الضرائب الغير مباشرة والتى هى أقل عدالة ويتحمل الفقراء أكثر عبئها لأنهم الأكثر إنفاقا بالنسبة لدخولهم بل وسنجد الضرائب والجمارك والرسوم تستقطع فى المتوسط نحو ثلث قيمة طعام الفقير على أغلب السلع الاستراتيجية والأساسية، مضيفا: أننا سنجد أن الشريحة الاعلى من 45 ألفا إلى 200 ألف جنيه سنويا تم فرض ضريبة بنسبة 20% عليهم وهو ما يعنى أن الموظف الذى يتقاضى أقل من 4 آلاف جنيه شهريا سيسدد ضريبة شهرية تزيد عن 700 جنيه بينما نجد من يزيد دخله عن 200 ألف جنيه سنويا تفرض عليه الضريبة بواقع 22.5%.
تساءل نعمة الله، لماذا لم ترفع الحكومة حد الإعفاء ليتناسب مع الأعباء المعيشية وانفلات التضخم وتدهور قيمه الجنيه وقوته الشرائية؟ ولماذا لم تجعل حد الإعفاء 30 ألف جنيه سنويا مثلا، وما يزيد عن ذلك يحاسب بفائدة 10% مع التدرج فى سعر الضريبة حتى 30% لمن تزيد صافى إيراداته عن مليون جنيه سنويا، خصوصا أن الضرائب التصاعدية هى الأكثر عدالة؟، مضيفا أننا سنجد النظام الضريبى يحابى الاستثمار وضرائب الأرباح الرأسمالية وغيرها بالمقارنة بضرائب الدخل وكسب العمل وغيرها فنجد إعفاء الضرائب على الودائع وهذا جيد ومطلوب حاليا ولكننا سنجد أيضا الحكومة ترجئ تطبيق الرسوم المفروضة على المتعاملين بالبورصة والتى يفترض أنها للحد من الأموال الساخنة والمضاربات، لكن حينما قامت الحكومة بفرضها فرضتها بطريقه خاطئة وبمعدل مبالغ فيه أوقف تعاملات سوق المال المصرى وهدد استمرار البورصة بل وتم فرضه بطريقة يصعب فعليا تطبيقها بينما كان لدى صانع القرار العديد من البدائل لتحقيق ذلك وزيادة الحصيلة دون الإضرار بالبورصة ولا بمصالح المتعاملين وتحقيق الأهداف المطلوبة من وراء تلك الضريبة.
تابع الخبير الاقتصادى، أن متخذ القرار أهمل الكثير من الوسائل والآليات الكفيلة بزيادة الإيرادات غير الضريبية لتكون الجزء الأكبر من موازنة الدولة وخصوصا أن لدينا اقتصادا غنيا ومتنوعا، كذلك لابد من تطوير أداء مصلحة الضرائب وزيادة حجم المجتمع الضريبى والحد من التهرب وزيادة حصيلة الضرائب المباشرة التى يشهد تطبيقها فعليا حجما لا يستهان به من الفساد والتقاعس وانعدام الكفاءة وهو ما يقتضى ضرورة تطوير آليات العمل والرقابة على الأداء بمعايير موضوعية فعالة.