الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

50 عامًا على نكسة 67.. رياض يرسل إنذارًا قبل الهجوم بساعة.. أوامر عامر بالانسحاب من سيناء تثير التساؤلات.. الحرب بدأت وانتهت والمشير في الجو.. وسقوط الجولان "اللغز الكبير"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تقول جولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل إبان حرب أكتوبر 73، في مذكراتها المعنونة بـ"اعترافات جولدا مائير": إنها تلقت تقريرًا، يوم الجمعة 5 أكتوبر، أثار قلقها "أن عائلات المستشارين الروس في سوريا تحزم أمتعتها وترحل على عجل".
ودفعها القلق إلى "التوجه مباشرة إلى وزير الدفاع، ورئيس الأركان ورئيس المخابرات، عما إذا كانت هذه المعلومة تعتبر مهمة.. فوجدت أنها لم تغير من تقديرهم للموقف".
كانت هذه مجرد "شكوك" لدى حاكم إسرائيل، في ليلة حرب أكتوبر، بينما في في مصر وقبل حرب يونيو 1967، كان الرئيس جمال عبدالناصر على "يقين تام" بأن الإسرائيليين سيشنون هجومًا، على الأراضي المصرية، وسلاح الطيران هو هدفهم الرئيس.
ارتكبت القيادة المصرية، قبل 50 عامًا أخطاءً فادحة، بحسب معاصرو ذلك الحدث الجلل، أدى إلى نكسة الخامس من يونيو 1967.

مصر تعرف ميعاد الحرب

يقول محمود رياض، وزير الخارجية المصري في وقت النكسة: إن الرئيس جمال عبدالناصر، تحدث مع القيادة العسكرية، خلال اجتماع عقد في يوم الجمعة 2 يوينو، عن موعد الحرب ونية استهداف الإسرائيليين للطيران المصري، حيث يقول في كتابه "البحث عن السلام والصراع في الشرق الأوسط": إن هجوم إسرائيل لم يكن مفاجأة للقيادة العسكرية، فقد ذكر لهم رئيس الجمهورية، باحتمالية قيام إسرائيل بالهجوم يوم 5 يونيو".

ويتابع رياض "أنه بالرغم من ذلك، لم تتخذ أي إجراءات للنزول بالخسائر إلى الحد الأدنى، فلقد كان من الممكن ألا تتجاوز الخسائر 20 %، عن طريق توزيع الطائرات بشكل أفضل، بوجود مظلة جوية لحماية المطارات، علمًا بأن هذه المظلة الجوية، ظلت قائمة في الأيام القليلة السابقة على 5 يوينو".

وفي نفس السياق، تحدث الرئيس محمد أنور السادات، في مذكراته "البحث عن الذات" بأن عبدالناصر، صدق على خطة المواجهة، وقال لقائد الطيران حينها صدقي محمود: "إن أول ضربة ستقع على الطيران.. فالتفت هذا إليه وقال في عصبية واضحة: يا فندم إحنا عاملين حسابنا ولن تزيد الخسارة على 10%".


إنذار قبل الحرب بساعة

كان اللواء عبدالمنعم رياض، قد أرسل إلى الأردن قبل الحرب بشهرين، لقيادة الجبهة الأردنية، في حال أي تهديد إسرائيلي.

ويذكر المؤرخ الإسرائيلي، ميشيل أورين، في كتابه "ستة أيام من الحرب" أن أجهزة الرادار في الأردن التقطت في الساعة 8:15 صور للطائرات المهاجمة. 

ويتابع أوريون "على الرغم من أن الأردنيون، يألفون وجود أعداد كبيرة، من الطائرات الإسرائيلية المتجهة للبحر، إلا أن عدد الطائرات ذلك اليوم، قد فاق التوقعات ولم يسبق له مثيل".

ويؤكد المؤرخ الإسرائيلي أن "الضابط المناوب أرسل إشارة لاسلكية، برمز "عنب" وهي كلمة تعني الحرب بالشفرة المتفق عليها إلى اللواء عبدالمنعم رياض، في عمان الذي حولها بدوره إلى وزير الدفاع شمس بدران، في القاهرة".

وبقيت هناك دون فك شفرتها، إذ كان المصريون قد غيروا ترددات شفرتهم، في اليوم السابق ولكن دون أن يعلموا الأردنيين. 

وفجأة تحولت الطائرات إلى الشرق، باتجاه سيناء فأبرقوا بالكلمة المرمزة مرارًا وتكرارًا.


الحرب بدأت وانتهت وعامر في الجو
يواصل مايكل اورين، الحديث عن بداية الحرب والضربة الجوية، التي أعطت لتل أبيب، زمام المبادرة ونفذ خلالها تكتيك الطيران المنخفض، على إرتفاع 15 مترا فوق سطح البحر، لتهرب من الرادارات المصرية، لكن الإسرائيليون لم يعرفوا أنه حتى لو تم رصدهم فأجهزة الدفاع الجوي، معطلة لوجود طائرة المشير في الجو.
يقول محمود رياض "أسوأ ما في هذا اليوم أن المشير عامر، بدلا من أن يظل في مركز قيادته، في ذلك اليوم توجه إلى إحدى القواعد في سيناء، مصطحبا معه في الطائرة، عددا كبيرا من القادة العسكريين، كما كانت القيادات في الجبهة مجتمعة في المطار بسيناء انتظارا لوصوله".
ويؤكد رياض "ولضمان سلامة طائرة المشير، صدرت التعليمات بعدم اشتباك اجهزة الدفاع الجوي، مما أدي إلى الإغلاق الكامل للدفاع الجوي".
وبحسب تعبير السادات، في كتابه أن "الحرب بدأت وانتهت وعامر في الجو".


الانسحاب المزري
الأمر الذي أصدره عامر، بإنسحاب الجنود من سيناء، كان له اكبر الأثر في الهزيمة، التي لحقت بالمصريين في 67 وكما يقول المؤرخ، جمال حماد، في كتابه "من سيناء إلى الجولان" أصدر المشير عامر، أمر الانسحاب من سيناء، لقوات الجيش، في مساء يوم 6 يونيو 1967، وكان الامر العجيب، ينص على انسحاب هذه الحشود الضخمة من القوات المصرية في سيناء، إلى غرب القناة في ليلة واحدة، وأن تكون عودة الجنود باسلحتهم الشخصية فقط، تاركين أسلحتهم الثقيلة لقمة سائغة للاعداء".
وكان هذا خلافا لما أمر به عبدالناصر، في 5 يونيو عندما توجه إلى القيادة وقال "حسبما ذكر رياض في مذكراته" للقادة أن نجاح إسرائيل، في ضربتها الجوية ليس نهاية المطاف، وطالبهم بأن يركزوا الدفاع في العريش... ولكن تبين فيما بعد ان عامر، غير الخطة الدفاعية وسحب القوات من العريش مكتفيا بوجود لواء واحد، من قوات الاحتياط، ليتبين بعدها أن الهجوم الإسرائيلي، البري والرئيسي جاء فعلا في إتجاه العريش، نفس ما توقعه عبدالناصر".
وكان هذا الحديث بين محمود رياض، وعبدالناصر بعد إنتهاء الحرب، في 25 يوليو 1967، وفقا لما ذكره وزير الخارجية، في مذكراته.


الدفاع عن المضايق
تفاجأ عبدالناصر، بأوامر الانسحاب الصادرة من وزير الدفاع، للقوات في سيناء، وقد هاتفه السادات في 7 يونيو، حسبما ذكر في مذكراته "ياجمال ماتحاول تنقذ ما يمكن انقاذه..المسألة في وشك على أي حال فلماذا لا تطلب من عامر أن يبقى في بيته وتقعد أنت في القيادة وتشتغل".
ورد عليه عبدالناصر "والله يا أنور أنا عرفت انه أعطى امر بالانسحاب وقلت له ازاى تعمل كده ياعبدالحكيم، ليه متقفش في خط المضايق قالي الخط مش جاهز".
كان خط المضايق، يعتبر اخر أمل للمصريين في إيقاف التقدم الإسرائيلي، وهو ما أكده رياض "بانه كان بإمكان عدد محدود من القوات المصرية، إنشاء خط دفاعي في المضايق، شرق القناة وهو خط دفاعي طبيعي، جرت دراسته منذ عام 1949، وقد ساهم في هذه الدراسة عدد من الخبراء العسكريين الألمان، وأجمعت الدراسات منذ عام 1950 على ان خط المضايق، هو انسب خط للدفاع عن شرق القناة".


لماذا سقطت الجولان؟

في الثامنة والنصف، من صباح يوم 10 يونيو، ونتيجة لتصرف غير مفهوم، وبسبب سر لا يزال مستغلقًا حتى اليوم، أعلنت محطة إذاعة دمشق، نبأ كاذبًا عن سقوط القنيطرة، عاصمة الجولان، في يد القوات الإسرائيلية.

في كتابه من "سيناء إلى الجولان" يتحدث المؤرخ المصري، جمال حماد عن سقوط الجولان، بعد إذاعة هذا النبأ بست ساعات، وكيف انهارت الروح المعنوية، للقوات السورية التي كانت في موقع حصين، بمرتفعات الجولان.

وتابع حماد، في وصف تأثير النبأ الكاذب على حد وصفه "تحت تأثير هذا النبأ المثبط للهمم والعزائم بالإضافة إلى هجمات سلاح الطيران الاسرائيلي العنيفة على المواقع السورية انهارت المقاومة فجأة في هضبة الجولان وتركت القوات السورية مواقعها بكل ما تحويه من اسلحة ودبابات ومركبات ومعدات وعملت على شق طريقها في اتجاه الشرق للنجاة من تطويق إسرائيلي وهمي اختلقته محطة الإذاعة السورية بدمشق".

وأكد المؤرخ المصري "تمكنت القوات الإسرائيلية، في إثر الانهيار الفجائي للجبهة، من التقدم بدون مقاومة تذكر في القطاعات الثلاثة، وفي حوالي الثالثة بعد ظهر السبت 10 يونيو، وصلت هذه القوات إلى أهدافها النهائية، على الخط مسعدة – القنيطرة – رافد حيث وجدتها خالية، وهكذا لم تدخل القوات الإسرائيلية القنيطرة عاصمة الجولان، إلا بعد ست ساعات من إعلان الإذاعة السورية نبأ سقوطها".