الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

علماء المسلمين.. العز بن عبدالسلام (9- 30)

العز بن عبدالسلام
العز بن عبدالسلام
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«بلغ رتبة الاجتهاد، وانتهت إليه رئاسة المذهب، مع الزهد والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصلابة في الدين، وقَصَدَه الطلبة من الآفاق، وتخرّج به أئمة».. هكذا جاء وصف الحافظ الذهبي؛ لأبو محمد عز الدين عبدالعزيز بن عبدالسلام بن أبي القاسم بن حسن السُّلَمي الشافعي (577هـ/1181م - 660هـ/1262م) الملقب بسلطان العلماء وبائع الملوك وشيخ الإسلام، هو عالم وقاضٍ مسلم، برع في الفقه والأصول والتفسير واللغة.
وُلد العز بن عبدالسلام في دمشق ونشأ بها، ودرس علوم الشريعة والعربية، وتولى الخطابة بالجامع الأموي والتدريسَ في زاوية الغزالي فيه، واشتُهر بعلمه حتى قصده الطلبة من البلاد،.
كما اشتُهر بمناصحة الحكام ومعارضتهم إذا ارتكبوا ما يخالف الشريعة الإسلامية برأيه، وقد قاده ذلك إلى الحبس، ثم الهجرة لمصر، فعُيّن قاضيًا للقضاة فيها، وقام بالتدريس والإفتاء، وعُيّن للخطابة بجامع عمرو بن العاص، وحرّض الناس على ملاقاة التتار وقتال الصليبيين، وشارك في الجهاد بنفسه، وعمّر حتى مات بالقاهرة سنة 660هـ (1262م) ودُفن بها.
عاش العز بن عبد السلام في الربع الأخير من القرن السادس الهجري، وأكثر من النصف الأول من القرن السابع (577-660هـ)، وعاصر الدولة الأيوبية والدولة المملوكية في الشام ومصر.
وتعد هذه الفترة الزمنية من أشد العصور في التاريخ الإسلامي اضطرابًا وقلقًا؛ إذ كانت سلطة الخلافة العباسية والدول القائمة تحت نفوذها في ارتفاع وانخفاض مطلقين، والناس يتنقّلون بين الاستقلال والاحتلال، والوحدة والانفصال؛ ففي القرن الخامس الهجري اتجه الصليبيون إلى ديار الإسلام، فاحتلوا أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي، حتى سقط بيت المقدس في أيديهم سنة 492هـ، ثم جاء عهد عماد الدين زنكي أمير الموصل الذي تصدى للصليبيين، وبدأ بتوحيد صفوف المسلمين، ثم خلفه ابنه نور الدين محمود الذي اتسم عهده بالصلاح والاهتمام بالعلم، فسعى لتوحيد البلاد الإسلامية وجمع صفوفها ضد أعداء الإسلام، حتى توفي سنة 569هـ. 
عندما كان العز بن عبد السلام بمصر سنة 657هـ، تقدم التتار بعد سقوط بغداد إلى الشام، واستولوا على بعض مدنها، ليواصلوا الطريق إلى مصر، وكان على عرش مصر شاب صغير، وبَعَثَ ملكُ حلب الناصرُ يوسف يطلب النجدة على قتال التتار، فجمع سيف الدين قطز العلماء والأعيان والفقهاء والقضاة لمشاورتهم في الأمر لمواجهة التتار.
وحضر الشيخ العز، وعمره ثمانون سنة، وطُرحت المشكلة في استيلاء هولاكو على البلاد، وأن بيت المال خالٍ من الأموال، والسلطان صغير السن.
وقال ابن تغري بردي: «وأفاضوا في الحديث، فكان الاعتماد على ما يقوله ابن عبد السلام»، وسكت الأمراء والقضاة والعلماء، ولم يَجْرُؤ أحد على الاعتراض على عزم الملك الجديد قطز في فرض الضرائب على الشعب دون الأمراء وبيت السلطان.
وهنا ظهرت نصيحة العز الجريئة والحازمة، فأفتى بخلع السلطان الصغير، وجواز تعيين ملك قوي مكانه، وهو قطز، ثم وجَّه له النصيحة في أمر الضرائب مدافعًا عن الشعب ومبيّنًا للحق، فقال: «إذا طَرَقَ العدوُّ بلادَ الإسلام وجب على العالَم قتالُهم، وجاز لكم أن تأخذوا من الرعية ما تستعينون به على جهادكم، بشرط أن لا يبقى في بيت المال شيء من السلاح والسروج الذهبية والفضية والكبابيس المزركشة وأسْقاط السيوف والفضة وغير ذلك، وأن تبيعوا مالكم من الحوائص الذهبية والآلات النفيسة، ويقتصرَ كلُّ الجند على سلاحه ومركوبه، ويتساووا هم والعامة، وأما أخذ الأموال من العامة مع بقايا في أيدي الجند من الأموال والآلات الفاخرة فلا»
توفي العز بن عبد السلام في جُمادى الأولى سنة 660هـ (1262م) باتفاق المؤرخين وعلماء التراجم، وقد بلغ ثلاثًا وثمانين سنة من العمر، ولكن علماء التراجم والتاريخ اختلفوا في يوم رحيله، فنقل ابن السبكي عن عبد اللطيف بن العز أن «وفاة الشيخ في تاسع جمادى الأولى، في سنة ستين وستمائة».