الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

زيطة في الأزاريطة.. 7 ملايين مبنى مخالف في مصر.. 9 آلاف انهاروا.. فساد الإدارات هندسية وقوانين البناء أبرز الأسباب.. خبير عمراني: الإسكندرية تربتها فخارية هشة وعقاراتها مهددة بالانهيار بالكامل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
القلق سيد الموقف في صفوف سكان الأبراج، برج الأزاريطة بالإسكندرية رمى حجر رعب في كل سكان المحروسة، وفتح بلاعة فساد العقارات في مصر، الأرقام تقول إن 7 ملايين و380 ألف عقار مخالف منذ خمسينيات القرن وحتى الآن، منهم 2 مليون و184 ألف عقار بعد ثورة يناير، 9 آلاف عقار انهاروا و450 ألفا في الطريق للسقوط، خبراء أرجعوا الأمر إلى فساد الإدارات الهندسية وقوانين البناء وغش البناء، وفجَّر خبير عمراني هذه القضية: "الإسكندرية تربتها فخارية هشة وعقاراتها مهددة بالانهيار بالكامل ".
ويقول دفتر الأنقاض في مصر إن عقار الأزاريطة لم يكن أول حادث انهيار عقارات ولن يكون الأخير، بعد ثورة يناير وحدها سقط أكثر من 900 مبنى فى مختلف محافظات مصر وسقوط مئات الضحايا، وتشريد آلاف الأسر بدون مأوى، وقدرت الإحصائيات أن هناك ما يقارب الـ 450 ألف عقار، مهددًا بالانهيار المفاجئ أكثرهم فى محافظة الإسكندرية.
وقدرت إحصائية صادرة عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، حوادث انهيار العقارات فى مصر من يوليو عام 2012 وحتى يونيو عام 2013 لمدة عام واحد فقط بـ 392 واقعة انهيار، راح ضحيتها 192 شخصا وتشردت 824 أسرة.
وكشفت إحصائية لمركز دفتر أحوال "مركز بحثى للأرشفة والتوثيق"، أن حوادث انهيار العقارات فى مصر خلال 3 سنوت من عام 2014 وحتى نهاية عام 2016، بلغت 661 عقار فى 26 محافظة، حيث سجلت 130 حادثة انهيار للعقارات فى عام 2014، و306 حادثة انهيار للعقارات فى 2015، و225 حادثة فى عام 2016 وذلك فى 181 دائرة قسم شرطة.
وأكد المركز أن الإسكندرية احتلت المرتبة الأولى فى انهيار العقارات بما يقارب 184 واقعة انهيار، و190 انهيار فى محافظات الصعيد، ثم الدلتا 156 انهيار، ثم مدن القناة 25 واقعة، و16 واقعة بالمحافظات الحدودية، ومن حيث الخسائر البشرية رصد المركز، أن عدد الإصابات بلغت 717 إصابة بشرية، و304 حالة وفاة، وتضرر 1450 أسرة منهم 451 أسرة بالإسكندرية فقط.
وقال تقرير لـ"الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان"، بعنوان "مخالفات البناء فى مصر"، إن عدد المباني المخالفة بلغت 4.9 مليون مبنى مخالف، والمقامة بدون ترخيص 317 ألفا و948 عقارًا، صدر لها 356 ألفا و507 قرارات إزالة ولم يتم تنفيذها.

وأكد الدكتور حمدى عرفة، استشاري تطوير العشوائيات والإدارة المحلية، أن عدد المباني المخالفة التى أقيمت فقط بعد ثورة يناير 2 مليون و184 ألف عقار فى 27 محافظة، كما أن عدد المبانى المخالفة فى مصر منذ مطلع الخمسينيات وحتى نهاية 2016 وصلت إلى 7 ملايين و380 ألف عقار مخالف، مرجعا سبب زيادة العقارات المخالفة إلى الفساد المستشري فى المحليات، إضافة إلى قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 فهو أحد أسباب زيادة العقارات المخلفة لبيروقراطيته.
رأى عرفة أن الحل يأتى بهيكلة جهاز التفتيش على البناء التابع لوزارة الإسكان والذى لا يوجد له فروع فى المحافظات ويوجد به 43 موظفا ليس لديهم الضبطية القضائية وتوصياته غير ملزمة تجاه مخالفات المباني، كما يجب تطهير الأحياء والمدن من الفاسدين بالإدارات الهندسية وإلغاء ندب الحاصلين على المؤهلات المتوسطة ونقل هذه الإدارات الهندسية لوزارة الإسكان.
وطالب عرفة، بتعديل قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979، وتعديل قانون المجتمعات العمرانية رقم 58 لسنة 1979، قائلا: "هذه القوانين مضى عليها بها أكثر من 40 عاما"، مشددا على نقل الإدارات الهندسية من وزارة التنمية المحلية إلى وزارة الإسكان، مؤكدا أن تلك الإدارات بها 8% فقط مهندسين والباقي حاصلين على مؤهلات متوسطة، مطالبا وزير الإسكان أن يطبق اللامركزية كما نص عليها الدستور، والسماح لكل محافظ بأن يدير كل مؤسسات محافظته الإدارية.
وطالب عرفة سرعة صدور تخطيط كردونات المدن والقرى والتى تصدر ببطء كل 6 أشهر فى مدينتين فقط، مؤكدا أن 60% من المناطق فى مصر غير مخططة وفقا لإحصائيات رسمية، مطالبا بتشريع جديد يسمح بحبس المقاول والمهندس وصاحب العمارة فى حالة السماح بتنفيذ الإنشاءات المخالفة، مؤكدا أن مصر تفقد كل ساعة 3 أفدنة و12 قيراطا من أجود الأراضي الزراعية بسبب البناء عليها حتى وصلت التعديات على الأراضي الزراعية منذ ثورة يناير إلى الآن مليون و680 ألف حالة تعدٍ.
أكد عرفة أن هناك 450 ألف عقار قابل للانهيار مستندا إلى ذلك لتقرير الأمانة العامة للإدارة المحلية، وتابع: "أغلب هذه المباني فى القاهرة الكبرى بنحو 120 ألف عقار".

وقال عبدالرحمن حسن، الخبير فى شئون الإدارة المحلية، إن الأبراج من أكثر العقارات التى التي تواجه الفساد، وأضاف أن الغش فيها يبدأ من الأسمنت، حيث يستعان بأسمنت مغشوش أو منتهى الصلاحية أو غير مطابق للمواصفات بسبب غياب الرقابة الحقيقية على مصانع الأسمنت والموردين وتستكمل بالرسومات غير العقلانية للأبراج، وسوء توزيع أعمدة الأساس، والكارثة الكبرى في التنفيذ من حيث عمق الجزء الخاص بالأساسات الخرسانية تحت الأرض، هذا إلى جانب غياب ضمير المقاولين في الخامات والنسب الخاصة بها، ولم تقف الكارثة على غياب الرقابة وانعدام ضمير المقاولين وجشع التجار وأصحاب العقارات بل يقع عمق الأزمة في التخطيط الخاص بالمحليات والذي ينتهك كل الأعراف والمفاهيم فبأى عقل يرتفع برج لعشرة طوابق أو أكثر في شارع عرضه لا يتجاوز الـ 6 أمتار.
أضاف حسن، أن المجالس الشعبية المحلية سبب في الأزمة، وتابع لها دور مؤثر بشكل سلبي في التهاون في مثل هذه الأمور عبر استصدار التراخيص البناء المخالفة، موضحا أن الحلول تتمثل في إعادة تخطيط الشوارع بشكل عاجل، وهو أمر شبه مستحيل، ولكن يجب على الأقل أن يتم رسم تخطيط جديد ومحاولة الوصول إليه، هذا بالإضافة إلى وقف استصدار التصاريخ الخاصة بالبناء إلا من خلال لجنة داخل الحي لدراسة تخطيط ورسم العقار ومدى إمكانية إقامته في موقعه مقارنة بالتخطيط الخاص بالشارع وعرضه والعقارات المجاورة له.
شدد حسن على تخصيص لجنة للتفتيش على العقارات طور الإنشاء وفحص خاماتها وطريقة تنفيذها، وتشكيل لجنة لبحث مدى خطورة العقارات المبنية حديثا، والتأكد من سلامة العقار تختص تلك اللجنة بالمرور على كافة العقارات لبحث وضعها ومدى أمانها وسلامتها أو مدى خطورتها، واتخاذ إجراءات حاسمة تجاه العقارات الخطرة بإخلائها وإزالتها كل تلك اللجان واجب بدء العمل بها من اللحظة وحتى انتخاب مجالس محلية وعند انتخاب المحليات تشكل هي تلك اللجان بالتعاون مع الحى.

ورأى الدكتور عبدالله العريان، أستاذ التخطيط العمراني، أنه بالنسبة لمحافظة الإسكندرية بالأخص فإن تربتها تسمى التربة الفخارية وهى تربة ضعيفة هشة تحتاج لمعاملة خاصة للبناء عليها، وهى تحتاج لتكلفة عالية جدا، وأن الأساسات التى تقام عليها لا يتماشى مع نوع التربة هناك، مضيفا أن تحت مدينة الإسكندرية بالكامل هناك مدينة رومانية كاملة، هذا بالإضافة إلى تسرب مياه الصرف الصحي إلى التربة فيضعفها، موضحا أن مصر كلها بها مشاكل فى البناء وهى أنه عند إزالة منزل صغير وإقامة عقار مرتفع عليه لا يحدث فى المنطقة تغيير فى البنية الأساسية حتى لو كان الترخيص سليم لأن فيلا أو عقار صغير يعيش به 10 أفراد يختلف عن عقار فى نفس المكان يعيش به ألف فرد، موضحا أن من بين الأسباب أيضا الارتفاعات الشاهقة، مشددا على إزالة الأدوار العليا.