الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

احذروا الفتنة فكلنا ضحاياها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ سقوط العراق والإجهاز على سوريا، ومحاولة إشغال مصر، أضحى عالمنا العربى وسط تقاطع كل النيران الدولية، وهو ساحة الحرب الأولى التى تتقاتل فيها الأجندات الدولية، بكل ثقل من أجل مصالحها الاستراتيجية، من الاقتصاد والسياسة حتى ألعاب النت، ومن أقصى النظام الرأسمالى إلى أقصى الأجندات الشيوعية، ومن أجهزة الأمن إلى أجهزة الرادار، كل يجد مصلحته وأمنه من خلال المعرفة أو التأثير فى متغيرات عالمنا العربى، الذى خربته قوى خارجية تدخلت فى نسيجه، وزرعت ألغامها فيه لتنفحر الواحدة تلو الأخرى، بعد أن بلعنا الطعم وصرنا مجرد أدوات تحركها قوى عالمية لها مصالح ضخمة، لكوننا ببساطة العالم الأغنى بالطاقة والأعلى فى مناسيب المياه الصالحة للشرب، ومخزونًا لا ينضب من الموارد الأولية، وفى منتصف خطوط التماس بين ثلاث قارات حيوية وبوابة لكل الوجهات، إضافة لكونه مخزن تاريخ العالم القديم ومنتجاته الحضارية، لكن السؤال الملح، هل يعى عالمنا لقدراته، أم أنه مجرد سوق استهلاكية ينفق ما تنتجه الأرض التى يقف عليها على حد وصف كيسنجر؟
هل لديه استراتيجية للبقاء والديمومة؟ هل يعى كم وحجم ونوع التحديات؟ والأهم هل يعرف مغزى أن يظل متفرقًا مختلفًا تتناهبه رياح الغرب والشرق؟ هل يعى قيمة أن يكون غنيا ويتفرج على فقراء مدقعين من أهل بيته؟ إنها أسئلة تعوزها الإجابات الناجعة المسئولة.
حين تنظر لما آلت إليه أمور عالمنا العربى المحترب مع بعضه، وتتحرى مغزى هذا الاحتراب المفتعل، إنه ببساطة قتال بالنيابة لا يخدم غير مصلحة العدو المشترك، ولا توجد استراتيجيات بعد أن سلم المفكرون والمثقفون القوميون الأمر، وأعلنوا حالة التفرج بعد صدمة سقوط بغداد، وتدمير سوريا وإلهاء مصر وتفكيك ليبيا وشل الجزائر وفك السودان، وسواها كانت أكبر من قدرة الخروج من هذا المأزق الذى يزداد تأزما وانسحاقًا. 
ما عادت الخرائط كما كانت فى القرن الماضى، أيام المد النهضوى العربى، يوم كان الحلم قاب قوسين أو أدنى، إننا ندفع اليوم ضريبة الانتظار والتأجيل لأحلامنا بتحقيق تقاربات اقتصادية سياسية مجتمعية، ظللنا نخاف بعضنا البعض، ونحتمى بالآخر ونتقوى حتى وصلنا إلى مرحلة الاحتراب والتلاشى، وشلل الإرادات الوطنية، كنا نظن أن جيش مصر هو جيش العرب وجيش العراق معين معاركنا، والأذرع السودانية قوة لوجودنا والجيش العربى السورى منعة لحدودنا، ومنظمة التحرير ذراع أملنا فى التحرير، وقدرات باقى الأقطار لدعم قدرات صمودنا، ما الذى حدث وتغير لكى يبقى لكل واحد مهمة حل مشاكله؟
أليست الفتنة التى زرعت فى أوساطنا واستخدمت فيها عوامل قوتنا الافتراضية إلى نقاط لإضعافنا باستخدام الدين وحرف التدين، وضرب المكونات، وصراع لا طائل منه بين المذاهب، كم خسرنا من تلك الأزمات المفتعلة والخطيرة كم قتل شبان وترملت نساء ويتم أطفال؟، إلى متى لا نعرف كيف نخرج من هذه الدوامة التى يستخدمها عدونا ويشل بها قدرات الأمة، وينفذ ليسرق بيتنا العربى المكشوف؟ 
إنها الفتنة التى ما عادت نائمة، فقد أوقظت لتحرق أمننا وتعكر صفو حياتنا وتهدد مستقبلنا.