الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

توتر العلاقات بين القاهرة والخرطوم "فتش عن قطر".. مصر حريصة على علاقاتها الراسخة مع السودان .. الزنط: "السيسي" لا يمزح والضربات الجوية في ليبيا "فهمها البشير جيدًا"

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيرة السوداني - أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شهدت العلاقات بين مصر والسودان فتورًا نسبيًا أخذ في التصعيد، خلال الأشهر الأخيرة، على خلفية الخلاف التقليدي الذي يبرزه الأشقاء السودانيون من فترة لأخرى على تبعية منطقة حلايب وشلاتين (المصريتين)، اللتين يدعي الجانب السوداني أنهما تابعتان له، رغم أن هذا الملف مفترض أغلق منذ زمن طويل وأطويت صفحته، وانتهى بحسم الجدل لتبعية المنطقتين إلى مصر.


ولكن منذ فترة، أثارت تصريحات أخرى لوزير الإعلام السوداني أحمد بلال عثمان بأن فرعون سودانيا، وليس مصريا، وأن الأهرامات السودانية (أهرامات البجراوية) أقدم من الأهرامات المصرية بألفي عام، وأخيرا الاتهامات التي وجهها الرئيس السوداني عمر البشير لمصر بمساعدة حركات التمرد في درافور ضد السودان وادعائه بضبط الجيش السوداني لمدرعات مصرية في دارفور، وزيادة في التصعيد من الجانب السوداني فرضت السودان عددا من القيود على تأشيرات دخول المصريين إلى السودان مما أدى لعرقلة التبادل التجاري بين البلدين، وانتهى التصعيد بحظر استيراد السودان للحاصلات الزراعية المصرية ومنع دخولها البلاد بادعاءات أنها فنية وغير مطابقة للمواصفات طبقا لما صرح به السفير السوداني لدى مصر عبد الحليم عبد المحمود، نافيا أن يكون لقرار المنع توجه سياسي على خلفية التوتر الناشب بين البلدين.

وقد زاد من تصاعد الأزمة بين البلدين الحملات الإعلامية ضد مصر من جانب الصحفيين والإعلاميين السودانيين ومواقع التواصل الاجتماعي التي اشتعلت بالهجوم ضد مصر، ما جعل وزيرا خارجية البلدين يتفقان على التهدئة وطلب التهدئة من إعلام بلديهما.


وكان من المفترض زيارة وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور لمصر في 31 مايو المنصرم في طور التباحث المشترك بين البلدين، إلا أن الزيارة تم تأجيلها لأجل غير مسمى، وقد أخذ وزير الخارجية سامح شكري شجاعة المبادرة ووجه الدعوة لنظيره السوداني للوقوف على ملف الخلافات وما يتطلب اتخاذه من إجراءات فعالة ومشتركة لمعالجة الأزمة بين القاهرة والخرطوم.

وبعد مباحثات "شكري" و"غندور" ولقاء الأخير بالرئيس عبد الفتاح السيسي من المنتظر رد الجانب السوداني والذي على ضوئه ستكون التحركات في الفترة المقبلة لطرق معالجة وحل الأزمة بين البلدين بعد أن عمد السودان للإشارة بهجومه إلى مصر علنا، ومن قبل رأس الدولة ذاته الرئيس عمر البشير.

وبعيدا عن الأخبار التقليدية لنتائج زيارة وزير الخارجية السوداني من أن مباحثاته تناولت "العلاقات الثنائية بين البلدين" و"القضايا ذات الاهتمام المشترك"، وإن كان ذلك يمكن قبوله في الأوقات الطبيعية، إلا أنه في وقت الأزمات يتطلع المراقبون لمعرفة ما يجرى في الكواليس وما دار في الغرف المغلقة.


وتعليقا على الزيارة قال الدكتور سعد الزنط، مدير مركز الدراسات السياسية وأخلاقيات الاتصال لـ"البوابة نيوز": تأتي زيارة وزير الخارجية السوداني في وقت بالغ الأهمية تشهد فيه علاقة مصر والسودان توترا متصاعدا، وترجع أهمية الزيارة بعد أن فطن السودانيون إلى أن مصر هذه المرة تأخذ الأمور على محمل الجد ولا ومجال للمزاح فيها، حفاظا على أمنها القومي، والذي أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤخرا، حين أكد أنه سيدافع عن الأمن القومي لمصر في الداخل أو الخارج، وكانت رسالته كاشفة وقد فهمها "البشير" جيدا، خاصة بعد الضربات التي وجهها الجيش المصري بالطيران في ليبيا خلال الأيام الماضية، ويذهب "الزنط" في تحليله أن توسع طيران الجيش المصري في ضرباته في مناطق درنة والهون ومصراتة والجنوب الليبي أكبر دليل على جدية الموقف المصري وأنه لم يعد بوسعه التحمل أكثر من ذلك.

وأشار "الزنط" إلى أن مباحثات وزير الخارجية في مصر سيتضمنها رسائل واضحة من مصر، حيث لم تعد الأمور خافية على أحد من الدور الذي استخدمت فيه السودان بوجود قواعد إرهابية وإمداد التنظيمات الإرهابية داخل ليبيا بالسلاح والمال عبر السودان بدعم قطري، وهو ما يكشف عن علاقة قطر بالسودان في الفترة الأخيرة وسر الزيارات التي يقوم بها المسؤولين القطريين للسودان، حيث الزيارة الأخيرة لوزير خارجية قطر للخرطوم، وتزامن العمليات الإرهابية المتصاعدة في ليبيا، حيث سهلت السودان عمليات نقل الأسلحة إلى ليبيا ومنطقة الجنوب الليبي.

ولفت الى أن مصر لم يعد بمقدورها الوقوف مكتوفة الأيدي أمام ما يهدد أمنها القومي، وهو ما أكد عليه مرارا الرئيس السيسي، ولكن هذه المرة الأمر مختلف، فتوريد السلاح للجماعات الإرهابية في ليبيا لن تنتظر مصر لترى تلك الأسلحة مهربة داخل أراضيها عبر السودان، كما أن مصر تهتم جدا بمنطقة العوينات التي تمثل نقطة التقاء حدودية بين مصر وليبيا والسودان، ما جعلها توسع من ضرباتها ضد التنظيمات الإرهابية في الجنوب الليبي، وأوضح "الزنط" أن فرنسا مهتمة جدا بالتحركات المصرية الأخيرة ومؤيدة لها في إطار محاربتها للإرهاب.

وأكد "الزنط" أن رسالة القوة العسكرية ستكون نصب أعين النظام السوداني كحل نهائي في حالة انسداد الطريق وانعدام الطرق الدبلوماسية التي تحرص عليها مصر نظرا للعلاقات الراسخة والاستراتيجية بين البلدين، مؤكدا أن الرئيس السيسي سيؤكد للرئيس البشير عبر وزير خارجيته بأن مصر حريصة على قاعدة العلاقات التاريخية بين مصر والسودان وأنها لن تفكر أبدا في خسارة السودان، في الوقت الذي تصر فيه السودان على خسارة مصر التي تحرص على استعمال الدبلوماسية لإدارة علاقات متميزة مع السودان الشقيق.

وأردف أن الرئيس السيسي سيبعث برسالة للرئيس البشير عبر وزير خارجيته ينفي فيها الاتهامات التي وجهها "البشير" للجيش المصري بإرساله إمدادات لوجيستية لمتمردي دارفور ضد الجيش السوداني، وأن مصر حريصة على قاعدة العلاقات مع السودان وأنها تهدف لاستعمال الدبلوماسية لإدارة العلاقات مع الأشقاء السودانيين.

وأوضح "الزنط" أن تصريحات "البشير" ضد مصر لم تكن أكثر من مجرد غطاء على استخدام السودان كمركز لاستقبال وتوريد السلاح للتنظيمات الإرهابية في ليبيا علاوة على الأموال التي تقوم قطر بإرسالها لهم عبر السودان، مؤكدا أن مصر في سبيل الدفاع عن أمنها القومي لم تعد تحتمل أكثر من ذلك وبات لديها الاستعداد الضرب في أي وقت وفي أي مكان لتأمين حدودها، وهو ما استوعبه الأشقاء في السودان.