الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

إيمان الفراعين.. أمنحتب الثالث المنفتح على الثقافة والمتعايش مع المعتقدات

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وطد دعائم السيادة المصرية فى آسيا بالأساليب الدبلوماسية، لذلك قوى ووثق أواصر الصداقة مع مملكة ميتانى، أكبر القوى العظمى فى ذلك الحين، إنه الملك أمنحتب الثالث، الذى اهتم فى أوائل سنوات حكمه بالرياضة، وخاصة الصيد والقنص، حيث كان صيادًا عظيمًا عثر له على جعران، يسجل فيه أنه اقتنص مائة ثور برى فى رحلة صيد ملكية استغرقت يومين، وجعران آخر أصدره فى السنة العاشرة ذكر فيه أنه منذ ارتقائه العرش قتل 102 من الأسود فى رحلات الصيد.
كما أبدى اهتمامًا قليلًا بالعمليات الحربية، حيث واجه أمنحتب بعض القلاقل فى السنة الخامسة من حكمه فى بلاد النوبة، ولكن القتال كان يدور مع فئة قليلة من السودانيين، وبعد أن انتصر عليهم وسع رقعة ملكه حتى وصل إلى الشلال الرابع، واتسم معظم حكمه بالاستقرار.
بلغت مصر فى عهد أمنحت الثالث أوج نفوذها وثرائها بفضل تدفق ذهب النوبة عليها، بالإضافة إلى الكميات الهائلة من المواد الأولية والمنتجات المصنعة فى البلدان الواقعة تحت السيادة المصرية، ومع هذه الخيرات الوفيرة تطورت الأفكار والعادات والمعتقدات، لذا أصبح المجتمع المصرى يضم أجناسًا مختلفة بصورة واضحة، كما شهد تغيرًا واضحًا فى النمط والأسلوب الحياتى، بدأت تتضح أول معالمه منذ عهد أمنحتب الثانى، وكان الفن فى عهده خير دليل، وعلى الرغم من عدم التخلى الكامل عن المفاهيم والتقاليد القديمة، إلا أن الجمود الصارم قلت حدته، وأصبح هناك توجه للرقة والنعومة، وهو ما يتضح جليًا على نقوش مقبرتى «رعموزا، وخغ إم حات»، كما تغيرت فى هذا العصر أنماط الملابس والزينة، وانفتحت الكتابة الهيروغليفية أكثر فأكثر على اللغة المحلية التى كانت حتى ذلك الحين وسيلة الكتابة السريعة الموجزة، كما تطورت الديانة المصرية هى الأخرى، ليس فقط من جهة الترحيب الواسع بالمعبودات الأجنبية، بل أيضًا من حيث اتجاهها نحو مفهوم أكثر واقعية فى مجال العبادة الشمسية، إذ أصبح قرص الشمس نفسه المسمى بـ«آتون»، هو محور العبادة، وهو ما طوره إخناتون ونماه.
كان حكم أمنحتب الثالث على نفس مستوى التطور الحضارى السائد والمعروف لدى آبائه وأجداده، فقد تميز سلوك الفرعون بالفخامة والعظمة، لكنه ارتفع إلى أسمى مستوى بروعة منصبه، فهو من قام بنشر سلسلة من الجعارين فى جميع أنحاء المملكة المصرية لترديد إنجازاته والتأكيد عليها، وبنفس الطريقة تم الاحتفاء بزواجه من الملكية «تى»، ورحلاته للصيد فى العام الثانى من حكمه عندما قام بصيد الثيران بالصحراء، إضافة إلي براعته فى الدعاية والإعلان لما يقوم به من إنجازات، فقد شيد الملك سلسلة من المعابد فى بلاد النوبة، ومعبد صولب الذى تخلد نقوشه ذكرى اليوبيل الملكى، بالإضافة إلى ما قام به الملك من تحويل مقصورة صغيرة بالأقصر إلى معبد ذى أعمدة رشيقة شاهقة الارتفاع، تعبر حتى الآن عن عظمة الفرعون الذى أنشأ العديد من الأبنية.
كما قام بإصلاح وترميم وتوسيع العديد من المعابد المصرية، وقد أقام أمنحتب قصره فى الملقطة جنوب مدينة هابو، وحفر أمامه بحيرة صناعية «بركة هابو» بلغت مساحتها حوالى ٩٨٨ مترًا فى ٢٥٠٠ متر. ولا يستطيع السياح الآن مشاهدة شيء من معبده الجنائزى سوى تمثالى ممنون العملاقين اللذين لم يبق غيرهما، كما بنى أمنحتب معبدًا فى طيبة ولكنه دمر بالكامل بعد ذلك، كما بنى أيضًا عدة معابد فى طيبة، وفى الكرنك بنى معبدًا للإله منتو إله الحرب، الذى كان رب إقليم طيبة ثم حل محله الإله آمون، ومعبدًا آخر للإلهة موت زوجة الإله آمون رع، وتوفى أمنحتب الثالث بعد أن حكم لمدة ٣٨ عامًا وهو فى سن الخمسين، واكتشفت المقبرة التى أعدها لنفسه فى عام ١٧٩٩ وهى المقبرة رقم ٢٢ بوادى الملوك واكتشفها جولوه ودفلييه وقد وجدت فارغة والجدران مهدمة بفعل الضغط والعوامل الجوية ولم تكن مومياؤه بداخلها حيث وجدت مومياؤه فى مقبرة بالقرب من الدير البحرى.